الوطن

بين التساهمي، الاجتماعي والترقوي، "عدل" تزرع الامل

انخفاض أسعار البترول ترهن البرنامج الخماسي


عام  الرحلة  في الجزائر منذ الاستقلال

ما زال السكن يشكل الهم رقم واحد للشعب الجزائري والذي منذ الاستقلال وهو يبحث عن الاستقرار الذي لا يتأتى حسبه إلا بضمان مسكن، وبين من استفاد من السكن وبين اخر ينتظر انقشاع الضباب، تطرح العديد من الاشكاليات حول مدى جاهزية الدولة في تلبية تطلعات الشعب في هذا الملف الذي يعتبر شائكا خصوصا مع تزايد الطلبات يوما بعد يوم. ووسط كل هذا تسعى الدولة الجزائرية لإيجاد حلول بهدف الخروح من مشكل اسمه السكن من خلال اعتماد العديد من الصيغ متمثلة في السكن الاجتماعي، التساهمي، الترقوي وأبرزها على الاطلاق مشروع " عدل 2 " الذي صنع الحدث مؤخرا نظرا للرقم الصعب الذي رفعته الوزارة الوصية حيث يصل إلى إنجاز قرابة 450 الف وحدة، ما جعل المواطن يتوسم خيرا في هذا المشروع مع بقاء باب الاستفهام مفتوحا حول قدرة وزارة السكن على الوفاء بوعدها وتحقيق هذه النسبة التي جعلتها تحديا رفعت به طموحا وفتحت به باب الامل للشعب في الحصول على سكن نهاية 2015. 

فيصل شيباني

اهتمام غير مسبوق والسلطة تصارع الزمن
شهدت سنة 2014 اهتماما غير مسبوق بالجانب العمراني الذي ظل مهملا طيلة سنوات تحت ضغط الطلب الملح على السكن. وبالرغم من ان الفوضى العمرانية في البلاد لا تزال قائمة إلا أن السلطات العمومية اكدت على اعادة الاعتبار للعمران لاسيما من خلال تثمين نشاط الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين.
وقامت وزارة السكن بالعديد من الاجراءات للقضاء على ازمة السكن من خلال إطلاق برنامج لاعادة تأهيل المدن ومراجعة الاطار القانوني المنظم للمجال العمراني لاسيما من خلال دفاتر شروط تعكس الهوية الوطنية مع تفعيل أدوات العمران.
كما تم فتح ملف التكفل بالبنايات القديمة قصد تحسين الوجه العمراني وتثمين الموروث الثقافي حيث شهد 2014 إطلاق عمليات ترميم بسكيكدة وقسنطينة ووهران ، وينتظر أن يدخل قطاع السكن ابتداء من العام القادم مع إنطلاق البرنامج الخماسي الجديد مرحلة جديدة يتم فيها تجنيد كافة الوسائل للقضاء على أزمة السكن في آفاق 2019.

