الوطن

أهم المنجزات العلمية العالمية لعام 2014

شريحة إلكترونية تحاكي عمل المخ البشري و اكتشاف كوكب جديد شبيه بالأرض

 

شهد عام 2014 العديد من الإنجازات العلمية الباهرة، أهمها ما يتعلق بأبحاث الفضاء، خاصة استكشاف المريخ والمذنبات، وتطوير شرائح إلكترونية أقرب في عملها إلى عمل دماغ الإنسان، كما أماط الباحثون في هذا العام اللثام عن حقائق جديدة تتعلق بالإنسان القديم والديناصورات.

الهبوط على سطح مذنب لأول مرة في التاريخ

بعد أكثر من عشر سنوات كاملة من السير والسباحة في الفضاء الخارجي باتجاه أحد المذنبات الضخمة، تمكنت في أوت الماضي المركبة "روزيتا" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية "إيسا" من اللحاق فعلا بالمذنب الثلجي المعروف اختصارا باسم "67 بي" الواقع على بعد نحو خمسمائة مليون كيلومتر من الأرض، لتقوم بعد ذلك بالتقاط مجموعة كبيرة من الصور ثلاثية الأبعاد والبيانات المهمة لهذا المذنب أثناء دورانها حوله، وهو ما يعد إنجازا كبيرا لم يتحقق من قبل.

غير أن إنجازات المركبة "روزيتا" لم تقتصر على مجرد الاقتراب من المذنب المتحرك، بل امتدت لتحقق سبقا تاريخيا، وهذا حينما نجح المسبار الأرضي المحمول عليها والمعروف باسم "فيلاي"، في 12 نوفمبر الماضي في الهبوط على سطح ذلك المذنب، لتكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يتمكن الإنسان فيها من إنزال مسبار على سطح أحد المذنبات أو النيازك.

وبالفعل فقد نجح المسبار "فيلاي" في استكشاف سطح المذنب "67 بي" طوال 57 ساعة كاملة، وبث كما كبيرا من البيانات عن قشرته الخارجية والعناصر المكونة له قبل أن تنفد بطاريته ويتوقف عن العمل.

وعلى الرغم من قصر فترة عمل "فيلاي"، فإن المعلومات التي نجح في الحصول عليها تعتبر قيمة للغاية، وينتظر أن تسهم في إماطة اللثام عن كثير من الأسرار والمعلومات، مثل طبيعة التركيب الكيميائي للمذنبات، وهل لها أي دور في نشأة المياه والعناصر الأخرى على كوكب الأرض.

 مؤشرات حياة على كوكب المريخ

من جديد يطل علينا المسبار أو المختبر الفضائي الآلي "كيروسيتي" التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) والموجود منذ عام 2012 على سطح كوكب المريخ بإنجاز علمي جديد حينما كشف عن دلائل قوية تشير إلى احتمال وجود شكل من أشكال الحياة البدائية حاليا أو سابقا على هذا الكوكب.

وقد أظهرت التحليلات الكيميائية التي قام بها كيروسيتي مؤخرا وجود آثار مواد عضوية وانطلاق غاز الميثان بين الفينة والأخرى من إحدى الفوهات الصخرية، مما قد يشير إلى وجود شكل من أشكال الحياة على هذا الكوكب الأحمر، وهذا على اعتبار أن معظم تكوينات هذا الغاز تنتج من أصل بيولوجي. 

وعلى الرغم من عدم التأكد بعد من حقيقة وجود حياة على المريخ، نظرا لأن غاز الميثان يمكن أن ينتج أيضا من بعض العمليات الجيوكيميائية فإن اكتشاف وجود هذا الغاز سوف يسهم في زيادة السباق على استكشاف وغزو كوكب المريخ، وفي الإسراع بإرسال بعثة بشرية مأهولة، وهو أمر حيوي ولا غنى عنه للتأكد من هذه الاكتشافات.

يذكر أن "كيروسيتي" قد اكتشف العام الماضي آثارا على وجود جليد متجمد ومياه بتربة المريخ، وهو ما يدعم فرضية وجود شكل من أشكال الحياة على هذا الكوكب.

شريحة إلكترونية تحاكي عمل المخ البشري

نجح مجموعة من المهندسين بشركة "آي بي إم" الأميركية في تصميم وتطوير شريحة إلكترونية تشبه في طريقة عملها وأدائها إلى حد كبير الخلايا العصبية الموجودة بالمخ البشري. 

وتتميز الشريحة الجديدة بقدرتها الفائقة على استرجاع وتحليل كم كبير من المدخلات والمعلومات بشكل آني ومشابه إلى حد كبير أسلوب عمل المخ البشري، ولما يحدث مثلا في عملية الأبصار والتعرف على الأشياء، حيث تتواصل الخلايا العصبية مع آلاف الخلايا المجاورة بواسطة الإشارات الكيميائية، بغرض تفسير المعلومات الواردة للمخ.

