الوطن
2014 ...سنة الحزن في غرداية وورقلة
فتنة طائفية بغرداية واحتجاجات بورقلة أسقطت عدد من القتلي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 24 ديسمبر 2014
لم تكن سنة 2014 بردا وسلاما على مدينة غرداية حيث حمل سكان الولاية خلال هذه السنة المشؤومة الكثير من نعوش الموتى نتيجة للعنف الذي إجتاح عروس الجنوب في ضل الصمت والتعتيم الرهيب الذي مارسته السلطة اعلاميا، ضف إلى ذلك الإحتجاجات التي عرفتها ورقلة وأخذت أبعاد أخرى وأسفرت عن سقوط ثلاثة قتلي.
عرفت ولاية غرداية منذ بداية 2014 موجة عنف غير مسبوقة بسبب الفتنة الطائفية التي حصلت بين العرب المالكيين والأمازييغ الإباضيين وأسفر هذا العنف عن سقوط عدد من القتلي في أوساط الأبرياء وحرق أجزاء من ولاية غرداية ما دفع العديد من الفاعلين في المجتمع المدني والسياسيين وحتى السلطة تتحدث عن مؤامرة خارجية تضرب الجنوب الجزائري خاصة وأن هذا التوتر صاحب الإنتخابات الرئاسية أن ذاك .
صراع طائفي أم مؤامرة مدبرة ؟؟
اعتبر سكان غرداية كل ما جري فيها هو امر مدبر و مخطط له من اجل تفكيك اللحمة التي تعيش فيها المدينة منذ قرون بين مكونيها الرئيسيين من مزابيون وعرب، وعبر اعيان المدينة من الطرفين أن ذاك حسن نوايهم من اجل الصلح ويتفق الكثير من سكان الأحياء المتضررة في غرداية أن أول من يتحمل مسؤولية ما يجري في غرداية هو من سمح بتعفين الوضع الأمني طيلة عدة سنوات، وترك عشرات المحرضين على الفتنة ينعمون بالحرية، حيث ازادت حدة النقمة الشعبية على الحكومة في غرداية بسبب رفض مصالح الأمن استعمال القوة اللازمة ضد الجماعات المتورطة في أعمال العنف، وبلغت الأمور حد الحديث عن تعرض السكان للإبادة والتصفية، ومحاولة إخلاء غرداية من السكان.
وقررت السلطات مواصلة انتهاج نفس الأسلوب في التعامل مع الأحداث دون تغيير رغم فشل هذا الأسلوب، والمثير في الأحداث الأخيرة هو سقوط اتفاق التهدئة في بريان بين سكانها، حيث عادت أعمال العنف مجددا للمدينة التي مهيأة لأعمال عنف جديدة، وكأن الأمر تم التخطيط له سابقا، حيث ظهرت تجمعات كبيرة لشباب بعضهم مقنع، ومع أول استفزاز انفجرت المصادمات في هذه المدينة التي أشرفت وزارة الداخلية في عهد الوزير دحو ولد قابلية عام 2010 على اتفاق تاريخي لاستتباب الأمن فيها، وحافظت المدينة على هدوئها 3 سنوات ونصف، لكن ضغط الأحقاد في غرداية أدى إلى إسقاط الاتفاق التاريخي، ودخلت بريان مسلسل العنف مجددا مع سقوط أول قتيل في المدينة حيث قتل الشاب بناصر ناصر، 33 سنة، في حادث إطلاق نار، بينما أصيب 10 آخرون منهم 3 مصابون بأعيرة نارية، وأصيب في صفوف الشرطة 7 عناصر نقلوا للعلاج في مستشفى مدينة غرداية، وفي ليلة اخرى شهدت عدة مواقع في المدينة أعمال عنف شديدة، حيث أحرقت وخربت أكثر من 12 سيارة وتم تخريب 10 بيوت جديدة وطلب ممثلون عن الأسر المنكوبة في غرداية السماح لهم باستغلال السكنات الاجتماعية الجاهزة للتوزيع والتي لم يتم توزيعها كحل مؤقت إلى غاية ترميم بيوتها وعودة الهدوء إلى المدينة، وتقيم أكثر من 1000 أسرة، حسب ممثلين عن ضحايا أحداث غرداية، في مدارس ولدى الأقارب، بينما غادرت بعض الأسر المتضررة مدينة غرداية إلى غير رجعة، وأعلنت مجموعتان رئيسيتان من ضحايا أحداث غرداية تمثل كل منهما أحد طرفي النزاع أن عدد الأسر التي غادرت بيوتها وباتت الآن بلا مأوى يفوق 1000 أسرة، تنقسم إلى فئتين: الأولى هي الأسر التي فقدت بيوتها أثناء عمليات الحرق والتخريب المتواصلة، أما الثانية فهي الأسر التي غادرت سكناتها بسبب الخوف من التعرض للاعتداء، وأغلب هذه الأسر تقيم في مواقع مختلطة أو في مناطق التماس، ويوجد من بين الضحايا من فقد بيته وأصيب بجروح خطيرة
• الاحداث تمتد إلى بريان ..
