الوطن

متوسط الدخل الشهري للجزائري لا يكفي لثلثي شهر

هل سيفلح إلغاء المادة 87 في رفع القدرة الشرائية للجزائريين



*إلغاء دعم الدولة لمأكولات الدواجن سيأزم الوضع
* الأسعار ارتفعت بنسبة 100 بالمائة في ظرف سنة
*10 بالمائة من زيادات الأجور سيلتهمها السوق بعد العام الثاني من الزيادة

ارتفاع الأسعار، تهاوي أسعار البترول، والتضخم، ثلاثية ساهمت في تدني القدرة الشرائية للجزائري، الذي أعلنها صراحة، "نريد دعما لكامل المواد الاستهلاكية"، لا للمضاربة وغيرها من المطالب التي لوحت في الأفق، في الوقت الذي لسع السوق جيوب المواطن البسيط بعد أن وصلت نسبة الارتفاع في أسعار مختلف المواد الاستهلاكية التي وصلت في بعض الأحيان نسبة 100 بالمائة، فهل سيفلح قانون إلغاء المادة 87 مكرر من رفع قدرة الجزائريين، أم سيأكل السوق نصف تلك الزيادات؟ وهل سيستغني الجزائريون عن اللحوم البيضاء بديلهم للحمراء منها، بعد أن أعلنت الدولة إلغاء دعمها على مأكولات الدواجن؟
منى.ب
يصنع قرار إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل الجدل في الأوساط الاجتماعية والاقتصادية، ففي الوقت الذي ينتظر فيه الملايين من المواطنين زيادات في الأجور ما بين 30 و20 في المائة، يحذر الخبراء الاقتصاديون من مخاطر ارتفاع كتلة الأجور وتأثيرها العكسي على الاقتصاد الوطني، إذ من المنتظر أن تشهد مستويات التضخم ارتفاعا قياسيا سيعيد سيناريو ارتفاع نسبته إلى 8.9 سنة 2012 وانعكاسات ذلك بالسلب على أسعار مختلف المواد الأساسية، وهو ما قد يحول الزيادات المتوقعة في الأجور من نعمة إلى نقمة لا محالة على مختلف الشرائح التي ستمسها الزيادة الناتجة عن إلغاء المادة، وبعملية حسابية قّدر الخبير الاقتصادي لدى البنك الدولي، محمد حمدوش، تلك الزيادات المنجرة عن إلغاء المادة 87 مكرر، 50 دولار لكل موظف شهريا أي ما يعادل 3500 دينار في المتوسط، وقال إن هذه الزيادة حتما سيقابلها تضخم يصل إلى 5 بالمائة، في السنة الأولى من تطبيقه، وهو ما يترتب عنه فقدان الزيادة لقيمتها الفعلية، وبالتالي وعن طريق عملية حسابية ثانية، يمكن القول أن الزيادة التي تقدر في المتوسط بـ10 بالمائة، ستفقد ما نسبته 5 بالمائة من قيمتها، نتيجة للتضخم الحاصل في العام الأول، فيما ستفقد نسبة 5 بالمائة أخرى في العام الثاني من تطبيقها، وبالتالي فالأجر الفعلي للموظف سوف يعود إلى قيمته الأولى بعد سنتين من الزيادة.
نصف الراتب تلتهمه المواد الغذائية
وأضاف الخبير الاقتصادي، محمد حمدوش، أن متوسط الدخل للفرد الجزائري والذي لا يتعدى 30 ألف دينار، لا يكفي لسد مختلف حاجيات العائلة المتوسطة الأفراد وما بالك العائلة الكبيرة، أين يذهب نصف الراتب الشهري في الأكل، في ظل غياب سياسة واضحة تضبط الأسعار في بلادنا، مشيرا أنه من المفروض أن يقسم الراتب بين الأكل، اللباس، الطبيب، وتوفير مختلف وسائل الترفيه، غير أن -يضيف محدثنا- بالنظر للتذبذب الكبير الذي تشهده العملة الوطنية، والتضخم، يجعل القدرة الشرائية للفرد الجزائري ضعيفة جدا، مقارنة بالسوق، ما يستدعي حسبه تصحيح للعملة، وللأجور على حدّ سواء. وفي السياق أوضح الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، أن المشكل هو غياب سياسة حقيقية للأجور في الجزائر، والتي من المفروض أن ترتبط بزيادة معدل النمو، الأمر الذي يجعل كل زيادة في الأجور يعقبها ارتفاع في نسبة التضخم، وبالتالي انخفاض لقيمة الدينار، وارتفاع في الأسعار، أي أن كل زيادة تكون بلا معنى ولا تؤدي إلى رفع القدرة الشرائية للفرد في ظل غياب سياسة اقتصادية واضحة، قائمة على الإنتاج والتنوع.
مليون موظف سيتضاعف أجرهم بعد إلغاء المادة 87 مكرر

