الوطن
الطبقة السياسية في مواجهة مبادئ بيان نوفمبر بعد 60 سنة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 أكتوبر 2014
- المجاهد صالح قوجيل:" الديمقراطية ..لم تستقر بعد في الجزائر !"
- عبادو: " الجزائر حققت الكثيرة "
تحيي الجزائر الذكرى الـ 60 لاندلاع الثورة التحريرية المصادفة للفاتح من شهر نوفمبر، في جو يتسم بالشد والجذب بين مختلف القوى السياسية المحسوبة على الموالاة والمعارضة حيث تتهم كل واحدة الأخرى بكونها تتخذ ما جاء به بيان أول نوفمبر 54 كشعارات تتسابق في كل مناسبة وطنية للتغني بوفائها له، غير أن الخط السياسي لها أصبح بعيدا كل البعد عن هذا الوفاء للعهد الذي جاء به البيان بعد 60 سنة من صدوره، ولتسليط الضوء على هذا الموضوع سألت" الرائد"، القوى السياسية وبعض المؤرخين والمجاهدين حول إن كان بيان أول نوفمبر قد حقق أهدافه بعد 60 سنة من كتابته خاصة ما تعلق إرساء الدولة الديمقراطية ! التي تتغنى بها القوى السياسية اليوم وهل فعلا مازالت الأحزاب والتشكيلات السياسية، وحتى تلك التي ولدت بعد دستور 1989 ، وفية للبيان وللمبادئ التي جاء بها، وكيف تنظر القوى السياسية لجزائر اليوم بعد ستين سنة من الثورة وما الذي تحتاجه جزائر اليوم لتحقيق المكاسب التي يرافع لها البيان، في ظل سعي المعارضة المشكلة لما يعرف بـ" التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي" وهيئة" التنسيق والتشاور"، للإعلان عن رسالة نوفمبر وهي نسخة عن بيان أول نوفمبر 54، تحاول من خلاله التوجه للجيل الحالي وللقوى الفاعلة في المجتمع سياسيا واقتصاديا وجماهيريا للبحث عن آليات لإرساء الدولة الديمقراطية التي شكلت حجر زاوية بالنسبة لبيان الفاتح من نوفمبر 1954.
حيث أشارت قيادات من هذه الأقطاب المحسوبة على تيار المعارضة، التي تؤمن بـ" الانتقال الديمقراطي" كأداة لتحقيق التغيير المنشود، بأن الرسالة أصبحت جاهزة، وتنتظر فقط الكشف عنها في الساعات القادمة،_ يوم الأحد المقبل_، ويؤكد السياسي أحمد عظيمي بأن رسالة أول نوفمبر ستقدم معاينة " للوضع الحالي وتحديدا الأزمة السياسية الحالية على رأسها مسألة شغور السلطة التي طرحت نفسها، وقضية التغيير المنشود الذي لا يجب أن يكون عمل المعارضة وحده بل السلطة والشعب على حد سواء"، بينما يؤكد رئيس الهيئة التي أشرفت على صياغة الوثيقة، الديبلوماسي الأسبق عبد العزيز رحابي بأنها وثيقة تدفع لإعادة النظر في محتوى الوثيقة الأمة" بيان أول نوفمبر 1954"، الذي قال بأن الفاعلين السياسيين قد حادوا عن المبادئ التي جاء بها البيان، حيث سيكون المحتوى الرئيسي للرسالة التي ستوجهها قوى المعارضة للشعب الجزائري وفق هذه الظروف" غياب الدولة الديمقراطية"، التحسيس بأهمية البيان الذي يعتبر المرجع الأساسي للدولة الجزائرية منذ 60 سنة، كما ستقدم الوثيقة رؤية هؤلاء لمسار الجزائر طوال هذه الفترة الزمنية وتسليط الضوء على ما تحقق وما لم يتحقق وما المطلوب إحداثه لضمان عدم الحياد عن هذا النص الذي أسس لجزائر الاستقلال منذ خمسينيات القرن الماضي.
وبالرغم من أن التنسيقية والقوى المساندة لها، تعمل بمنطق " معارضة السلطة" وهو ما دفعها إلى حصر صياغة رسالة نوفمبر 2014، بين هذه القوى فقط إلا أن ذلك لا يعني بأن الفاعلين في المشهد الوطني راضون عن الانجازات التي تحققت من بيان أول نوفمبر1954 طوال الستين سنة الماضية، وهو ما أكدته بعض القوى المحسوبة على الثورة التحريرية والمؤرخين في تصريحاتهم لنا.
المجاهد صالح قوجيل:" الديمقراطية ..لم تستقر بعد في الجزائر !"
يرى، المجاهد والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، صالح قوجيل، بأن بيان أول نوفمبر 1954 حقق الكثير من الأهداف التي حملها المشروع، وبالرغم من أن هذه التحديات لم تلبت أن استقرت بشكل واضح في المسار ال.. إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن إرساء الدولة الديمقراطية التي رافع لها البيان قد تحققت في بعض المحطات وأخفقت في محاطات أخرى وقال" الديمقراطية تأتي وتذهب ولكن سيأتي يوم وتستقر بالجزائر للأبد".
