الحدث

جاهزون

الجزائر تبهر العالم بأقوى عرض عسكري في ذكرى استقلالها

عكس العرض العسكري الضخم الذي شهدته الطريق الوطنية المحاذية لجامع الجزائر، أمس، التطور الكبير الذي حققه الجيش الوطني الشعبي في الجانب التنظيمي، كما نجح الاستعراض في توجيه رسالة واضحة للجميع، تؤكد القوة الكبيرة التي يتمتع بها الجيش والقدرات الهائلة التي يتوفر عليها في مجال التسليح، وأكد استعراض المنظومة المتكاملة والمتطورة من الأسلحة بمناسبة الاحتفال بستينية الاستقلال، الخيار الاستراتيجي الذي تنتهجه الجزائر فيما يتعلق بتطوير الصناعة العسكرية، وجاهزيتها لمواجهة أي خطر خارجي محتمل. 

عيون شاخصة، أعناق مشرئبة وأيادي أبت التوقف عن التصفيق، هكذا بدا ضيوف الجزائر خلال حضورهم الاستعراض العسكري المميز المنظم بمناسبة الذكرى الستين للإستقلال، فقد عبروا بكل وارحهم عن مدى إعجابهم وانبهارهم بقوة الجيش الوطني الشعبي، الذي جاءت رسالته قوية ومباشرة، أكدت جاهزية أبطاله وبواسله للوقوف صفا واحدا وذرعا متينا في وجه كل من يحاول تهديد أمن واستقرار هذا الوطن، وإن خلت الصور المنقولة من الحوار الدائر بين الضيوف، غير أن ملامح الجميع ترجمت مدى الإعجاب والاعتراف بقوة الجزائر واحترافية جيشها وانضباطه وأقرت بمستوى التكوين والتدريب العسكري الذي توفره لبواسله ما يسد الطريق أمام الحالمين بتعكير صفو وأمن هذا الوطن الحبيب.

ستينية بعطر الوفاء والعرفان للشهداء...

جاءت الصور الأولى من الاستعراض العسكري، جد معبرة في ستينية الجزائر المستقلة فقد حملت كل معاني الوفاء لعهد الشهداء والعرفان بتضحياتهم، فظهر رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني عبد المجيد تبون، مرفوقا بالفريق أول قائد أركان الجيش الوطني الشعبي السعيد شنقريحة، محاطين بفرقة من الحرس الجمهوري، حيث شرع الرئيس في تفتيش المربعات المتراصة والتي قامت بهذا الاستعراض، فكانت البداية بمربع المجاهدين، صانعو المجد والتاريخ، ولقد منحت لهم الاولوية نظير تضحياتهم وبطولاتهم إبان الثورة التحريرية، تلاه مربع لأشبال الأمة في رمزية تدل على التواصل بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، ليشمل ثالث المربعات التي فتشها رئيس الجمهوية مختلف المدارس التابعة للجيش الوطني الشعبي والتي تمثل مختلف قوات الجيش، من قوات برية وجوية وقوات الدفاع الجوي عن الاقليم، القوات البحرية، تلاه مربع الدرك الوطنين الذي شمل المدرسة العسكرية متعددة التقنيات، المدرسة الوطنية التحضيرية لتموين مهندس، المديرية لعسكرية للعتاد، مديرية الإشارة وأنظمة المعلومات الحرب الإليكترونية، المديرية المركزية للصحة العسكرية، الأمن الوطني، الحماية المدنية، الجمارك، ومربعات القوات الخاصة.

صقور الجيش ....يسيطرون على الاجواء

عزفت محركات الطائرات والمروحيات التابعة للجيش الوطني الشعبي سنفونية متناسقة عكست قوة الطيران الحربي الوطني واحترافية أسرابه، والجاهزية القصوى التي يتمتع بها صقور الجيش الوطني الشعبي، فقد استهل الجزء الجوي للاستعراض بتشكيلات زينت السماء وزرعت الشموخ في أرض الجزائر، حيث اجتمعت أكثر من 100 طائرة ومروحية في اجواء العاصمة، لتحلق في أنساق منسجمة عكست طرازا راقيا من التحضير القتالي العالي والتحكم في التكنولويجيات الحديثة ومنظومات الأسلحة المتطورة، ولقد جسدت الأنساق المتعاقبة القدرة القتالية والعمليات العالية للقوات الجوية، والمستوى الراقي في مجالات التدريب والتحضير القتالي لصقور الجيش الوطني الشعبي، ومدى تحكمها في هذه الوسائل الجوية التي تمتلكها بلادنا وتسعى جاهدة لاستتباب مقومات الأمن والسلم في العالم، وفقا لما تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة المعتمدة.

