الحدث

العلاقات الجزائرية الفرنسية.. توجه جديد وفق توازن المصالح

الرئيس تبون يصف زيارة ماكرون بـ "الناجحة جدا" ويؤكد أن مسألة الذاكرة ستعالج تاريخيا

أنهى، أمس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الدولة التي قام بها للجزائر والتي استمرت لثلاثة أيام، فكانت الزيارة سانحة ولاذابة ولو القليل من الجليد الذي خيم على علاقات البلدين في الفترة الأخيرة، بسبب تصريحات الرئيس ماكرون من جهة ومن جهة أخرى بسبب مواقف اليمن المتطرف المعروف بعدائه الشديد لكل ما هو جزائري.

وإن عدت زيارة ماكرون للجزائر دبلوماسية بالدرجة الأولى إلا أنها كانت سانحة للطرف الجزائري من أجل إعادة النظر في العلاقات الثنائية، وفق مبدأ الندية وتوازن المصالح، وفي هذا السياق وصف الرئيس تبون زيارة الرئيس الفرنسي بالناجحة جدا وقال رئيس الجمهورية، أمس، عقب التوقيع على "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" بين الجزائر وفرنسا "أنها زيارة ممتازة وضرورية ومفيدة للعلاقة بين البلدين, و من وجهة نظري فإنها زيارة ناجحة جدا وضعت كثيرا من الأمور في نصابها". وقد أدلى رئيس الجمهورية بهذا التصريح بالقاعة الشرفية لمطار هواري بومدين الدولي، بحضور الرئيس ماكرون ووفدي البلدين. وتابع الرئيس تبون قائلا، أن زيارة الرئيس الفرنسي قد "سمحت بتقارب لم يكن ممكنا لو لم تكن هناك شخصية الرئيس ماكرون نفسه".

وجاءت زيارة الرئيس الفرنسي الثانية للجزائر، في سياق مغاير عن سابقتها وفي خضم تحولات جديدة، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، وهو ما حتم على الطرف الفرنسي إعادة النظر في علاقاته مع الجزائر وفق قواعد جديدة، وهو ما يؤكده "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" بين البلدين الذي تم التوقيع عليه أمس، من طرف رئيسي البلدين بالقاعة الشرفية لمطار هواري بومدين في ختام زيارة ماكرون للجزائر.

وبالعودة إلى النظرة الجديدة التي سترتكز عليها العلاقات الثنائية بين البلدين من الآن فصاعدا، فقد ألمح اليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال الندوة الصحفية المشتركة مع الرئيس الفرنسي يوم الخميس الماضي، حين أكد أنه اتفق مع نظيره الفرنسي على تكريس توجه جديد لتعزيز العلاقات مبني على إقامة شراكة استثنائية شاملة في ظل الاحترام والثقة المتبادلين وتوازن المصالح بين الدولتين.

وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن تفتح زيارة الرئيس الفرنسي "آفاقا جديدة لعلاقات الشراكة والتعاون بين البلدين"، مشيرا إلى أن المحادثات "البناءة" التي أجراها مع ماكرون, والتي تمت "بالصراحة المعهودة" تنم عن مدى "خصوصية العلاقات بين البلدين وعمقها وتشعبها, كونها تشمل جميع المجالات, انطلاقا من الذاكرة, مرورا بالتعاون التقني والاقتصادي ووصولا إلى الحوار والتنسيق إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

تبون مسألة الذاكرة ستعالج من الزاوية التاريخية وليس السياسية

وفيما يتعلق بملف الذاكرة، - أكد رئيس الجمهورية، أن لجنة المؤرخين التي سيتم استحداثها في الأيام المقبلة بين الجزائر وفرنسا، ستعكف على معالجة مسألة الذاكرة "من الزاوية التاريخية وليس السياسية".

و صرح رئيس الجمهورية في لقاء صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، عقب مراسم توقيع "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" بين الجزائر وفرنسا ، قائلا: "لقد اتفقنا على استحداث لجنة مؤرخين مجردة من الاعتبارات السياسية".وأضاف يقول:  "أعتقد ان هذه اللجنة سترى النور خلال خمسة عشر أو عشرون يوما المقبلة حيث ستعكف على معالجة مسألة الذاكرة من الزاوية التاريخية وليس السياسية".

أما عن الآجال الممنوحة للمختصين من أجل القيام بهذا العمل, قال الرئيس تبون انه اتفق مع نظيره الفرنسي على "أجل مدته سنة أو اقل إذا ما انجز العمل قبل الآجال المتفق عليها".و تابع في ذات السياق قائلا  "أما إذا استغرقوا (المختصون) وقتا أكثر فلا بأس لأن العمل المتقن يتطلب وقتا أطول".

من جهته أبرز الرئيس الفرنسي، أهمية التعاون بين الجزائر وفرنسا في عديد الميادين، لاسيما في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية. وألح ماكرون على قطاعين للتعاون بين البلدين وهما الرقمنة والإبداع السينماتوغرافي، حيث يحوز "الكثير من مزدوجي الجنسية على مواهب" في هاته المجالات. وأبرز الرئيس ماكرون، في الإطار ذاته، رغبة بلاده في تطوير مشروع حاضنة مؤسسات ناشئة مع الجزائر من خلال اللجوء إلى "مساهمة القطاع الخاص الذي له صلة مع حاضنات أخرى".

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أهمية أن تشمل هذه الشراكة الجديدة مشاريع التعاون في المجالات الجامعية والعلمية. فبناء المستقبل، يضيف الرئيس ماكرون، "يمر بالنظر سويا إلى تحدياتنا والعمل بجهد من أجل تقديم الأجوبة الكفيلة بمساعدة الشباب في الجزائر وفرنسا على النجاح".أما بخصوص ملف تنقل الأشخاص، فقد أكد الرئيس ماكرون أنه "تم اتخاذ قرارات" حول هذا الموضوع.

ولدى تطرقه إلى الذاكرة المشتركة بين البلدين، أوضح الرئيس ماكرون يقول: "أظن انه بإمكاني القول أن العمل الذي نقوم به في فرنسا منذ خمس سنوات وكذا الحوار الدائم القائم بيننا، يعزز لدي فكرة إننا نعيش فترة فريدة آمل أنها ستمكننا من مواجهة هذا الماضي والعمل على جعله عنصرا مشتركا لا عائقا لتقدمنا".

خمس اتفاقيات للتعاون والشراكة

إلى ذلك أشرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، مع نظيره الفرنسي، السيد إيمانويل ماكرون، على مراسم التوقيع على خمس اتفاقيات للتعاون والشراكة بين البلدين.

فقد وقع الرئيس تبون مع نظيره الفرنسي على "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" بين الجزائر و فرنسا. كما شملت هذه الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بالقاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي "هواري بومدين", اتفاق شراكة و تعاون مع معهد باستور.

كما تضمنت أيضا اتفاق شراكة علمي بين المديرية العامة للبحث العلمي و التطوير التكنولوجي لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي للجزائر والمركز الوطني للبحث العلمي لفرنسا, وقع عليه, عن الجانب الجزائري المدير العام للبحث العلمي و التطوير التكنولوجي محمد بوهيشة والرئيس المدير العام للمركز الفرنسي أنطوان بوتي.

وتعلقت الوثيقة الرابعة بمذكرة نوايا بين وزارة الشباب و الرياضة الجزائرية و وزارة الرياضة والألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية لذوي الإعاقة الفرنسية, وقع عليها كل من وزير الشباب و الرياضة عبد الرزاق سبقاق و نظيرته الفرنسية إيميلي أوديا كاستيرا.

وشملت الاتفاقيات أيضا اتفاق بين حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجمهورية الفرنسية, يتضمن إقامة شراكة معززة جزائرية-فرنسية في قطاع التعليم العالي و البحث العلمي, وقع عليها, عن الجانب الجزائري, وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج, رمطان لعمامرة وعن الجانب الفرنسي وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية كاترين كولونا.

من نفس القسم الحدث