الوطن

تقارير سلبية حول حماية الطفولة في الجزائر

مستشار المركز العربي والإفريقي للإعلام والتنمية يؤكد عن عمالة الأطفال:


  • "النسبة المصرح بها كل سنة من وزارة العمل مبالغ فيها والواقع الميداني يثبت العكس"
  • قانونيون وأساتذة اجتماع: "ظاهرة العمالة موجودة بكثرة في المناطق الداخلية"

 

 

قد يتساءل الواحد منا عن مدى وجود ظاهرة عمالة الأطفال في الجزائر، وما هي الدوافع التي دفعت لوجود شريحة ما تستغل القصر في مجال الشغل. محمد خياط أجاب في وقت سابق خلال مداخلة له بمناسبة تخليد اليوم العالمي لعمالة الأطفال حين قال أن نتائج المراقبة فيما يخص هذه الظاهرة منعدمة تقريبا في بلادنا، مضيفا أن مصالح مفتشية العمل سجلت نسبة ضعيفة لأعداد الأطفال العاملين في القطاع الاقتصادي في إطار علاقة عمل"عمال أجراء"، حيث قدر نسبة عمالة الأطفال لسنة2013 بـ0,17 بالمائة، وهو الشيء الذي يتنافى والواقع المعاش، فعمالة الأطفال في الجزائر موجودة بقوة بعيون المتتبعين من جميع شرائح المجتمع، حمالون للوزن الثقيل في الأسواق، عمال للأعمال الشاقة والأشغال العمومية في الشمس الحارقة، فلاحون أطفال، وبائعون في الطرقات. 

معراف: "هناك أرقام مخيفة لعمالة الأطفال والنسبة المصرح بها تخص مؤسسات الدولة فقط"

 

يعتقد الدكتور إسماعيل معراف محلل سياسي، دكتور بكلية العلوم السياسية والإعلام، ومستشار المركز العربي الإفريقي للإعلام والتنمية-نواقشط- أن تشغيل الأطفال صار مسألة جد معقدة، فحسبه هي ترجمة لواقع غير عادي بالنسبة للطفولة في الجزائر، رغم الاستثمار الكبير في المجال الاجتماعي بما انعكس بشيء من الإيجابية على الأسرة في الجزائر. وفيما يخص الأرقام التي تخص العمالة، قال إن هناك أرقام مخيفة على حالة الانحراف التي طالت هذه المراحل، وأعطى بخصوص هذا الإحصائيات الصادرة عن وزارة العدل التي تقول بأن هناك11 ألف طفل كان ضمن ما يسمى بالأحداث حيث يتوزع هذا الرقم بين أحداث للمخدرات وأخرى لأحداث الفعل المخل بالحياء، وعادة يضيف ما تتم هذه الأفعال من خلال الضغط على هذه البراعم من طرف أرباب العمل.

تشغيل الأطفال في سن مبكرة راجع لتقاعس مفتشية العمل

 

فيما أكد الدكتور أن هناك تجاوزات عديدة فيما يخص تشغيل الأطفال في سن مبكرة، وهذا للأسف يقول راجع للتقاعس والتواطؤ من قبل مفتشية العمل، فعدم وجود رقابة صارمة وذكية على مسألة تشغيل الأطفال يعود بنا حسب الدكتور لقضية منافية لروح الدستور الذي يكفل الرعاية والحماية لهذا الطفل، إذن يضيف مستشار المركز العربي الإفريقي للإعلام أن واقع اليوم يفرض على الدولة أن تتحرك باتجاه إعداد مشروع قانون خاص بالطفل يوفر له كل الشروط، التي تسمح له من أن يعيش في إطار ووضع يجنبه مثل هذه الانحرافات لاسيما وأن اليوم تم مراجعة اتفاق مع الاتحاد الأوربي الذي ينتقد الجزائر كثيرا في مسألة حقوق الإنسان وترقية الديمقراطية، فالدكتور يؤكد على أنه عامل مهم في عدم قدرة الجزائر على أنها تتجاوب إيجابا مع الرؤية الأوربية.

تقارير التنمية الاقتصادية المستدامة سلبي حول حماية الطفولة في الجزائر

 

ولم يبق الدكتور عند هذا الانتقاد فحسب بل واصل حديثه عن التقارير الخاصة IDH بالتنمية الاقتصادية المستدامة التي يضع مؤشر التنمية الإنسانية كمحدد لقياس مدى تطور المجتمعات الإنسانية، وأعطى ملاحظات عن هذا التقرير حين قال بأن التقرير دائما يشير بالسلبية إلى عدم وجود حماية كافية بالنسبة للطفولة والأسرة في الجزائر، وأضاف إلى هذا ضرورة إدخال عوامل أخرى لترقية الطفولة وجعلها مركز اهتمام كل مؤسسات الدولة، وبدأ بضرورة استصدار تشريع خاص بالطفل مع إعداد إستراتيجية إعلامية خاصة بهذا الطفل من خلال إصدار مجلات متخصصة تناقش عالم الطفولة، وأيضا تسليط الضوء من وسائل الإعلام المختلفة على مشاكل الطفولة تطلعاتها وما تحتاجه من إهتمام لكي تتحول إلى بعد بنائي في المجتمع، فالدكتور يرى أنه من غير المعقول أن الطفل في الغرب استطاع أن يصل إلى إبداعات قوية وقدرة على التحكم في تكنولوجيات وسائل الإعلام وهو في سن مبكرة، بينما يبقى الطفل بالجزائر يعيش هامش الاهتمامات، فعندما يولد طفل جديد حسب معراف فمعناه أن عالم جديد قد برز، ويجب أن نوفر الإمكانات التي تؤهله لأن يكون مواطن يفيد بلده ويساعدها أن تتبوأ أحسن المكانات.

"النسبة المصرح بها من الوزارة رقم مردود عليه والواقع الميداني يثبت العكس"

وفي إطار آخر قال الدكتور وحسب رأيه الخاص إن الهيئات المشرفة على الاهتمام بعالم الطفولة غدت بعيدة عن اهتمامات فاعلية كثيرة داخل المجتمع، والتصريح بعدم وجود نسبة مخيفة لعمالة الأطفال الرقم مردود عليه، فالواقع الميداني يثبت عكس ذلك، ذلك أن الإحصائيات المقدمة هي متعلقة بمؤسسات القطاع العام، أما مؤسسات القطاع الخاص فالكثير منها لا يؤمن ولا يسجل هؤلاء الأطفال وبالتالي المقياس الذي تعتمده هذه الهيئات الحكومية غير صحيح، والاعتماد على مثل هذه المقاربات يقول الدكتور لا يساعد بالارتقاء بالطفل، وأكد على ضرورة عقد مجلس وزراء خاص بموضوع الطفل أي ترقية الاهتمام بالطفل على أعلى هيئة ومستوى.

قانونيون وأساتذة اجتماع: "ظاهرة العمالة موجودة بكثرة في المناطق الداخلية"

 

فيما رأى قانونيون وأساتذة اجتماع أن ظاهرة عمالة الأطفال في الواقع موجودة وبقوة لاسيما في المناطق الداخلية، والتناقض الذي وقعت فيه الإحصائيات المقدمة من قبل الدولة كل سنة لواقع عمالة الأطفال يعود إلى عدم تصريح أرباب العمل، فحسبهم لو تم التصريح لكان هؤلاء في حالة خارجين عن القانون ومخالفين له، فالإطار التشريعي يضيف المختصين في القانون فيما يخص سن التشغيل هو18 سنة، وعلى سبيل الاستثناء يمكن تشغيل القصر دون18 سنة بترخيص من وصيه الشرعي أو في إطار عقود التمهين. فيما أضاف هؤلاء سبب آخر يجعل أرباب العمل يوظفون قصر دون 18 سنة، يعود إلى أن هذا الأخير أقل تكلفة من الراشد بمعنى أنه فيه استغلال من باب الأجر وهو أنه دون الأجر القاعدي.

دافع عمالة الأطفال يرجع لمستوى الأسرة الجزائرية الذي هو دون الفقر

 

أما الدوافع التي تجعل عمالة الأطفال منتشرة حسب الاجتماعيين ترجع للحالة الاجتماعية للأسرة الجزائرية، حيث أجمع هؤلاء على ضرورة اعتراف بأن الأسرة الجزائرية تعيش حالة أن كان للفقر مستويات فيها نقول أنها دون الفقر، ما جعلها تحتم عليها الدفع بأبنائها ترك المدارس والالتحاق بسوق العمل رغم سن القاصر، وهو ما لاحظناه ببعض أسواق العاصمة نعطي مثالا على ذلك سوق الحطاطبة، خميس الخشنة، بوفاريك عمالة الأطفال منتشرة بقوة وبطريقة يصعب تخيلها للحالة المزرية التي يعيشها أطفالنا، فعمالة الأطفال بهذه الأسواق منتشرة بكثرة فيما يعرف بالحمالين.

