الحدث

الجزائر وإيطاليا..عهد جديد لعلاقات التعاون والشراكة الإستراتيجية

التوقيع على اتفاقيات جديدة والتأكيد على مواصلة التعاون في المجال الطاقوي

حلّ، أمس، رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي للجزائر في ثاني زيارة له خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، في خضم تطور كبير في العلاقات بين البلدين على الصعيد السياسي والاقتصادي، وخاصة في المجال الطاقوي.

تحظى السوق الطاقوية الجزائرية باهتمام كبير من قبل السلطات الايطالية، إذ تم مؤخرا رفع حجم صادرات الغاز الطبيعي الموجه لروما عبر خطوط أنابيب أنريكو ماتي "ترانسميد"، بالموازاة مع الوضع الصعب الذي تعيشه الدول الأوروبية، جراء التخوف من شح الإمدادات أو قطعها من قبل السلطات الروسية.

 اهتمام كبير بقطاع الطاقة وشراكة بقيمة 4 مليار دولار

كشف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عن إمضاء اتفاق مشترك بين أوكسيدونتال، أيني، توتال بقيمة 4 ملايير دولار، يخص تزويد إيطاليا بكميات كبيرة جدا من الغاز الطبيعي.

وأكد رئيس الجمهورية في ندوة صحفية مشتركة، بأن زيارة دراغي خطوة أخرى نحو بناء علاقات استراتيجية، حيث تم تنظيم محادثات مكثفة في مختلف المجالات، مشددا على أنها لن تقتصر على قطاع الطاقة فقط، والذي يحوز على اهتمام كبير من الطرفين، مشيرا إلى أن الزيارة سمحت بالتطرق إلى العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك في المحيط المغاربي، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية في خضم الوضع الراهن المضطرب وتداعياته على الأمن والاستقرار وتهديده الصريح للأمن الغذائي العالمي، خاصة على إفريقيا والمنطقة المغاربية.

وكشف تبون، بأن اللقاء سمح بالتطرق لقضية الصحراء الغربية، قائلا نتفق مع الأصدقاء في إيطاليا على دعم المبعوث الأممي للصحراء الغربية وكذا البعثة الأممية للاستفتاء في الصحراء الغربية لدورها المهم في تسوية النزاع الذي طال أمده.

وأضاف "حرصنا على التأكيد على أهمية العمل المشترك للمساهمة بشكل إيجابي في إحلال الأمن والسلم في منطقتنا المتوسطية، مشيرا إلى تسجيل تطابق كلي في وجهات النظر بين البلدين حول القضية الليبية، والتي أكد سعي الجزائر وايطاليا للمساهمة في بناء الليبيين لمؤسساتهم بأنفسهم، من خلال انتخاب نزيهة، بعيدا عن أي تدخلات أجنبية".

وأردف الرئيس تبون قائلا، "تبادلنا وجهات النظر حول الوضع السائد في مالي والساحل وأهمية التعاون لتطبيق اتفاق السلم والمصالحة المنبثق من مسار الجزائر وتعزيز دور البعثة الأممية"، كما أعرب رئيس الجمهوربة عن ارتياحه للحصيلة الإيجابية للزيارة، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الهامة في عدة مجالات وعلى إعلان مشترك سيؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الفعال ويرسم خريطة للعلاقات بين البلدين على حد تأكيده. وجدد الرئيس تبون اقتراحه  بأن تكون الجزائر من بين المزودين لأوروبا بالطاقة الشمسية والطاقة الكهربائية.

 الجزائر "شريك هام جدا" بالنسبة لإيطاليا

ومن جانبه رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، أكد أن الجزائر "شريك هام جدا" بالنسبة لإيطاليا في عدة مجالات، مشيرا إلى أنها أصبحت مؤخرا أول ممون بالطاقة لإيطاليا، مشيرا إلى أن الجزائر أصبحت المورد الأول لإيطاليا بالطاقة، مشددا على أن ايطاليا تسعى لمواصلة العمل المشترك.

