الوطن

الطبقة السياسية في الجزائر تجمع على أهمية تحقيق الانتقال الديمقراطي في ظل التوافق

تعقيبا على نتائج الانتخابات التشريعية في تونس

 

 أجمع عدد من الساسة الجزائريين، وقادّة الأحزاب السياسية في الجزائر على أن النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية في تونس، قد حققت مطلب التوافق الذي يعتبر أهم شرط لتحقيق الانتقال الديمقراطي السلمي والصحيح في أي منظومة حكم، كما ثمن هؤلاء الخطوات التي ستقبل عليها تونس مستقبلا في ظل بناء مؤسساتها الوطنية وفق النصوص التي يفرضها عليهم الدستور الذي شارك الجميع في صياغته، ودعا هؤلاء الجزائر والدول العربية الأخرى إلى الاقتداء بالنموذج التونسي الذي تحقق في التشريعات التي جرت في الساعات الماضية، لتحقيق مشروع التغيير.
وقال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، سبق لي أن كتبت مقالا مباشرة بعد الثورة التونسية ذكرت فيه أن تونس ستكون هي "المخبر" الذي ستُصنع فيه تجربة الديمقراطية في العالم العربي، وها هو الأمر يتأكد، فقد نجحت العملية الانتخابية في نظر المتحدث  نجاحا كبيرا بنسبة حقيقية في حدود الـ 61 بالمائة، فيما يعتبر الرابح أو الخاسر في نظره غير مهم إذ قال- لا يهم من سينجح-، النهضة أم نداء تونس، مبررا ذلك بكونه لا يتعامل مع هذه التجربة بفكر التيارات - اللائكية الجزائرية- التي كان أكبر هم أقلامها هو الخوف من انتصار حركة النهضة، كدليل بأن اللائكية في العالم العربي لا يمكنها أن تكون ديمقراطية، بل هي الخطر الأكبر على الديمقراطية.
وأوضح خليفة أبو جرّة سلطاني على رأس حركة "حمس"، بأن من الأسباب التي تجعل التجربة التونسية تنجح دون غيرها هو وجود حركة إسلامية راشدة كحركة النهضة لها القدرة على إدارة الصراع لصالح تونس ولصالح الحرية، ولكن بشكل أساسي بسبب عدم تدخل المؤسسات العسكرية والأمنية في الشأن السياسي، فالقانون الانتخابي التونسي لا يسمح لأفراد المؤسسة العسكرية والأمنية من المشاركة في العملية الانتخابية، إذ يعتبر مقري أن هذه المسألة هي الفارق بين النماذج الانتخابية الأخرى التي عاشتها الدول العربية. وأضاف يقول "خلافا للجزائر التي تتحكم في النتائج التدخلات المباشرة وغير المباشرة للمؤسسة العسكرية والأمنية، لدينا أرقام لا تدع مجالا للتفلسف والتبجح تدل على نتائج ساحقة لصالح جبهة التحرير في مكاتب اقتراع، يقابلها في نفس الحي ونفس الشارع مكاتب اقتراع لا يصوت فيها العسكر لم تنجح فيها جبهة التحرير، فهل يوجد حزب في العالم ينافس الدولة وينافس العسكر الذين تحكمهم الأوامر الصارمة وليست القناعات".
وأضاف المتحدث يقول "علاوة على هذا هناك ألاعيب الكمبيوتر في الكتل الناخبة التي لا يعرفها أحد إلى اليوم؟". وتساءل مقري يقول: هل يمكن للديمقراطية في الجزائر أن تنجح إن لم نسر على نهج تونس، دون تحقيق تمدين العمل السياسي، ودون توجيه المؤسسة العسكرية والأمنية لأدوارها ووظائفها المعروفة دوليا ودستوريا وهي المحافظة على الأمن والحدود وأن يشعر كل جزائري بأن المؤسسة العسكرية هي مؤسسته كذلك؟؟".
بدوره اعتبر رئيس حركة النهضة، محمد ذويبي بأن ما عاشته تونس في الساعات القليلة الماضية يعتبر تجربة حقيقية للانتقال الديمقراطي بخطى وصفها بـ"الايجابية". وقال المتحدث وهو يستعرض المحاور الكبرى التي حققتها التجربة الانتخابية في تونس وهي تجربة جديدة في البلدان العربية سواء تلك التي مسها الربيع العربي أم لا بأن ما حدث في هذه الانتخابات تم وفق طريقة متفق عليها، وكان الدستور هو الحامي لها، وبغض النظر عما ستفرزه نتائج هذا الموعد الانتخابي اليوم أو مستقبلا خاصة وأن تونس مقبلة على رئاسيات بعد أسابيع قليلة من الآن، فإن النتائج ستكون أكثر نضجا ووعيا، خاصة وأن الشعب التونسي والقوى السياسية تتجه من خلال هذه الخطوة التي جرت في الساعات الماضية نحو"تعايش سياسي مبني على برامج وقناعات مختلفة"، وهذا الاختلاف هو تجسيد حقيقي للانتقال الديمقراطي خاصة وأن الطبقة السياسية في تونس وفرت لنفسها هامشا من الحريات سيسمح لها مستقبلا الذهاب نحو التغيير بخطى إيجابية.
وأشار المتحدث إلى أن حركة النهضة تابعت باهتمام كبير نجاح العملية الانتخابية في تونس وتجربتها الناجحة لثورة ربيع شبابها، والتي ستؤدي إلى الانتقال الديمقراطي والذي سيوفر الاستقرار والتنمية والاستجابة للاحتياجات الشعب التونسي في الرقي والازدهار وفق أسس صحيحة وسليمة، واعتبرت أن ما تحقق في تونس من نجاح للعملية السياسية هي صفعة للنخبة الديكتاتورية الحاكمة في العالم العربي ولأعداء الحرية والديمقراطية، والتي اتت بها ثورة الياسمين في تونس، وأثبتت أن الشعوب العربية قادرة على تحقيق الاستقرار والحرية والديمقراطية حينما توفر لها أجواء ذلك.
وتوضح هذه الرؤية للقوى السياسية الجزائرية المحسوبة على التيار الاسلامي تجاه التجربة التونسية بأن التجسيد الفعلي للممارسة الديمقراطية لا يمكن أن تأتي إلا عن طريق انتخابات شفافة ونزيهة كالتي عاشتها تونس في الأيام الفارطة.
خولة. ب

من نفس القسم الوطن