الوطن

طرحنا رؤية سياسية لبناء التغيير وتيار المعارضة رفضها

قال إن عمل التنسيقية سيفشل بسبب نرجسية قياداتها، خالد بونجمة لـ"الرائد":

 

  • الأفافاس غير مؤهل سياسيا ليكون وسيطا بين السلطة والمعارضة !

 

 

يوضح، رئيس حزب الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية، خالد بونجمة، في دردشة جمعته بـ"الرائد"، أمس، أسباب غياب الانسجام بين الأقطاب السياسية الفاعلة في المشهد السياسي اليوم، في ظل تعدد المبادرات الرامية إلى التغيير والتي قال بأنها تفتقد إلى أهم شروط نجاحها وهي التخلي عن الحساسيات الضيقة سواء المتعلقة بالمصالح الشخصية أو مصلحة المجموعة أو القطب دون آخر، وتوقع المتحدث أن ينال "الفشل" للمبادرات السياسية المطروحة اليوم للنقاش من قبل تيار المعارضة، بعد أن وجدت هذه المبادرات نفسها تدور في الفلك الضيق الذي وضعته كإطار لممارسة اللعبة السياسية. واعتبر بونجمة أن نجاح لمّ شمل تيار المعارة تحت إطار سياسي موحد مرهون بتوحد صفوف قيادات هذا التيار وتخلي كل واحد منهم لرؤيته السياسية حول مشروع التغيير الذي يرافع له كل حزب سياسي. 

وقال المتحدث وهو يستعرض المشهد السياسي الوطني الذي يتأهب لدخول اجتماعي ساخن، بأن عمل قطب ما يعرف بـ"التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي"، سيكلل بالفشل بسبب نرجسية قيادات هذا القطب، أما بالنسبة للمبادرة التي تتهيأ جبهة القوى الاشتراكية لطرحها للعلن مستقبلا فهي لن تعرف النجاح لكون الأفافاس في نظر الكثيرين غير مؤهل سياسيا ليكون وسيطا بين السلطة والمعارضة. 

 

* كنتم من بين الأحزاب السياسية التي حاولت قيادات "التنسيقية"، استقطابها للمبادرة السياسية التي طرحتها في المشهد السياسي الوطني ولكنكم لم تنخرطوا فيه لحدّ الساعة؟

- فعلا لقد عرضت علينا أطراف من التنسيقية قبل عقد ندوة مزافران شهر جوان الماضي، الأرضية السياسية المتعلقة بعمل هذا القطب السياسي، وذلك في إطار سعيها لحشدّ أكبر عدد ممكن من التيارات السياسية للموافق والتصويت على النتائج التي سيكلل بها اجتماع 10 جوان، غير أن اللقاء الذي جمع بيننا وبين رئيس حزب"جيل جديد"، جيلالي سفيان وإطارات حزبه، لم يثمر بنتائج إيجابية لكوننا يوم اطلعنا على الأرضية السياسية المتعلقة بندوة الانتقال الديمقراطي، وجدنا بأن الأرضية تفتقد لبعض الإضافات التي طلبنا أن يتم إعادة صياغتها بيننا وبينهم، ولكن ردّ التنسيقية الذي جاء على لسان أحد الأقطاب السياسية المشكلة لها، لم يكن في مستوى تطلعاتنا، حيث أن هؤلاء كانوا متمسكين بالمحاور التي جاءت عليها الأرضية ونحن كنا نريد إعادة صياغتها من جديد يوم الاجتماع، ولكن هؤلاء أوضحوا لنا بأن الفرصة التي ستتاح للأطراف المشاركة في الندوة سيكون منوطا فقط بإحداث تغييرات طفيفة على الأرضية السياسية وهو ما اعتبرناه خطأ، وقررنا على إثره عدم المشاركة. 

ومن هذا المنطلق أيضا تم التشاور بين قيادات وإطارات الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية، وقررنا عدم المشاركة في أشغال الندوة ورفضنا مباركة هذا العمل الذي نعتبره يفتقد لقواعد الحوار السياسي ونتوقع أن يفشل شأنه في ذلك شأن المبادرات السياسية التي ولدت في الآونة الأخيرة من بعض التيارات السياسية المحسوبة على المعارضة. 

