الوطن

التراشق العنيف بين السلطة والمعارضة يقوض بناء الدستور

دراسة عربية تتوقع مروره عبر استفتاء شعبي

 

 

كشفت امس ورقة بحثية صادرة عن "مبادرة الإصلاح العربي" نحوز   على نسخة منها أن إشكالية بناء الدستور الجزائري لا يمكن بأي حال أن تمر دون وجود توافق حقيقي بين السلطة والمعارضة، في ظل التراشق العنيف بين طرفي المعادلة السياسية.

وتحت عنوان "تعديل الدستور الجزائري المقبل حكاية سياسوية أو عملية إصلاحية"، حدد الباحث بوجنية قوى في دراسته 4 ملاحظات لتجنب ثغرات الدساتير الجزائرية السابقة.

وقالت الدراسة إن دساتير الجزائر ولد أغلبها في فترات يمكن وصفها بالحالات القيصرية أو الدساتير التي أوجدتها ظروف جيوسياسية ترتبط في أغلبها بالداخل المحلى، فدساتير الجزائر الأربعة 63 و76 و89 و96 ولدت في حالات سياسية غذتها حمولات أيديولوجية وسياسية واقتصادية معينة.

إذ يمكن القول إن الدستور الأول والثاني ارتبطا بالبعد الأيديولوجي والدور التدخلى للدولة في إطار مبطن بشخصنة الحياة السياسية، ممثلا في تصورات الزعيمين التاريخيين بن بلة وهوارى بومدين، بينما جاء دستور 89 كنتيجة حتمتها الظروف الاقتصادية الضاغطة والفساد الذى عرفته الساحة السياسية التي كانت تحمل شعار اللون الواحد والحزب الواحد والشخص الواحد.

إذ شكلت أحداث 5 أكتوبر 1988 قطيعة دراماتيكية بين نظامين وحقلين تاريخيين، وقد سمح بموجب هذا الدستور بتشكيل الأحزاب وحرية تأسيس الجمعيات ومزيد من الديمقراطية.

غير أن دستور 1996 الذى عدل سنة 2008، فتح المجال واسعا للترشح لعهدات سياسية غير محددة للرئيس بوتفليقة، وهو الأمر الذى اعتبره خصومه، ومنهم رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي، بمثابة عودة إلى الأوليغارشية السياسية، على خلاف دستور 89، الذى دشن بموجبه الرئيس الأسبق الشاذلى بن جديد منهجا سياسيا وقطيعة حقيقية بين مرحلتين جوهرتين فى تاريخ الجزائر السياسي المعاصر.

وتابعت الدراسة، أن الدعوة إلى الحوار المجتمعي المعمق بعد نجاح الرئيس بوتفليقة في افتكاك عهدة رابعة في انتخابات رئاسية ميزها مرضه، دفعت محيط الرئيس لوضع مسألة تعديل الدستور على أجندة الأولويات باعتباره البند الأساسي الذى حملته شعارات الحملات الانتخابية والتسويقية للرئيس.

ويرى بوحنية انه السلطة السياسية في الجزائر ترى أنها بحاجة إلى دستور يحافظ على استمرارية النظام السياسي وآليات عمله وإضفاء نوع من الحركية تستجيب لمطالب شرائح واسعة دون إحداث قطيعة تقضى على معالم الحياة السياسية الراهنة.

وهى التى يرى القائمون عليها أنه في حالة إنهائها فإن لعبة المصالح وتدوير العملية السياسية معرضة للخرق. وهذا العرف الذى دأبت عليه السلطة السياسية الجزائرية التي ترى أن أي تغير في الخارطة السياسية يجب أن يكون بشكل سلس يراعى شخوص النظام السياسي الحالي ولا يستبعد أي مقاربة تعطى نفسا وحركية مستقبلية للعملية السياسية.

 ورجح قيس شريف، أستاذ القانون الدستوري بجامعة تيزى وزو، بحتمية المرور على استفتاء شعبي لاعتماد الدستور القادم نظرا لأن التعديلات ستكون جوهرية وليست طفيفة قياسا إلى الاقتراحات المقدمة من قبل الأحزاب والشخصيات خلال جلسات المشاورات مع مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى.

كما رجح قيس شريف الذى شارك في مشاورات الدستور بصفته كفاءة وطنية أن يتم المرور مباشرة إلى الاستفتاء الشعبي دون المرور على البرلمان مثلما جرى في دستوري 1989 و1989، وحول إذا ما كان ذلك يستند إلى حجج قانونية، يقول الأستاذ شريف أن الدستور الحالى تضمن: "الشعب هو مصدر السلطات" ويخول أيضا للرئيس أن "يلجأ إلى الشعب فى قضية ذات مصلحة وطنية"، والدستور يدخل في باب المصلحة الوطنية.

 محمد.أ

من نفس القسم الوطن