الوطن
" فضاء بين فعاليات المجتمع المدني في منطقة الساحل"
الندوة السياسية حول تحديات السلم والتنمية في دول الساحل والصحراء تقر:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 نوفمبر 2014
شكل موضوع السلم والتنمية في دول الساحل والصحراء، موضوع ندوة سياسية دولية، نظمتها أمس حركة البناء الوطني بقاعة المحاضرات بفندق السفير بالعاصمة، حيث كانت الندوة فرصة لتسليط الضوء على قضية السلم وآفاق الأمن والتنمية بدول الساحل والصحراء، وعرفت الندوة مشاركات واسعة لسياسيين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني بدول الساحل والصحراء على غرار مالي، السنغال، موريتانيا، المغرب والجزائر، وقد جاء التفكير في طرح هذا الموضوع من قبل القائمين على الحركة التي يرأسها الشيخ مصطفى بلمهدي من منطلق غياب" السلم والتنمية عن المنطقة "، وفي ظل انتهاك سيادة هذه الدول والمنطقة الإفريقية من قبل القوى الدولية الكبرى، ما خلق تهديدا حقيقيا لجميع دول المنطقة ودون استثناء وهو ما أكد عليه المشاركون الذين دافعوا عن خيار الحوار بين دول الساحل والصحراء ليس على المستوى الرسمي فقط بل بين مختلف مكونات المجتمع لأن السلم والأمن والاستقرار يصنع الجميع شعبا وأنظمة بينما تلقى على عاتق الأنظمة الحاكمة مسؤولية التنمية.
قال الأمين العام لحركة البناء الوطني، أحمد الدان بأن ندوة السلم والتنمية في دول الساحل والصحراء، لا تتعلق بـ" الداخل الجزائري لأن أمن الجزائر لا يبدأ في حدود الجزائر بل من حدود دول الجوار والدول الإفريقية"، ومن هذا المنطلق جاء التفكير في المحاور الكبرى لهذه الندوة الدولية، التي ناقشت موضوع السلم والتنمية حول منطقة الساحل والصحراء، فهذه الدول في نظر المتحدث تفتقد للسلم وللأمن وللتنمية حيث قال:" منطقة الساحل والصحراء لا يوجد فيها الآن الأمن، ولا توجد فيها تنمية ولا حريات ولا كرامة للإنسان"، مؤكدا على أنها منطقة منتهكة السيادة والتدخل الأجنبي فيها سافر، أين تعمل هذه القوى على نهب الثورات بصورة واضحة، كما أن الحراك والصراع العرقي والمذهبي أصبح اليوم فيها يأخذ أشكالا وابعادا غير معهودة ولذلك _يضيف المتحدث_، حاولت حركة البناء الوطني وهي تحتفي بالذكرى الستين لعيد الثورة المصادف للفاتح نوفمبر بمهرجان شعبي وملتقى فكري وندوة سياسية أمنية تقدم فيها النخب التي تنشط في المجال كل من موقعه ومكانته داخل بلدان الساحل والصحراء ودول الجوار، رؤيتها لهذه التحديات خاصة وأن السلطة أو ما وصفهم بـ" الأنظمة" اقصوا النخب والمثقفين وتم تهميش هؤلاء بصورة لم يعد لهؤلاء أي دور في مجتمعاتهم، حيث تعتبر هذه التشكيلة السياسية بأن" الشعوب والنخب هي أساس تقدم أي دولة".