أكثر من 22 مليار دولار ميزانية السكن للعام الجاري
ارتفعت ميزانية وزارة السكن والعمران لسنة 2015 بنسبة 16.20 بالمائة، مقارنة بالعام 2014، حيث تم رصد ما قيمته 226 مليار دينار، أي ما يعادل 22.6 مليار دولار، وهو رقم يعكس حجم المشاريع التي ستطلق لإنجاز ما يربو عن مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، واستكمال المشاريع التي هي في طور الإنجاز من التي لم تكتمل بعد، ووجهت نسبة هامة من الميزانية لإنجاز المرافق العمومية التابعة للأحياء السكنية المدمجة، إذ لن يتم تسليم أي برنامج مستقبلا ما لم تكتمل المرافق التابعة له.
ورصدت وزارة السكن والعمران والمدينة ميزانية 150  ألف مليون دينار لإنجاز 100 ألف سكن عمومي إيجاري للعام 2015، مع تخصيص ميزانية قدرها 1844 مليون لإنجاز 2700 سكن عمومي إيجاري على مستوى العاصمة، و1314 مليون دينار لاقتناء التجهيزات المدرسية لمرافقة برنامج 35 ألف سكن موجهة لامتصاص السكن الهش بولاية الجزائر.
واقترحت وزارة السكن والعمران في برنامجها الجديد لسنة 2015، إنجاز 7 محطات حضرية في الأحياء السكنية المدمجة وواحدة على مستوى العاصمة، ودراسة وإنجاز 45 سوقا جواريا بالأحياء السكنية المدمجة أيضا، بالإضافة إلى 10 أسواق مغطاة بالعاصمة، بعد أن كانت الأسواق من مهام الجماعات المحلية ووزارة التجارة، إذ يضاف إلى تكليف وزارة السكن بإنجاز هذه الأخيرة، تحميلها مسؤولية مشاريع مشابهة بوزارات أخرى من قبيل إنجاز ملعب 5 جويلية الذي كانت قد أسندت مهمة إنجازه لوزارة الرياضة قبل سحبه منها، وكذا إنجاز مسجد الجزائر الذي سحب من وزارة الشؤون الدينية.
ورصدت الميزانية بالمقابل ما قيمته 40944 مليون دينار للصندوق الوطني للسكن، ستمنح للمواطنين كإعانات لاقتناء سكنات بمختلف الصيغ، إذ تقدر قيمة المساعدة بـ70 مليون سنتيم بالنسبة للسكن الاجتماعي، والقيمة ذاتها تمنح لوكالة "عدل" عن كل مستفيد، فيما تتراوح بين 70 إلى 100 مليون سنتيم بالنسبة لإعانة السكن الريفي.

"عدل" بين الحلم والوهم
لا شيء يدور بين الجزائريين في الوقت الراهن غير ملف السكن وبالتحديد " عدل 2" الذي اصبح يشكل الحدث في كل الاوساك نظرا لكون الوزارة الوصية رفعت رقم الانجاز الى اكثر من 400 الف شقة، وهو الامر الذي يفتح باب التساؤل حول القدرة على انجاز كل هذا العدد قبل نهاية سنة 2015.
وعكس ما يتم الترويج له قبل بعث مشروع “عدل” فإن الواقع وبعد مضي عقد على تسليم أول دفعة من تلك السكنات أثبت فشلا ذريعا في التسيير، حيث عجزت السلطات عن الوفاء بوعودها في التكفل بمشاكل السكان، إلى درجة أن الكثير من السكان ممن التقيناهم لدى نزولنا إلى الميدان عبروا لنا عن تذمرهم من الوهم الذي باتوا يعيشونه وفقدانهم لأمل تجسيد وعود قيل عنها الكثير قبل أن يصدموا بواقع مر لا يمت بأي صلة لتلك الوعود.
ولا يكاد يمر يوم واحد فقط إلا وتسمع كلاما من هنا وهناك خصوصا مع اطلالات الوزير عبد المجيد تبون  والذي  تتوالى وعوده بتحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال  وتوفير ملايين المساكن في ظرف زمني قصير، بل وصل الأمر حد التأكيد بأن مشكل السكن سيتم القضاء عليه في غضون 2016.


البرنامج الخماسي يستهدف الشباب
قررت الحكومة الرفع من الحصة السكنية من البرنامج الخماسي الحالي والقادم الموجهة لفائدة الشباب، إلى 55 من المائة تطبيقا لتعليمات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتجسيدا للوعود التي قطعتها، حيث أفاد وزير السكن والعمران والمدينة، عبد المجيد تبون،  أنه سيتم تخصيص حصة سكنية لفائدة الشباب الذين تقل أعمارهم عن الأربعين عاما، بعدما تقرر رفع «الكوطة» الموجهة لهؤلاء إلى 55 % من مختلف الصيغ وتشمل العمومية الإيجارية «اجتماعية»، ترقوية عمومية «LPP» والبيع بالإيجار «عدل»، وذلك بالاستناد على المدخول الشهري، ويكون قرار رفع حصة الشباب المقبلين على الزواج إلى كثر من 40 من المائة التي تم الإعلان عنها سابقا بتعليمات من رئيس الجمهورية. وأكد المسؤول الأول على القطاع، على أن الأزواج الذين عقدوا القران على الورق ولم يستكملوا مراسيم الزواج بسبب غياب السكن سيؤخذون بعين الاعتبار وستعطى لهم الأولوية. وبخصوص مصير مكتتبي الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره «عدل 2»، طمأن الوزير هؤلاء المكتتبين قائلا «كل مكتتب تلقى استدعاء من أجل دفع الشطر الأول من السكن سيحصل على شقته»، وأضاف الوزير بأن الحكومة وافقت على انجاز الموافقة وبشكل رسمي على الـ400 ألف وحدة سكنية الموجهة إلى مكتتبي عدل 2 وأن هؤلاء المكتتبين سيحصلون على مساكنهم ولن يكون باستطاعة أحد تجريدهم منها.

