الوطن

‎مافيا التهريب تصعّد نشاطها على الحدود الجزائرية-التونسية

الظاهرة باتت تهدد استقرار الجزائر

‎باتت ظاهرة التهريب على الحدود بين الجزائر وتونس إحدى اكبر التحديات التي تواجهها سلطات ومصالح أمن البلدين، لارتباطها بشبكات الجريمة والمنظمات الإرهابية، ولانعكاساتها السلبية على اقتصاد البلدين، لكن ما يرهق الأجهزة الأمنية من حرس الحدود وجمارك وقوات الجيش هو قدرة المهربين على التأقلم مع مختلف الإجراءات التي يتم وضعها للحد من الظاهرة، حيث يلجئون لخطط للإفلات من المراقبة والملاحقة مستمرين في نشاطهم رغم الخطورة التي تهددهم.

لقد اتخذت السلطات الجزائرية إجراءات وتدابير لمحاصرة عصابات تهريب الوقود، انطلاقا من مصادر التموين بمحطات التوزيع العمومية والخاصة، والتي سمحت بانفراج الأزمة قليلا، بعد اقرار تحديد كمية التموين بالبنزين إلى 600 دينار لكل سيارة، و400 دينار للمازوت، و600 دينار للشاحنات من نفس المادة، إضافة إلى إقرار إجراءات ردعية للمحطات المشبوهة بالتعامل مع هذه المافيا، تصل إلى حد تجميد السجل التجاري وسحب رخصة الاستغلال لفترة محددة أو بصفة نهائية إذا ثبت التعامل مع المهربين، قامت السلطات الأمنية كذلك بإجراءات رقابة مشددة وسط محطات التوزيع التي تمركز فيها أعوان الأمن لمراقبة وتصفح وثائق السيارات المشبوهة وتحويلها على جهات التحقيق أو توقيفها بعين المكان في حالة تلبس بإعادة تهيئة المركبات للتهريب بإضافة الخزانات، كما وجهت تعليمات صارمة لتوقف السيارات النفعية التي تتلاعب بلوحات الترقيم أو تحاول طمسها تجنبا للحواجز الأمنية، لكن تطبيقها في الميدان لم يدم طويلا بعد أن اصطدمت ا بحيل ذكية ابتكرها محترفي نشاط التهريب، للإفلات من الملاحقة والاستمرار في النشاط.
 

خسائر كبيرة يتكبدها الاقتصاد

ولمعرفة خطورة ظاهرة التهريب على الاقتصاد، تقدم "المصدر" نقطة من احصائيات لمصالح الدرك الجزائري تذكر انه تم إحباط محاولات لتهريب 15410 لتر من البنزين، و20320 لتر من المازوت، وحجز 48 مركبة كانت معدة لتهريب الوقود، بقيمة مالية بلغت حوالي 18 مليار سنتيم، على مستوى منطقة تبسة، خلال 3 اشهر فقط، بالاضافة إلى مواد أخرى كألياف النحاس ومواد كهربائية والكترونية ومواد التجميل والألبسة البالية.

لا يمر يوم الا ويتم القاء القبض على مهربين على مستوى الحدود بين تونس والجزائر، أو احباط محاولات تهريب لمواد وسلع مختلفة، من الجانبين، وعن ذلك تقول الوحدات الامنية المرابطة بالمنطقة أن حالات التهميش والبطالة وغياب التنمية احدى اهم اسباب اقدام الشباب على المغامرة، لأن المبالغ التي يتلقونها من رؤوس التهريب خيالية، وقال أن السائق العامل 5000 دينار جزائري، ما يعادل 80 دينار تونسي، عن كل عملية ينجح فيه بنقل الوقود من الجزائر إلى تونس، وقد يتساءل القارئ لماذا يلجأ الجميع إلى تهريب الوقود؟ والجواب بسيط، لأن الوقود من المواد المدعمة من طرف الجزائر وغير ذلك في تونس اين يباع بأسعار باهضة، ما يجعل هامش الربح كبير جدا يغري الجميع، ولكم أن تتصوروا الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الجزائري كما التونسي، ولكشف مدى سيطرة بارونات التهريب على سوق الوقود على مستوى منطقة تبسة الحدودية، وتأثير ذلك على تذبذب التوزيع في باقي المناطق وما يسجله الاقتصاد الجزائري من خسائر، قدمت مديرية الطاقة والصناعة لولاية تبسة، ارقاما حول كميات الوقود التي تصل الولاية يوميا لتوزيعها على 51 محطة، حيث تقدر بـ 23 ألف و662 م مكعب، والغالبية تتحصل على 12000 لتر يوميا، الا أن المحطات المنتشر على الحدود تغلق أبوابها على أقصى تقدير عند الساعة الرابعة مساءا بعد نفاد الكميات، على الرغم من أن القانون الجزائري يفرض عليها ضمان عملية التوزيع إلى غاية العاشرة ليلا.

هذه الوضعيات خلقت ازمات عديدة ولعل ابرزها معاناة فلاحي المنطق التي تشتهر بإنتاج القمح والشعير، الزيتون وبعض الحمضيات كما تحتوي على ثروة غابية لا بأس بها في جبالها الشامخة، حيث اثر تهريب الوقود على انتاجهم بعد لجوؤهم في كل مرة لاقتناء الوقود لآلاتهم من السوق السوداء ومن عند المهربين انفسهم، ما جعل التكاليف ترتفع والارباح تنخفض، وهو الامر الذي رفع من اسعار بعض المنتوجات الفلاحية وعزوف عدد من الفلاحين الشباب عن الاستمرار في ممارسة نشاطهم، لترتفع نسبة البطالة وتوسع المساحات الفلاحية المهجورة وانخفاض الانتاج.

سعاد. ب

 

من نفس القسم الوطن