امتدت أحداث غرداية إلى مدينة بريان، حيث تم غلق الطريق الوطني رقم واحد كما شهدت مدينة غرداية موجة جديدة من عمليات التخريب والحرق، حيث تعرضت بساتين النخيل ومستثمرات فلاحية عدة لتخريب ونهب شملت السطو على المواشي وقتل بعضها وردم الآبار وإتلاف مزروعات. وامتدت عمليات التخريب إلى فرع المعهد الوطني لوقاية النباتات لتشمل منطقة بوهراوة في المدخل الشمالي للمدينة التي كانت طيلة النزاع الحالي بعيدة عن عمليات التخريب والعنف. تشكيل لجنة تقصّي الحقائق في الأحداث .. و لا نتائج
بعدما وصلت الأحداث في غرداية إلى نقطة اللا رجوع وارتفاع أصوات منددة بعجز السلطات من جهة وأصوات داعية للتدخل الأجنبي وأصوات متهمة السلطة بالضلوع في الأحداث، سارعت الحكومة لتشكيل لجنة لتقصى الحقائق في غرداية والأحداث التي أعادت الولاية إلى نقطة الصفر بعدما كانت الأحداث فيها قد هدأت، إلا أن عودة الأحداث لتتصاعد جعلت الحكومة تعيد تحركها من أجل السيطرة على الأمور وعدم تركها تخرج عن السيطرة أكثر مما كانت، خاصة ان أصواتا كثيرة سعت لتسيس الأحداث وتوظيفها بما فيها الدعوة لمقاطعة الانتخابات ليس رفضا للمسار الانتخابي وإنما تعبير على عدم توفر حقوق المواطنة، إضافة الى ان النسيج الاجتماعي في المدينة أصبح فعلا مهددا وأصبح من الصعب تداركه بالإجراءات المعلنة من الحكومة لحد الآن ومن جانب آخر، أصبح منطق الدم واستمرار ارتفاع الخسائر المادية وحتى البشرية
المليارات لتعويض ضحايا الأحداث
خصصت و لاية غرداية 48 مليار سنتيم لتعويض متضرري الأحداث بالولاية، حيث تم إسكان 854 أسرة في انتظار انتهاء مصالح هيئة المراقبة التقنية من مراقبة 400 وحدة سكنية متضررة وتم ضخ 200 مليار سنتيم لإنجاز برنامج المراقبة عبر الكاميرات الموجه إلى مدن غرداية. وخلال ترؤسه لقاء مع حركة المجتمع المدني وممثلي وسائل الإعلام رمى الوالي كرة الانشغالات العامة للمواطن المرتبطة بعودة ظروف الاستقرار الاجتماعي إلى غرداية في مرمى المديرين التنفيذيين، حيث فاجأ الجميع باتخاذه قرارات جريئة فيما يخص ملف العقار الذي كان من بين الأسباب المؤججة للوضع بغرداية، حيث أعلن عن الانتهاء من قضية 1400 قطعة أرضية بحي بوهراوة وملف 350 تجزئة أرضية بمنطقة متليلي الجديدة نومرات التي بقيت معطلة منذ أكثر من 15 سنة، حيث ذكر بإلحاح على ضرورة احترام نزاهة العمل الميداني المرتبط بمجال العقار بولاية غرداية. وقال إنه سيكون هناك إعادة نظر مبدئيا في بعض الاستفادات من قطع أرضية متعلقة بميدان الاستثمار في عدد من بلديات الولاية. وشدد على ضرورة المتابعة الدقيقة ومراقبة كافة المشاريع التي منحت للمستثمرين على اختلاف صيغها، مع إلزام وتقييد المستفيدين ببنود دفتر الشروط، وقال الوالي إن الدولة قامت بمجهودات جبارة ومساع حثيثة في احتواء ترسبات أحداث غرداية، وقال إنه سيتم التعامل بكل صرامة فيما يتعلق بملفات التشغيل والتنمية مشددا على ضرورة الالتزام بتعليمة 19\04 المتعلقة بالأولوية في التشغيل لأبناء المنطقة.