" عدل 2 " الانتقال إلى السرعة القصوى
رفعت الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره «عدل» المدة المحددة لدفع الشطر الأول من ثمن الشقة لكافة مكتتبي «عدل 2» من 15 إلى 30 يوما، وذلك من أجل السماح لكافة المكتتبين من أجل أخذ الوقت الكافي لجمع المبلغ المالي. وحسب أوامر الدفع الجديدة الصادرة عن الوكالة التي اطلعت عليها «النهار»، فإنه بإمكان جميع مكتتبي «عدل» الذين استفادوا من الصكوك الخاصة بأوامر الدفع في تسديد المبالغ المالية خلال شهر كامل عوض 15 يوما، في حين منحت 8 أيام فقط بعد استلام استدعاءات أوامر الدفع، وتبدأ عملية احتساب هذه المدة ابتداء من سحب أوامر الدفع. ومن المنتظر أن يسمح الإجراء الذي قامت به الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره بإعطاء الوقت الكافي لجميع المكتتبين من أجل جمع الأموال التي ستدفع كشطر أول. وفي السياق ذاته، أكد المدير العام للوكالة الوطنية لتطوير السكن وتطويره «عدل»، أن المواطنين المعنيين بسحب أوامر الدفع من ملعب 5 جويلية يخص فقط الذين وصلتهم استدعاءات، مشيرا إلى أن كل من استلم الإستدعاء بإمكانه التقدم إلى مكاتب الوكالة المفتوحة بملعب 5 جويلية لسحب أمر بالدفع.

الرقم مخيف والتجارب السابقة تزيد الهاجس
تزيد هواجس المواطن الجزائر خاصة هذه السنة مع وعود الوزارة التي أعلنت عن برامج ضخمة في مجال السكن على غرار سنوات 2000، فإن تساؤلات ونقاط ظل تظل قائمة حول القدرة الفعلية لضمان تجسيد برامج بينت التجربة سابقا أنها غير ممكنة عمليا.
ووفقا للتقديرات الإحصائية يقدر الطلب الوطني على السكن ما بين 300 إلى 400 ألف سنويا، في حين تقدر قدرة الإنجاز السنوية ما بين 120 ألف و150 ألف سنويا. وتتجاوز الحظيرة السكنية في الجزائر 7 ملايين وحدة، منها حوالي 1.6 مليون وحدة تعود لما قبل 1962، وهناك 34 ألف مؤسسة إنجاز منها 1400 فقط تخضع لصندوق الضمان والتكافل التعاوني للترقية العقارية. وأحصي 12 ألف مهندس معماري. وعلى ضوء ذلك اضطرت الجزائر للجوء إلى الشركات الأجنبية على رأسها الصينية والتركية، بينما تتحفظ الشركات الأوروبية وخاصة الفرنسية والأمريكية أيضا على قيمة المتر المربع، رغم أنه ارتفع من 650 دينار خلال السبعينات إلى 42 و45 ألف دينار حاليا.

