الوطن

أبرز نماذج الصراع الانتخابي

ساحل العاج وفنزويلا

 

  • ساحل العاج... أزمة دستورية بأبعاد إثنية

في الثالث من ديسمبر عام 2010 أعلن المجلس الدستوري في ساحل العاج فوز لورون غباغبو في الانتخابات. وأعلن رئيس المجلس أن النتائج في سبعة مناطق شمالية قد تم إلغاؤها، وعلى هذا الأساس تم إعلان فوز غباغبو بفارق ضئيل على منافسه الحسن واتارا بـ51.45% من الأصوات مقابل 48.55%. واستنادا على نتائج اللجنة العليا للانتخابات أكد الحسن واتارا على فوزه في الانتخابات وأحقيته بمنصب رئيس الجمهورية المنتخب. غير أن كبار ضباط الجيش الإيفواري ساندو غباغبو وانقسم الجيش بين مؤيد للحسن واتارا ومعارض له. وكنتيجة لهذه التجاذبات السياسية انتشرت اعمال العنف وإطلاق نار في مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك مدينة أبيدجان العاصمة الاقتصادية المهمة للبلاد. وبعد فترة وجيزة أدى واتارا في خضم الأزمة اليمين الدستورية معلقا "ساحل العاج في أياد أمينة" وعين غيوم سورو رئيسا للوزراء.

وعلى الصعيد المحلي انقسمت الجماهير في ساحل العاج بين مؤيد لغباغبو والحسن واتارا، وانطلقت مظاهرات وتجمعات شعبية في كامل أنحاء البلاد تدعم أحد الطرفين. 

وفي 18 ديسمبر وفي رد على تصريحات لوران غباغبو التي طالب فيها مدرعات قوات حفظ السلام بالانسحاب من البلاد، أكد متحدث باسم الأمم المتحدة أن المنظمة الأممية لا تعترف بغباغبو رئيسا، وأن قوات القبعات الزرق ستواصل مهامها في دعم الحسن وتارا والمدنيين. وفي 23 ديسمبر 2010 أصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قرارا "يدين فيه بشدة انتهاكات حقوق الإنسان في ساحل العاج التي وقعت في مناطق متفرقة في علاقة بنتائج الانتخابات الرئاسية"، وقد انتقدت منظمة العفو الدولية هذا القرار باعتباره لا يفي بالغرض ولا يترجم حقيقة إرادة دولية لإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان في الكوت ديفوار. وفي 11 أفريل عام 2011 أعلن طوسون آلان مستشار غلوران غباغبو أن قوات خاصة فرنسية اعتقلت غباغبو وسلمته لزعماء المعارضة بعد أن اقتحمت دبابات فرنسية مقره. ونقلت وكالة فرانس پرس عن سفير فرنسا في ساحل العاج جان مارك سيمون، قوله إن القوات الخاصة اقتادت غباغبو إلى فندق غولف المقر العام للرئيس الحسن وتارا في أبيدجان.

فنزويلا... انقسام داخلي بأبعاد إيديولوجية 

كان الانقسام هو رد الفعل المباشر الذي فرض نفسه بقوة على فنزويلا عقب إعلان المجلس الوطني للانتخابات رسميا فوز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رئيسا منتخباً للبلاد، فقد تأكد أن الانقسام أضحى السمة الغالبة ليس داخل فنزويلا وخارجها، حيث انقسمت الأطراف الخارجية ذات الصلة “بالحالة الفنزويلية”، ممثلة في حكم الرئيس الراحل هوغو شافيز وإرثه السياسي ومستقبل هذا الإرث.

وظهر هذا الانقسام داخليا في مراسم تشييع جثمان شافيز عندما أعلن الائتلاف الرئيس للمعارضة الفنزويلية عدم حضورهم مراسم أداء نيكولاس مادورو لليمين الدستورية كرئيس بالوكالة لحين انتخاب رئيس في غضون ثلاثين يوما، لأنهم اعتبروا أن تولي مادورو مهام الرئاسة المؤقتة انتهاكا للدستور، ويرجع هذا الموقف إلى تبني نواب المعارضة رؤية مختلفة لتفسير الحكومة للدستور بعد وفاة شافيز، هذه الرؤية تتلخص في أن رئيس الجمعية الوطنية ديوسرادو كابيللو هو الذي يجب أن يتولى الرئاسة بالوكالة خلال الفترة الانتقالية حتى موعد إجراء الانتخابات المبكرة وليس نائب الرئيس. كان الدافع من وراء هذا الرفض حرمان مادورو من الاستفادة من موقع الرئيس المؤقت أو الانتقالي لدعم فرص فوزه كمرشح رئاسي خليفة للراحل شافيز على أمل أن يؤدي إزاحة مادورو إلى إنهاء عهد “الشافيزية” كتجربة اشتراكية ثورية في فنزويلا.

هذا الانقسام تحول إلى مواجهات دامية فقد قتل سبعة أشخاص في أعمال عنف أعقبت إعلان نتيجة الانتخابات، حيث اندلعت تظاهرات من القوى الداعمة للمعارضة احتجاجا على النتيجة، التي جاءت في غير مصلحة مرشح المعارضة أنريكي كابريليس ما دعا الشرطة إلى الدخول في اشتباكات مع المئات من هؤلاء المعارضين.

هذه التطورات المتلاحقة والسريعة في فنزويلا بعد ما لا يزيد كثيراً على شهر من وفاة شافيز، تكشف أن حالة عدم الاستقرار التي كانت متوقعة في فنزويلا نتيجة لرحيل شافيز المبكر، وكان الصراع السياسي على السلطة مدعوما بقوة من الخارج، وهو الصراع الذي تمتد جذوره ويمتد الاستقطاب الخارجي حوله إلى سنوات حكم شافيز، مع فارق شديد هو أن خليفته مادورو صورة باهتة من زعامته ولا يمتلك الكاريزما ولا التاريخ النضالي لشافيز. 

محمد. د

من نفس القسم الوطن