الحدث

رمضان.. تضامن وتكافل الجزائريين يبدأ مبكرا

جمعيات خيرية تتجند لمساعدة المعوزين والفئات الهشة

انطلقت الحملات التضامنية عبر مختلف الولايات تحضيرا لشهر رمضان المعظم والتي بادرت إليها جمعيات محلية ووطنية ومتطوعون أحرار من أجل مساعدة العائلات المعوزة، أين تجندت كل هذه الهيئات والفعاليات بدعم من الجزائريين لضمان "رمضان الكرامة" لكل الفئات الهشة في صورة من أقوي صور التضامن والتكافل الإجتماعي تتكرر مع كل موسم. 

وتحضيرا لشهر رمضان الكريم شهر التضامن والتكافل الذي هو على الأبواب، وقفت الكثير من الجمعيات الخيرية الناشطة خلال هذه الأيام على قدم وساق من أجل بدء التحضير للعمليات الخيرية، حيث وضعت العديد من البرامج التضامنية تتوزع بين قفة رمضان المساعدات المالية وحتي حملات إفطار الصائم وموائد الرحمة ومبادرات اخري عديدة باتت سمة الشهر الكريم حيث يعرف العمل الخيري في الجزائر خلال هذه الفترة ذروته وتتجند كل فعاليات المجتمع المدني لتجسيد ابهي صور التكامل الاجتماعي والتضامن بين مختلف شرائح المجتمع، وترفع أغلب الجمعيات التحدي من أجل الوصول لتغطية اكبر عدد من المعوزين خاصة في الجزائر العميقة ومناطق الظل.

خطة عمل" لفعل الخير

وعلى بُعد حوالي أسبوعين من حلول شهر رمضان تسابق الجمعيات الزمن مستعينة بأهل الخير والإحسان لجمع أكبر قدر ممكن من التبرعات العينية والمادية حيث أطلقت أغلب الجمعيات الخيرية المعتمدة وحتي تلك التي تنشط دون اعتماد دعوات للمحسنين ورجال الأعمال والتجار من أجل التبرع لفائدتها ويأتي الشهر الفضيل هذه السنة في ظروف تميزها استمرار التدهور في القدرة الشرائية لشريحة من الجزائريين وهو ما جعل هذه الجمعيات تكثف جهودها لتغطية أكبر عدد من المحتاجين.

وفي وقت تنوي فيه عدد من الجمعيات تخصيص مساعدات على شكل قفة مواد غذائية  تحتوي على المواد الأساسية والأكثر استهلاكا على موائد الجزائريين خلال شهر رمضان أعلنت جمعيات اخري تخصيص  صكوك مالية للفقراء والمحتاجين بينما قررت جمعيات اخري تخصيص قواسم شراء تمكن المستفيدين منها من اقتناء ما يحتاجون إليه بميزانية معينة بالمقابل اضطرت جمعيات اخري لحشد كافة مواردها المالية لصالح قفة رمضان والغت  مبادرات أخرى على غرار مطاعم الرحمة بسبب نقص مواردها المالية وبهدف الوصول لأكبر قدر من المساعدات المباشرة ، من جانب اخر تعمل العديد من الجمعيات على تحسيس عدد من المنتجين في الصناعة الغذائية تحديدا وكبار التجار بضرورة المشاركة في هذه الهبة التضامنية التي تعرفها مختلف ولايات الوطن قبيل رمضان ومضاعفة تبرعاتهم من المواد الغذائية والتي توجه للعائلات الفقيرة بينما تعول جمعيات أخرى على المتبرعين الدائمين خاصة تلك التي تملك طابع وطني وتحظي بالمصداقية بين الجزائريين.

"جمعية البركة": مساعدات للمعوزين في 28 دولة

وتحسبا للشهر الكريم أطلقت جمعية البركة، كبرى الجمعيات الخيرية في الجزائر، برنامجا تضامنيا يتضمن تقديم مساعدات عبر 28 دولة منها دول افريقية وكذا فلسطين وسوريا وفي هذا الصدد أكد رئيس مكتب الجمعية بولاية قالمة سليمان خلاف في تصريح خص به "الرائد" أن جمعية البركة ولان لديها طابع وطني دولي قررت تخصيص قفة رمضان للمعوزين عبر 28 دولة تتوزع في افريقيا والشرق الأوسط حيث سيتم مد يد المساعدة لإخواننا في فلسطين وسوريا خلال الشهر الكريم عن طريق مساعدات تتكون من مواد غذائية ومواد طبية وافرشة وأغطية. وعلى المستوي المحلي أضاف خلاّف أن الجمعية استكملت خطة العمل الخيري لشهر رمضان، حيث ستقوم بتوزيع قواسم شراء بدل قفة رمضان لصالح المعوزين ومن خلال قواسم الشراء هذه يتمكن المستفيد من اقتناء ما يلزمه وما يراه مناسبا من مواد غذائية عبر مساحات تجارية كبرى أمضت معها الجمعيات اتفاقيات في إطار هذه الخطة التضامنية وعن قيمة هذه القواسم قال خلاف أنه لم يتم الفصل فيها لكن يرجح أن تتراوح بين 8 ألاف إلى مليون سنتيم.