وتقدم الاستعراض الجوي تشكيل لثماني طائرات للتدريب القاعدي والمتقدم من طراز "ل 39"، زينت سماء العاصمة بألوان الراية الوطنية، ولسان حالها يقول " نحن سادة الجو ذروع الوطن فلا راية تعلو فوق رايتنا في هذا البلد ندافع عنه بقلب شجاع ونفس أبية شامخة شموخ وطننا المفدى"، وتلا ذلك تشكيل جوي تقدمته طائرة للتدريب المتقدم لطائرات النقل من طراز "سين 90" بألوان العالم الوطني مرفوقة بانسجام عالي، بطائرتين من طراز "نمر لام 39" الموجهتان للتدريب القاعدي والمتقدم، ليتلوه تحليق ثماني طائرات للتدريب المتقدم والإسناد الناري للقوات من طراز "ياك 130" في تناسق وانسجام.

وباحترافية عالية احتراما للمسافات وتوقيت الظهور برز في الأفق تشكيل لثلاث طائرات للنقل التاكتيكي "سين 130" بمحرك مروحي، والموجهة للدعم اللوجيستي للقوات الاسقاط الجوي للمعدات والقوات ضمان مهام البحث والإنقاذ والإخلاء الصحي، تلاه تشكيل ثلاثي، لطائرات النقل التاكتيكي تقدمته طائرة من طراز "سين 130"، وطائرات "سين 295"، أداه صقور الجو جسد الدقة العالية والمرونة الكبيرة في التنسيق والتدريب، تلاه تشكيل جوي مكون من ثلاث طائرات استطلاعية متعددة المهام موجهة لمهام الاستطلاع الجوي والمراقبة الجوية، كما حلق في سماء العاصمة سرب لثلاث طائرات للنقل الموجهة لضمان الاتصالات الجوية البحث والتصوير الجوي وتنبيه المهام الخاصة للنقل،  كما زينت سماء العاصمة طائرة للنقل التاكتيكي "إليوشن 76 م.د"، الموجهة لنشر القوات، الاسقاط الجوي للقوات والمعدات، الدعم اللوجيستي للوحدات ومهام الاخلاء الصحي، وتم استعراض عملية التزويد بالوقود جوا بطائرات الدفاع الجوي "سوخوي 30" من طرف طائرة التموين "إليوشين 78" كما ضمنت طائرتان مقاتلتان من طراز "سوخوي 30" في نفس التشكيل عملية المراقبة الجوية لهذه المهمة وأبرز هذا التشكيل قدرة طائراتنا المناورة على التحليق والمكوث أقبر قدر ممكن من الزمن في الجو بعد التوغل في عمق العدو وضرب مؤخراته وتدمير قواعده، ليختتم الاستعراض الجوي بتشكيل من اربع طائرات مقاتلة تقدمته طائرة للقصف "سوخوي 24"،  وطائرتان للدفاع الجوي "سوخوي 30".

قوات المدفعية... تزلزل أرض العاصمة

لم يكن استعراض العتاد العسكري، أقل رمزية من سابقه، فقد عكس الاولوية التي توليها القيادات العليا للجيش الوطني الشعبي لتعزيز القدرات الدفاعية، فكانت البداية بعرض عسكري لببعض الأسلحة والعتاد الحربي التي يمتلكها الجيش الوطني الشعبي، فكان سلاح المدرعات الذي يعد القوة الضاربة الرئيسية، فتوالت ارتال الدبابات العسكرية التي هزت محركاتها الطريق المحاذي لجامع الجزائر، رافقتها 20 حوامة عسكرية عكست في شكل أسراب متعاقبة صورة رائعة للتنسيق والتدريب الدقيق والقوة التي يتميز بها جيشنا الشعبي، لتتبعها وحدة فرعية ثانية من دبابات القتال "تي 62" التي تعتبر دبابة قتال رئيسية، ثم وحدة فرعية ثالثة من دبابات القتال "تي 62" المعصرنة، لتحلق بعدها طائرتان من دون طيار من نوع "سي أش 4 ب" موجهة لمهام الاستطلاع والمراقبة الجوية، لتعبر وحدة فرعية جديدة من دبابات القتال "تي 72" المعصرنة، المتخصصة في تدمير الأهداف المدرعة، ثم دبابات القتال "تي 90" المزودة بنظام التشويش الاليكتروني، ثم تقدت الوحدات الفرعية لسلاح المدرعات، تلاه سلاح المشاة الميكانيكية، إلى جانب آليات إسناد وعربات لنقل المشاة مزودة بمنصة إطلاق صواريخ، وعربات قتالية مدولبة مزودة بمنصات صواريخ وعربات استطلاع قتالية.

