الوطن

"سوسبانس" الرئاسيات يشكل إحباطا نفسيا للجزائريين!

رغم حالة النفور واللامبالاة التي يبديها المواطن من كل ما هو سياسي، أخصائيون يؤكدون:

 

تعيش الجزائر في هذه الفترة ظرفا حساسا بسبب حالة الترقب الموجودة لما ستكون عليه الأوضاع بعد رئاسيات 2014 وحالة الغموض والضبابية التي تكتنف المشهد السياسي، ما أبقى "السوسبانس" موجودا لدى رجال السياسة ورؤساء الأحزاب، هذه الوضعية قابلها المواطن بنوع من اللامبالاة والنفور، فلا ترشح بوتفليقة من عدمه أصبح يعني المواطن ولا جلب صاحب فضيحة القرن عبد المؤمن خلفية لمحاكمته أثار اهتمامه، وبالرغم من وجود حراك اجتماعي متسارع واحتجاجات تظهر هنا وهناك كل يوم، إلا أن هذه الأخيرة تقوم على كل شيء عدا ما تعلق بالسياسة والسلطة، فالمواطن أصبح يكفر بكل ما هو سياسي نظاما ومعارضة، ويأمن ويتفاعل مع مغني "راب" على حساب خطاب صناعي القرار في بلده، ولعل هذه الملامح للحالة الجزائرية كان سببها المباشر الركود الذي يميز أداء المؤسسات السياسية الرسمية والمعارضة، والضيق في الساحة الإعلامية والتخبط في الأداء الاقتصادي، ليزيد الفساد الذي ينخر في كبريات المؤسسات من قتامة المشهد، فبدل أن يطالب الجزائري بمزيد من الحريات والتمثيل والمشاركة السياسية، أصبح يناشد بتوفير أكياس حليب في بلد فاق احتياطي الصرف لديها الـ200 مليار دولار. 
الأخصائية الاجتماعية ثريا تيجاني في حوار مع "الرائد"
الجزائري يريد التغيير لكن لا يبادر به! 
ترى الأخصائية الاجتماعية ثريا تيجاني في هذا الحوار أن المواطن الجزائري ضحية ضغط نفسي كبير سببه الظروف الاجتماعية المزرية لأغلب الجزائريين، زد على ذلك الضغط الموجود موازاة مع اقتراب الرئاسيات، حيث تتشكل العديد من علامات الاستفهام لدى المواطن رغم أنه يظهر غير مبالٍ بالوضعية السياسية، كما قالت الدكتورة تيجاني إن الفرد محب للتغيير، خاصة في حالة الانسداد كما التي تعرفها الجزائر، مؤكدة أنه إن لم يحدث هذا الأخير تكون ردة فعل الفرد إما تدمير نفسه أو تدمير محيطه.
ما هو تشخيصكم للحالة النفسية للمواطن الجزائري؟؟
**الجزائري يعيش ضغطا ليس جديدا عليه، بسبب الظروف ااأجتماعية وعددا من الأزمات منها أزمة السكن وأزمة البطالة، لكن الجديد في الفترة الحالية هو قرب استحقاق مصيري بالنسبة للجزائر وهو الانتخابات الرئاسية، حيث تشكل هي الأخرى ضغطا كبيرا بالنسبة للمواطن، فهذا الأخير يتساءل إن كانت نتائج هذه الرئاسيات ستحل له بعض المشاكل التي يعرفها أم تزيد من هذه المشاكل، خاصة من الجانب الأمني، حيث يعتبر الأمن أهم شرط يسعى الفرد لتوفيره لنفسه ومحيطه، زيادة على المشكل المادي، فقد يتخوف المواطن من المس بمصالحه في حالة تغيير النظام، زيادة إلى ضغط اجتماعي كتغيير المنظومة الاجتماعية التي يكون الفرد مستقرا فيها.
أنتم تكلمتم عن الضغط إن كان هناك تغيير، ماذا إن لم يكن هناك تغيير وبقي نفس النظام؟؟
**نعم في الحالتين سيكون هناك ضغط، فالإنسان بطبيعته دائما ينتظر التغيير وإن لم يحدث ذلك فهذا أيضا يولد له ضغطا، خاصة عندما تبقى الأمور راكدة ولا يرى أن هناك تغييرا للأحسن.
وفي هذه الحالة، ما هي ردة فعل الفرد العادي؟؟
**ردة الفعل تنقسم إلى نوعيين، الحالة الأولى هي تدمير النفس مثل ما يحدث مع بعض الشباب الذين يتجهون للحرقة أو تناول المخدرات وغيرها أو عن طريق تدمير الآخريين بعدة وسائل، منها التخريب وأعمال الشغب مثل ما عرفته الجزائر خلال الثمانينيات، وفي كلتا الحالتين المتضرر الوحيد هو الفرد. 
هناك حالة من فقدان الثقة بين المواطن والسلطة، إلى ما ترجعون ذلك؟؟
**أزمة الثقة الموجودة بين المواطن والسلطة هي نتاج وعود كاذبة، فالفرد يجرب الطرف الذي يتعامل معه مرة أو مرتين وإن لم يرق لتطلعاته تكون ردة الفعل بالنفور، ومن أشكال هذا النفور أزمة الثقة بين المواطن والسلطة وبين الأفراد أنفسهم، الإنسان اجتماعي بطبعه لكن عندما يشعر أن الطرف الآخر الذي يتعامل معه، وهنا هي السلطة لا يقدم له ما يحتاجه يتحول الأمر إلى أزمة ثقة.
تفسيركم النفسي لنفور المواطنين من كل ما هو سياسي؟؟
**الفرد بطبيعته يبحث دائما عن إشباع رغباته وطموحه، والسياسة أصبحت لا تلبي هذا الطموح، فالجزائري اليوم يبحث عن توفير مناصب عمل وتوفير السكن والمأكل والمشرب، وهي حاجات بيولوجية وليست في متناول الجميع ولم يصل بعد للاهتمام بالحاجيات الفكرية منها المشاركة في صنع المشهد السياسي. 
الإشاعة أصبحت هي المتحكمة في مصادر الأخبار بالنسبة للجزائريين، برأيكم لماذا؟؟
**مسألة الإشاعة وتأثيرها الكبير لدى المواطن في هذه الفترة هي مسألة عجز اتصال مؤسساتي وعجز السلطة على تقديم بديل الإشاعة للمواطن بالتحاور معه والتفاعل مع نقاط استفهامه، لكن اللوم كله لا يقع على السلطة بل المواطن يتقاسم جزءا منها كون هذا الأخير بدوره لا يساعد سلطته ويمارس مواطنته بصفة سلبية نتيجة الظروف التي سبق  وأن ذكرناها.
كيف ترون الفعل الانتخابي وبرأيكم هل سينتخب الجزائري؟؟
الفعل الانتخابي في تعريفه هو نوع من أنواع المشاركة السياسية، والآن انتخاب الجزائري من عدمه متوقف على التحفيزات الموجودة والمتمثلة في البرامج الانتخابية أساسا ومدى قدرة المرشحين للانتخابات على إقناع الفرد الجزائري للذهاب إلى الاقتراع، لكن الانتخابات ستكون والجزائري سينتخب في الأخير حتى وإن كان هذا الفعل هو فعلا شكليا ومجردا من محتواه.
ملف من إعداد: سارة زموش

من نفس القسم الوطن