وأشار محدثنا أن مختلف فروع الجمعية تعمل منذ فترة على تحضير برامج تضامنية تكميلية على غرار موائد الرحمة ومواد إفطار لصالح الأيتام والأرامل والكفلاء الداعمين لبرامج ومشاريع الجمعية، بالإضافة لتوزيع الوجبات الساخنة على اللاجئين المتواجدين في الجزائر من مختلف الجنسيات طيلة شهر رمضان. 

"كافل اليتيم": "قفة" ومساعدات مالية للأرامل

وفي نفس السياق تحضّر بعض الجمعيات المحلية لأنشطة أقل حجماً، لكنها بأثر مجتمعي هام حيث كشفت رئيسة مكتب جمعية كافل اليتيم على مستوي بلدية بابا حسن بالعاصمة سليمة مناد في تصريح لـ"الرائد" أن برنامج الجمعية لشهر رمضان ينقسم على محورين المحور الأول يتعلق بقفة رمضان والتي ستشمل 3 مستويات من المسجلين لدى قوائم الجمعية وكذا اعانات مالية لصالح الأرامل وكافلات الأيتام والمحور الثاني يرتبط بمساعدات عيد الفطر وتتضمن هذه المساعدات قفة العيد وكذا كسوة العيد، وأشارت ذات المتحدث أن مكتب بابا حسن سيغطي حوالي 220 أرملة منهم 60 ارملة خصصت لها الجمعية مبلغ مالي شهري على مدار السنة، وعن قيمة قفة رمضان وتاريخ توزيعها اضافت ذات المتحدث أن القيمة ستكون في حدود 5 ألاف دينار جزائري على أن توزع 3 مرات خلال الشهر الكريم مرة قبل حوالي أسبوع من حلول رمضان ومرة ثانية خلال منتصف رمضان وثالت مرة ستوزع قبل أسبوع من نهاية شهر رمضان.

وبالنسبة لعيد الفطر أكدت مناد أن الجمعية تتكفل بكسوة الأطفال لهذه العائلات حيث ستقوم بتقسيم هؤلاء الأطفال على أفواج يتم اصطحابهم للمركز التجاري "برانتون" بالمحمدية أين سيختار هؤلاء الأطفال كسوة العيد بأنفسهم مشيرة أن هذا المركز قدم لصالح الجمعية تخفيضات هامة من اجل إدخال الفرحة والسرور على نفوس الأطفال اليتامى.

"جزائر الخير": برنامج تضامني متنوع

جمعية "جزائر الخير" هي الأخرى حضرّت برنامج تضامني ثري ومتنوع حيث كشفت المكلفة بالإعلام والإتصال على مستوي الجمعية نياس صبرية في تصريح لـ"الرائد" أن المشاريع الأساسية للجمعية خلال رمضان ستكون مشروع القفة حيث سيتم توزيع هذه الأخيرة مرتين خلال الشهر الكريم وستتضمن هذه القفة المواد الأساسية التي تحتاجها كل اسرة خلال رمضان مضيفة أن قيمة القفة لم تحدد بعد لكنها لن تقل عن 8 ألاف دينار جزائري خاصة في ظل ارتفاع أسعار بعض المواد، بالمقابل برمجت الجمعية مشروع مطاعم الخير والتي ستقام عبر أغلب البلديات والمكاتب الولائية كما سيتم طيلة الشهر الكريم تنظيم موائد للأيتام لتختتم العمليات التضامنية خلال هذا الشهر بكسوة العيد تضيف ذات المتحدثة. بالمقال أشارت نياس أنه هناك مشاريع تكميلية سطرتها الجمعية على غرار عمليات الختان الجماعي مضيفة ان هذه العمليات ستنظم عبر عدد من الفروع فقط كما سيتم تنظيم مسابقات ثقافية ودينية على غرار مسابقة بلال لأحسن أذان وكذا جلسات قرأنية بمناسبة الشهر الكريم.

