الحدث

القنوات التلفزيونية الجزائرية في رمضان.. بحث عن موطئ قدم

رغم التنافسية التي تفرضها نظيراتها العربية

مع حلول الشهر الفضيل، يتوق الجزائريون لمشاهدة الإنتاج التلفزيوني الوطني، الذي تبثه مختلف القنوات العمومية والخاصة، والتي تحاكي مضامينها يومياتهم وانشغالاتهم وهمومهم دراميا، فتشرع منذ اليوم الأول هذه القنوات في بثّ إنتاجاتها المخصصة للعرض هذه الفترة من السنة، وتحرص كل الحرص على أن تكون حاضرة بأعمال تغطي على غياب إنتاجي يدوم 11 شهرا كاملا، وذلك بسبب طبيعة الأسرة الجزائرية التي تحاول بدورها العودة إلى ما تقدمه شاشات التلفزيون الجزائري من أعمال جديدة بعيدا عن تلك التي تروج لها القنوات العربية الأخرى والفضائيات المتعددة والتي يمكن العودة إليها في وقت لاحق بعد انقضاء هذه المناسبة الدينية، هذا الاهتمام حفز القائمين على القنوات التلفزيونية الجزائرية ما يجعلها كمؤسسات إعلامية قد ضبطت عقارب ساعتها مع الحدث بحثا عن موطئ قدم لشدّ الجمهور طيلة أيام الشهر ولما بعد.

      بحث عن موطئ قدم

على عكس السنوات السابقة مع بداية فتح القطاع السمعي البصري في الجزائر وظهور قنوات تلفزيونية خاصة أين كان يجد المشاهد نفسه "مجبر" على متابعة ما تقدمه هذه القنوات بحثا عن أعمال مغايرة لما اعتاد عليها لسنوات طويلة سواء في الفضائيات العربية الأخرى التي لا تقدم البيئة الجزائرية في عروضها أو حتى التلفزيون العمومي الجزائري الذي كان إلى وقت قريب يكرس نفسه سنة بعد أخرى، هذه السنة حاولت القنوات التلفزية الجزائرية العمومية والخاصة ضبط أجندة أعمالها الخاصة بالبثّ خلال الموسم الرمضاني بشكل مبكر، وضبطت معه خطة التسويق التي قادها الممثلون عبر صفحاتهم الرسمية على منصات "السوشيال ميديا" فشرع قبل أسابيع هؤلاء في الترويج للأعمال التي يشاركون فيها والتي سيطلون من خلالها على المشاهد الجزائري على مدار 30 يوميا ضمن خطة مسبقة ترتكز على التسويق والدعاية، وهي سابقة في الجزائر.

فكما هو معلوم في الجزائر يبقى الإنتاج التلفزي على تعدده وتنوعه شبه غائب عن تقديم أي جديد للمشاهد، بل إن البعض يكاد يجزم أن القائمين على البرمجة لا يبذلون أي جهد لمحاولة ثنيه عن تتبع ومشاهدة ما تقدمه الفضائيات العربية الأخرى من أعمال طيلة 11 شهر، لكن حين يتعلق الأمر بمناسبة مثل حلول شهر رمضان يصبّ هؤلاء كل جهودهم وميزانياتهم لصالح استقطاب أكبر عدد ممكن من المشاهد الذي يبقى متعطشا للاطلاع على أعمال محلية تحاكي الواقع المعاش فلا يجد إلا مناسبة مثل رمضان لملأ هذا الفراغ.

ويؤكد مهنيون أن القنوات التلفزيونية الجزائرية لم تروج لشبكتها البرامجية الخاصة برمضان 2023 كما يليق بالأعمال التي ستبث عبرها، إلا أن ما وقفنا عليه خاصة القنوات التي تصنفها مراكز سبر الآراء ضمن فئة الأكثر مشاهدة في الجزائر ينذر بموسم إنتاجي مهم، يبعدنا عن الصورة النمطية التي اعتدنا عليها قبل سنوات قليلة وهي الكم على حساب النوع.

