الحدث

"أطفال بذكاء خارق يعيشون العزلة"

أولياء مرضى التوحد يروون لـ"الرائد" معاناة أبنائهم من نظرة المجتمع وسوء التكفل

يميلون للعزلة سلوكياتهم غير متوقعة وقدرتهم في التواصل الاجتماعي تكون منعدمة هم شريحة المصابين باضطراب طيف التوحد يعانون وأوليائهم على مدار السنة بسبب نظرة المجتمع التي لا تزال لا تفهم جيدا ماهية هذا الاضطراب واعراضه وكيفية التعامل معه وهو ما يجعل اولياء هؤلاء الاطفال هم ايضا يعيشون العزلة الاجتماعية ويحاربون من أجل  تغيير نظرة المجتمع لأبنائهم وتحسين التكفل بهم وتوفير الرعاية الصحية والمتابعة النفسية لهم.

وخلال اجراءنا لهذا الملف صادفنا العديد من حالات لأولياء لديهم أبناء مصابين بطيف التوحد يروون معاناتهم مع هذا الاضطراب وكيف يحاولون جاهدين التغلب وابنائهم على اثارته السلبية مجتمعيا ونفسيا وصحيا.

أسماء هي أم لطفلة تبلغ من العمر 5 سنوات اسمها ماريا  شخصت باضطراب طيف التوحد منذ حوالي سنتين تقول في حديث لها مع "الرائد" "في السنتين الأوليتين من ولادتي لابنتي لاحظت تأخرها في كل شيء تأخرها في التسنين والجلوس والحبو وحتي المشي، اعتقدت الأمر طبيعي ولا يعدو أن يكون مجرد تأخر وتفاوت عادة ما يسجل بين الاطفال" غير أنه وببلوغها سنتها الثالثة لاحظت تأخر ادراكي " فقد كانت لا تستجيب عندما أناديها، نظراته دائما شاردة وكأنها تعيش في عالم لوحدها كما انها ترفض الاقتراب من اي شخص أو اللعب مع أقرانها" وتضيف اسماء "وبعد عرضها على مختصين تمّ تشخيص مرضها على أنه التوحد" وتواصل والدة ماريا  "في البداية لم أستطع تقبل المرض فهي ذكية عندما تكون تلعب بمفردها لكن سلوكياتها مع الاطفال احيانا تكون عدوانية كما انها تتعلم بسرعة وهو ما استغللته فمنذ بدء علاجها منذ حوالي سنة ونصف أحاول أن اعلمها مهارات جديدة وألاحظ انها تستجيب معي لكن لا تزال تتصرف ببعض الغرابة في بعض المرات"

أما "أنيس"  فهو طفل يبلغ من العمر 7 سنوات، لاحظت والدته في سن الثانية أنه لا يتحدث معها ولا يشعر بوجودها فعالمه مرتبط بجهاز التلفزيون يتحدث مثل الرسوم المتحركة،  تناديه باسمه فلا ينتبه إليها فاعتقدت والدته أن  بطيء الاستجابة فقط فعرضته على طبيبة أطفال والتي طالبتها بإخضاعه لبعض الفحوص العضوية لكن كل النتائج أثبتت سلامته العضوية، لتحوله إلى مختصة نفسانية ليتم تشخيصه باضطراب طيف التوحد تقول أم أنيس أنه منذ ذلك الحين تعقدت حالته أكثر وبات اكثر انطوائية واحيانا يقوم بتصرفات عدوانية وهو ما سبب لها معاناة حقيقة خاصة عندما رفضت المدرسة الابتدائية التي في حيها استقباله بحجة سلوكه العدواني مع اقرانه من الاطفال وهو ما حرمه من الدراسة، تؤكد والدة "أنيس" انها لم تتمكن أيضا من ايجاد مرافقة اجتماعية لابنها لترافقه لمقعد الدراسة وهو ما زاد من تدهور حالته على حسب رايها وتأخر قدراته الادراكية مضيفة أنها التكفل الصحي عبر المراكز الخاصة مكلف جدا بينما يوجد مركز وحيد للتكفل بالعاصمة وهو غير كافي. وتشير الحالات التي صادفناها خلال بحثنا  إلى غياب الوعي بمرض التوحد لدى العائلات الجزائرية، والذي يدفع الغالبية إلى الاعتقاد بأن الأمر لا يعدو كونه مشكلة عارضة ستزول بمرور الوقت، أو أن الانعزالية ستزول بمجرد التحاق الطفل بالمدرسة، واحتكاكه بزملائه، وهذا الاعتقاد الخاطئ يفوت على الطفل المصاب بالتوحد فرصة الرعاية المبكرة، ويزيد من صعوبة العلاج والتخفيف من آثار التوحد على حياة الطفل وعلى مساره الدراسي والاجتماعي.

من نفس القسم الحدث