أقر قرار رئاسي، من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بإلغاء المادّة 87 مكرر من قانون العمل، المتعلقة بتحديد الأجر الوطني الأدنى المضمون، خلال مجلس الوزراء الأخير، تتويجا لتوصيات اجتماع الثلاثية الأخير، وسيشرع في تطبيق هذا القرار الذي تمت المصادقة عليه، بداية من 2015، في إطار النصوص التنفيذية لقانون المالية 2015، بالموازاة مع فتح ملف مراجعة الشبكة الاستدلالية للأجور التي سينجر عنها إعادة تصنيف في الرتب لمختلف الأصناف، وسيسمح إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، بزيادات في أجور مستخدمي الوظيف العمومي، وعمال القطاع الاقتصادي، ومراجعة شاملة للشبكة الاستدلالية للأجور، وتنص المادة 87 مكرر من قانون العمل على أن الأجر الوطني الأدنى المضمون يتضمن الأجر القاعدي والعلاوات والتعويضات مهما كانت طبيعتها باستثناء التعويضات المدفوعة لتسديد المصاريف التي دفعها العامل، يشار إلى أن المّادة 87 مكرّر تحتسب الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون، باحتساب الأجر القاعدي، مضاف له جميع المنح والعلاوات، وإلغاؤها سيسمح باستخراج المنح والعلاوات من الحد الأدنى للأجر الوطني المحدد بـ 18 ألف دينار، ما سيسمح بارتفاع الأجر القاعدي، ويحسن رواتب العمال لتصبح في سقف يتجاوز 20 ألف دينار لغالبية العمال في الطبقات السفلى من الدخل، وهم غالبية العمال الذين يشكلون نسبة كبيرة من الطبقة العمالية في الجزائر.
 وكان الاتحاد العام للعمال الجزائريين، قد أوضح في وقت سابق، أن أكثر من مليون عامل في الوظيف العمومي سيمسّهم إلغاء المادة 87 مكرر، الذين قد تتضاعف أجورهم، معتبرا أن إلغاء هذه المادة يعد "مكسبا عظيما" للعمال، ومن شأنه تعزيز القدرة الشرائية، خاصة لفئات ذوي الدخل المحدود في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص وفي الوظيف العمومي.
الأسعار ارتفعت بنسبة وصلت 100 بالمائة
كشف رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، أن أسعار المواد الغذائية، المواد الصناعية وحتى الخدماتية، قد ارتفعت بنسبة بلغت ما بين 10 إلى 100 بالمائة في غضون سنة 2014 باستثناء ما هو مدعم، وهي مرشحة للارتفاع في ظل زيادة التضخم وتدني قيمة الدينار الجزائري، إضافة إلى تهاوي أسعار البترول، مشيرا أن هذه السنة لم تشكل استثناءا من ناحية رفع الأسعار، على السنوات الماضية إلا أنه يمكن القول أنه عام من الأعوام التي كان فيها ارتفاع أسعار المواد جدّ مهم استمر لفترة زمنية طويلة امتدت لسنة كاملة، ولا تزال، وهو على عكس السنوات الماضية التي كنا نشهد فيها أسبوعين أو ثلاثة لتعود الأسعار إلى طبيعتها، أين سجلنا هذه السنة -يضيف محدثنا- أرقاما قياسية في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، مختلف الأنواع من الألبسة، والأضاحي، إضافة إلى الخدمات خاصة السياحية منها.
متوسط دخل الجزائري يجب أن يستقر عند 40 ألف دينار
