الوطن

تأجيل الانتخابات في الجزائر مرهون بوجود حالة استثنائية

الدستور الجزائري لم يشر إلى كلمة " التأجيل " أو " الإلغاء"

 

  • عامر مصباح: تأجيل الانتخابات يكون في حالة انهيار أمني في البلاد 

مع اقتراب العد التنازلي ليوم الإقتراع لاختيار  رئيس الجزائر المقبل وهو 17 أفريل، يسود الساحة السياسية في الجزائر تساؤلات عن امكانية سير العملية الانتخابية في ظروف باتت تتسم بالإستثناء بالنظر لما يحدث من احتجاجات وشغب ورفض لتجمعات بعض المترشحين أثناء تنشيطهم للحملة الانتخابية، بينما يتساءل البعض عن الحلول الممكنة في حال عدم توفر ظروف مناسبة لإرجاء انتخابات، منها الطرح القائم بإمكانية تأجيل الانتخابات، وفي هذا الصدد، يرى بعض المختصين في القانون الدستوري أنه وفقا للدستور فإن مسألة تأجيل موعد الانتخابات متعلق بوصول البلاد إلى ظروف استثنائية متعلقة بحالة حصار أو طوارئ، أو أعمال شغب واحتجاجات قد تعيق تنظيمها في الآجال المحددة لها، ولا يتشابه الأمر مع قانون الانتخابات الذي يتحدث عن اجراءات التأجيل لكنها لا تتعدى 15 يوما فقط.

 

لا يحدد دستور 2008 في مواده مسألة تأجيل الأنتخابات بشكل دقيق، لكن يربط ذلك بالظروف التي قد تطرء على البلاد مما قد يظطر رئيس الجمهورية لإعلان تأجيلها، في هذا الباب تتحدث المختصة في القانون الدستوري الأستاذة فتيحة بن عبو عن ما يسميه الدستور بالحالة الاستثنائية وفقا للمادة 93 منه التي تنص: " يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها. "، وحسب الأستاذة بن عبو فإن الحالة الاستثنائية تكون لما تحدث أعمال شغب تأخذ أبعادا خطيرة في هذه الحال يمكن للرئيس أن يعلن حالة الطوارئ، ويتم توقيف العمل بالمؤسسات وحتى الإنتخابات ثم تتخذ كل الاجراءات اللازمة لإسترجاع الحالة العادية واستتباب الأمن، وتستند بن عبو في تحليلها للظروف التي يكون فيها تنظيم انتخابات غير ملائم وبالتالي تأجيله، إلى المواد 91 و92 و93 من الدستور، والتي يتحدث فيها المشرع الجزائري عن الحالات التي تكون فيها الضرورة إلى اعلان حالة الطوارئ أو الحصار، حيث ووفقا المادة 91 فإن " يقرر رئيس الجمهورية، إذا دعت الضرورة الملحة، حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة، والوزير الأول، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الوضع. "، ثم تضيف نفس المادة "... ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفـتـيه المجتمعتين معا. " بينما تعلن الحالة الاستثنائية كما سبق ذكره إن كانت البلاد مهددة في أمنها بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها. وفيما يتعلق بالإنتخابات فإن الدستور في هذه المواد لم يشر صراحة إلى كلمة " تأجيل " أو "إلغاء " موعد الانتخابات، لكن حسب الأستاذة بن عبو فإنه يمكن فهم هذا الأمر من مدلول المادة 93، تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية"، لكن المشرع هنا لم يشر إلى المدة المحددة للحالة الإستثنائية، حيث تركها مفتوحة ولم يشدد المادة بالأجل المحدد وترك لصالحب القرار ( رئيس الجمهورية ) الحرية في التصرف وفقا لما يراه مناسبا، لكن كان من المفروض أن يتم تحديده حسب المتحدثة. وتعود الاستاذة بن عبو في شرحها للحالات التي يمكنها أن تكون سبا في تأجيل الأنتخابات أو الغائها، وهي حالة الحصار، الطوارئ والحالة الاستثنائية، إلى التأكيد أن الحالة التي تكون الأقرب لإلغاء الانتخابات أو تأجيلها هي " الحالة الاستثنائية "، حيث إن تغيرت الظروف إلى أعمال شغب، يتم وقف كل المؤسسات الدستورية إن كانت الحالة خطرة، وتشير الاستاذة بن عبو إلى القسم الذي يؤديه رئيس الجمهورية بعد انتخابه والذي يحدد فيه مسؤولية حماية البلاد من أي خطر. أما الحالة الأخرى التي قد تكون سببا في تأجيل الانتخابات، هي تلك التي نصت عليها المادة 141 من قانون الانتخابات، حيث تشير إلى التأجيل لدمة 15 يوما فقط، ولا يكون ذلك إلا لما يحدث طارئ ما مثل      

 " ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة أو ﺣﺪوث ﻣﺎﻧﻊ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ آخر، " وهنا يتم ﻤﻨﺢ أﺟﻞ ﺁﺧﺮ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﺗﺮﺷﻴﺢ ﺟﺪﻳﺪ، وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺠﺎوز هذا اﻷﺟﻞ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ 

 ﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻻﻗﺘﺮاع أو اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ( 15) ﻳﻮﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺬكورة ﻓﻲ اﻟﻤﺎدة 88 ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮر، لكن هذه الحالة حسب المتخصصة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو، لا تدخل في الحالة الاستثنائية التي تتحدث عنها المادة 93 من الدستور. وفي سياق آخر، يرى المحلل السياسي عامر مصباح أن تأجيل الانتخابات كما هو معروف في كافة الاعراف الدولية مرتبط بشرطين اساسيين، هما أولا: أن يحدث انهيار أمني داخل البلاد مهما كانت أسبابه، ويجعل من تنظيم الانتخابات في ظروف حسنة أمرا غير ممكن، وعليه إن تأجيلها يكون الأنسب، وثانيا: إن حدث انقلاب عسكري في البلاد، وهو أمر معمول به في كل الدول، ويشير مصباح في هذا الشأن إلى ما حدث في سنة 1992 عندما تم إلغاء الإنتخابات التشريعية، قبل الدور الثاني منها، ويضيف المتحدث أيضا أنه ووفقا لمبادئ الديمقراطية فإنه إن لم تستوف المشاركة الحد القانوني للتصويت، وإن حدث ذلك يتم الغاء النتائج، وبرغم ذلك يبقى الأمر غير واضح بالنسبة للجزائر. 

مصطفى. ح

من نفس القسم الوطن