الحدث

قم للمعلم..

اعتقد أن جميعنا يحفظ البيت المشهور من قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي والني مطلعها "قم للمعلم وفّه التبجيلا"، فهذا البيت الذي يمدح فيه الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي "المعلم"، لما له من مكانة عظيمة في المجتمعات العربية آنذاك، يؤكد أيضا على الدور البارز للمعلم في زرع القيم الإنسانية في عقول ونفوس النشء، من تعليم وتربية وتغذية للعقول، فهذه القصيدة تعد من بين أهم القصائد التي تحدثت عن دور المعلم الذي يعد شعلة تنير الدروب بالعلم والمعرفة.

ذكرت هذا البيت والعالم قد احتفل أمس، باليوم العالمي للمعلم الذي يصادف 5 أكتوبر من كل عام، ويتم الاحتفال به منذ سنة 1994، وتعود خلفية الاحتفال به إلى سنة 1966 بعد التوقيع الذي تم بين منظمتي اليونسكو والعمل الدولية حول وضع المعلمين، هي فرصة لنحيي من خلالها أساتذتنا ومعلمينا على دورهم البارز في إرساء قيم العلم والمعرفة في صفوف الأجيال المتعاقبة.

إن المدرسة الجزائرية التي حافظت على دورها على الرغم من المتغيرات والتحولات التي عرفتها البلاد، ما تزال إلى اليوم خزانا لتخريج مئات الآلاف من الإطارات الذين يصنعون رقيها وتطورها، وبعضهم يحظى بمكانة كبيرة في الشركات والمؤسسات وحتى المستشفيات الدولية العريقة، وجميعهم تلقوا أبجديات القراءة والكتابة على أيدي معلمين جزائريين ووفق منظومة تربوية جزائرية.

إن الدولة الجزائرية، كانت وما تزال تولي العناية الكبيرة لقضية التعليم ولفئة الأساتذة، بعيدا عن التجاذبات السياسية والأيدولوجية، وهي مسألة في غاية الأهمية من أجل تطوير منظومتنا التربوية، لأن الأمر يتعلق بمسألة جوهرية، تتعلق بالتعليم الذي يعد أساس المعرفة والتطور في شتى مناحي الحياة، وفي مقدمتها زرع القيم الإنسانية من فضائل الأخلاق والتمسك بالهوية والمرجعية الوطنية. وهنا نذكر بالتزامات رئيس الجمهورية القاضي بدعم فئة المعلمين، حيث أمر في آخر اجتماع للحكومة والولاة بمراجعة أجور الأساتذة بداية من سنة 2023.

ويعد قرار الرئيس تبون بمثابة التأكيد على المكانة الهامة التي يحظى بها الأستاذ الذي يحمل رسالة نبيلة، من اجل صناعة نهضة الأمة وبناء مستقبلها الذي ينطلق من تعليم النشء وزرع بذور العلم والمعرفة فيهم، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على نظرة استشرافية من القيادة السياسية في اتجاه تجسيد أهداف التنمية المستدامة التي لا تبنى إلا بسواعد أبناء هذا الوطن الذين ينهلون العلم والمعرفة من المدرسة الجزائرية الأصيلة.

ومن شأن هذه الإجراءات أن تعزز الدور الحيوي لهذه الفئة المميزة من المجتمع ونقصد بها فئة الأساتذة، كما من شأنها أن تحفز على النهوض بقطاع التعليم الذي يعد رافدا أساسا في إحداث النهضة المنشودة، لأن المعلم لا تقتصر مهمته على تغذية العقول بالمعلومات وتحصيل التلاميذ وشرح الدروس، بل تتعدى إلى ما هو أكثر وهي توجيه وإرشاد التلاميذ إلى ما هو أفضل وأمثل، بما يخدمهم ويخدم مجتمعهم.

من نفس القسم الحدث