      حصّة لافتة للكاميرا الخفية

ككل رمضان تعود برامج "الكاميرا الخفية" أو "المقالب" لتكون في صدارة الأعمال التي تقدمها القنوات ضمن شبكاتها البرامجية، ولأجل ذلك حرصت جلّ القنوات التلفزيونية الخاصة على تحضير هذا النوع من الأعمال، في انتظار ما ستكشف عنه من مقالب وأحداث طالما كانت في قلب النقاش، بل إن الكثير منها حرك سلطة الضبط التي بدورها تؤكد متابعتها لكل صغيرة وكبيرة تقدم خلال هذه الفترة من السنة من أعمال.

ويؤكد مهنيون أن الكاميرا الخفية تعتبر من بين الحصص التي تحقق أعلى نسب مشاهدة خاصة وأنها تبثّ في وقت الذروة خلال الشهر الفضيل، بعد يوم صيام قائض وتعب يجد المشاهد الجزائري نفسه أمام مشاهد تحبس الأنفاس، لهذا فهي تعتبر من بين البرامج المطلوبة بكثرة لدى القنوات التلفزية في الجزائر وفي غيرها من الدول، لهذا يرى هؤلاء أنه لا مناص من تواجدها، غير أنهم يؤكدون على ضرورة أن تكون هذه الأعمال في إطار محترم وبعيد عن أي انزلاق خاصة وأن المشاهد لمستوى أداء القائمين على الكاميرا الخفية وبرامج الكوميديا في الجزائر يلحظ تراجعا كبيرا في زوايا عدة من هاته الأعمال، وأبرزها ما تعلق بمحتوى السيناريو الذي انهار في سلَّم الأخلاق في سبيل إضحاك المشاهد وهو ما لا نأمل مشاهدته هذه السنة.

      ماذا عن الدراما؟

بالنسبة للأعمال الدرامية، ضبطت جلّ القنوات التلفزيونية الجزائرية العمومية منها والخاصة أجندة عروضها على أعمال يمكنها أن تستقطب اهتمام المشاهدين من أول الحلقات، يتقدم هذه الأعمال مسلسل "حارة الشهداء" للمخرج مهدي سفيان تسابست الذي سيعرض على قنوات التلفزيون الجزائري العمومي وهو من إنتاجه، ويعتبر أحد أبرز المسلسلات التي ينتظرها المشاهدون، ويشهد المسلسل مشاركة الممثل رشيد بن قذيفة، والنجمة بهية راشدي، التي غابت عن الشاشة خلال مواسم ماضية، إضافة إلى الممثلة خديجة مزيني والفنان زهير بلحر وأسماء محجان والفنانة تينهينان التي تعود أيضاً هذه السنة بعد غياب طويل، والممثل المعروف ابن المسرح عبد الله جلاّب.

أما قصة العمل فتدور حول التراث وتطرح أيضا إشكالية الصراع بين الأجيال، كما أنّ العمل يصور جزء كبير منه بمدينة مليانة، وتكون مشاهد أخرى منه بمدينتي وهران والجزائر العاصمة.

وعمل "عائلة موسوس" الذي يعود من خلال المخرج جعفر قاسم إلى الشاشة الصغيرة وإلى السباق الرمضاني حيث سيبث العمل على قناة "سميرة تي في" الخاصة، ويضم العمل كوكبة من نجوم الفكاهة على غرار عثمان بن داود بطل سلسلة "الجمعي فاميلي" و"عاشور العاشر" إلى جانب رميساء غزالي، نوارة براح وسامية مزيان والممثلة الشابة أسماء محجان.. وغيرهم.

عمل "أحوال الناس 3" من بين الأعمال التي ينتظرها الجمهور الجزائري أيضا إذ يرجح أن يستقطب الجزء الثالث من الدراما هذه اهتمام الجمهور الذي سبق له وأن وجد عملا مميزا في موسميه السابقين، خاصة وأنه يضم نجوم الصف الأول أمثال نضال السعدي وفتحي الهداوي من تونس، يحيى سمارة، ياسمين عمارة، كنزة مرسلي، علي شرف المعروف بشخصية "رجلاوي" في السلسلة الفكاهية عاشور العاشر لجعفر قاسم.. وغيرهم.

مسلسل "أخ البنات" بدوره سيكون في خانة الأعمال الدرامية التي ينتظرها المشاهد الجزائري، وهو مسلسل سيبثّ عبر شبكة قنوات "الشروق" الخاصة، وهو عمل من إخراج عبد القادر جريو وسيناريو مشترك مع الممثل محمد خساني.

إضافة إلى أعمال أخرى سنعود إليها بالتفاصيل في قادم الأيام عبر صفحات الجريدة.

      أصحاب الريادة

يتفق الكثيرون على أن أكثر الأعمال التي تستقطب المشاهد الجزائري في مثل هذه الفترة من السنة هي برامج الطبخ، التي تتنافس القنوات التلفزيونية على التعاقد مع أكثر الطباخين شهرة من أجل تقديم حصص يحاولون من خلالها كسب المشاهدين أكثر والفوز بحصة الأسد لدى مؤسسات سبر الآراء للتفوق على قناة أخرى وبرنامج آخر، وفي هذا الصدد رصدت أغلب القنوات التلفزيونية في الجزائر ميزانيات ضخمة للتعاقد مع أشهر الأسماء المعروفة في عالم الطبخ في الجزائر لتسجيل حصص وبرامج ستزين الفترة الصباحية ضمن الشبكة البرامجية لهؤلاء عدا تلك التي تقدم في القنوات التلفزية المتخصصة في الأصل في الطبخ والتي وضعت برامج تراوحت بين حصص الطبخ، وأخرى تنافسية بمشاركة فنانين ومؤثرين ورياضيين ومشاهير آخرين.

      التلفزيون العمومي إنتاجات نوعية موجهة لكل أفراد الأسرة

يبقى الرهان هذه المرة على المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري التي ضبطت كما سبق وأن أشرنا في أعدادنا السابقة برنامجا ثريا ومتنوعا يتضمن مسلسلات درامية اجتماعية، برامج دينية وفكاهية وحوارية بالإضافة إلى المنوعات وبرامج مخصصة لفن الطبخ وللأطفال لتلبية أذواق الجمهور، حيث ستعرف الشبكة البرامجية للتلفزيون الجزائري هذه السنة تقديم عبر مختلف قنواته، مجموعة ثرية من الأعمال الدرامية وتضم السلسلة الاجتماعية "الدامة" للمخرج يحي مزاحم، "حارة الشهداء" للمخرج مهدي تاسابست، "آسيف نتزيزوا" سلسلة بالأمازيغية للمخرج إدريس بن شرنين، و "ايزورن" لبوبكر سليمان.

ويقترح التلفزيون الجزائري يوميا في إطار الشبكة البرامجية للشهر الفضيل مجموعة انتاجات من نوع السيتكوم على غرار "العمري والعمرية"  للمخرج حكيم بوداية، "قراجنا" لحسين مزياني، "ضرة في الدشرة" للمخرجة نيلدا أوزيالا، "اسعاف كوم" إخراج مهدي تاسابست، "ماينا" للمخرج وليد بوشباح، و "يما تعزيزت" للمخرج طارق شعلال.

كما جرت العادة خلال شهر رمضان المعظم من كل عام  برمج التلفزيون الجزائري الكاميرا الخفية "ما تزعفوش عليا" و لقاءات تستضيف فيها وجوه فنية لاستحضار ذاكرة الفن الجزائري الأصيل على غرار "جاركا"، "سهراتنا"، "صحا رمضانكم"، "عشية رمضان"، "سفر"، و "ايمغي نتودرت"، من جهة أخرى  سيبث التلفزيون الجزائري العديد من البرامج الحوارية ضمنها "استوديو أف أم"،  "رضمان شو"،  "صحا صحوركم"، "راكم في البال مع كمال" من تنشيط الممثل كمال بوعكاز.

وأعد التلفزيون الجزائري مجموعة متنوعة من البرامج الخاصة بالطبخ ضمنها "الف بنة وبنة"، و "البنة في تحويسة"، الذي يروج للموروث الثقافي و للو جهات السياحية الجزائرية.

من نفس القسم الحدث