هذا وعرج المتحدث على مسألة الديبلوماسية الجزائرية في الوقت الراهن التي قال بأنها" أضعفت " خاصة وأن" هيبة الجزائر بين نظرائها من دول الجوار لم تعد كما كانت في السابق"، واستعرض الدان مسار المفاوضات التي ترعاها الجزائر في كل من مالي وليبيا والضغوطات التي تحاول بعض الأطراف الغير فاعلة في هذه الدول لممارستها على الجزائر، وانتقد محاولات بعض الأطراف إملاء شروطها على الجزائر كما وصف المتحدث المكانة التي عليها الدبلوماسية الجزائرية بـ" الباهتة" وقال بأن تصرفات بعض الأطراف صنعة" مذلة لهيبة الديبلوماسية الجزائرية"، في ظل إضعاف لدور الجيش والجزائر في الآونة الأخيرة وانتهاك لحرمته كما وصف وبأشكال متعددة من قبل القائمين عليه، أما عن الدور الإقليمي والدبلوماسي للجزائر فقد أكد المتحدث على أنه من الواجب عليها اليوم التحرك لمواجهة الخطر على الحدود، خاصة الشرقية أما فيما يتعلق بمسألة التحديات التي على الجزائر أن تقبل عليها من أجل حماية حدودها وأمنها واستقرارها فقد أشار الدان إلى أن البناء نعتبر بأن دول الساحل والصحراء هي فضاء الجزائر وأنهم في الحركة يعتبرون بأن "الاعتناء بهذا الفضاء ضروري وأساسي ومهم ولذلك كان هذا النقاش الذي يهدف إلى تبادل الآراء ومحاولة أن ببعض التصورات وآليات العمل التي من شأنها أن تساعد على مواصلة مشروع الحوار بين بلدان المنطقة الذي يعتبر مطلب رئيسي اليوم، كما حذر من التقسيم الطائفي الذي يعتبر بوابة التدخل الأجنبي.
بدوره أكد رئيس مركز الرائد للدراسات الاستراتيجية سليمان شنين، على عامل الاقليات الذي تتخذه الدول الغربية كذريعة لخلق تقسيم في البلدان الافريقية سواء في الساحل أو غيرها من المناطق، وعرج المتحدث في مداخلته على المشروع الأمريكي والفرنسي في هذه الدول الذي قال بأن أهم وأكبر تهديد يطالها هو" التحول البطيء في العملية الديمقراطية"، حيث شكل هذا المحور الركيزة الأساسية في المحاور التي تراهن عليها حركة البناء الوطني الذي يعتبر قيادي فيها، وأوضح شنين في الصدد ذاته بأن غياب المبادرات الشعبية التي ترافع لمسألة الأمن والسلم والتنمية في اللدان الإفريقية سواء تلك التي تنتمي لمنطقة الساحل أو لمنطقة الصحراء هو الذي دفع بهم للتفكير بجيدة في عرض هذه المبادرة التي قال بأنها تأتي في ظل غياب شبه تام لمثل هذا الحراك بهذه البلدان وهو تغييب مقصود في نظره طالما أن الهدف منه هو تأمين حقيقي للمنطقة في الوقت الذي تحاول بعض القوى الغربية إلى اضعاف جهود التنمية أو إقرار السلم بهذه الدول.
واعتبر المتحدث بأن المبادرة تأتي أعلنت عنها الجزائر أمس، تأتي من أجل" أن تتاح فرصة أمام الأحزاب والخبراء للحديث بأكثر حرية وأقل ضغوطات سواء كانت دولية أو اقليمية وبفكر بناء مبني على توجها الشعوب قبل توجهات الأنظمة"، للبحث عن بدائل لإقرار الشرعية المفقودة في هذه الدول، وذلك بتحقيق هامش الحرية والشعور بالأمان عند شعوب هذه المنطقة التي تشهد تنامي جماعات إرهابية تبحث عن أطماع مالية لا أطماع سياسية بمبررات دينية، ساهمت مخابر أجنبية في الاستثمار فيها ونشأتها وفق منطق المصالح وحاجيات هذه الدول الكبرى بمنطقة الساحل ودول الصحراء.
واعتبر رئيس التجمع الاسلامي بالسينغال مختار كيبي، بأن" اسراع الجزائر في ايلاء عناية خاصة وجهود كبيرة لحل ازمة مالي" مسألة هامة، وهذا ادراكا منها أن وسائل حل هذه الازمة اكبر من امكانيات باقي دول الساحل الافريقي، ودعا المتحدث إلى ضرورة "تعزيز نشر ثقافة الوساطة والاعتدال في الاسلام" الذي تتبناها الكثير من الطرق و الزوايا الافريقية منها الطريقة التيجانية"، كما دعا الباحثين والأكاديميين إلى الدراسات لمعرفة أسباب وطرق انتشار العنف الممارس باسم الدين في القارة الافريقية ومن تم ايجاد حلول للقضاء عليه، خاصة وأنه يشكل هاجسا لدى جميع القوى التي تبعث عن نفوذ لها في منطقة الساحل.