وعود الوزارة على كف عفريت
وزير السكن والعمران والمدينة، عبد المجيد تبون، يكرر في كل إطلالة صحفية له على ان السلطات العمومية في الجزائر تسعى لتلبية كل انشغالات طالبي السكن خصوصا صيغة " عدل " التي صنعت الحدث في 2014 كيف لا عندما نعرف ان الرقم المخصص لهذه الفئة يفوق 400 الف وحدة سكنية موزعة علر كل التراب الوطني، حيث اصبح كل مواطن يحلم بسكن بعدما كان الى وقت قريب ضربا من الخيال،  تبون الذي قال أن الوزارة حددت السداسي الأول من 2015 كآخر أجل لتسليم عقود الملكية للمستفيدين من سكنات الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره ”عدل”، وديوان الترقية والتسيير العقاري، والمؤسسة الوطنية للترقية العقارية.
تأتي تصريحات تبون في الوقت الذي تسارع وكالة عدل الزمن لاستدعاء المكتتبين من أجل سحب الأمر بدفع الشطر الأول من قيمة السكن الإجمالية، والبالغة 27 مليون سنتيم، بالنسبة للشقق ذات 4 غرف، و21 مليون سنتيم بالنسبة إلى الشقق ذات 3 غرف. والانطلاق في إنجاز 105 ألف و373 وحدة سكنية، منها 94 ألف و733 تم إطلاق الورشات الخاصة بها.

وزارة السكن تحصي المساكن الشاغرة
اجراءات جديدة اتخذتها وزارة السكن هذه السنة ، حيث انطلقت في عملية إحصاء السكنات الاجتماعية الشاغرة، وذكر تبون في تصريح له، أن الوزارة شرعت في إحصاء السكنات الاجتماعية الشاغرة أو تلك التي يسكنها أشخاص آخرين غير المستفيدين الفعليين. وشدد الوزير في هذا الخصوص قائلا إن ”السكنات الاجتماعية موجهة أساسا للأشخاص المحتاجين لهذا فإن بقاء هذه السكنات شاغرة أو كراؤها لأشخاص آخرين يعني أنه تم وقوع انحراف في توزيع هذه السكنات”. وفي ذات السياق، كان مختصون في مجال العمران قد قدروا مؤخرا عدد السكنات الاجتماعية الشاغرة أو غير المكتملة بحوالي 3.1 مليون وحدة عبر كافة التراب الوطني. وعلق وزير السكن تبون قائلا ”لا يمكن لأحد تحديد عدد السكنات الاجتماعية الشاغرة لأنه لم يتم لحد الآن إجراء إحصاء في هذا الخصوص”. وأضاف أن نتائج التحقيق ستسمح باتخاذ القرارات اللازمة، دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وشدد بالمقابل على أنه لن يكون هناك تمديد ثالث لآجال عملية تسوية البنايات وضمان مطابقتها بعد أن تم تحديد هذه الآجال عند شهر جويلية 2016.

انخفاض أسعار البترول موقف محرج
شكل انخفاض أسعار البترول في الآونة الاخيرة تخوفات كبيرة عن لجزائريين لاسيما مع الرقم المخيف والكبير الذي رفعته الحكومة من أجل القضاء على أزمة السكن، هذا الانخفاض المفاجئ في اسعار النفط زاد الشكوك عند المواطن العادي من قدرة الدولة على الوفاء بوعودها فيما يخص تسليم السكنات في اجالها المحددة لكن جاء وزير السكن ليطمئن ويقول أن مشاريع مساكن الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره «عدل» والسكنات الاجتماعية، ستسلم في وقتها المحدد سابقا، مؤكدا أن سقوط سعر البترول حاليا لم ولن يؤثر أبدا على وتيرة الإنجاز والتسليم التي تم الإعلان عنها في وقت سابق. و أشار عبد المجيد تبون إلى أن الحكومة تكون قد وضعت جميع التدابير والقراءات اللازمة التي من شأنها تحديد استكمال إنجاز المشاريع السكنية، مؤكدا أن ما جاء على لسان بعض الأطراف لا يمت للحقيقة والواقع بأي صلة، مضيفا أن كل البرامج السكنية ستسلم في وقتها المعلوم ودون أي تأخر أو تباطؤ أو إجراءات أخرى تكون من تأليف أذهان البعض، كاشفا أن المواطنين سيتسلمون مساكنهم وفقا للأجندة الطبيعية، وذلك بنهاية السنة القادمة، حتى لو تراجع برميل البترول إلى مستوى آخر.وحول احتمال إدراج أعباء مالية أخرى يتحملها المستفيدون من مساكن «عدل» أو الاجتماعي، قال وزير السكن إن هذا الأمر غير وارد تماما، موضحا أن الأعباء المالية التي ينجم عنها هذا التغيير الواقع في سعر البترول ستتحملها الدولة وحدها، في حين سيتكفل المواطن المستفيد فقط بتلك التي تم إدراجها مسبقا دون أي تغييرات، لا في سعر «عدل» ولا في الصيغ الأخرى.

ثورة في وكالة عدل واسترجاع كل الصلاحيات لفائدة الوزارة
جاء في عدد من الجريدة الرسمية قرار الحكومة القاضي بتوسيع مهام ونشاطات وكالة تحسين السكن وتطويره، حيث ستتكفل هذه الأخيرة بإدارة وتسيير الاكتتاب لجميع المشاريع السكنية العمومية والتجهيزات المرافقة لها، مع تمكينها من المساهمة في رأس مال مؤسسات عمومية اقتصادية. وجاء في القرار رقم 14/298المؤرخ في 21 أكتوبر 2014 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي رقم 91 / 148 المؤرخ في 12 ماي 1991، المتضمن إحداث تعديلات على مهام الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره، حيث تقرر تكليف وكالة عدل بإدارة المشاريع المنتدبة لحساب الدولة فيما يخص السكن والتجهيزات المرافقة وكل التبعات الأخرى المرتبطة بتطوير السكن، إضافة إلى تسيير اكتتاب المواطنين فيما يخص اقتناء السكنات العمومية بشتى أنواعها وتسويقها وتسييرها العقاري.
وتسمح الوكالة، حسب ذات القرار بأخذ أسهم في مؤسسات عمومية اقتصادية أو أن تحدث فروعا لها بالنسبة إلى بعض النشاطات المتصلة بمهامها، ويتم الموافقة على التنظيم الهيكلي للوكالة بموجب قرار من وزير السكن، الذي يقوم بتعيين المدير العام لهذه الهيئة بموجب مرسوم وتنهى مهامه بنفس الطريقة، ويتولى إدارة الوكالة مدير عام يساعده أربعة مديرين عامين مساعدين ومديرون يعينون بقرار من الوزير بناء على اقتراح المدير العام، وتنهي مهام حسب الأشكال نفسها.


هل ستمس سياسة التقشف الجديدة برنامج السكن؟
سياسة التقشف الجديدة التي ستعتمدها الحكومة في الايام القادمة نزرا للهبوط المفاجئ لأسعار البترول يفتح العديد من الاحتمالات حول ان كان هذا القرار سيؤثر على برنامج السكن خاصة فيما يتعلق بمشروع " عدل 3"، هذه  الصيغة الجديدة التي تحدث بها وزير السكن والعمران عبد المجيد تبون حول تحويل فائض سكنات عدل 2 نحو مشروع عدل 3 يؤكد عزم الدولة اتباع سياسة تقشف غير معلن عنها بسبب انخفاض أسعار المحروقات التي تعتمد عليها ميزانية الجزائر والتي تمثل 98 بالمائة من مداخيل الدولة الإجمالية، التي انخفضت أسعاره في السوق العالمية إلى ما دون سعر 70 دولار للبرميل.
مخاوف الحكومة من عدم مقدرتها على تمويل المشاريع السكنية القادمة وعلى رأسها عدل 3 يعززها التعديل الأخير الذي شمل المرسوم الخاص بشراء سكنات عدل، حيث يمكن حسب المرسوم التنفيذي الصادر في الجريدة الرسمية رقم 61 والذي يسمح بتسديد ثمن الشقة مرّة واحدة بالنسبة إلى صيغ عدل و«ال بي بي”، حيث يستطيع أصحاب هذه الشقق الحصول على عقد ملكية الشقة مباشرة مقابل دفع ثمنها الكلي حتى يتمكنوا من بيعها أو تـأجيرها، والذي سيعزز الميزانية التي خصصتها الحكومة لهذا القطاع في أكبر ميزانيات الجزائر والتي تقدر حسب الأرقام المقدمة في قانون المالية لنفس السنة بحوالي 226 مليار دينار بارتفاع يقدر بحوالي 17 بالمائة مقارنة بسنة 2014، مما يرهن فعلا المشاريع المقبلة وعلى رأسها عدل 3 ومختلف الصيغ المتبقية في حال عجزت الحكومة عن تمويل المشاريع المتبقية للقضاء على أزمة السكن خلال سنتين من الآن حسبما وعد به وزير القطاع.