• 4 قتلى و اكثر من 30 جريح بعد مواجهات دامية بتقرت في ورقلة
وليس بفترة بعيدة منذ استقرار الاوضاع في غرداية، عرف الجنوب الجزائري أزمة اجتماعية أمنية أخري فبعد ان لجأ العشرات من سكان حي عين الصحراء التابع لبلدية النزلة بدائرة تقرت في ورقلة، إلى غلق الطريق الوطني رقم 3، ما أدى إلى حدوث فوضى عارمة في الطريق، وعدم تمكن المركبات من المرور، تدخلت قوات الشرطة التي قامت باقتلاع الخيمة التي نصبها المحتجون باستعمال القوة، ما تسبب في اندلاع مواجهات عنيفة، بين الطرفين، وقد جاء تدخل قوات مكافحة الشغب، وقيامها بإزالة خيمة الاعتصام التي نصبها الشباب المحتج بالقوة، بعد فشل المفاوضات التي حاول من خلالها مسؤولو أمن الدائرة إقناع المعتصمين بضرورة إنهاء كل أشكال الاحتجاج، التي ينجم عنها تعطيل مصالح المواطنين وقد تطورت الاحتجاجات بعد انزلاق الأوضاع الى صدامات دموية، ما اضطر قوات مكافحة الشغب الى استعمال الغازات المسيلة للدموع، والهراوات لتفريق الشباب الغاضب، ما أدى إلى جرح خمسة مواطنين، بينهم شاب إصابته وُصفت بالخطيرة، نتيجة الضربات القوية التي تلقاها بهراوات الشرطة، وفي المساء، شهدت الأوضاع انزلاقا أكثر دموية، خصوصا بعد تحول مشاعر غضب المحتجين تجاه السلطات المحلية الى تذمر من أعوان الأمن، حيث حاول المحتجون اقتحام مركز للشرطة، قبل أن تندلع مواجهات دامية، خلفت وقوع عدة ضحايا ولقيا شابين حتفهما مباشرة، و بقي آخرين في المستشفى خلال تلك المواجهات فيما سقط عدد أكبر من الجرحى خلال أعمال الشغب وقال مديرية الصحة لولاية ورقلة، ان عدد المصابين قد بلغ 28 جريحا، منهم 9 من أفراد قوات الامن، وشابين حالتهما بالغة الخطورة، وكان مواطنون محتجون قد شرعوا في اعتصام بنصب خيمة احتجاجا على العديد من النقائص التي يعاني منها حيّهم الشعبي، أين تعاني طرقاته من الاهتراء الفاضح، ناهيك عن التدهور الكبير في شبكة الصرف الصحي. ورغم الزيادة الرهيبة في عدد سكان الحي، إلا أن منطقتهم لم تظفر بأي مخصصات سكنية أو قطع أراض صالحة للسكن أو الفلاحة منذ سنوات، كما يُعتبر عامل البطالة لدى معظم المحتجين، القطرة بمثابة التي أفاضت كأس الغضب الشعبي .