 

كيف تقرؤون كقيادة حزبية، تعدد المبادرات السياسية، سواء تلك المطروحة من قبل السلطة التي عرضت مشروع الدستور للنقاش بهدف تحقيق مطلب "التوافق" أو المعارضة ضمن إطار "التنسيقية" التي تبحث عن الانتقال الديمقراطي أو الإجماع الوطني الذي طرحه "الأفافاس"؟

نحن لا يهمنا تعدد المبادرات الرامية إلى التغيير، بقدر ما يهمنا ما تحتويه المحاور الكبرى لهذه الأقطاب السياسية والأرضية التي تطرحها للنقاش وهل فعلا هي قادرة على طرح أفكارها للنقاش وإثرائها؟، هذا ما يهم الطبقة السياسية اليوم، لأننا اكتشفنا مع مرور الوقت وتعدد المبادرات أن البعض يسعى لافتكاك تأييد لمشروعه السياسي للمناورة والضغط على السلطة به، وليس للجلوس معها على طاولة الحوار للتوصل لوفاق وطني يضمن للجميع افتكاك جملة من المطالب السياسية المشروعة. 

ولقد أظهرت التجارب المطروحة اليوم سواء من قبل التنسيقية أو الأفافاس أن هؤلاء يسعون لكسب تأييد سياسي بعد أن فشلوا في كسب التأييد الشعبي والجماهيري لمشروعهم، وذلك من اجل الانفراد بالساحة السياسية وخلق حالة من اللا توازن بين الطبقة السياسية وبين السلطة وهو أمر مرفوض وغير مشروع في نظرنا، لأنه من حق الجميع أن تتاح له فرصة إثراء أي مبادرة سياسية قبل الذهاب نحو ندوة جامعة لتأييد المبادرة وهو ما انتهجته أغلب المبادرات المطروحة اليوم. 

ثم إننا نسعى في الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية أن نشارك مع الجميع في صياغة أي مشروع وأي أرضية سياسية مثلما نطالب أن يشارك كل الشركاء السياسيين المعتمدين في الحوار فيها قبل تنظيم أي اجتماع أو ندوة شاملة لأن المشاركة في الندوة هو مباركة لها، ولا يمكن أن نبارك لمشروع لم تتح لنا فرصة إثرائه. 

أما الأفافاس فهو يسعى ليلعب دور الوسيط بين السلطة والطبقة السياسية جميعا خاصة تيار المعارضة وهو في نظري غير مؤهل لممارسة هذا الدور، بالنظر لفشل مشروعه السياسي حتى داخل قواعده وهناك عدم رغبة في تبني هذا المشروع من قبل فئة واسعة من التيارات السياسية في الجزائر الذي تطرحه القيادة الحالية لجبهة القوى الاشتراكية. 

 

هل ترون بأن هذه المبادرات عامل قوة أو ضعف بالنسبة للطبقة السياسية، وأي المبادرات التي من الممكن أن تشاركوا فيها مستقبلا بعد مشاركتكم للسلطة في مشاوراتها المتعلقة بـ"الدستور"؟

لا يمكنني أن أحكم عليها من الآن، لأنها لا زالت مبادرات لم تتبلور بعد، ولكن أعتقد بأن أي مبادرة لا تحمل البديل الحقيقي لما هو موجود الآن علينا أن لا نعول عليها كثيرا، وفي نظري ما تطرحه الأحزاب السياسية اليوم لا يحمل البديل، خاصة وأن هناك إقصاء تام من قبل تيار المعارضة لمشاريع بعضهم البعض وللرؤية التي يحملها الطرف الآخر، فنحن مثلا في حزبنا يوم استدعتنا التنسيقية لمناقشة الأرضية التي ترافع لها اليوم في إطار بحثها عن آليات لتحقيق الانتقال الديمقراطي قدمنا رؤية بديلة عن الطرح الذي جاءت عليه الأرضية وطلبنا أن تعاد صياغة الأرضية بمشاركة الجميع بدل عرضها عليها في صيغتها الأولية لكن تمسك هؤلاء بأفكارهم وأرضيتهم جعلنا نرفض المغامرة معهم في مشروع سياسي كبير غير ناضج، على اعتبار أن الهدف الذي يحمله هؤلاء هو تحقيق إجماع وأغلبية على السلطة فقط. 

