الحدث

الجزائر تباشر "معركة" الدفاع عن فلسطين بمجلس الأمن

جلسة طارئة لبحث خطر التهجير القسري لسكان غزة غدا

يعقد مجلس الأمن الدولي، غدا، وبطلب من الجزائر، جلسة طارئة لبحث خطر التهجير القسري الذي يواجهه سكان قطاع غزة، ليثبت أول مقترح للجزائر كعضو غير دائم بالمجلس، التزامها بجعل قضية فلسطين أولويتها داخل هذه الهيئة، وإصرارها على فضح جرائم الاحتلال الصهيوني، فيما يرى مراقبون أن المقترح الجزائري يعتبر وسيلة ضغط على هذا الكيان المجرم، تتزامن والدعوة القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا على مستوى محكمة العدل الدولية.

أفضت المساعي الجزائرية داخل مجلس الأمن الدولي إلى برمجة جلسة طارئة، غدا، لبحث خطر التهجير القسري الذي يواجهه سكان غزة، في ظل العدوان الصهيوني الذي دخل شهره الرابع على التوالي، وباشرت الجزائر مساعيها الجدية لإسماع صوت فلسطين، بعد تسعة أيام فقط من انضمامها رسميا للمجلس لشغل مقعد غير دائم في عهدة تمتد لسنتين، ما يؤكد التزامها الدائم ومسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني في ظل الظروف التي تشهدها القضية الفلسطينية التي تتعرض للتصفية من قبل الكيان الصهيوني المجرم.

ولم تدخر الجزائر أي جهد للضغط على مجلس الأمن الدولي، ووضعه أمام مسؤولية انقاذ سكان قطاع غزة المحاصر والمستهدف من قبل طيران ومدفعية الجيش الصهيوني منذ ثلاثة أشهر، إنقاذه من خطر التهجير القسري الذي يحاول هذا الكيان ترحيل الفلسطينيين عنوة من ديارهم أراضيهم، لتؤكد أن عضويتها بالمجلس فعّالة وأنها ستصب دائما لصالح نصرة القضية الفلسطينية، وهو ما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في خطابه الأخير أمام البرلمان، حين حذر من "سايكس بيكو" جديدة في غزة، وأبرز أنهم يسعون لترحيل الفلسطينيين، مشددا على أن الجزائر ستظل مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وأنها ستدافع بشراسة عن مبادئ ثورتها وقيم البشرية ولا تتخلى عن الدول الضعيفة، كما أكد الرئيس تبون أن الجزائر خلال عهدتها الحالية في مجلس الأمن الدولي ستواصل العمل مع شركائها الأفارقة، من أجل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، لرفع الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني.

بدوره، كان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف قد أبرز أيضا أن من أولويات الجزائر في مجلس الأمن، دعم القضية الفلسطينية في هذه الهيئة الأممية من أجل زوال الاحتلال، لافتا إلى أن بلادنا لديها أولويات ذات بعد عالمي شامل وأولويات ذات بعد جهوي وأولويات ذات بعد محلي.

رشيد علواش: "مساعي الجزائر بمجلس الأمن تؤكد مركزية القضية الفلسطينية "

وفي تعليقه على دعوة الجزائر، أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية الدكتور رشيد علوش الذي كان يتحدث أمس، على اموج القناة الإذاعية الدولية، أن الدعوة التي تقدمت بها الجزائر لعقد جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الأممي بشأن مخاطر التهجير القسري لسكان قطاع غزة تأتي لتؤكد مرة أخرى على أن القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لها، مشددا على أن تحركات الجزائر في مجلس الأمن تعتبر بالغة الأهمية خاصة في ظل السياقات الحالية التي يروج من خلالها الكيان وحلفائه إلى فتح باب التهجير الطوعي لفلسطين إلى بعض الدول الأوروبية والافريقية في مقدمتها دولة الكونغو الديمقراطية.

وأبرز في السياق ذاته أن التهجير لا يمكن أن يكون طوعيا بل هو قسري في ظل حرب الابادة والتقتيل وتدمير كل مقومات الحياة بقطاع غزة واعتبرها عملية ممنهجة تهدف إلى الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية وذهب إلى القول بأن ما يحدث " يتوافق حرفيا مع خطاب رئيس الجمهورية في البرلمان حينما تحدث عن القضية الفلسطينية قائلا هناك تحضير لسايس بيكو جديد وإعادة تقسيم جديد في منطقة الشرق الاوسط"، كما أوضح أن الدعوة التي تقدمت بها الجزائر لعقد جلسة مفتوحة لمجلس الامن الأممي، تدخل في صلاحيات أي عضو على مستوى مجلس الامن الدولي سواء كان عضوا دائما أو غير دائم بناء على اللوائح الداخلية المنظمة لعمل مجلس الامن الدولي، وأنها تأتي استجابة لطلب دولة فلسطين "العضو المراقب في هيئة الأمم المتحدة " لعقد جلسة مفتوحة على مستوى مجلس الأمن الدولي لمناقشة خطر التهجير القسري.

من جانب آخر، أوضح علواش أن " الأمر هو التزام بالنسبة للجزائر ومسؤولية نحو الشعب الفلسطيني خاصة في ظل السياقات الحالية تجاه القضية الفلسطينية التي تتعرض للتصفية " واعتبرها وسيلة ضغط تمارس على الكيان وحلفائه بالتزامن مع الدعوة القضائية التي رفعتها دولة جنوب افريقيا على مستوى محكمة العدل الدولية، مبرزا أهمية الجلسة من حيث أنها لا تتضمن بيانات تناقش قبل بداية الجلسة وإنما تكون مفتوحة وتكون بمشاركة أعضاء سواء تمت دعوتهم أو رغبوا في الحضور وسجلوا حضورهم مسبقا لدى مجلس الأمن الدولي وأنها ستكون رسمية وتخرج ببيان ختامي.

