الحدث

مبادرة الجزائر.. رؤية شاملة لنشر السلم بالمنطقة

خارطة طريق لحل سلمي للأزمة في النيجر

عكست مبادرة رئيس الجمهورية لحل الأزمة بالنيجر التي عرض وزير الخارجية أول أمس أهم محاورها، نظرة الجزائر الشاملة الرامية لترسيخ مبدأ السلمية في حل الأزمات وتغليب لغة الحوار، بعيدا عن العنف والتدخل العسكري، وأثبت مقاربة الجزائر حرصها الدائم والثابت على إشراك جميع الأطراف المتنازعة للخروج بحل يرضي الجميع ويضمن حفظ أمن واستقرار النيجر والمنطقة ككل.

تواصل الجزائر بذل جهودها الحميدة لحفظ السلم والأمن بالقارة السمراء ومنطقة الساحل، من خلال إطلاق مبادرات ترمي بالدرجة الأولى لتغليب الحلول الدبلوماسية والسياسية، وإسكات صوت السلاح، ولقد أثبتت المحاور الستة التي ترتكز عليها مبادرتها الأخيرة لحل الأزمة بالنيجر والتي كشف عنها أول أمس رئيس الدبلوماسية الجزائرية أحمد عطاف، عن بعد نظر الجزائر واحترافيتها في تقديم البدائل والحلول لمثل الأزمات التي تشهدها الجارة النيجر، فأغلب بنود المبادرة تركز على إقرار السلم وتغليب الحوار، كما حرص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لدى طرحه للمبادرة على جعلها تفاعلية تشرك من خلالها جميع الأطراف المتنازعة للوصول في الختام إلى حل يرضي الجميع.

ووفق الشروحات التي قدمها وزير الشؤون الخارجية أول أمس، فإن المحور الأول الذي تقوم عليه المبادرة الجزائرية، يتمثل في تعزيز مبدأ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية، كون الجزائر تعتبر نفسها الحافظ المعنوي والسياسي والأخلاقي لمبدأ التغييرات غير الشرعية، من منطلق مبدأ رسّخ في القمة الإفريقية التي احتضنتها الجزائر سنة 1999، حيث أضاف عطاف أن بلادنا ستبادر في القمة المقبلة للاتحاد من أجل تعزيز هذا المبدأ وتجسيده على أرض الواقع من أجل وضع حد نهائي للانقلابات، في القارة السمراء.

ولم تحد المحاور الخمسة الأخرى عما تضمنه المحور سالف الذكر، فقد قال عطاف إن الجزائر قد اقترحت تحديد فترة ست أشهر لبلورة وتحقيق حل سياسي من أجل العودة للنظام الدستوري في النيجر، وهي فترة كافية للاستماع إلى جميع الأطراف، حيث يدعو المحور الثالث من المبادرة الجزائرية لوضع ترتيبات سياسية للخروج من الأزمة الهدف منها صياغة ترتيبات سياسية بموافقة جميع الأطراف دون إقصاء لأي جهة، وتكون تحت إشراف سلطة وطنية توافقية تتولاها شخصية وطنية بقبول جميع الأطراف في النيجر، كما يحرص المحور الرابع على منح جملة من الضمانات، حيث تعتمد المقاربة السياسية على تقديم الضمانات لكل الأطراف وقبولهم من كافة الفاعلين في الأزمة.

وتبرهن الجزائر مجددا حرصها على الحلول التشاركية التي لا تستثن أي طرف، وهو ما ركز عليه المحور الخامس من مبادرة الرئيس تبون، الذي شدد على اعتماد مقاربة تشاركية من أجل ضبط تلك الترتيبات، وعرضت الجزائر خدماتها للقيام بمشاورات حثيثة مع كل الأطراف التي تدعم الحل السلمي التي ستكون في 3 اتجاها وهي داخليا مع كل الأطراف وجهويا مع دول الجوار ودوليا مع البلدان التي تتبنى المساعي السلمية، لتدعو في الختام إلى تنظيم مؤتمر دولي حول التنمية في الساحل بهدف حشد التمويلات اللازمة لتجسيد برامج تنمية في المنطقة ما يضمن الاستقرار والأمن بالقارة.

وباقتراحها لهذه المبادرة السلمية، ترمي الجزائر للحفاظ على الأمن والسلم القاري، وتجنيب النيجر حربا هي في غنى عنها، بعيدا عن البحث عن المزايدات أو الحصول على امتيازات دبلوماسية، ليبقى الرهان الأكبر الذي ينتظر المبادرة الجزائرية هو إقناع الأطراف المدافعة عن الخيار العسكري لتجنيب المنطقة انزلاقات لا تعرف نتائجها.

وفي تعليق على المبادرة الجزائرية لحل الأزمة في النيجر، أجمع خبراء ومختصون أفارقة في الشأن السياسي على أنها بمثابة خارطة طريق تؤسس للحل السلمي وتقدم ضمانات كافية لديمومته.

وفي هذا الصدد أكد الكاتب الصحفي النيجري حبيب بوري للقناة الإذاعية الأولى على أهمية المبادرة الجزائرية مضيفا بالقول "المبادرة الجزائرية مهمة جدا وجاءت في الوقت المناسب لأنه كان هناك فراغ سياسي ودبلوماسي كما تكمن أهميتها في أنها وضعت لحل الأزمة خارطة طريق.."

من جانبه ثمن المدير التنفيذي لإتحاد علماء إفريقيا عمر بامبا مبادرة الجزائر الرامية إلى وضع أسس الحل السلمي للأزمة بالنيجر مؤكدا أنها ستقدم ضمانات كافية لكل الأطراف بما يكفل ديمومة  الحل السلمي.

واسترسل المتحدث ذاته بالقول "هذه المبادرة تأتي أولا لتعزيز مبدأ عدم شرعية  التغييرات غير الدستورية ووضع الترتيبات السياسية للخروج من الأزمة  وستقدم الضمانات الكافية حسب قراءاتي  لكل الأطراف بما سيكفل ديمومة  الحل السياسي مع عقد اتصالات  ومشاوارت حثيثة مع كل الأطراف المعنية."كما رجح المدير التنفيذي لإتحاد علماء إفريقيا عمر بامبا تنظيم مؤتمر دولي حول الأمن والتنمية في المنطقة على اعتبار أن هذه المبادرة لها أهمية كبيرة في منطقة الساحل بأسرها .  

من نفس القسم الحدث