"المخطاف"... تخطف العقول والأنظار في خليج الجزائر

صنعت وحدات القوات البحرية تشكيلا استعراضيا مميزا تقدمته الغواصة "الونشريس" وتبعتها الغواصة "جرجرة" اللتان تعتبران مفخرة لأسطولنا البحري، كون هذا النوع من الغواصات القاذفة للصواريخ تمتلك قدرة نارية كبرى ناهيك عن قدرتها على تدمير الغواصات الحربية، كما يمكنها أيضا إصابة أهداف برية في عمق إقليم العدو بصواريخ بحر- بر على مسافات كبيرة وبدقة عالية، وتقدمت بعدها سفينة القيادة ونشر القوات "قلعة بني عباس"، لتعبر بعدها مفخرة السلاح البحري، الفرقاطة "الرادع" من القسم البحري لفرقاطات متعددة المهام، ثم تقدمت السفينة "مدرسة الصومام"، وفي ديكور راقي يمتزج بالعزة والقوة رفعة السفينة الشراعية "المخطاف" أشرعتها، لتبحر في خليج الجزائر لتكون فعلا لؤلؤة للقوات البحرية .

المواطنون.... "جيش" من نوع آخر

كعادته، عبر الشعب الجزائري عن وفائه وإخلاصه لهذا الوطن، فقد عجّ منتزه الصابلات المحاذي للطريق الوطني الذي شهد تنظيم الاستعراض العسكري، بالمواطنين الذين قدموا منذ الساعات الأاولى من يوم أمس، وبقوة للمشاركة في الاحتفال بستينية الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، فلم تمنع درجات الحرارة المرتفعة ولا المسافات البعيدة المواطنين الذين قدموا من مختلف ولايات الوطن، من مشاركة وطنهم فرحة عيد الاستقلال، ليشكل جمع الحاضرين من المواطنين "جيشا من نوع آخر".

رسائل الاستعراض...

وفي عز احتفالاتها وانهماكها بتخليد ذكرى استقلالها، لم تتخل الجزائر عن تقاليدها الدبلوماسية ومبادئها القائمة على حسن الجوار وجمع الفرقاء، فلقد ضمت المنصة الشرفية المنصبة في مركز الجامع الأعظم، أسماء فرقتهم المواقف والآراء وجمعهم "احتفال الجزائر"، فبالإضافة إلى الرمزية الكبيرة التي مثلها اختيار مكان الاستعراض العسكري والذي جاء رسالة واضحة تؤكد محو بلادنا لجميع آثار المستعمر الفرنسي واعتزازها بعروبتها وإسلامها وعزتها، صنع حضور بعض الشخصيات حفل ستينية الاستقلال الحدث، وذهبت عديد القراءات إلى تأكيد نجاح الجزائر في لم شمل الفرقاء خاصة بالنسبة للخلاف القائم بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس

وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حيث ذهب كثيرون إلى التأكيد بأن الجزائر تواصل مساعيها للم الشمل وتوحيد جميع الفصائل بدليل استضافة كل من الرئيس الفلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية، الذين حضرا الاستعراض العسكري، ما يثبت مجددا نية الجزائر الصادقة في توحيد الصف الفلسطيني وإدارة جلسات الصلح بين المتخاصمين لتوحيد الفلسطينيين.

إلى ذلك، قدم حضور الرئيس التونسي قيس سعيد لحضور احتفالية ستينية الاستقلال رسالة واضحة تؤكد تمسك الجزائر بمبدأ حسن الجوار، كما أن زيارة الرئيس التونسي وإن كانت تحمل في شكلها إرادة في المشاركة في عيد الاستقلال الستون لبلادنا، بحكم التاريخ والنضال المشترك بين البلدين ضد الاحتلال الفرنسي، خصوصا فيما يخص أحداث ساقية سيدي يوسف، غير أنها تقدم في طياتها رسالة واضحة تؤكد أن تونس باقية على علاقات الاخوة التي تجمعها بالجزائر وأنها تنظر للجزائر على أساس أنها الشقيق الأكبر.

من نفس القسم الحدث