 

وتحتوي الشريحة الجديدة التي طورتها الشركة على 4.5 بلايين موصل صغير (ترانزستور)، إضافة إلى 256 مليون نقطة اتصال عصبي، وما زالت الشركة تعمل على تطوير الشريحة لتقوم بمهام أعقد. 

وعلى الخطى نفسها نجحت مجموعة أخرى من علماء جامعة ستانفورد الأميركية في تطوير رقائق إلكترونية مبنية على نظام يحاكي العقل البشري، مما جعلها تسعة آلاف مرة أسرع من أجهزة الحاسوب المتداولة وتستخدم طاقة أقل بكثير. ويتوقع أن تؤدي هذه الإنجازات إلى تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي، وزيادة كفاءة الروبوتات الصناعية، وصناعة حواسيب جديدة بقدرات خارقة.

روبوتات جديدة ذكية وصغيرة الحجم

شهد عام 2014 أكثر من إنجاز على مستوى صناعة الإنسان الآلي أو الروبوتات، لكن السمة المشتركة في أغلب ما طرح هي صغر حجمها وزيادة مستوى الذكاء الاصطناعي فيها، بل وتحلي بعضها ببعض القدرات البشرية، مثل التخاطب وأداء بعض الأعمال بشكل تفاعلي وتلقائي. 

ولعل استقبال الروبوت المتطور "أسيمو" للرئيس أوباما ومخاطبته وركل كرة القدم معه أثناء الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي لليابان أواخر أفريل الماضي، علاوة على تطوير العلماء الكوريين روبوتا قادرا على الركض بسرعة أكبر من الإنسان يوضح مدى التطور الذي وصلت إليه صناعة الروبوتات.

غير أن التطور الأبرز الحادث على مستوى هذه الصناعة -وكما تشير مجلة ساينس المرموقة- هو صغر حجم هذه الروبوتات وقدرتها على التفاعل والتعاون مع بعضها بعضا بشكل ذاتي وجماعي من أجل بناء أشكال هندسية محددة أو وإنجاز بعض المهام البدائية من دون أي تدخل بشري، وهذا يعود في الأساس للتطور الحادث في كفاءة الخوارزميات والبرمجيات الرقمية وحساسية المستشعرات، وهي العناصر الأهم في هذه الصناعة.

من جهة أخرى، تمكنت مجموعة من العلماء من معهد ماكس بلانك بألمانيا من تطوير روبوت طبي متناهي الصغر وصدفي الشكل وقادر على التحرك بسلاسة داخل دم وأنسجة الجسم، وهي نقلة كبيرة ويمكن استغلالها في بعض التطبيقات الطبية، مثل نقل العلاجات الطبية إلى الأجزاء المريضة في الجسم أو الحصول على عينات تحتاج للفحص.

علماء يحولون الضوء إلى مادة ملموسة

الضوء هو عبارة عن طاقة كهرومغناطيسية تتكون من سيل من الأشعة أو الفوتونات تنبعث بطول موجي معين في خطوط مستقيمة وبسرعة كبيرة في الفراغ، ومعروف أن هذه الفوتونات تتفاعل في العادة مع المادة، وليس مع بعضها بعضا، لكن مجموعة من العلماء من جامعة برينستون بالولايات المتحدة تمكنت من تغيير هذه القاعدة بالاستعانة بمبادئ ميكانيكا الكم من خلال تصميم جهاز صغير يعمل على حفز فوتونات الضوء لتتصادم وتتبادل الطاقة مع بعضها، حيث يقوم الجهاز بعد ذلك بتجميد هذه الفوتونات في أحد الأماكن لتتحول على هذا النحو إلى مادة شبه بلورية.

وعلى الخطى نفسها، تمكن فريق علمي آخر من الكلية الملكية في لندن من تحويل الضوء إلى مادة ملموسة عبر تطبيق تقنية جديدة تعتمد على استخدام أشعة الليزر، وهذه التقنية تستلزم الاستعانة بجهاز مصادم يستخدم الليزر عالي الكثافة من أجل تسريع حركة الإلكترونات لأقل من سرعة الضوء قليلا.

ويتوقع أن تسهم التقنيات الجديدة السابقة والتقدم الحادث عموما في هذا المجال في الإجابة عن كثير من الأسئلة المتعلقة بسلوك الذرات والجزئيات، وإلى الكشف عن مزيد من الأسرار عن طبيعة المواد.

اكتشافات وحقائق جديدة عن الديناصورات

الاكتشافات العلمية المتعلقة بدراسة الديناصورات والكائنات القديمة لا تكاد تنقطع أو تتوقف، لكن وبالقياس إلى حجم الاكتشافات والمعلومات التي توصل إليها العلماء مؤخرا يمكن القول إن عام 2014 هو عام الديناصورات بامتياز.