أكبر عملية ترحيل بالعاصمة منذ الاستقلال
شهدت الجزائر العاصمة أكبر المدن الجزائرية من حيث الكثافة السكانية عملية ترحيل واسعة تعتبر الأكبر منذ الاستقلال حيث وصل عدد المستفيدين إلى 20 ألف عائلة. ونجحت ولاية العاصمة في إعادة إسكان أكثر من 15 ألف عائلة،  أي ما يقارب 85 ألف شخص، منذ ماي الماضي، في أكبر عملية ترحيل شهدتها الجزائر شملت سكان البيوت القصديرية،  وسكان الأسطح والأقبية والعمارات الهشة المهددة بالإنهيار.  في حين، أجلت المصالح ذاتها توزيع أكثر من 11 ألف مسكن جديد، إلى الثلاثي الأول من السنة القادمة،  بعد أن كانت مبرمجة هذه السنة. وتواصل مصالح ولاية الجزائر عملية ترحيل سكان الشاليهات والأحياء القصديرية وسكان الأقبية والشاليهات إلى سكنات لائقة،  إذ تتوفر ولاية الجزائر على برنامج 84.766 مسكنا مخصصا للقضاء على السكن الهش، من بينها 25.808 وحدة جارٍ توزيعها منذ شهر جوان الأخير، أما البقية فسيتم استلامها في آفاق 2016.
واتخذت مصالح ولاية الجزائر عدة إجراءات تنظيمية لضمان السير الحسن لعملية الترحيل من خلال تسخير عدة إمكانيات مادية وبشرية لضمان سيرها في أحسن الظروف على غرار النقل، الأكل ووسائل الهدم فضلا على توفير أزيد من 9 ألاف عامل لرفع الأثاث و 9 آلاف شاحنة نقل فضلا على 70 حافلة نقل إلى جانب تسخير عدد كبير من عناصر الأمن تحسبا لحدوث انزلاق أمنية التي عادة ما تصاحب عمليات الترحيل.
وجاءت عملية الترحيل هذه بعد معاناة طويلة لسكان الاحياء القصديرية والهشة خصوصا مع تماطل المسؤولين والوعود التي يطلقونها في كل مرة، حيث انتظر قاطنوا  الأحياء الشعبية في العاصمة عملية الترحيل على أحر من الجمر، على غرار حي ديار الشمس وديار المحصول في بلدية المدنية، حيث انتقد السكان التصريحات المتناقضة للمسؤولين حول عمليات الترحيل التي كانت تتأجل كل مرة ما دفع بالسكان إلى تنظيم عمليات احتجاج وغلق للطريق الوطني رقم "واحد" ما كان يجبر المسؤولين إلى تطمين الغاضبين باقتراب عمليات الترحيل.  المدنية ما هي إلا مثال على احياء اخرى مستها عملية الترحيل   مثل الحي القصديري بـ"المالحة" بعين النعجة، والذي يُعتبر من أكبر الأحياء القصديرية، حي آخر تنفس قاطنوه الصعداء وهو "الشعبة" بدائرة سيدي محمد والذي يعتبر من أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة.