وفي تعليقه على القدرة الشرائية للجزائري، أضاف رئيس جمعية حماية المستهلك، أن متوسط دخل الجزائري يجب أن يستقر عند 40 ألف دينار لعائلة متوسطة من 5 أفراد، لمواجهة هذا الغلاء الكبير في مختلف المواد الاستهلاكية والخدمات، موضحا أن متوسط الدخل عند الفرد الجزائري بلغ حدود 30 ألف دينار جزائري، وهو لا يكفي بأي حال من الأحوال حسبه لتحقيق اكتفاء ذاتي لعائلة متوسطة الأفراد وهو لا يكفي لسد متطلبات ثلثي شهر لا أكثر، لتكمل العائلة المتوسطة والمحدودة الدخل، شهرها بالاقتراض.
وأضاف زبدي أن القدرة الشرائية لهذه السنة تعرف تطورا خاصا، أين باتت جد ضعيفة، بالنظر للمتغيرات الكثيرة التي تتحكم فيها، من ارتفاع في الأسعار، إلى التضخم، إلى تدني الأجور.
وأضاف زبدي، أنهم طالبوا في وقت سابق، بضرورة إحصاء قائمة من المواد الغذائية الأساسية التي يتم تحديد هامش الربح فيها، على غرار الخضر والفواكه الموسمية والبقول الجافة، حماية للمستهلك من اضطرابات السوق والمضاربين، مشيرا أنه لابد أن تستقر الأسعار ليعود بالإيجاب على القدرة الشرائية للمواطن البسيط، موضحا في سياق آخر أن مبادرة "يوم بلا تسوق" التي أطلقتها الجمعية، قد لاقت نجاحا كبيرا واستجابة واسعة من قبل المستهلكين، الذين ذاقوا ذرعا من تجاوزات التجار، وقال أن مثل هذه المبادرات يجب تكرارها لتغيير معادلة السوق-المضاربة، موضحا أنها من شأنها أن تحد من تصرفات التجار الغير قانونية، ووقوفا عند ارتفاع الأسعار الذي يحكمه قانون المضاربة مضربا المثل بارتفاع أسعار البطاطا التي فاق سعر الكيلوغرام الواحد منها 100 دينار رغم وفرة المنتوج.
الدولة ستلغي دعمها لمأكولات الدواجن مع حلول 2015
حذر الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، من إلغاء الدولة لدعم مأكولات الدواجن، وقال إنه في حالة ما أقدمت الحكومة على هذه الخطوة، ولم تقدم بدائل أخرى مثل دعم الاستثمار في تربية الدواجن، وإنتاج غذاء الدواجن، وإنتاج الكتاكيت، فإنه سينتج عن ذلك زيادات معتبرة في أسعار اللحوم البيضاء، موضح أن الجزائر أصلا تسجل عجزا كبيرة في هذا المجال، حيث يقدر الإنتاج السنوي ب300 ألف طن، فيما يقدر الطلب ب400 ألف طن سنويا، في الوقت الذي تشكل 90 بالمائة من أغذية الدواجن مستوردة، والتي تجاوز أسعارها، 400 ألف دينار للقنطار، وأسعار الكتاكيت المستوردة تفوق 60 دينار للكتكوت بعد أن كان سعرها من 30 إلى 40 دينار.
وحمل قانون المالية لسنة 2015، اقتراحات في إطار تشجيع الاستثمار الوطني، فيما يخص الفلاحة، أين اقترح إلغاء الدعم على بعض المواد المستوردة التي تستعمل في إنتاج وصناعة مأكولات الدواجن مثل "الذرى" و"السوجا" وذلك بغية تشجيع إنتاجها ببلادنا، وكذا إنتاج الكتاكيت هنا، بدلا من استيرادها من الخارج، وبدعم الدولة، أين استفاد المستوردون الصناعيون لكن لم يستفد المستهلك حيث زادت أسعار اللحوم البيضاء.

من نفس القسم الوطن