وأوضح المجاهد في حديث له مع" الرائد"، بأن بيان أول نوفمبر حقق أهم مكاسب الجزائريين، وهي الحفاظ على الهوية الوطنية، بالرغم من أن المهمة كانت صعبة ولا تزال، إلا أن التحديات كانت كبيرة، والرهان كان صعبا على الجميع، ولكن الجميع تجاوزوا تلك المراحل الصعبة واليوم الجزائر حققت ما استطاعت أن تحققه من المكاسب التي جاء بها البيان وإن لم تكن في المستوى إلا أن القادم بالتأكيد سيكون أفضل.
المجاهد السعيد عبادو: " استحقاقات عديدة حققتها الجزائر منذ ثورة 54 "
أكد، الأمين العام لمنظمة المجاهدين السعيد عبادو، على أن استحقاقات كبيرة ومتعددة حققتها الجزائر منذ ثورة نوفمبر 1954، وحتى اليوم، في انتظار ما سيتحقق في المستقبل القريب طالما أن هناك تمسك بـ" المبادئ التي سار على دربها الشهداء والمجاهدين منذ بداية الثورة التحريرية المباركة وحتى جزائر اليوم".
وأوضح المجاهد، سعيد عبادو، بأن الجزائر اليوم "تسير بخطوات ثابتة وتشهد تحولات كبيرة على مختلف المستويات وفي جميع الميادين منذ عقود من الزمن، أخدت على عاتقها مسؤولية الإصلاح وإحداث تغيير جذري وخوض معركة تنمية شاملة متكاملة في مختلف مناحي الحياة"، وحث المتحدث في السياق ذاته الجميع إلى العمل على "التمسك أكثر برصيد الشهداء الأبرار" من أجل "البقاء واثبات الوجود" من أجل بناء جزائر الغد بمشاركة الجميع ودون ممارسة أي إقصاء.
المؤرخ أرزقي فراد: الشرعية الثورية توقفت في 1962 !
قال المؤرخ والباحث في التاريخ والمحلل السياسي، أرزقي فراد، بأن الحديث عن الدولة الديمقراطية اليوم، يدفعنا للحديث عن الشرعية الثورية التي قال بأنها توقفت في سنة 1962، وعرج المتحدث في سياق حديثه عن مكتسبات الجزائر منذ نوفمبر 54 إلى نوفمبر 2014 بالقول بأن هناك مكتسبات تحققت تتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والسياسية لكنها مكاسب لم تحقق بعد ما جاء به بيان أول نوفمبر 1954، لكون الجزائريين يفتقدون للأسس الأساسية التي جاء بها البيان خاصة ما تعلق بإرساء دولة ديمقراطية وحرّة، حيث يعتقد المتحدث بأن الجزائر اليوم بحاجة إلى مراجعة لمحتوى وثيقة أول نوفمبر بصورة تسمح بتحقيق هذه المكاسب الغائبة اليوم عنا.
الأفالان: على العهد باقون
أكد حزب جبهة التحرير الوطني، على أنه كان ومازال وسيظل وفيا لعهد ورسالة أول نوفمبر 54، وسيبقى كذلك على اعتبار أن بيان أول نوفمبر 54 هو بمثابة شهادة الميلاد الأصلية للحزب العتيد، وأوضح الأفالان بأن النصوص المرجعية للحزب العتيد وطوال العقود الماضية كلها منبثقة من بيان أول نوفمبر تحت شعار" على العهد باقون"، فالحزب العتيد متمسك أيما تمسك بالنصوص والمبادئ التي يرافع لها المرجع الأساسي للدولة الجزائرية منذ 1954 وحتى اليوم.
النهضة: هناك إقصاء لقواعد بناء الدولة الديمقراطية !
يوضح الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي بأن الجزائر ومنذ خمسينيات القرن الماضي، عملت فيها القوى السياسية خاصة التي تسلمن مقاليد الحكم، على إقصاء الجانب المتعلق ببناء الدولة الديمقراطية التي جاء بها بيان أول نوفمبر 1954، هذا الإقصاء الذي قال بأن في فترة الاستقلال كانت له مبرراته أصبحت هذه المبررات مع مرور الوقت لا تجدي نفعا، ومع ذلك، لم تحاول هذه الأطراف أو القوى التي تسلمت مقاليد الحكم الدفاع عن هذه المبادئ.
وعرج المتحدث في السياق ذاته على أهم البنود التي رافع لها بيان أول نوفمبر 54، حيث قال بأن البيان كان له هدفان يتعلق الأول بتحقيق مطلب الاستقلال الي تحقق بالرغم من وجود بعض الملاحظات تجاه هذه المسألة ولكن الحق يقال" نحن اليوم ننعم بأرضنا وبخيراتنا" وأما الجزء الثاني فهو يتعلق بمسألة" بناء الدولة ذات سيادة وضمن المبادئ الاسلامية " والتي قال بأنها لا تزال غائبة لحدّ الساعة، رغم مرور ستين سنة عن كتابة وإقرار نص البيان، وأضاف المتحدث يؤكد: " الأمر لازال يتطلب جهد وجهد كبير وهذا التأخر في تحقيق هذا الشرط جاء بإرادة سياسية من قبل رجال الثورة حيث فكر هؤلاء بأن الجزائر ليست بحاجة لحريات وانما للأكل ولتحقيق مطالب اجتماعية واقتصادية" ومن بين نتائج هذه الخيارات أكد ذويبي على أن" هذه السياسة لازلنا نتخبط فيها لحد اليوم"، وقبل ان يختم المتحدث حديثه معنا، أوضح بأن" المطلوب اليوم مواصلة العمل من أجل استكمال المسار حول الدولة الديمقراطية التي جاء بها بيان أول نوفمبر".
خولة بوشويشي