Lpp  صداع آخر
من بين المشاريع السكنية التي عرفتها الجزائر والتي اطلقت قبل سنتين ولكن صنعت الحدث هذه السنة هو السكن الترقوي العمومي حيث تم استدعاء 46 الف مكتتب لدفع الشطر الأول، على أن يتم تسليم المفاتيح في 2016  بعد مدة إنجاز تتراوح بين 24 و30 شهر. وبسبب تناقض تصريحات الوزارة ومؤسسة الترقية العقارية مكتتبو السكن الترقوي العمومي متخوفون من تكرار سيناريو ”عدل”، أبدى مكتتبو السكن الترقوي العمومي تخوفهم من تكرار سيناريو سكنات عدل، وهذا بسبب تناقض التصريحات بين مسؤولي وزارة السكن ومسؤولي مؤسسة الترقية العقارية المشرفة على إنجاز سكنات هذه الصيغة. وذكر في وقت سابق متحدث باسم التنسيقية الوطنية لمكتتبي السكن الترقوي العمومي أن التصريحات المتناقضة للمسؤولين على مستوى الوزارة ومسؤولي مؤسسة الترقية العقارية زرعت الشكوك من انتقال سيناريو سكنات عدل لهم، مشيرا إلى أن هناك مطالب توجه للوزارة الأولى تتمثل في إعادة النظر في سعر المتر المربع الذي حدد بـ80 ألف دينار للمتر المربع الواحد، ما يجعل شقة من 4 شقق تباع بـ800 مليون سنتيم وفي كل المناطق، رغم وجود اختلافات في سعر العقار من منطقة إلى أخرى. وقد طالب بعض المكتتبين برفع حالة الغموض الخاصة بالمواقع ونوعية السكنات، وإعادة النظر في سعر الشقق الذي قالوا إنه لا يختلف عن المتعامل به في القطاع الخاص مع وجود فارق في الموقع وحتى المساحة، حيث طالب أغلبيتهم بإلغاء الفوائد البنكية التي تهدد بإغراق المعنيين في الديون، حيث اقترحوا السداد عن طريق الإيجار مثلما هو الحال في عملية البيع بالإيجار، مع إقرار خطوة دفع الشطر الأول وتقديم وثائق تضمن حق المكتتب. وتطرق المكتتبون إلى قضية السند القانوني للمشروع في ظل عدم تسلمهم لعقود حفظ العقار التي تعطيهم الحق في معرفة الموقع وكل المعلومات الخاصة بالسكنات من مساحة وتجهيزات وعدد للغرف عند دفع الشطر الأول، مع حفظ حقوق الزبون والمرقي العقاري مثلما يقتضيه القانون، وهو العقد الذي حولته المؤسسة الوطنية للترقية العقارية إلى ختم فقط على وصل الدفع المسلم من البنك.


مسكن لكل شاب بلغ 25 سنة
شرعت وزراة السكن والعمران سنة 2014 في تحضير مشروع قانون يتضمن كيفية توزيع المسكن مستقبلا، والذي يمنح المواطن الجزائري الحق في تقديم طلب الاستفادة بمجرد بلوغه سن الرشد القانوني، مع شرط العمل أو الدراسة، حيث يستفيد المواطن الجزائري بموجب مشروع هذا القانون على شقته بعد 6 سنوات على الأكثر من تقديمه الطلب. هذا المشروع الذي سيتم اعتماده مباشرة مع نهاية التاريخ المحدد من طرف الحكومة لتسليم المساكن الحالية والمزمع توزيعها سنة 2017، يتضمن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي من شأنها تسهيل عملية التوزيع والتخلي عن أشكال الفوضى التي رافقت العمليات السابقة والحالية، حيث يشرع الشاب الجزائري بمجرد بلوغه سن الـ19 في تقديم طلب رسمي إلى الجهة التي ينوي الحصول على مسكن على مستواها «عدل «أو «الترقوي»أو الصيغة التي سيتم اعتمادها للجامعيين، يحوي طلب الاستفادة واختيار الصيغة مع الالتزام بضرورة توفره على عمل دائم أو مواصلته للدراسة في الجامعة الجزائرية، مع عدم حصوله على أي مسكن من قبل، أي يؤكد وضعيته تجاه البطاقية الوطنية للسكن.

من نفس القسم الوطن