الوطن

موقف تتبعه ملاحقات أم يمر كسابقيه

بعد الموقف الصادر في الجيش حول المحرضين على التمرد

 

لم يتأخر رد المؤسسة العسكرية كثيرا حول تردد دور الجيش في الحياة السياسية سواء في الماضي أو الحاضر من طرف كثير من الساسة رؤساء احزاب او رؤساء حكومات سابقين، والقاسم المشترك في هذه التصريحات هو دفع المؤسسة العسكرية التي رفضت في الماضي تسميتها بالصامتة للتعبير عن مواقفها وربما تغيرها بالنسبة للبعض خاصة في المرحلة الراهنة التي تعرف تغيرات دولية وإقليمية كبيرة.

المغالطات التي تحدثت عنها مجلة الجيش في عددها الاخير جاءت اكثر حدة وحزم، ولكن بغموض لا يفهمه إلا اصحابه او من يفوضون للتوضيح ولكنها في نفس الوقت تطرح تساؤلات كبيرة وعميقة في هذه المرحلة التي تعرف عودة الافكار والممارسات الاستعمارية في ثوب جديد ووسائل حديثة ومتغيرات جديدة، كما عبرت عنه الافتتاحية من نفس العدد. من حق الرأي العام ان يتساءل الآن إلى اين نحن ذاهبون؟ ويختلف مع ما قيل عن مكانة الجزائر الاقتصادية والسياسية، وان لا نغتر بتكرر زيارات الوفود بل بالصفقات التي تفتكها الشركات الاجنبية من بلادنا، ونحن لا نمتلك اي قدرة على معرفة محتوياتها ولا رقابة عليها. والمؤسسات الدستورية تشهد هشاشة غير مسبوقة في الاداء وخاصة المؤسسات الرقابية وتفشي منطق الريع الذي اهلك الحرث والنسل وإعادة البلاد إلى المربع الاول في ثرواتها وإمكاناتنا.

من حق الساسة ان يطالبوا بدور واضح للجيش ومن حقنا ان نخاف على وحدة جيشنا وان لا يحدث له مثل ما حدث لبعض الجيوش العربية كسوريا بل وحتى مصر، لأننا لا زلنا نعتقد ان سليل جيش التحرير الوطني لا يمكنه ان يكون تابعا لجماعة او مجموعة او فئة مهما كانت، بل دوره كما كان دوما هو الحفاظ على وحدة الشعب من "الفوضى الخلاقة التي تعمل على نشر الفرقة والعنف والتناحر بتغذية النعرات الطائفية والمذهبية وإثارة الفتنة". 

 

ان تغلب الجهوية والاستخفاف بقوانين الجمهورية وعدم وجود الشفافية في مؤسسات القرار والركون إلى ابقاء الحال على ما هو عليه كلها عوامل لا تبشر بخير، ولا يمكن ان يقال ان الجيش لا يمكنه ان يساهم بل يكون له الدور المحوري في التحول إلى الوضع الطبيعي، الذي ينتج مؤسسات قادرة لا يختلف فيها العقلاء ولا نتحدث عن المهاترات التي تصدر من البعض سواء من المعارضة او حتى من دوائر السلطة.

ان المغالطات التي تتحدث عنها مجلة الجيش تجعل الجميع يتساءل عن سبب عدم التحرك اتجاه من يعملون على "التحريض والدعوة للتمرد وبعبارات واضحة وصريحة" وهي جرائم تصل لح الخيانة الوطنية لا يعقل الصمت عنها ولا تبرير السكوت مهما كانت المبررات. 

وهو نفس الكلام والموقف الذي عبر عنه كل الغيورين على المؤسسات الجمهورية حينما لم يتحرك الجيش من قبل لما استهدفت احد مؤسساتها الحيوية من طرف مسؤول سياسي أمين عام جبهة التحرير الوطني، وهو احد اجهزة النظام والسلطة ولم يطالب ساعتها لا وزير الدفاع ولا نائبه ولا مجلة الجيش بالرد على هذا المعروف لدى هؤلاء جميعا، وكان موقف وزير الدفاع وقتها متأخرا جدا مقارنة بقضايا أخرى أقل أهمية من هذا الموضوع،  بل إن من القراءات التي كانت وقتها انه مفوض بالتصريح من طرف البعض ومن داخل السلطة ولازال يتمتع بالحصانة التي لا يمتلكها حتى النواب ولا الوزراء ولا حتى الجنرالات، وكانت تلك التصريحات هي التي سهلت ومهدت وشجعت الجميع ان يتحدث بما شاء وكيف ما شاء وفي كل من شاء.

سليمان شنين

من نفس القسم الوطن