ففي سبتمبر الماضي عثر في الأرجنتين على بقايا أضخم أنواع الديناصورات، بل أكبر المخلوقات التي عاشت على وجه الأرض، ألا وهو والديناصور العملاق الآكل العشب والمعروف باسم "دريدنوتس"، وهذا الديناصور كان يسود الأرض قبل 77 مليون عام، وكان يبلغ طوله زهاء 26 مترا، فيما يزن حوالي 65 طنا.

غير أنه تم اكتشاف بقايا نوع آخر من الديناصورات اللاحمة من نوع "السبينوسورس" في المغرب، عاش قبل 95 مليون سنة، ويتشابه في هيئته مع البط والتمساح، كما يحمل ميزات تشريحية تدل على تكيفه في الأوساط الطبيعية شبه المائية، مما يشير إلى كونه أول نوع من الديناصورات البرمائية.

غير أن الاكتشاف الأهم والأبرز جاء من الصين، حيث تم العثور على حفرية لديناصور آخر لاحم كان يعيش قبل 125 مليون سنة، وكان يكسوه الريش وله أربعة أجنحة على ما يبدو، مما يشير إلى انتشار خصائص الطيور بين الديناصورات، وذلك قبل ظهور الطيور على وجه البسيطة بفترة طويلة. 

وتتمثل أهمية هذا الكشف في كونه يمثل الحلقة المفقودة بين الطيور والديناصورات، حيث يعتبر "تيرانوسورس ريكس" من أولى سلالات الديناصورات التي تطورت بالتدريج لتصبح في النهاية طيورا.

اكتشاف كوكب جديد شبيه بالأرض

مؤكد أنها ليست هي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف كوكب شبيه بالأرض، لكن اكتشاف علماء وكالة ناسا الكوكب "كيبلر 186 إف" خلال عام 2014 -وهو من الكواكب قريبة الشبه بالأرض- يحتل مكانة خاصة وأهمية نظرا لتماثل حجمه مع كوكبنا مع احتمال وجود المياه على سطحه -إذا ما وجد- في حالة سائلة، وهو أمر حيوي لكي تكون الحياة عليه ممكنة.

والكوكب "كيبلر 186 إف" -المكتشف حديثا بواسطة التلسكوب كيبلر- يقع خارج مجموعتنا الشمسية ضمن مجموعة نجمية أخرى تسمى "الدجاجة"، ويدور حول نجم أصغر من الشمس وأقل حرارة منها، وهو يحصل على كمية مماثلة من الطاقة التي يحصل عليها كوكب الأرض وعلى ذلك يوصف "كيبلر 186 إف" بأنه ابن عم الأرض -التي يبعد عنها 490 سنة ضوئية- نظرا لاختلاف مداره عن مدار الأرض وتشابهه الكبير في بقية الخصائص.

يذكر أن تلسكوب "كيبلر" قد أطلقته وكالة "ناسا" في مارس 2009 بتكلفة 550 مليون دولار، بهدف اكتشاف عوالم جديدة، وبالفعل فقد اكتشف "كيبلر" منذ ذلك الحين 3845 كوكبا جديدا، مما جعل البعض يطلق عليه صائد الكواكب.

تطوير بطارية تدوم لمدة عشرين عاما

تمكنت مجموعة من الباحثين من جامعة ''نانيانج'' الصينية للتكنولوجيا من التوصل إلى نوع جديد من البطاريات يمكن شحنها خلال دقائق معدودة مع زمن تفريغ طويل جدا ويتعدى عشرين عاما، مما يعني استدامتها لفترة طويلة جدا مقارنة ببطاريات الليثيوم المعروفة، حيث يمكن أن يصل عدد دورات شحنها إلى عشرة آلاف مرة، أي عشرين ضعف عدد مرات شحن بطاريات الليثيوم التي يمكن أن يصل عدد دورات شحنها إلى 500 مرة. 

وقد تم تحقيق هذا الإنجاز عن طريق تطوير البطاريات التقليدية واستبدال قضبان الجرافيت التي تمثل القطب السالب فيها بأخرى مصنوعة من مادة هلامية وأنابيب نانوية مكونة من ثاني أكسيد التياتنيوم. 

وتتميز أنابيب التيتانيوم النانوية بكونها أصغر بمقدار ألف مرة من شعرة الإنسان، وهي خاصية مهمة تعمل على تسريع عملية انتقال الإلكترونات والأيونات من وإلى البطارية، وتسهم بالتالي في خفض زمن الشحن وتقليل زمن التفريغ.

وينتظر أن يحدث هذا الابتكار عند طرحه في الأسواق ثورة في الصناعات التي تعتمد على استخدام البطاريات والحفاظ على البيئة، نظرا لاستدامة عمر البطاريات المستخدمة ورخص تكلفتها ومطابقتها المعايير البيئية المحافظة.

ق- د

 

من نفس القسم الوطن