الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
يشرع اليوم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في زيارة إلى الجزائر تدوم لثلاثة أيام، يحاول من خلالها بحث أهم الملفات الثنائية، ويجد ماكرون في زيارته الثانية للجزائر فرصة لتلطيف الأجواء وتدارك التوتر في العلاقات الذي خلّفته تصريحاته السابقة المسيئة للأمة الجزائرية، كما يسعى إلى الحفاظ على ما تبقى من مصالح اقتصادية لفرنسا بالجزائر بعد أن قررت هذه الاخيرة البحث عن أسواق جديدة بديلة، ويبقى ملف الذاكرة أكبر تحد أمام ماكرون لإثبات صدق نيته في إعادة بعث علاقات متينة مبنية على الثقة والاحترام.
كشفت الرئاسة الفرنسية، عن برنامج الزيارة التي يقوم بها إيمانويل ماكرون إلى الجزائر ابتداء من اليوم، حين أوردت في بيان لها أن الزيارة التي ستدوم لغاية يوم السبت ستشمل ولايتي الجزائر العاصمة ووهران، حيث سيركز خلالها على "الشركات الناشئة، الابتكار، الشباب، والقطاعات الجديدة" حيث سيجري رئيس الدولة الفرنسي يوم غد محادثات طويلة مع رواد الأعمال الشباب في الجزائر العاصمة فيما سيلتقي يوم السبت ببعض الشباب في وهران، خلال مظاهرة لرقص "البريك"، كما أشار بيان قصر الإيليزيه ان ماكرون يحاول من خلال تواجده بالجزائر "إعادة بناء العلاقة التي تضررت"، غير أن البيان أشار بعبارة صريحة على أن ماكرون سيتطرق إلى ملف الذاكرة غير أنه "ليس الهدف الأساسي لهذه الزيارة"، ما يطؤح عديد التساؤلات حول حقيقة نواياه بشأن إعادة بعث العلاقات الثنائية.
المصالح الإقتصادية أولا !
وتسعى باريس جاهدة إلى حماية مصالحها الاقتصادية بالجزائر، وفق ما تضمنه برنامج زيارة ماكرون الذي تحدث مطولا عن لقاءات مع شباب أصحاب مؤسسات ناشئة وكذا عديد القطاعات الاقتصادية، فأكثر شيئ يهم فرنسا في علاقاتها مع الجزائر يبقى التعاون الاقتصادي الذي تولي له باريس اهتماما كبيرا فقد أعربت في عديد المناسبات عن حرصها على الحفاظ على مصالحها الاقتصادية بالجزائر واستعادة حضورها الاقتصادي بالسوق الجزائرية، خاصة في الفترة الأخيرة التي راهنت خلالها الجزائر على شركاء اقتصاديين جدد كالصين إيطاليا وألمانيا.
ملف الطاقة.. وتضارب الأنباء
من جهة أخرى، وفي الوقت الذي قال فيه متحدث باسم الحكومة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون سيبحث موضوع الطاقة أثناء زيارته للجزائر، كذّب مسؤولون آخرون هذا الطرح وقالوا إن الزيارة لا تتعلق بالغاز، ولقد تضاربت الأنباء التي تداولتها وكالات الأنباء العالمية، ففيما نقلت وكالة "رويترز" عن الحكومة الفرنسية أن ماكرون سيتطرق إلى ملف الطاقة خلال زيارته إلى الجزائر، قامت وكالة "بلومبيرغ" من جهتها بنقل تصريحات لمسؤولين فرنسيين أكدوا من خلالها أن الزيارة "لا تتعلق بتبديل واردات الغاز من روسيا، وإنه من غير المحتمل أن يكون لدى الجزائر فائض في معروض الغاز لتقدمه لفرنسا".
"الذاكرة" ... تأبى النسيان
وإن لم يشر برنامج الزيارة الذي أورته الرئاسة الفرنسية إلى تخصيص جزء من الزيارة لفتح النقاش حول ملف الذاكرة، حين أشار بيان قصر الإيليزيه صراحة إلى أن الملف وأشار الإليزيه " ليس الهدف الأساسي لهذه الزيارة"، غير أن العودة إلى المسائل التاريخية العالقة بين الجزائر وباريس ومحاولة حلها، يعد السبيل الأوحد لعودة العلاقات إلى طبيعتها، فماكرون الذي يحاول من خلال تواجده بالجزائر رأب الصدع الذي خلفته تصريحاته المسيئة بشأن تاريخ الجزائر، عليه في البداية تحمل مسؤولياته كاملة تجاه القضايا التي تخص ملف الذاكرة من خلال السعي بكل جدية لحلها بشكل يرضي الطرف الجزائري، حيث تترقب ما الجزائر ستحمله هذه الزيارة من إجراءات يبادر بها الطرف الفرنسي لتسوية الملف، كما من شانها حفظ ماء وجه باريس بعد التصريحات المشينة للرئيس الفرنسي التي انكر من خلالها وجود امة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
كما لا تزال الجزائر تترقب نتائج عمل اللجنة المشتركة المنشأة قبل سنتتين والتي يترأسها عبد المجيد شيخي عن الطرف الجزائر وبنجامين ستورا عن الجانب الفرنسي، حيث ينتظر التأكد من مدى تطبيق المقترحات التي تقدم بها ستورا لتسوية ملف الذاكرة، والتي يبقى تقديم اعتذار رسمي وواضح من فرنسا عن الجرائم الاستعمارية المرتكبة في حق الشعب الجزائر خلال الثورة التحريرية أهمها، وهو ما تواصل باريس التعنت بشأنه والتماطل في تقديم اعتذارها، يليها استرجاع الأرشيف الوطني كاملا وتسوية ملف المفقودين وكذا معالجة ملف ضحايا التجارب النووية بالصحراء الجزائرية.
بن قرينة: "الزيارة لن تحقق أهدافها ما لم يحل ملف الذاكرة"
قال رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة في بيان اصدره امس، إن زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر "لن تحقق المأمول منها ما لم تستجيب فرنسا لمطالب الشعب الجزائري المشروعة والواضحة وغير قابلة للتنازل أو التصرف، وذلك بتصفية ملفات الذاكرة العالقة بين البلدين، والحرص على عدم انتقالها ملغمة إلى الأجيال القادمة، من خلال إبقاء هذا الملف يتراوح مكانه في دوائر البحث التاريخي بدلا من اتخاذ القرار السياسي المسؤول لإنهائه، والكشف عن حقائق أرشيف الحقبة الاستعمارية دون تحوير أو تزوير".
ودعا بن قرينة، الرئيس الفرنسي إلى ضرورة امتلاك الشجاعة والمسؤولية للاعتراف بالجرائم الوحشية التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية في حق الجزائريين والتي لا يمكن أن تسقط بالتقادم أو بالإغراء أو بالضغط، ويرى بن قرينة أن "التحولات الدولية والإقليمية المتسارعة تفرض على الدولة الفرنسية العمل ببراغماتية تضمن مصالحها وضرورة التحرر من ضغوط لوبياتها لتحقيق رغبة الجميع في إذابة الجليد وتجاوز كل المعيقات التي تضر بمصلحة الدولتين الجارتين على ضفتي المتوسّط وتحول دون الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاقه الواسعة،التي تصب في مصلحة البلدين وتسهم في إرساء الأمن والسلام الدوليين".
هل تحل زيارة ماكرون مسألة التأشيرات؟
ومن المنتظر ان يبحث الطرفان الجزائري والفرنسي خلال هذه الزيارة ملف التأشيرات، بعد الإجراءات المشددة التي فرضتها باريس قبل سنة على منح التأشيرات للجزائريين ومواطني بعض دول المغرب العربي، متحججة بما زعمته حينها "رفض هذه الدول إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مواطنيها الذين يوجدون في فرنسا بشكل غير قانوني"، غير ان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان صريحا وواضحا بشأن هذه المسألة التي زادت من تأزم العلاقات بين البلدين، مشددا على ضرورة أن تحترم فرنسا الشعب الجزائري والدولة الجزائرية وأن تتخلى عن نظرتها الاستعمارية القديمة للجزائر، موضحا أن العلاقات الثنائية لا يمكن لها أن تعو لسابق عهدها إلا إذا احترمت باريس سيادة الدولة والشعب الجزائري.