وعلى هامش الندوة الصحفية المشتركة، لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ورئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي، أكد الأخير على أهمية الجزائر بالنسبة لإيطاليا سواء في حقل الطاقة أو الصناعات وفي حقل مكافحة الجريمة والأمن المتوسطي. وشدد دراغي على أن اللقاء يعكس المستوى الرفيع للتعاون بين البلدين، والذي يشمل الكثير من الحقول، على غرار العدل، الانتقال التكنولوجي وعدة مجالات أخرى.

وبخصوص ميدان الطاقة، أشار دراغي إلى أن شركة سوناطراك ستقوم بتزويد إيطاليا بـ 4 ملايير متر مكعب إضافية من الغاز، ورفع حجم الصادرات، التي قدرت خلال العام الماضي بحوالي 21 مليار متر مكعب. وأكد المسؤول الأول بالحكومة الايطالية، بأن التعاون في مجال الطاقة يشمل الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، والتي وصفها بالهامة، خاصة في ظل المساعي العالمية الحثيثة للانتقال للطاقة النظيفة.

 الجزائر رقم مهم في معادلة الطاقة

ومن جانبه وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، الذي كان ضمن وفد بلاده في القمة الحكومية الجزائرية الإيطالية التي استضافتها الجزائر يوم أمس، أكد، حسب ما نقلته وكالة آكي الإيطالية للأنباء، بأن بلاده عملت على الفور بكل ما في وسعها لمواجهة أزمة الطاقة الناجمة عن التوترات الجيوسياسية الحاصلة شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا.  وكتب دي مايو في تغريدة على منصة تويتر، قائلا "هذا العمل يؤتي ثماره، بعد أسابيع قليلة من بداية الأزمة، أصبحت الجزائر اليوم أول مورد لنا، وذلك بفضل وصول 4 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي، في إشارة إلى إعلان مجمع سوناطراك عن رفع امداداتها من الغاز الطبيعي لروما.وتابع وزير الخارجية الإيطالي كلامه قائلا، سنمضي قدما في شراكة أكثر قوة وبشكل مطرد.

 التوقيع على 15 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون

وقد سمحت زيارة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي بتوقيع اتفاقيات جديدة شملت العديد من المجالات، تأكيدا للجهود المتواصلة بين الطرفين لتعزيز التعاون المشترك. حيث ترأس رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ورئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، القمة الرابعة ما بين الحكومات الجزائرية الإيطالية، والتي افضت للتوقيع على 15 إتفاقية بين البلدين.

وشملت مذكرات التفاهم، التي جرى توقيع اتفاقيات بخصوصها، الصناعة الصيدلانية بين الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية ونظيرتها الإيطالية، وأخرى تخص الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية وكونفدرالية الصناعات الخاصة الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم بين الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار والوكالة الوطنية لجذب الاستثمارات وتطوير المؤسسات.

كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول الوقاية من الفساد ومكافحته، مذكرة تفاهم في مجال الأشغال العمومية، مذكرة تفاهم حول المؤسسات الناشئة، علاوة على مذكرة تفاهم في مجال الصناعة الصيدلانية وأخرى في مجال التعاون الصناعي.

وشملت المذكرات التي جرى التوقيع عليها مجال البحث العلمي، التعاون في المجال الطاقوي والطاقات المتجددة، وكذا بروتوكول تعاون بين وزارتي العدل في البلدين، مذكرة تفاهم في مجال التنمية الاجتماعي، تكافؤ الفرص، التنمية والعائلة، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم في مجال حماية التراث التاريخي وإعلان نوايا حول التعاون في المجال الدبلوماسي.

يشار إلى أن زيارة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي للجزائر، تعد الثانية من نوعها في ظرف أربعة أشهر، بعدما كان قد زار الجزائر في السادس من شهر أفريل الماضي، وسبقته زيارة وزير الخارجية لويجي دي مايو نهاية شهر فيفري، فيما أن الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا، كان قد خص الجزائر بزيارة شهر  نوفمبر من العام الماضي، وفي المقابل فإن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لبى دعوة الرئيس الايطالي في 26 ماي الماضي، ما يبرز التوافق الكبير بين الطرفين والمساعي الحثيثة لتوسيع الشراكة في مختلف المجالات.

من نفس القسم الحدث