المدير التنفيذي لاتحاد علماء افريقيا عمر بامبا:
" الوساطة الجزائرية هي المبادرة الوحيدة السليمة الباحثة عن أمن واستقرار المنطقة "
اعتبر، المدير التنفيذي لاتحاد علماء افريقيا، عمر بامبا، بأن بلدان الساحل والصحراء، هم بحاجة اليوم إلى تكاثف الجهود من أجل مواجهة ومحاربة الأفكار الايديولوجيا المتطرفة التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على المنطقة، والتي قال بأنها تأتي تحت غطاء المساعدات الأجنبية للدول الإفريقية مرّة تأخذ شكل مساعدات انسانية ومرّة شكلا آخر يتعلق بمكافحة الارهاب والجماعات المسلحة، غير أنه يتوضح في نهاية المطاف بأن هذه القوى الغربية هدفها صناعة بؤر توتر بالمنطقة ليس إلا من أجل حماية مصالحها من جهة ومن جهة ثانية مصالح الأطراف التي تدعمها وقد توضح ذلك في أكثر من محطة.
وعرج الناشط البارز في المجتمع المدني بدولة مالي عمر بامبا على مسألة التدخل الأجنبي الغربي في دول الساحل ومنطقة الصحراء وتأثير ذلك على مساعي الأمن والاستقرار والتنمية حيث أكد المتحدث على أن التدخل الأجنبي اليوم يأتي تحت غطاء المساعدات الأجنبية ومحاربات الارهاب التي أصبحت الذرائع والمبررات لهؤلاء من أجل تحقيق مصالح ضيقة لهذه الدول، غير أن هذه المبررات يجب أن تراقب أو تخضع لمقاييس الرقابة في ظل بروز أفكار متطرفة متشددة أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للدول الافريقية، ومن جهة أخرى قال أن " التدخل العسكري الاجنبي في دول افريقيا تحت اي غطاء كان لا يمكن له مكافحة الارهاب والتطرف" موضحا ان الوضع في ليبيا اليوم يدعو الدول والشعوب الافريقية الى "توحيد الجهود لوقف مخاطر الجماعات الارهابية ونشطاء تجارة السلاح والمخدرات التي تستفيد من الوضع غير المستقر بليبيا"، وخلص المتحدث إلى التأكيد على أن الجزائر هي "العمود الفقري الذي يفكر اليوم بجدية لا يجاد حلول للمشاكل التي تعيشها منطقة صحراء افريقيا"
ولدى تطرقه للمبادرات الرسمية التي تقوم بها بعض القوى الدولية من أجل بعث السلام والأمن والاستقرار بدول مالي أكد المتحدث على أن الوساطة الجزائرية تعد " الآلية الوحيدة التي بإمكانها حل أزمة مالي ومشاكله بصفة نهائية"، وعبر بامبا في مداخلة له ضمن ندوة "تحديات السلم والتنمية في دول الساحل والصحراء" التي نظمتها حركة البناء الوطني أمس، عن اقتناعه أن الوساطة الجزائرية بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "الآلية الوحيدة التي بإمكانها حل أزمة مالي ومشاكله و تأثيرها على أمن واستقرار المنطقة بصفة نهائية"، وأشاد في هذا السياق بجهود الجزائر دولة وشعبا في حل أزمة مالي من خلال ما وصفها بـ "تجربته الدبلوماسية الطويلة".
عضو مجلس الإرشاد بحزب العدل والاحسان المغربي حسن قبيبش:
" الأمن على المستوى الدولي مطلوب في ظل بروز أخطار تهدد استقرار الدول "
أوضح القيادي في حزب العدل والاحسان، وعضو مجلس الإرشاد، حسن قبيبش، في المداخلة التي نشطها حول موضوع" السلم والتنمية بدول الساحل والصحراء بأن السلم والأمن لم يعد اختيار في بلدان الساحل والمغرب العربي ودول الصحراء، بل هو ضرورة وواجب شرعي على الأوطان، ومطلبا إنسانيا في ظل مساعي البعض لتوظيفه لأغراض سياسية، مؤكدا على أن الأمن على المستوى الدولي اصبح أمرا مطلوب في ظل بروز أخطار تهدد استقرار الدول.