 

ولكنها نفس الآلية التي طرحتها السلطة وشاركتم فيها؟

لا السلطة استدعتنا للمشاركة في مشروع سياسي وإثرائه وليس الاكتفاء بالمشاركة، ولو كنا قد لمسنا غير ذلك لما شاركنا معها في المشاورات التي قادها مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، ولكن أعتقد أن الآلية التي اعتمدتها السلطة كانت مقبولة إلى حدّ كبير عكس الآلية التي تسير بها تيارات المعارضة التي تتمسك ليس بآليات الحوار فقط بل أيضا بمحاوره الكبرى وهذا لن يجدي نفعا اليوم في المشهد السياسي الذي أصبح ناضجا مقارنة بما كانت عليه من قبل. 

ثم إن السلطة في اعتقادي قدمت دعوة للجميع ولم تقصي أي طرف، عكس هؤلاء وأنا أرى بأنه من المهم اليوم أن يسير هؤلاء على نفس النهج الذي سارت عليه السلطة في المشروع السياسي الذي تطرحه للنقاش اليوم، إذا ما أراد هؤلاء تحقيق النجاح ولو بشكل أولي، ثم إن الخلافات السياسية التي تحتكم بين قادة هذه الأقطاب لن تدفع بهذه المشاريع للأمام في ظل مساعي أطراف من داخل هذه الأقطاب للهيمنة عليه. 

 

لو تغيرت قواعد الحوار مع مبادرات أخرى سيتم الكشف عنها لاحقا سواء من خلال مبادرة "الجدار الوطني" الذي تحضر له حركة البناء الوطني أو مبادرة قطب قوى التغيير بزعامة علي بن فليس، هل ستقبلون المشاركة فيه أم أنكم اكتفيتم بالطرح الذي قدمته السلطة مؤخرا بخصوص الدستور؟

للعلم نحن حين شاركنا في مخطط السلطة حول الدستور كنا نتطلع لإثراء أهم وثيقة تحكم الجزائر، ولم يكن علينا أخلاقيا أن نرفض إثراءه والدفاع عن رؤيتنا حول هذا المشروع ستستمر ولن تتوقف عند مسألة الجلوس على طاولة الحوار مع المكلف بإدارة الملف أمام رئيس الجمهورية، أحمد أويحيى، بل سندافع عن الأرضية التي قدمناها للسلطة حول هذا المشروع حين تظهر النتائج النهائية له من قبل رئيس الجمهورية، أما فيما يتعلق بمسألة المشاركة في المشاورات التي ستطرح مستقبلا من قوى أخرى من غير التنسيقية والأفافاس فهذا وارد جدا طالما توفرت الشروط اللازمة لعقد هذا الحوار معهم وهي إتاحة الفرصة أمامنا وأمام الجميع لتقديم رؤيتنا حول آليات التغيير ومشروع التغيير والهدف المرجو من هذه الخطوة. 

 

ما البرنامج السياسي الذي تشتغلون عليه اليوم ضمن الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية اليوم تحسبا للدخول الاجتماعي المقبل؟

بعد أن أجلنا تنظيم الجامعة الصيفية للحزب بسبب عدم توفر الدعم المادي اللازم للقيام بهذه الخطوة، سيكون لدينا اجتماعات دورية مباشرة مع بداية الدخول الاجتماعي القادم لمناقشة الأمور التنظيمية والداخلية للحزب، وكذا الوضع العام للحياة السياسية في الجزائر التي ستحمل الكثير من المفاجآت مع بداية الدخول الاجتماعي القادم. 

حاورته: خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن