الوطن
التكفل النفسي بمترشحي "الباك" و"البيام".. خطوة لتفادي الصدمات
موازاة مع إطلاق الوزارة لدورات تكوينية تخص مستشاري التوجيه
- بقلم مريم عثماني
- نشر في 12 ماي 2023
مع بدء العد التنازلي لامتحانات شهادتي "البكالوريا والبيام"، باشرت مديريات التربية في تنظيم أيام تكوينية لمستشاري التوجيه والإرشاد حول دور المستشار "كأخصائي نفساني في مراكز الإجراء"، وتسليط الضوء على الصدمات النفسية وطرق تدخل المستشار في مراكز الإجراء، وكيفية مساعدة الممتحنين على تطبيق طرق وتقنيات الاسترخاء، كما نُظمت على مستوى المؤسسات التربوية جلسات مع الممتحنين بهدف تهيئتهم لخوض هذه الامتحانات في أحسن الظروف.. يحدث ذلك في ظل تسجيل غيابات بالجملة للتلاميذ بالنظر إلى عزوفهم عن الدراسة منذ انطلاق الفصل الثالث.
الأيام التكوينية التي انطلقت في عدة ولايات، عرفت مشاركة مفتشي التربية ومستشاري التوجيه، في إطار مرافقة التلاميذ المترشحين للامتحانات الرسمية ومساعدتهم على اجتياز الامتحانات في جو مناسب، خاصة أولئك الذين يعانون من حالات انفعالية تعيق أداءهم وتقلل من فرصهم في النجاح، وسعيا لتوحيد عملية التدخل والتكفل النفسي من طرف مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني، تم تكوينهم على ضرورة إخضاع العملية المنهجية إلى عمل تحترم فيه الأساليب العلمية التي تضمن سلامة التدخل النفسي ونجاعته.
وفي هذا الإطار، يلتزم كل مستشار بإعداد مباشرة بعد الامتحان تقرير إجمالي مفصل عن التدخلات التي قام بها ويرسل لاحقا إلى مديرية التعليم الثانوي العام والتكنولوجي، ومنه، تقوم مراكز التوجيه المدرسي والمهني بإرسال الحصيلة الولائية لعملية التدخل التقني والتكفل النفسي في مراكز الإجراء بناء على الحصيلة الإجمالية المقدمة من طرف مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني.
كما تم تحضير المستشارين حول كيفية التدخل والتكفل النفسي لصالح التلاميذ في مراكز إجراء الامتحانات الرسمية، سيما لصالح التلاميذ المترشحين الذين يُظهرون حالات انفعالية ونفسية، وكذا كيفية المرافقة النفسية للتلاميذ المترشحين أثناء اجتياز الامتحانات الرسمية وتقديم الدعم والتشجيع، والتحفيز والمساعدة النفسية للتلاميذ الذين يلاقون صعوبات نفسية (قلق، إجهاد ....)، مع أهمية إحصاء الحالات وطبيعتها لتقييم التدخل .
ويلتزم المستشارون بحضور الاجتماع التنسيقي والتحضيري للامتحانات الرسمية بعد استلام الاستدعاء من طرف رئيس مركز الإجراء، والاتصال المباشر برؤساء الأقسام بهدف التنسيق لضمان سرعة التدخل، والتحويل المباشر للحالات الملاحظة إلى العيادة تفاديا لتضييع الوقت والتشويش على باقي المترشحين من خلال التدخلات الفردية التي كثيرا ما يحاول الحراس والملاحظين القيام بها بنية مساعدة التلاميذ، وفي حالة عدم تمكن المستشار حضور الاجتماع التحضيري يمكنه تدارك الأمر بالاتصال المباشر والتنسيق قبل الانطلاق الرسمي للامتحانات.
وتم التأكيد في هذا السياق على أهمية التعرف على الطاقم الطبي ( طبيب، ممرض) والتنسيق معه من أجل تدخل سريع وناجع، وإعطاء الأولوية للتدخل الطبي لاستبعاد الجانب العضوي وتبديد الأعراض الجسدية / السوماتية( Symptômes somatiques ).
التركيز على آليات التكفل النفسي بمراكز الامتحانات
وركزت التكوينات على آليات التدخل، حسب المفتشين المكونين، علما أنه لا يوجد أسلوب أو تقنية محددة تضمن التدخل النفسي، بل الأمر راجع إلى كفاءات المستشار في المقابلة نصف الموجهة ومدى تمكنه من التقنيات وأساليب التعزيز والتحفيز، لتبقى آلية التوظيف الأمر الأهم حسب الظرف والحالة، مع أخذ عامل الوقت بعين الاعتبار.
ومن بين أهم التقنيات، نسجل الاسترخاء المختصرة، وتقتصر على تمارين التنفس والتمارين العضلية مع إلغاء تمارين التأمل لضيق الوقت، إضافة الى أهمية الحديث الايجابي مع المترشح الذي يخلو من المعاني السلبية وأسلوب النفي مثلا "أنت لم تفهم، أنت متردد.."، و فسح المجال للتلميذ للتعبير عن حالته كما يشاء، ويقتصر التدخل على الرد بإيجابية على انشغاله ومساعدته على استذكار مساره الدراسي وخاصة جهوده المبذولة في التحضير والعمل مثل "أنت قادر"، "أنت مستعد" "الأمر ممكن"، مع استعمال صيغة المضارع لأن الدماغ يفكر في الحين والآن.
كما تم التركيز خلال عمليات التكوين على تقنية سلة المهملات Technique de la poubelle ) وهي من تقنيات التفكير الإيجابي، حيث يدعى المترشح إلى كتابة كل أفكاره السلبية في ورقة مثلا "أنا لا أستطيع التركيز" "أنا لا أملك الإجابة" "أنا فاشل".. ثم يُطلب منه تمزيق الورقة ورميها في سلة المهملات لعدم رضاه عن ما كتبه، ثم يُطلب منه مجددا كتابة ما يريد أن تكون عليه حاله مثلا "أنا أستطيع التركيز" "أنا أستطيع الإجابة" " أنا مستعد أنا واثق أنا ناجح"، وستسمح هذه التقنية بالإيحاء الايجابي La suggestion positive) وكذلك استعادة السلاسة العضلية في الكتابة وتحرير التشنج العضلي الناتج عن الضغط.
في الوقت ذاته، عرفت عدة مؤسسات تربوية بعدة ولايات، تنظيم عمليات تكوينية ودورات تكوينية ضمن التحضير النفسي للامتحانات، بمشاركة أساتذة مختلف المستويات، مستشاري التوجيه نفسانيين، أولياء، تلاميذ، تمحورت حول موضوع "سيكولوجية التفاعل مع ورقة الامتحان ".
وفي هذه الصدد، ترى المفتشة التربوية المختصة في تقويم النظام التربوي، زهرة فاسي، في تصريح لـ"الرائد"، أن التحضير للامتحانات الرسمية له شقه البيداغوجي والنفسي والاجتماعي، ففي الجانب البيداغوجي، يكون الاستعداد السليم للامتحانات الرسمية طيلة السنة الدراسية من الدخول المدرسي إلى تاريخ الإجراء، وليس في الشهر الأخير، وذلك من خلال الحضور المستمر اليومي وعدم الانقطاع عن متابعة البرنامج، وهو ما يؤهل التلاميذ على التحكم في الدروس والمقرر الرسمي ، وتأسفت فاسي عن قيام تلاميذ السنة الثالثة ثانوي بهجرة الأقسام ابتداء من شهر مارس بحجة تحضير البكالوريا خارج الثانويات عن طريق الدروس الخصوصية.
ضرورة الراحة النفسية بالوسط العائلي والابتعاد عن الهواتف
أما نفسيا، أكدت المفتشة التربوية، بأن ذلك يرتبط بأمزجة التلاميذ وراحتهم الفكرية ومدى استعدادهم الجيد للامتحانات وتحكمهم في المراجعة والمعلومة والعكس يؤدي إلى القلق والاضطراب النفسي، وشددت على أهمية الاهتمام بالمراجعة الذكية الجماعية مع فوج من الزملاء لتبادل التجارب وتصحيح الأخطاء والهفوات جماعيا، مع أهمية تفادي المراجعة الفردية حتى لا يحتار التلميذ في حالة نقص الدروس أو صعوبتها، وكذا الابتعاد عن الهواتف النقالة قدر الإمكان وعدم السهر بل المحافظة على ساعات النوم لأن السهر يضعف الذاكرة.
وشددت المتحدثة، على أهمية توفير الظروف الملائمة داخل الأسرة، وحث الأولياء على تجنب كل أساليب الضغط على أبنائهم خاصة ظهورهم مرتبكين مرعوبين مع اقتراب موعد الامتحانات، مع أهمية عزل التلاميذ عن الضغط الخارجي أثناء المراجعة وعدم تكليفهم بأمور أسرية، مؤكدة على أهمية المحافظة على الهدوء والمكان المُريح وقطع الاتصالات الهاتفية المستفسرة عن حالة الممتحن وظروفه وجو المراجعة، بل إبعاده عن ضغط الأقارب والجيران والفضوليين والحث على الخروج في نزهة من حين لآخر بين أحضان الطبيعة أو شاطئ البحر.
من جهته، أكد رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، على ضرورة المرافقة والتحضير النفسي للتلاميذ في إطار الاستعدادات للامتحانات، مشيرا إلى أن الأولياء مطالبون بمرافقة الأبناء من خلال توفير الجو الأسري للأبناء بعيدا عن المشاكل والضغوط كما يكمن في توفير الجو المناسب سواء من حيث توقيت المراجعة وتنظيم الوقت اليومي بما يبعد القلق عن الأبناء إضافة إلى عدم إعطاء الامتحان حجم التهويل وجعله بمثابة بداية ونهاية الكون.
وذهب يقول في هذا السياق "مرحلة ما قبل الامتحانات تتطلب إجراء الأبناء للتطبيقات حتى يتعودوا على نموذج الامتحان من جهة، ومعرفة مواطن الخلل حتى يتفادوها والتمييز بين مواد الحفظ و مواد التطبيق"، ودعا الأولياء إلى أن يتعاملوا مع الظرف بشكل طبيعي ولا يهولوا الأمر.
أما على مستوى المدرسة أو الوزارة، عبر ممثل المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ عن استيائه من ظاهرة عزوف التلاميذ عن الدراسة في مرحلة تتطلب مرافقة الأساتذة بشكل كبير، وحسبه فإن وزارة التربية لم تتعامل مع الظاهرة بواقعية .