وقدم المتحدث مقاربة حول أهمية الحراك الرسمي من المؤسسات الدينية والمفكرين والعلماء لتوعية الشعوب وخاصة الشباب من المخاطر التي تأتي تحت غطاء التغيير، ودعا في السياق ذاته القائمين على هذه المؤسسات بضرورة العمل على توعية الشباب من خطر ما وصفه بـ" تجنيدهم من قبل الجماعات الارهابية المسلحة"، خاصة وأن البعض يأخذ بذريعة غياب التنمية وفرص السلم والاستقرار لاستدراج هؤلاء.
الخبير الأمني أحمد عظيمي:
" لا يمكن لأي مشروع صلح أن يتحقق بعيدا عن الجزائر"
أكد الأستاذ بجامعة الجزائر، والخبير الأمني أحمد عظيمي، أن الجزائر "بلد استراتيجي وتقع عليه مسؤوليات كبيرة في حماية السلم والاستقرار بمنطقة الساحل" مشيرا الى أنه "لا يمكن لأي مشروع أن يتحقق في هذا المجال بعيدا عن الجزائر"، وذكر المتحدث في مداخلته حول موضوع" السلم والتنمية في بلدان الساحل والصحراء"، بأن أن منطقة الساحل الإفريقي أصبحت "مفتاح السلم العالمي" نظير لما تزخر به من ثروات طبيعية ومعادن ثمينة وحذر في هذا السياق من "عواقب التوترات الداخلية لبلدان افريقيا والتي تغذيها القوى العالمية لإضعاف قوى الدول الافريقية"، وحاول المتحدث في الصدد ذاته تسليط الضوء على عناصر تمويل الإرهاب في المنطقة، والتي تعتبر الركيزة الأساسية لتنامي خطر التهديد لهذه الدول، بأن كل التقارير الأممية تتحدث عن المخدرات التي قال بأنها" أصبحت عائداتها خزينة لتمويل الجماعات الإرهابية التي تنشط في منطقة الساحل والمغرب العربي وحتى بلدان الصحراء الإفريقية".
وعرج الخبير الأمني بالمناسبة على مسالة الصراعات الطائفية التي قال بأنها تفتح أبواب أمام القوى الغربية للتدخل الأجنبي في هذه الدول خاصة وان هذه الصراعات أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الشعوب الإفريقية بصورة لم تشهدها هده المنطقة من قبل، وأكد المتحدث بأن هذا الأمر أصبحت تلعب عليه الكثير من القوى الغربية من أجل تقسيم شعوب المنطقة.
رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور:
" هناك استراتيجية للسيطرة على الدول النامية "
قدم رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، رؤيته حول آليات بناء تنمية حقيقية في بلدان المغرب العربي والساحل والصحراء، خاصة وأن المنطقة تعرف حالة من اللا استقرار، ودعا المتحدث إلى البحث عن حلول غير مسبوقة طالما أن الأزمة التي تعيشها البلدان التي تنتمي لمنطقة الساحل والصحراء والمغرب العربي تعيش أزمة غير مسبوقة في ظل وجود أزمة مؤسسات، وأزمة انسجام في الدول السائرة في طريق النمو.
وقال القيادي في قطب التنسيقية، أحد بن بيتور، بأن المنطقة لا تعرف استقرارا سياسيا وإن كان بصورة متفاوتة بين هذه الدول إلا أن وجوده في ظل تحديات والمتغيرات الدولية العالمية تفرض علينا أن نبحث عن بدائل، خاصة وأن الحراك والمتطلبات الراهن تتمحور أغلبها حول الحصول على الكرامة التي أصبحت مطلبا واسعا لجميع الأمم والشعوب، وأوضح يقول" بأن العالم اليوم يدفع بنا للبحث عن قيادات قادرة على الابتكار وبلورة سياسيات جديدة أيضا"، وقدم المتحدث أطروحات حول الآليات التي يرى بأنها قادرة على صناعة هذا البرنامج أو الاستراتيجية والتي قال بأنها تأتي وتنجح عن طريق التغيير السلمي والذي أفرزته عدد من التجارب التي عاشتها بعض دول العالم.