الوطن

الجزائر "مترددة" في قبول واشنطن كشريك رئيسي في محاربة الإرهاب

معهد كارنيغي للسلام الأمريكي بعد زيارة كيري

 

أكد معهد أمريكي قريب من إدارة اوباما أن الجزائر شريك أساسي لواشنطن في مكافحة الإرهاب وان كان مترددا وذلك في أول قراءة له لزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الجزائر، التي كانت فرصة لمناقشة التعاون الأمني نظرا إلى تداعيات الربيع العربي والفوضى التي تسبّبت بها أزمة مالي عند الحدود الجزائرية، وتسليط هجوم عين أميناس .

وأوضح معهد كارنيغي للسلام بواشنطن في تقرير له امس بعد زيارة وزير الخارجية جون كيري ان الجزائر وسعت من الاستثمارات طويلة المدى في الهندسة الأفريقية للسلم والأمن، فضلاً عن تعيين بيروقراطيين جزائريين في مناصب أساسية في الأمم المتحدة مثل مكتب الأمم المتحدة لدى الاتحاد الأفريقي، ومكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا (حيث يتولّى جنيت حالياً منصب المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة)، قد تبدو متناقضة مع صورة الجزائر المنعزلة والتي لاتُبدي ارتياحاً للتعاون الإقليمي والدولي. مضيفا قد يقول المتفائلون إن الجزائر تستحق التقدير لدورها في الخطوات التي قُطِعت نحو تحقيق الهندسة الأفريقية للسلم والأمن، على الرغم من أن هذه الخطوات ناقصة ومتزعزعة، كما أنهم يشيرون إلى تشدّد الاتحاد الأفريقي في التعامل مع التغييرات غير الدستورية في الحكم، ونشر قوات تابعة للاتحاد في بعثات لدعم السلام في الصومال ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ويضيف المركز الأمريكي في المقابل، يقول المشكّكون إن وجود الجزائر الطاغي في الاتحاد الأفريقي يندرج في إطار مخطّط مدبّر من أجل تسخير التعاون الأمني الأفريقي ومكافحة الإرهاب بهدف تحقيق مصالح ضيّقة. قد يكون الهدف الأساسي من تعيين جزائريين في المناصب المهمة إبقاء الهندسة الأفريقية للسلم والأمن تحت السيطرة. فقد حلّ اسماعيل شرقي (منذ 2013) مكان لعمامرة في منصب مفوّض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي، وهكذا ظلّ المقعد حكراً على دولة واحدة، في حين انتقلت مناصب المفوّضين السبعة الأخرى في الاتحاد الأفريقي من دولة إلى أخرى، مرّة واحدة على الأقل، خلال الأعوام الاثني عشر الماضية. وبالإضافة الى  ذلك، أطلقت الجزائر، بمعزل عن الهندسة الأفريقية للسلم والأمن، مبادراتها الخاصة في مجال التعاون الأمني بين مايُعرَف بدول منطقة الساحل، مثل القيادة الإقليمية للعمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب ومقرّها تمنراست في جنوب الجزائر.

كما يضيف التقرير ثمة عوامل كثيرة تُخيِّب أمل من يتطلّعون إلى تعاون أمني راسخ في المغرب العربي ومنطقة الساحل، وأفريقيا عموماً، إلا أنه ينبغي على الشركاء عدم الاستسلام لوجهات النظر التشاؤمية عن دور الجزائر في الأمن الإقليمي. فقد التزمت هذه الأخيرة، بصبر وروية، بالاتحاد الأفريقي والهندسة الأفريقية للسلم والأمن، بغض النظر عن دوافعها. إلى جانب الطلب من الجزائر تعزيز انتفاحها الأخير على التعاون الأمني مع جيرانها، لدى المجتمع الدولي كامل الحق في تحدّيها كي تضطلع على أكمل وجه بالدور القيادي الذي تدّعيه لنفسها. وتملك الدول الشريكة، ولاسيما الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، أسباباً وجيهة جداً لقياس إصرار الجزائر على التمتّع بالحضور والسلطة في الاتحاد الأفريقي بالمقارنة مع أدائها والنتائج التي تُحقّقها. يجب أن تشكّل المباحثات على غرار اللقاء بين كيري ولعمامرة الأسبوع الماضي، فرصةً ليس لنقاش التدابير الجزائرية الأخيرة في مجال التعاون الاستراتيجي دون الإقليمي وحسب، بل أيضاً لتقويم التطوّرات والتوقّعات حول التقدّم نحو السلام والأمن عن طريق الهيكليات الأمنية الإقليمية التي استثمرت فيها الجزائر بقوّة طيلة سنوات.

م اميني

من نفس القسم الوطن