الوطن

المعارضة تتجاهل مضمون الدستور وتدعو للإستفتاء عليه

بالتزامن مع دعوات أحزاب الموالاة لخوض جولة الحوار حول المشروع

 

  • محللون: المعارضة والسلطة تفرغوا للجزئيات وتجاهلوا المضمون

انتقل في الآونة الأخيرة، الجدل القائم حول مسودة مشروع"الدستور"، عند الطبقة السياسية خاصة المحسوبة على تيار المعارضة، من الحديث عن تأثيرات غياب هذه القوى عن المشاركة في إثراء المشروع وتداعيات ذلك على أهم وثيقة تحكم الجزائر، إلى الحديث عن مطالب توجهها هذه القوى للسلطة تطالب فيها بضرورة إعتماد آلية الاستفتاء الشعبي في إقرار النص الجديد للدستور، ورغم أن السلطة عبر شركائها السياسيين المعتمدين في التشاور خاصة من شاركوا في المشاورات المتعلقة بهذا النص قد خصصوا حيزا كبيرا في خرجاتهم الإعلامية الأخيرة إلى توجيه الدعوة للمعارضة من أجل قبول فكرة خوض جولة الحوار المتعلق بهذا المشروع، وأن الباب لازال لم يوصد في وجوههم بعد، إلا أن المعارضة رفضت التوقف عند هذه النداءات وفضل إعتماد خطاب جديد لها يتعلق بالمطالبة باعتماد الاستفتاء الشعبي في إقرار نص الدستور الجديد، وهو ما اعتبره المتابعون للشأن السياسي عندنا بأن كلا من السلطة والمعارضة تجاهلوا مضمون الوثيقة وتفرغوا للجزئيات، وأشار هؤلاء إلى أن الأهم في الدستور ليس طريقة إقراره بل ما ستحتويه الوثيقة النهائية من تغييرات تمس بمؤسسات الدولة وأجهزتها وطبيعة العلاقة التي ستربط مستقبلا بين هؤلاء.

يقول في هذا السياق، رئيس جبهة العدالة والتنمية، الشيخ عبد الله جاب الله، أنّ قوى المعارضة تكون قد فقدت الثقة في السلطة، وفي المبادرات التي تطلقها سواء تلك التي تتعلق بالدستور أو غيره من المشاريع السياسية التي تحضر لها، وأن مسألة تحقيق التوافق التي شكلت محور الخطاب الذي سوقت له هذه الأخيرة في الفترة الماضية ما فتئت نتائجه تظهر حين رفضت السلطة السماح لنواب المعارضة من ممارسة حقهم في التمثيل داخل هياكل الغرفة السفلى للبرلمان، واعتبر المتحدث أن هذه المسألة وعلى بساطتها توضح دون أدنى شك، أن السلطة التي داست على القانون داخل قبة البرلمان، يمكننا أن نتوقع منها أي شيء آخر، كما أشار إلى أن الأنباء التي تتحدث عن عزم السلطة منح صلاحيات واسعة لقوى المعارضة في الدسترو المقبل الذي لازالت معالمه مجهولة لحدّ الساعة هو لا يشكل اليوم الحدث بالنسبة إليهم، لكون قوى المعارضة ويقصد بالتحديد تشكيلته السياسية متؤكدة من أن الزمن الذي نعيشه اليوم هو"زمن الفساد والتزوير والإستبداد" لهذا فهم لا ينتظرون ولا يتوقعون أي شيء من السطة تجاه مشروع الدستور بغض النظر عن آليات إعتماده من قبلها في حال ما قامت بهذه الخطوة.

وتوضح هذه الرؤية التي تقدم بها زعيم التيار الإسلامي في الجزائر، أن الخطوة التي تقوم بها السلطة اليوم من خلال دعوة قوى المعارضة للمضي قدما نحو قبول التشاور والحوار مع المكلف بإدارة ملف المشاورات نظريا اليوم، ممثلا في شخص مدير ديوان رئاسة الجمهوية أحمد أويحيى، هو مناورة تهدف السلطة من خلالها إلى عقد هدنة أو تحالف مع هؤلاء، بدليل أن قوى المعارضة تفرغت من مرحلة إنتقاد الخطوة وما جاءت بها نتائج مشاورات أويحيى حول ملف الدستور إلا تغيير نبرة الخطاب والانتقاد لحثها على ضرورة الدفع بالمشروع إلى الاستفتاء الشعبي بدل الإعتماد على نواب برلمان"التزوير" الذين تتحدث الكثير من الأوساط وعلى رأسها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني المقرب من السلطة ومن رئاسة الجمهورية، عمار سعداني بأنه سيحوز على شرف تقرير النص الدستوري الجديد للجزائر.

وتدعم اليوم تيارات عديدة من المحسوبة على جناح المعارضة، الطرح الرامي إلى حثّ السلطة على الدفع بمسودة المشاورات نحو الاستفتاء الشعبي، والذي لم يعد مطلب قوى المعارضة فقط بل ايضا بعض الأطراف من السلطة على غرار"الأمبيا" و"تاج"، الذين لا يحوزان على تمثيل معتبر وهام داخل قبة البرلمان، إلا أنهما حرصا على أن يطالبا السلطة بضرورة تعزيز شرعيتها عن طريق إقرار الاستفتاء الشعبي في الدستور المقبل للبلاد، خاصة وأن الأنباء التي تأتي من بيت السلطة بخصوص ما ستكون عليه المسودة المتعلقة بهذا النص لا تصب في صالح هاتين التشكيلتين السياسيتين.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن