الحدث

القطيعة مع "التزلف"

لعل من ابرز ما تضمنه بيان مجلس الوزراء المنعقد أول أمس الاثنين، هي الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى الطاقم الوزاري، وبالأخص أعضاء الحكومة الجدد، والتي تضمنت تعليمات واضحة بالابتعاد عن "الابتذال في مدح برنامج الرئيس"، والتي أضحت صورة نمطية تعيد إلى الأذهان "زمن الشيتة" والتزلف التي طبعت العهد السابق.

لقد تحول التملق والتزلف في فترة الرئيس السابق "الراحل" إلى "علامة مسجلة" لدى العديد من المسؤولين والسياسيين وحتى رجال الأعمال آنذاك، إلى درجة أنها كانت دوما تثير سخرية الشارع، لاسيما بعد أن أصبح "الكادر" العنوان الأبرز لكل التجمعات واللقاءات خلال تلك الفترة التي بلغت حدا لا يطاق من التمييع السياسي دون الحديث عن فضائح الفساد التي برزت مع التغيير الذي عرفته البلاد بعد سنة 2019.

ومن هذا المنطلق، فإن رئيس الجمهورية ومن خلال تحذيراته التي وجهها إلى الطاقم الحكومي "بعدم إطلاق وعود للمواطنين غير مؤسسة، وضمن آجال، غير معقولة وآليات غير مفهومة"، يندرج في مسار النهج الذي يسعى رئيس الجمهورية إلى تكريسه وهو إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمسؤولين التي تزعزعت لعقود طويلة بفعل ما عاشته الجزائر من تقهقر "سياسي واقتصادي واجتماعي.." بسبب " تمجيد الأشخاص وتقديسهم".

واللافت أن التعليمات التي وجهها رئيس الجمهورية "بالامتناع النهائي عن الاستعمال المُبالغ فيه، للعبارات السياسية النمطية التي تمجد الشخصيات وتقدسهم، عبر أي وسيلة إعلامية، توحي بأن كل نشاط حكومي مهما كان نوعه، هو بتوجيه من رئيس الجمهورية"، جاءت بعد واقعة "الكادر" التي شهدتها جامعة باتنة وهي الحادثة التي نددت بها رئاسة الجمهورية، مما يؤكد على أن هناك إرادة سياسية لإحداث القطيعة مع ممارسات "الشيتة".

وعلى هذا الأساس، حدد الرئيس تبون الخطوات الواجب إتباعها من طرف أعضاء الطاقم الحكومي في إطار التعاطي مع الشأن العام، أساسها "الاحترام الصارم للمواطنين والشعور العام، في كل خطوة أو معاملة"، مؤكدا أن رضا الشعب هو المقياس الأوحد لحسن الأداء، لبناء جزائر مهابة وقوية، وهي إشارة قوية على رفضه لجميع أشكال التملق التي تنفر وقد تزيد من "الهوة" بين المواطنين ومسؤوليهم، ولاسيما وأن من بين أهم ركائز الجزائر الجديدة التي يسعى الرئيس لتأسيسها هي استعادة "ثقة الشعب" .

من نفس القسم الحدث