الحدث

الحياد والوسطية ..مقاربة الجزائر لفرض احترامها بين الدول

روسيا تصفها بـ"الدولة التي تحترم نفسها" وترحب بها في "البريكس"

يحظى الخط المتوازن الذي تنتهجه الجزائر في الشؤون الإقليمية والدولية، والتزامها الحياد والوسطية، باحترام وتقدير كبريات دول العالم، فقد اكدت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف دعمها للسياسة الخارجية الجزائرية المتوازنة، والتزامها بتعزيز سبل التعاون والشراكة الثنائية بين البلدين، حين قال إن " الجزائر دولة تحترم نفسها وتاريخها ومصالحها التي على أساسها ترسم سياساتها". 

أجبرت مواقف الجزائر المتوازنة وحرصها الدائم على التزام الحياد، كبريات العواصم وقوى العالم، على احترام مبادئها الدبلوماسية، ومكنتها من تبوئ مكانة خاصة لدى الجميع، وكسب ثقة مختلف الدول بالنظر لتجربتها الرائدة في إدارة الأزمات وتغليب لغة الحوار والحلول السياسية، فضلا عن علاقاتها الاقتصادية الموثوقة والراقية وتشجيعها لمناخ الاستثمار على أراضيها وتنويع نشاطاتها التجارية والاقتصادية بالأسواق الدولية.

ولقد عكست تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول الجزائر، متانة العلاقات الجزائرية الروسية، وتجذرها في التاريخ، بعيدا عن الانحياز خاصة في ظل الظرف الجيوسياسي المتأزم الذي يعيشه العالم على وقع الصراع الغربي الروسي، الذي تحرص الجزائر على الوقوف على مسافة واحدة مع مختلف عواصم الصراع، وتركز جهودها على تعزيز الشراكة الاقتصادية الموثوقة مع جميع شركاها.

وبالعودة إلى إعلان عزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إجراء زيارة رسمية إلى كل من باريس وموسكو شهر ماي المقبل، يتجلى للجميع التوجه الجزائري المتوازن القائم على الحياد والتعاون مع مختلف الأطراف، ففضلا عن الملفات الاقتصادية الهامة التي قد تحملها زيارة الرئيس تبون لفرنسا، ستكون له في موسكو أجندة ثرية من الملفات ذات الاهتمام المشترك، في ظل تطابق وجهات التنظر بين العاصمتين والتقارب الكبير بين الجزائر وروسيا بحكم العلاقات القوية التي تجمعهما منذ القدم، ولعل أبرز الملفات المتوقع إثارتها بين الرئيس تبون ونظيره الروسي، ما سبق وأعلن عنه في وقت سابق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشان التوقيع على اتفاقية استراتيجية تعكس النوعية الجديدة للعلاقات الثنائية بين الدولتين، وتستجيب للتطور السريع للعلاقات الودية من أجل الحفاظ على مستوى عال من التفاعل.

وتضع الجزائر على رأس طموحاتها، الحصول على دعم روسيا في طلب انضمامها لمجموعة "بريكس"، وهي النقطة التي عاد إليها وزير الخارجية الروسي في حواره مع قناة "روسيا اليوم"، الذي المح إلى أن الجزائر تحظى بالأولوية للحصول على الموافقة على طلبها قائلا إن "الجزائر ووفقا لمميزاتها وخصائصها تحتل الصدارة في قائمة المتقدمين بطلبات للانضمام إلى "بريكس"، مضيفا "توجد بالفعل طلبات رسمية وعدد المتقدمين بالفعل يفوق عدد أعضاء "بريكس" الرسميين. أي أكثر من خمسة والجزائر من بين هذه الدول".

وتوعز موسكو دعمها للجزائر، بناء على عديد المعطيات التي تضاف إلى متانة العلاقات التي تجمع العاصمتين، فقد أكد لافروف أن الجزائر "دولة تحترم نفسها وتاريخها ومصالحها التي على أساسها ترسم سياساتها"، وعلى هذا الأساس فإن روسيا وعلى غرار مختلف دول العالم تحترم الثوابت الدبلوماسية الجزائرية المشرفة والمتأصلة في عُرف السياسة الخارجية للدولة الجزائرية، القائمة على احترام الذات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادة الشعوب، والتزام الحياد والوسطية.

ولقد خصص لافروف حيزا هاما من الحوار الذي اجراه مع قناة "روسيا اليوم"، للحديث عن العلاقات الجزائرية- الروسية، بالنظر إلى المكانة الكبيرة التي تحظى بها الجزائر لدى موسكو، فقد ثمن وزير الخارجية الروسي، ما وصفه بــ"العلاقات العريقة والطيبة" التي تجمع بين بلاده والجزائر، مبرزا أهمية الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين والحوار النشط بينهما في جميع المجالات، حين قال إن البلدين لديهما " تاريخ يدعو إلى الاحترام والفخر من قبل شعبي البلدين"، مذكرا بدعم بلاده للجزائر إبان ثورة التحرير ضد الاستعمار حيث كانت لها علاقات مع الجزائر حتى قبل الاستقلال، وهي العلاقات التي قال إن البلدين يسعيان على تنميتها في جميع المجالات من خلال تبني حوار سياسي مكثف.

وعاد لافرورف للحديث عن الاتصالات الهاتفية بين رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قائلا إن "الرئيس تبون يفهم جوهر وتاريخ ومستقبل الشراكة الإستراتيجية الروسية-الجزائرية"، وأن "الجزائر كانت أول دولة في القارة الافريقية وقعت معها روسيا إعلان حول الشراكة الإستراتيجية عام 2001"، مشيرا إلى لقائه شهر سبتمبر، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة.

وفي مجال الطاقة، علق وزير الخارجية الروسي على الشراكة الثنائية، بالقول "بالطبع، نحن شركاء وليس فقط في إطار اوبك . فهناك ايضا منتدى الدول المصدرة للغاز الذي تشارك فيه روسيا والجزائر بشكل نشط"، مبرزا سعي البلدين لضمان استقرار أسواق الطاقة العالمية، مضيفا أن روسيا والجزائر تجمعهما مواقف متطابقة تماما. وأورد الوزير: "نحن نريد أن تكون الأسواق مستقرة ولهذا الغرض لا داع لمحاولة التلاعب بالأسعار"، ليضيف بخصوص التبادل التجاري والاقتصادي مع الجزائر، الذي وصفه بـ"المثير للإعجاب"، بالقول "لدينا حوار نشط ومكثف في جميع المجالات. فمستويات التبادل التجاري والاقتصادي بيننا مثيرة للإعجاب بشكل كاف. اذ ان الجزائر واحدة من أكبر ثلاثة شركاء قياديين بالنسبة لنا في القارة الافريقية"، مسترسلا "لم يتم استنفاذ كل الامكانات بعد، خاصة في مجال الطاقة والزراعة وإنتاج الأدوية".

وذهبت بعض القراءات إلى اعتبار زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لموسكو شهر ماي المقبل، "فرصة لتقييم الشراكة بين البلدين وتنويع مجالات التعاون "، حيث يسعى البلدان إلى ان تتعدى مجالات الشراكة الجانب العسكري، باعتبار أن روسيا هي المصدر الأساسي فيما يخص التجهيزات والعتاد العسكري، لتتنوع إلى مجالات أخرى من اجل تبادل التجارب والخبرات التي تتوفر عليها موسكو في عديد المجالات سواء تعلق الامر بالتكنلوجيا الري وغيرها من القطاعات.

من نفس القسم الحدث