القطاع الخاص يعرف انتشارا رهيبا لظاهرة عمالة الأطفال

وبخصوص القطاعات التي انتشرت فيها الظاهرة هي قطاعات معروفة لدى الخاص والعام بتشغيل القصر بها، لو توجهت مفتشية العمل لتلك الأماكن لما توصلت للنسبة الضئيلة التي ذكرناها سابقا، فاستغلال هذه الفئة من الأطفال بهذه القطاعات فاق الحدود، ونقصد بهذا القطاع الخاص دون العام لأن هذا الأخير تضبطه ضوابط وأطر قانونية محدودة، فالقطاع الخاص هناك مجالات للاستغلال دون أخرى نذكر منها الأشغال العمومية خصوصا بمجال الحفر والحمالة، قطاع الخدمات ونخص هنا المواصلات، والفلاحة، فعمالة الأطفال حسب المتعاملين الاجتماعيين موجودة بكثرة، وهي أحد أوجه العبودية والاستغلال لأطفالنا.

مشروع قانون العمل الجديد يشدد العقوبات لعمالة الأطفال

 

رغم النسبة الضئيلة التي أعلنت عنها وزارة التشغيل العام المنصرم ممثلة في أمينها العام إلا أن الدولة سارعت للتقليص من هذه النسبة وأعلنت مشروع قانون العمل الجديد يحتوي على أحكام تتضمن تشديد العقوبات في مجال عمالة الأطفال. حيث أشار محمد خياط أن التشريع الجزائري المعمول به حاليا ينص على جملة من النصوص تنطوي على تدابير حمائية تستهدف حماية الطفل القاصر الذي يبلغ سنه أقل من18 سنة، كما ستضع وزارة العمل قائمة بالمهن الخطيرة المضرة بصحة الطفل في وقت فاقت نسبة العمال غير المصرح بهم الـ14 بالمائة السنة الماضية. وأشار نفس المتحدث إلى أن مصالح مفتشية العمل أجرت سنة2013 تحقيقا أكدت النسبة الضعيفة لعمالة الأطفال على اعتبار أنه تم تسجيل على مستوى4820 مؤسسة مراقبة توظيف38650 عامل من بينهم68 طفلا تقل أعمارهم عن16 سنة أي بنسبة0,17 بالمائة.

كما أوضح الأمين العام أن القانون الجديد الذي يخص الظاهرة يحتوي على أحكام جديدة تتضمن تشديد العقوبات في مجال عمالة الأطفال مقارنة مع العقوبات المعمول بها حاليا.

 ومن مجمل التدابير الجديدة أوجد القانون الجديد مجموعة من المواد والقواعد ذات صلة بالطفل، حيث تنص هذه المواد على أنه لا ينبغي أن يقل العمر الأدنى للتوظيف عن16 سنة إلا في الحالات التي تدخل في إطار عقود التمهين، كما لا يجوز توظيف القاصر البالغ من العمر بين16و17 سنة كاملة حسب هذا التشريع المعمول به إلا بناء على رخصة من وصيه الشرعي، حيث لا يجوز استخدام العامل القاصر في الأشغال الخطيرة أو التي تنعدم فيها النظافة أو تضر صحته أو تمس بأخلاقه.

كما يتضمن القانون الجديد أحكاما تقضي بحصر قائمة بعض المهن الخطيرة المضرة بصحة الطفل.

أما على مستوى التزامات الجزائر الدولية فلقد عبرت بلادنا من خلال مصادقتها لا سيما على الاتفاقية الدولية رقم182 حول أسوأ أشكال عمالة الأطفال والاتفاقية الدولية رقم138 حول السن القانوني في العمل، وهذا تعبيرا عن إرادتها الراسخة في الانخراط في الالتزامات الدولية بخصوص هذا الموضوع.

سياسات الدولة حثيثة للحد من الظاهرة

 

ومن مجمل السياسات التي قامت بها الدولة مؤخرا للحد من عمالة الأطفال، حيث اعتمدت على وسائل إقناع المستخدمين بعدم تشغيل الأطفال، فالدولة لم تعتمد على النصوص القانونية الملزمة فحسب ولا على مبدأ منح المساعدات المادية للعائلات، بل وضعت أجهزة نخص بالذكر الجهاز الوطني للوقاية ومكافحة عمالة الأطفال الذي وضع سنة2003، مع تنظيم 422 ملتقى تركز على الوقاية من هذه الظاهرة وترقية حقوق الطفل، أيضا تنظيم503 تجمع لفائدة380 ألف طفل ومتمهن لا سيما البرامج الوقائية والتربوية لعمالة الأطفال، كما قامت الدولة بـ15830 زيارة مراقبة من قبل مصالح مفتشية العمل للسهر على احترام السن القانوني للعمل، أيضا إحياء اليوم العالمي لعمالة الأطفال كل12 جوان من كل سنة بشعارات مختلفة وعبر مراحل.

 

نوال. س

من نفس القسم الوطن