الوطن

نهاية فزاعة "داعش"، غوردال والمناخ الجيو سياسي في الجوار

2014 عام الدبلوماسية في عين الاعصار وسنة "النفير" الامني عبر الحدود

 

يعكس المشهد الامني في الجزائر طيلة عام 2014 تأثره بالمناخ الجيو سياسي السائد في دول الجوار التي اثقلت كاهل السلطات الجزائرية عبر الحدود من ليبيا الى موريتانيا والمغرب وتونس ومالي وتجنبا لإرهاصات "تعفن" الوضع الامني شهدت الدبلوماسية الجزائرية مرافعة قوية لصالح الحل السياسي.

ولعل ابرز حدث دامي شهده العام الحالي إختطاف شهر سبتمبر الماضي الرعية الفرنسي "ارفي غوردال" في جبال البويرة من طرف جماعة جند الخلافة التي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش وقامت بإغتياله ، وما اثرته الحادثة من ردود فعل دولية وفرنسية على وجه التحديد دفعت بالسلطات الجزائرية الى دفع ثلاثة الاف عسكري لمنطقة القبائل من اجل اقتفاء اثر الدمويين ، افضى الى توجيه ضربة موجعة لبقايا الارهاب في المنطقة بالقضاء على "قوري عبد المالك" المكنى "خالد ابو سليمان" أمير تنظيم ما يعرف بـ"جند الخلافة" الى غاية شهر فيفري المقبل والذي اعلن ولائه لتنظيم الدولة الاسلامية بالشام والعراق "داعش" وهو ما اعتبر "نهاية جند الخلافة".

حالة النفير الأمني

وباستثناء هاته الحادثة كان العام 2014 سنة "النفير الامني" عبر الحزام الحدودي الرابط بين دول الجوار اذ لم تعد عملية توقيف مهاجرين افارقة عند حدود البلاد او بولايات الجنوب بالأمر الجديد، لكن مسالة الخطر الامني الذي يحمله هؤلاء على الجزائريين ارتفع معدلها مع تسجيل زيادة بنحو 80 في المئة من توافد مهربي البشر والاسلحة والمخدرات حسب تقارير امنية خلال والذين يتخفون برداء "الحراقة".

أثر الوضع الأمني الغير مستقر بالدول المجاورة لنا على المشهد الأمني للبلاد ، و بالرغم من تحركات و مساعي الجيش الشعبي الوطني لحماية الحدود الجزائرية.  

وخلال يوم واحد كانت توقف قوات من الجيش الوطني الشعبي بولايتي الوادي واليزي  وتبسة منهم حراقة وحجز اسلحة ووقود ومخدرات كانت في طريقها الى تونس وليبيا او النيجر ومالي.

وكشفت تقارير مصـالح الدرك والأمن الوطنيـين نتائج مهولة عن توقيف ما يزيـد عن 10 آلاف مهـاجر غير شرعـي الأكثرية منهم يحملون الجنسية الإفريقية (23 دولة افريقية)، خاصة من مالي والنـيجر وتونس وليـبيا وكذا سوريا فيما ارتفعت الأرقـام خلال السداسي الأول لسنة 2014 بنسبة 80 في المئة.

ويرى مراقبون ان تدفـق المهاجرين غير الشرعييـن من أسبابه الأساسية التدهور الأمني الذي تعيـشه بعض الدول وإنعدام الفرص الاقتصادية والفوضى التي تعيـشها هذه الأخيرة وهو ما يبين فشل الاستراتيجيات الاقليمية التي تعتمد على المقاربة الامنية بدل المقاربات الاقتصادية في الحيلولة دون تحول المنطقة الى "ملاذات امنة" للحركات الارهابية التي تصطاد في مياه الوضع الاجتماعي الهش لدول افريقية على غرار مالي النيجر وموريتانيا وهي من ضمن البلدان الاعضاء الى جانب الجزائر فيما يسمى بلجنة الأركان العملياتية المشتركة، الكائن مقرها في تمنراست.  

وتعكس هذه الارقام الضغط الذي تتكبده وحدات الامن المرابطة عند الحدود مع كل من مالي والنيجر وتونس وليبيا والمغرب من اجل مكافحة الهجرة غير الشرعية واحباط محاولات اتخاذ الاراضي الجزائرية طريقا لتهريب الاسلحة الى ارهابيين في دول الجوار المضطربة امنيا اذ ان جنسيات الحراقة تمتد الى دول في العمق الافريقي واستنادا الى تقرير منظمة الهجرة الدولية الاصدر مطلع الشهر الجاري اكتوبر فان ولاية تمنراست تشكل نقطة عبور بالنسبة للمهاجرين جنوب الصحراء الكبرى القادمين من الكونغو الديمقراطية الى تشاد ومالي والنيجر ثم يتخذون من الجنوب الجزائري محطة قبل المغادرة في اتجاه ليبيا وتونس او نحو شمال الجزائر وخصوصا وهران ومستغانم.

