الوطن
"نظرية المؤامرة تسهّل عدم اتخاذ موقف واضح من الأحداث"
الباحث في الاجتماع السياسي جابي ردا على ما أثير حول حادثة "شارلي إيبدو"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 جانفي 2015
اعتبر الخبير في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي ان كل راج وسط الجزائريين والعرب والمسلمين عموما حول حادثة الاعتداء الإرهابي على اسبوعية "شارلي ايبدو" بكون "مؤامرة" مبالغ فيه. وقال أمس جابي معلقا "كنت حائر دائما ولا زالت أمام الرواج الكبير الذي تجده نظرية المؤامرة في عقولنا كجزائريين وعرب ومسلمين. رغم ما يميز الأحداث الجسام التي نعيشها كمجتمعات من ديمومة واستمرارية باعتبارها... اتجاهات تاريخية ثقيلة، تشتغل في مجتمعاتنا، منذ مدة طويلة وليست عابرة أو وليدة اللحظة أو بفعل خارجي فقط" على حد تعبيره على صفحته الخاصة بالفيسبوك.
واستند الاستاذ في علم الاجتماع السياسي كمثال على ما حدث من اعتداء على أسبوعية شارلي ابدو كحالة، تؤكد الاستمرارية والاتجاه العام وليس الاستثناء، قائلا "نحن كمجتمعات أصبحنا منتجين بحجم صناعي للإرهاب والعنف السياسي بل أصبحنا مصدرين له ومنذ سنوات. بفعل التواجد القوي لهذه التيارات السياسية والفكرية التي استولت على الإسلام في مجتمعاتنا وبين مهاجرينا، لمنحه هذا البعد العنيف والمعادي للأخر وضد بعضنا البعض. قضية لا بد أن نتصدى لها في مجتمعاتنا وبيننا بالدرجة الأولى" وفق قوله. وأشار جابي إلى استماعه وقراءته الكثير من الآراء والتعليقات التي تحاول إيجاد التبريرات لهؤلاء الإرهابيين من الشباب والتلميح بأن ما قاموا به هو بفعل فاعل وأن ورائهم... وأمامهم وخلفهم.... مخابرات دول ومؤامرات دولية إلى آخر الاسطوانة التي نعرفها ونسمعها كثيرا. متابعا انه "نقاش" يذكرني فيما حاصل عندنا عندما كان الإرهاب يقتل الصحفي والأستاذ والمواطن العادي والشرطي... ليتبارى أصحاب نظرية المؤامرة في إيجاد التبريرات له. تبريرات –تفسيرات قد تكون مرتبطة بالحياة الشخصية لهذا الصحفية أو تلك. وما أثاره المتحدث ومازال لحد اآتن هو هذه القدرة العجيبة في تبرير العمل الإرهابي العنيف والدخول في تفاصيل هي من صميم عمل الأجهزة الأمنية، من قبل مواطنين كان الأحرى بهم في الأول اتخاذ موقف كمواطنين من ظواهر سياسية وفكرية تمس مجتمعاتهم وتهددها مباشرة، بدل الدخول في تحاليل غريبة على شاكلة الضابط "كولمبو " في المسلسل الأمريكي الشهير.
وختم جابي ان الخلاصة التي يمكن أن نتوصل لها كتفسير للانتشار الرهيب لنظرية المؤامرة بيننا وهي تفسر-تبرر انتصار الربيع العربي وتحوله إلى خريف لاحقا أو هي تعاين كيف ترك القاتل بطاقة هويته في السيارة المسروقة في حادثة باريس الأخيرة... الخ أن هذه النظرية تسهل علينا عملية عدم اتخاذ موقف واضح من الأحداث وكأننا نعلن عن عدم مواطنتنا وبأننا غير معنيين باتخاذ موقف واضح مادام في الأمر إن...خاصة إذا أضفنا سؤالنا الفتاك وقمنا بطرح السؤال- الحجة المشهور...لماذا يحدث هذا في هذا الوقت بالذات ؟ فطرح السؤال بهذا الشكل يفترض فيك انك تعرف أن "الحرب " قد أعلنت على سوريا في هذا الوقت بالذات، لأن اكتشافات بترولية هامة تمت في هذا البلد، عين الغرب والشرق عليها وأن القضاء على ألقذافي قد حصل بعد أن أعلن عن برنامج كبير لربط كل إفريقيا بالألياف البصرية، سيحررها من سيطرة الغرب في هذا المجال.
بهذا الشكل لا يتم الحديث عما ميز نظام الأسد من بطش وعدوان على شعبه في المقام الأول لعقود من الزمن ويتحول القذافي الذي قتل وعذب وأهدر المال العام، إلى رجل صاحب مشاريع قارية، كان يمكن لها أن تهدد سيطرة الغرب على إفريقيا،فتم اغتياله قبل بدء المشروع... تصور الخسارة التي منيت بها القارة بغياب هذا الرجل المصلح على حد تعبيره.
محمد.أ