رفع للتحدي رغم تراجع أعداد المتبرعين

ورغم الحضور القوي للجمعيات الخيرية هذه الفترة من أجل تفعيل هبة تضامنية لصالح الفقراء والمعوزين خلال شهر رمضان إلا أن أغلبها تشتكي من تراجع في أعداد المتبرعين مقارنة بالسنوات الماضية حيث قال المتحدث باسم جمعية البركة أن قيمة التبرعات المادية والعينية التي تم جمعها وتخصيصها للعمليات التضامنية هذه السنة تراجعت مقارنة بالسنوات الماضية غير انه ورغم ذلك يبقي الجزائريون يجودون بما يملكون لصالح الفقراء والمحتاجين خاصة إذا تعلق الامر بالجمعيات التي تملك مصداقية.  وهو الراي الذي تشاطره مناد سليمة والتي اكدت ان جمعية كافل اليتيم تعول خلال عملياتها التضامنية على متبرعين دائمين وليس فقط المتبرعين الموسميين مشيرة أن هؤلاء المتبرعون يضعون كل ثقتهم في الجمعية والتي تعتبر همزة وصل فقط بين المحسن ومستحق الاحسان مضيفة انه رغم تراجع عدد المتبرعين الموسميين إلا ان جمعية كافل اليتيم تبقي حاضرة بقوة على المستوي المحلي من أجل مد يد المساعدة لعائلات الأرامل واليتامى.

 صون "كرامة المواطن" أولوية

بالمقابل فان صون كرامة المواطن تعتبر قاسم مشترك لدي الجمعيات الخيرية حيث رفعت هذه الأخيرة شعار رمضان الكرامة وقررت جلها العمل وفق خطة تضمن سرية التبرعات وسرية توزيعها وكذا تجنب أي طوابير لاستلام "القفف"،  فجمعية البركة على سبيل المثال قررت التخلي كليا عن القفة واستبدالها بقواسم شراء فقط من اجل تجنيب المعوزين الاحراج حيث أشار خلاف سليمان في تصريحه أن المعوز وبعد استلامه قسيمة الشراء بشكل سري وفردي يمكنه التصرف بحرية وشراء ما يريده ويراه مناسب وفي أي وقت وله كافة الحرية في تقسيم مبلغ القسيمة على دفعات مضيفا أن كرامة المواطن تبقي محفوظة. جمعية كافل اليتيم هي الأخرى تري كرامة المواطن أهم حلقة حيث أكدت سليمة مناد أن المساعدات التي خصصتها للأرامل وكافلات الأيتام سواء مبالغ مالية أو "قفة" تصل بيوت الأرامل في سرية تامة وفي وقتها المحدد أي قبل أسبوع من حلول الشهر الكريم.

   مبادرات فردية والفضاء الأزرق يتحول لمنصة للتكافل

ولا تقتصر الاستعدادات للعمل الخيري خلال شهر رمضان في الجزائر، على الجمعيات الخيرية اذ يطلق محسنون مبادرات خيرية خاصة، على غرار بعض أصحاب المطاعم الذين يقومون بتحويلها إلى مطاعم للرحمة خلال شهر رمضان، سواء بشكل فردي أو التعاون مع الجمعيات الخيرية المحلية، بالمقابل فإن المتصفح لموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" هذه الأيام، يلاحظ  الحملات المشجعة على المساهمة في فعل الخير تحسبا لحلول الشهر الفضيل، حيث يعرض متطوعون أحرار برنامج تضامني مهم ويدعون المحسنين للتبرع ومن بين هؤلاء المتطوعون الاحرار مجموعة "دير الخير وأنساه" والتي بدأت حملتها من خلال عرض برنامجها التضامني على صفحتها الخاصة، حيث أشار الناشطون بالمجموعة إلى  تواجدهم على مستوى مطاعم الرحمة التي تعودوا على التواجد بها لاستقبال عابري السبيل والإشراف على تحضير الوجبات التي تعدها أمهات النشطاء بالمجموعة، داعيين إلى فتح المجال للواتي يرغبن في تقديم يد المساعدة والتطوع لفعل الخير. كما تم عرض بعض الصور التي تعكس روح التضامن والتآزر الذي صنعته المجموعة في المواسم السابقة لحث فاعلي الخير على التجاوب ومد يد العون ولو بالتطوع.

حشد لكافة الوسائل

هذا وأطلقت جمعيات أحياء ومجموعات شبانية بدورها حملات واسعة لجمع المساعدات الغذائية تحسبا لاقتراب الشهر الفضيل، حيث سارع عدد منها إلى استغلال كل الإمكانيات المتاحة لحمل الناس على التصدق وكسب الثواب. ولعل أكثر ما نلاحظه هذه الأيام، صناديق جمع الأموال وسلال المساعدات بالمحلات التجارية، وقد وقفنا عبر عدد من المحلات التجارية بالمقاطعة الإدارية لسيدي عبد الله على تهافت المواطنين على ملء هذه السلال وهي التجربة التي انتشرت في السنوات الأخيرة ولقيت استحسانا كبيرا لدى المواطنين من الذين يرغبون في التصدق، غير أنهم يجهلون الأماكن التي يقصدونها لتقديم المساعدات على اختلافها. وبحكم أن الشهر الفضيل يتم فيه التركيز على الأغذية نتيجة الصيام، يجري تعبئة السلال بما أمكن من المواد الغذائية التي عادة يكثر الطلب عليها، ويتم فيما بعد فرزها وتوزيعها في شكل قفة رمضان على المحتاجين الذين سبق إحصاؤها.

من نفس القسم الحدث