الجزائر تستحق عضويتها بمجلس الامن بكل جدارة

من جهتهم، أكد دبلوماسيون وقياديون عرب، أمس أن الجزائر، التي انتخبت عضوا غير دائم بمجلس الأمن الاممي، تمتلك المصداقية للعب دور هام في الدفع بعجلة الإصلاح ودمقرطة هذا الجهاز الأممي، بهدف تحقيق الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، وهو ما ذهب إليه عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية "فتح"، عزام الأحمد، الذي صرح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن الجزائر تستحق هذه العضوية بكل جدارة لتمثل ليس فقط العرب، وإنما ايضا القارة الافريقية ودول عدم الانحياز والتي عانت هي الاخرى من ظلم تاريخي في التمثيل وحتى من ناحية تسوية النزاعات الاقليمية، معربا عن قناعته ب"إمكانية الجزائر أن تقوم بهذا الدور الكبير خاصة في ظل الظروف الدولية والحروب المنتشرة هنا وهناك وفي مقدمتها الحرب التدميرية التي يشنها الكيان الصهيوني على الاراضي الفلسطينية، سواء في غزة او في الضفة الغربية، اين يرتكب جرائم وحشية ضد المدنيين الفلسطينيين في ظل صمت دولي مطبق".

 وأكد أنه يتوسم خيرا في امكانية الجزائر اعلاء كلمة فلسطين عاليا في مجلس الأمن، وهو ما أكدت عليه مرارا وتكرارا السلطات في البلاد، وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، او من خلال وزارة خارجيتها، حيث تم التشديد على أن القضية الفلسطينية ستكون اولوية الاوليات اثناء فترة عضويتها باعتبارها أم القضايا، وحيا بالمناسبة، الجزائر بقيادة الرئيس تبون والشعب الجزائري الذي "تتلمذ الفلسطينيون على كلمات رئيسه الراحل هواري بومدين والذي لازالت جملته المشهورة "الجزائر مع فلسطين ظالمة او مظلومة" تتوارثها الاجيال الفلسطينية الواحدة تلو الاخرى"، لافتا الى ان تضحيات الشعب الجزائري التي أدت الى استقلاله هي تضحيات ايضا من اجل دعم ومساندة شعوب الأمة العربية بأكملها، وشدد القيادي في فتح أن الشعب الفلسطيني سيواصل النضال الى غاية إنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بدون استيطان وتكون القدس عاصمتها الابدية.

الجزائر تمتلك المصداقية والثقل لاصلاح ودمقرطة مجلس الامن الدولي

من جانبه، أكد ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا ولدى الامم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، أبي بشراي البشير، أنه "على الرغم من الخلل الكبير في البنية وتوازن السلطات وغياب عدالة التوزيع الجغرافي داخل مجلس الامن، إلا أن الجزائر تمتلك السلطة المعنوية والمصداقية والثقل للعب دور ذي شأن في الدفع باتجاه الاصلاح ودمقرطة هذا الجهاز الأممي، مبرزا أن الجزائر ستعمل أيضا على إعلاء صوت إفريقيا المتطلعة الى لعب أدوار متقدمة، الى جانب المرافعة بقوة عن ميثاق الامم المتحدة وروحها، لا سيما اللائحة 1514 المتعلقة بمنح الاستقلال الى البلدان والشعوب المستعمرة، وتحديدا في فلسطين والصحراء الغربية، حيث تمتلك الجزائر رصيدا مشرفا لا يمتلكه غيرها في هذا الشأن".

من جهته، صرح ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع البعثة الاممية لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو)، سيدي محمد عمار، أن الجزائر تواصل بتوليها هذه المهام "مساهمتها القيمة" في عمل الأمم المتحدة، مذكرا بالعهدات الثلاث السابقة لها في مجلس الأمن (1968-1969 و1988-1989 و2004-2005)، كما ذكر الدبلوماسي ب "الدور المحوري" الذي اضطلعت به الجزائر بعد الاستقلال في مناهضة الاستعمار ودعم الشعوب المكافحة من أجل حريتها واستقلالها في افريقيا وخارجها، فضلا عن دورها الطلائعي ضمن حركة عدم الانحياز لإعادة هيكلة الشؤون الدولية بما يخدم السلم والأمن الدوليين والتنمية الشاملة، على أساس التوازن والمساواة، وثمن دور الجزائر وهي "تمارس دبلوماسية صنع السلام في جوارها وخارجه، وتعمل بتنسيق وثيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، ولا سيما الاتحاد الافريقي"، مؤكدا أن هذه العضوية تشكل "قيمة مضافة كبيرة" لعمل مجلس الأمن، في سبيل احترام وتطبيق القرارات الصادرة بشأن القضايا المسجلة على جدول أعمال أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة، كما أعرب ممثل البوليساريو عن قناعته بأنه ستكون للجزائر بلا شك "مساهمة كبيرة في النقاشات الجارية حول إصلاح منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتحديد"، حيث طالما دافعت الجزائر عن الحق المشروع للقارة الافريقية في تمكينها من الظفر بمقعدين دائمين في مجلس الأمن ورفع حصة تمثيلها في فئة المقاعد غير الدائمة بهذا المجلس من ثلاثة إلى خمسة، وفقا لما ورد في "توافق إيزولويني" و"إعلان سرت".

من نفس القسم الحدث