الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
يتصدر ملف الذاكرة أولويات الدولة الجزائرية، ولقد أبدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، منذ توليه الحكم، إهتماما بالغا بهذه المسألة الحساسة، بعد أن فرض منطقا جديدا في التعامل مع فرنسا أساسه الندية وفرض الاحترام وتغليب الكرامة الوطنية على المصالح الاقتصادية والروابط الدبلوماسية، كما أن تعيينه مؤخرا لممثلي الجزائر في اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية التي تلغي سابقتها الثنائية، يعكس إصرار الجزائر على استرجاع حقوق شهدائها وإعادة الاعتبار لتاريخها المجيد الذي تحاول فرنسا تحريفه وتقديم نفسها في صورة "البرئ" وهو ما ترفضه الجزائر دوما وتحرص على فضحه مثلما حدث مؤخرا، مع تقرير بن جامين ستورا الذي انتقدت مضمونه ورفضته.
في خضم احتفالاتها بستينية الاستقلال والذكرى الـ68 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، لم تغفل الجزائر يوما، التركيز على حل ملف الذاكرة ومواصلة جهودها لفضح جرائم الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري، ومن ثمة استرجاع حقوقها كاملة وفي مقدمتها افتكاك اعتذار رسمي من السلطات الفرنسية عما ارتكبه جيشها الاستعماري على أرض الجزائر، ولقد أكد رئيس الجمهورية في كل المناسبات المتعاقبة سعيه وعزمه على طي هذا الملف نهائيا بما يخدم المصلحة الجزائرية ويرضي الدولة والشعب الجزائريين على حد سواء.
ولقد ترجمت مساعي رئيس الجمهورية السياسة الجديدة التي اعتمدها في تعامله مع الطرف الفرنسي، مغلبا منطلق التعامل بندية مع مختلف المواقف الثنائية سواء تعلق الأمر بالروابط الدبلوماسية أو العلاقات الاقتصادية الثنائية التي تجمع البلدين، ما أجبر فرنسا على الرضوخ لخيارات الجزائر واحترام مواقفها ومبادئها الثابتة التي تفرضها عليها، وخير مثال الزيارة التي قادت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر والتي اعتبرها مراقبون محاولة لرأب الصدع الذي خلفته تصريحاته المسيئة لتاريخ الجزائر.
ولقد أثبتت الجزائر أن اهتمامها بملف الذاكرة لا يستند على الكلمات والخطابات فحسب، بل يتعداها إلى الأفعال والتطبيق، فإلغاء اللجنة الثنائية المشتركة المنشأة قبل سنتتين برئاسة عبد المجيد شيخي عن الطرف الجزائري وبنجامين ستورا عن الجانب الفرنسي، بسبب التقرير الفرنسي السلبي الذي رفضته الجزائر، يؤكد أن السلطات الجزائرية لن تقبل بأي إملاءات خارجية، وهو ما عززه تعيين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خمسة مؤرخين لتمثيل الجزائر في اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية، وتكليفهم بمعالجة ملف الذاكرة والقضايا التاريخية العالقة بين البلدين.
وتبدي الجزائر بكل هيئاتها ومؤسساتها وعيا كبيرا تجاه كل ما يحاك في الضفة الأخرى في سبيل سلخ الذاكرة الثورية من ذهن الشعب الجزائري، والعمل على تحريف الأحداث التاريخية والقفز على الحقائق، وهو ما أثاره رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة في أحدث تصريح له حول هذا الملف حين شدد على أن أبرز التحديات التي تواجه الجزائر الجديدة، تتمثل فيما أسماه " محاولات فك ارتباط شعبنا بذاكرته، وفصله عن المبادئ والقيم التي حملها أجداده ودافعوا عنها بأعز ما يملكون"، ليطمئن بأن بلادنا تدرك جيدا خطر هذا الفكر المسموم وتعمل على إبطال مفعوله "من خلال إيلاء أهمية بالغة لملف الذاكرة كركيزة من ركائز بناء الجزائر الجديدة، لا سيما عبر جملة من القرارات التي تعكس قيمنا الأصيلة ومدى تمسكنا بهويتنا وتاريخنا المجيد".