كما تفيد التحقيقات الامنية أن أكثر من 95 بالمائة من المتسللين السوريين عبر الحدود البرية بين الجزائر وليبيا هم في واقع الأمر حراقة يدفعون نحو 300 اورو لمليشيات ليبية مسلحة مقابل ترحيلهم، لهذا ابرقت وزارة الداخلية تعليمات بمنع السوريين من زيارة ولاية الوادي واليزي .

ثمن اضطرابات الجوار

ولعل غياب حرس الحدود من مساحات شاسعة بالنيجر ومالي وليبيا بسبب الاضطرابات السياسية بهاته الدول حولها الى لقمة سائغة لعصابات التهريب التي تعمل مع مليشيات مسلحة وحركات ارهابية تسهل عملية العبور او الدخول الى الجزائر او الى الدول المجاورة مقابل عمولات بالأورو. وكثيرا ما يشكو حرس الحدود الليبي من غياب الامكانيات العسكرية اللازمة لمراقبة الشريط الحدودي.

واستنفر الوضع المضطرب عبر الحدود الجزائرية مع مالي والنيجر وليبيا وتونس، رئيس أركان الجيش الوطني الجزائري الفريق قايد صالح الذي عاين المنظومات الدفاعية وجاهزية الوحدات العسكرية للتصدي لاختراق الحدود اكثر من مرة خلال الاسابيع الاخيرة من العام الجاري.

الدبلوماسية في مهمة فرض الحلول السياسية

ووضعت الجزائر بين فكي ضغط الحل العسكري والسياسي في ليبيا ومالي وهو ما بدأت ترافع له عن طريق محاولة عقد حوار جامع في الجزائر فقد دخلت ليبيا في حوارات دبلوماسية عديدة خلال عام 2014 من أجل التقارب بين الفرقاء، تارة عن طريق القاهرة واجتماعات دول الجوار الليبي وأخرى بالجزائر وتارة أخرى عن طريق دعوة الرئيس السودانى عمر البشير.

وتحاول الحكومة بذل مجهودات لرعاية حوار يجمع كل الفرقاء في ليبيا رغم حالة الغموض التي تطبع الملف خاصة من الطرف الجزائري الذي يتكتم عن منح تفاصيل عن الأطراف التي تعتزم الجزائر دعوتها للحوار  ماعدا تلك لمناقشات  التي تكللت بـ "رسالة سياسية قوية" تنطلق من الجزائر تدعو الى ضرورة "التواصل مع النخب السياسية في ليبيا على كافة المستويات سواء كانت الحكومة او المؤتمر الوطني العام او منظمات المجتمع المدني بحيث يكون هناك ضغط ادبي وسياسي على النخب السياسية لكي تبدا في حوار وطني فاعل ومصالحة وطنية فاعلة من خلال آلية مستقبلية خاصة".

وترجح أطراف ليبية أن حسم المعركة عسكريا سيحدد الأطراف التي ستشارك في حوار الجزائر، حيث  أن المواجهات الحاصلة في مختلف مناطق ليبيا ستحدد موازين القوى، وستسمح بفرض أجندة الحوار المرتقب في الجزائر، "الذي نرحبت وراهنت عليه لإنهاء الأزمة والدخول في مرحلة جديدة لبناء الدولة الديمقراطية".

كما بذلت الجزائر في المسالة المالية طيلة سنة كاملة عبر فريق الوساطة  المتكون من الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والمجموعة الإقتصادية لتنمية دول غرب إفريقيا ومؤتمر التعاون الإسلامي والإتحاد الأوروبي والنيجر وبوركينا فاسو والتشاد وموريتانيا على إشراك الأطراف المالية الممثلة للحكومة والحركات السياسية العسكرية في الشمال حيث أفضت المفاوضات  الأولى إلى اتفاق مبدئي يتعلق بطريقة معالجة المسائل ذات الأولوية خلال المرحلة الأولى للحوار المالي الذي انتهى  يوم 24 جويلية. تمكن فريق الوساطة الذي تترأسه الجزائر خلال الجولة الرابعة من الحوار المالي  من خلال تعامله مع كافة الفرقاء  من التوصل الى "بعض السبل التي قد تؤدي  الى أرضية وسطية لحمل الأطراف على تجاوز خلافاتها والوصول الى صيغ ترضي الجميع". والتي من شأنها أن "تسمح لمسار الجزائر بالتقدم بخطى ثابتة نحو انجاز معاهدة السلم الشامل والنهائي في مالي في ظل المصالحة الوطنية".

  تقرير: محمد.أ  

من نفس القسم الوطن