الحدث

الجزائر تكرس شعار "إفريقيا للأفارقة"

توجهات اقتصادية كبرى ونبذ لبقايا الاستعمار في القارة السمراء

استطاعت الجزائر خلال السنوات القليلة الفارطة ان تسجل حضورا قويا على عديد المستويات سواء تعلق الامر بالمجال الاقتصادي، الدبلوماسي أو السياسي، نجاحات متواصلة حققتها الدبلوماسية الجزائرية في القارة السمراء من خلال تحديد توجهات جديدة ترمي إلى إعادة التحرير الفعلي لهذه القارة من بقايا الاستعمار الذي لا يزال يحن لمستعمراته القديمة بغية نهب مزيد من الثروات بهذه القارة العذراء. 

وقد تبلور الدور المحوري القاري الذي باتت تلعبه الجزائر بامتياز ليذكر المجموعة الدولية بشعار قديم رفعه الملك النوميدي ماسينيسا غداة توليه الحكم في نوميديا عندما قال "إفريقيا للأفارقة"، حينها كان الملك النوميدي يريد من وراء رفعه لهذا الشعار توحيد النوميديين ولم شملهم..خلال القمة رقم 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قرار الجزائر ضخ مليار دولار "من أجل التضامن والمساهمة في دفع عجلة التنمية بالقارة الأفريقية". وفي القمة ذاتها قبل 3 سنوات، أطلق الرئيس تبون -من أديس بابا- وكالة للتعاون الدولي لأجل التضامن والتنمية (ALDEC) ذات بُعد أفريقي، واليوم عهِد إليها بالمهمة.

الرئيس تبون أكد أيضا أنّ الجزائر ستعمل بداية العام المقبل على تمثيل القارة الأفريقية داخل مجلس الأمن وستسعى لإعلاء صوتها ومطالبها. ودعا بالمناسبة إلى تكثيف الجهود حتى تستند المفاوضات المقبلة على وثيقة إطار العمل لعام 2015، التي تشكل وثيقة مرجعية تعكس مواقف ومقترحات ما يقارب 120 دولة عضو في الأمم المتحدة، مشدّداً على ضرورة توحيد الصف والكلمة لدول الاتحاد الأفريقي في الساحة الدولية.

بدوره قال الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، في ختام أشغال قمة فبراير 2023، إن قرار ضخّ مليار دولار يعد بمثابة إضافة كبيرة لمسار تفعيل آليات التضامن الأفريقي، انطلاقا من المقاربة الجزائرية التي تنص على أنه لا يمكن للسلم والأمن في أفريقيا أن يتحقق دون تنمية فعالة". وقد سبق للجزائر مسح ديون 14 دولة أفريقية -أغلبها من دول الساحل- بقيمة 902 مليون دولار. واختار الرئيس تبون القمة الجديدة، والتي جاءت تحت شعار "تسريع مسار تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية" للإعلان عن مبادرة بلاده بالمساهمة في تنمية القارة.

ووفق معطيات الجمارك الجزائرية، بلغ حجم المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية 3.51 مليارات دولار قبل جائحة كورونا. وتحسنت هذه المعطيات خلال العام الماضي، بارتفاع صادرات البلاد للخارج من المحروقات إلى عتبة 7 مليارات دولار لأول مرة. من جهة أخرى أكد البنك الافريقي للتنمية، بخصوص وضعية تقدم أشغال الطريق العابر للصحراء على مستوى دولة النيجر، أن هذا الطريق الرابط بين الجزائر ولاغوس، "قد دخل مرحلته الأخيرة من الإنجاز". وأوضح البنك في نشرية له، أن الطريق العابر للصحراء الرابط بين شمال افريقيا وغربها، "قد دخل مرحلته الأخيرة من الإنجاز، حيث يكتسي هذا المشروع أهمية كبيرة في إطار تجسيد منطقة التبادل الحر الافريقية والذي يقدر طوله بـ 9400 كلم".

دبلوماسيا تمكنت الجزائر مرة أخرى من إجهاض حضور ممثلي الكيان الصهيوني في أشغال قمة الإتحاد الإفريقي التي الأخيرة بأديس ابابا، حيث تسلل سفير دولة الاحتلال مرفق بممثلة عن وزارة الخارجية للكيان إلى القاعة التي تحتضن أشغال الاجتماع باستعمال شارة مزورة كون المفوضية قامت بإلغاء الدعوة الموجهة للكيان من أجل حضور جلسة الافتتاح، الوفد الجزائري المشارك في القمة تفطن لحضور وفد من الكيان الصهيوني في القاعة ومارس ضغطا من أجل طرد دبلوماسي الاحتلال من القاعة كشرط لافتتاح الجلسة أو إلغاء انعقاد القمة كلية في حالة بقاء هذا الوفد.

مساعي كثيرة تحققت وأخرى تنتظر، الجزائر حاضرة بقوة لدفع عجلة التنمية في القارة السمراء وتوجيه بوصلة العالم نحو هذه القارة المنسية التي طالما كانت رمزا للبؤس والفقر والمجاعة، إفريقيا اليوم تتجه عبر الطريق الحريري إلى تكريس مزيد من المكاسب وعقد تحالفات دولية في إطار التعاون لتسجل حضورها كقارة في النظام الدولي وتقول كلمتها بعيدا عن وصاية الدول المستعمرة التي لم تتقبل في يوم من الأيام خروجها من الأرض السمراء.

من نفس القسم الحدث