الحدث

الجزائر بلد ذو موثوقية وإسبانيا الخاسر الأكبر اقتصاديا ..

تداعيات تعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع مدريد

اتخذت السلطات العليا للبلاد نهاية الأسبوع المنقضي، قرارا يقضي بتعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع اسبانيا، على خلفية الموقف الذي تبنته حكومة بيدرو سانشيز إزاء ملف الصحراء الغربية.

انتهجت السلطات العليا للبلاد في الآونة الأخيرة مسارا جديدا في علاقاتها الاقتصادية، عبر تبني مقاربة ترتكز على تنويع الشركاء الاقتصاديين، ما يجعلها غير مقيدة وغير مجبرة على التعامل مع جهة واحدة. 

 الجمعية الوطنية للتجار والمستثمرين والحرفيين..إسبانيا بحاجة للسوق الجزائرية وليس العكس

 قالت الجمعية الوطنية للتجار والمستثمرين والحرفيين، بأن قرار تعليق العمل بمعاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع اسبانيا ستكون لها تداعيات على الجانب الاسباني، مشددا على أن مدريد في حاجة للسوق الجزائرية وليس العكس. وأوضح رئيس الجمعية الحاج الطاهر بولنوار في بث مباشر على صفحة الجمعية، بأن المواد التي تستوردها الجزائر من اسبانيا متوفرة بدول أخرى، على غرار البرتغال، تركيا، الصين وايطاليا، التي تعرف العلاقات بين البلدين حركية كبيرة في الآونة الأخيرة، كما أكد بأن ما يتم استيراده من إسبانيا يمكن تعويضه برفع الإنتاج الوطني.

ولم يخف ذات المتحدث تأكيده، على أن قرار السلطات العليا للبلاد بتعليق المعاملات التجارية بين البلدين، ستنجر عنها تأثيرات سلبية، غير أنه شدد على الخاسر الأكبر من القرار هي اسبانيا، مضيفا بأن المواد التي يجري استيرادها من اسبانيا يمكن اقتنائها من أسواق أخرى، لكونها ليست حصرية على السوق الإسبانية، ما يعني بأن الجزائر بامكانها الاستغناء عن السوق الإسبانية والتوجه نحو دول أخرى لسد احتياجاتها من الواردات.

وأشار الحاج الطاهر بولنوار، بأن المتعاملين الاقتصاديين بامكانهم تعويض المنتجات، التي يجري استيرادها من اسبانيا عن طريق زيادة الإنتاج الوطني من قبل المؤسسات الجزائرية، التي تنتج نفس تلك المنتجات والسلع، والتي تعتبر فرصة لمضاعفة الإنتاج الوطني.

وتتمثل الصادرات الجزائرية نحو إسبانيا بـ 90 بالمئة من المحروقات، بالإضافة إلى حوالي 10 بالمئة من منتجات مختلفة، على غرار البلاستيك، البذور، الأسماك ومواد أخرى مثل السكريات والتمور والأسمدة، في حين فإن الواردات الجزائرية من إسبانيا تتمثل في آلات وأجهزة، الورق والكرتون خاصة الموجه منه للتغليف، علاوة على الزيوت النباتية والحيوانية وكذا مشتقات الحديد، الأصباغ، ومواد بلاستيكية.

وفي هذا السياق أكدت الجمعية دعمها للموقف السيادي للدولة الجزائرية بتعليق التعاملات التجارية، كونه جاء كرد فعل بعد انقلاب اسبانيا على مواقفها السابقة، بدليل تحميل الأحزاب الاسبانية للحكومة مسؤولية تردي العلاقات، وشدد بولنوار بأن الجمعية ستعمل على إيجاد بدائل للمواد التي يجري استيرادها من اسبانيا.

جدير بالذكر، فإن اسبانيا تعتبر الزبون الثالث للجزائر، فيما تعتبر اسبانيا الممون الخامس للجزائر، ويتراوح حجم التبادل التجاري بينهما بين 7 و8 مليار دولار، كما أن الجزائر تعد الزبون الثاني لإسبانيا على الصعيد الافريقي، فيما أن الجزائر تزود اسبانيا بـ 50 بالمئة من احتياجات السوق الإسبانية من الغاز، حسب ما كشف عنه رئيس الجمعية الوطنية للتجار والمستثمرين والحرفيين.

وقد خلف قرار الجزائر بتعليق العمل بمعاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع اسبانيا، ردود أفعال من قبل سلطات مدريد والاتحاد الأوروبي، إذ قال مسؤولان في الاتحاد، بأن القرار الذي اتخذته الجزائر، قد يكون انتهاكا لقانون التجارة في الاتحاد الأوروبي.

وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، في بيان مشترك، الاتحاد الأوروبي مستعد للوقوف ضد أي نوع من الإجراءات القسرية المطبقة ضد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، غير أنهما أكدا تفضيلهما للحوار لحل الخلافات. وفي الوقت، الذي سارع الاتحاد الأوروبي للحديث عن قرار تعليق العمل بمعاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع اسبانيا، فإن الجزائر تبقى في نظرة العديد من الدول والمنظمات، دولة ذات موثوقية عالية في الالتزام باتفاقياتها.

وتبقى الاتفاقيات الطاقوية، التي تربط الجزائر باسبانيا لتزويدها بالغاز عبر خط الأنابيب ميد غاز سارية المفعول، وجرى في الآونة الأخيرة الحديث عن مفاوضات لإعادة النظر في أسعار الغاز، ولم تخل الجزائر بالتزماتها وتواصل تزويد إسبانيا بالغاز، وتستورد إسبانيا من الجزائر حوالي 10,5 مليار متر مكعب سنويا، في الوقت الذي تمر فيه دول القارة العجوز بصعوبات كبيرة في الحصول على شحنات بديلة من الغاز الروسي، في ظل التخوفات من شح الإمدادات وكذا وقف روسيا لامداداتها.

 

 هذه بنود معاهدة الصداقة اتي تقرر تعليقها..

 تضمنت معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع اسبانيا عدة بنود واتفاقيات ثنائية في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب وقد تم توقيعها في 8 أكتوبر 2002.

وحلمت الجريدة الرسمية في عددها الـ 49 والصادرة بتاريخ 17 أوت 2003 بنود معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار مع اسبانيا، والتي تقضي باحترام الشرعية الدولية، وتمسك الأطراف المتعاقدة بحسن نية بالالتزامات التي تعهدت بها طبقا لمبادئ ومعايير القانون الدولي،  وكذا الالتزام بتسوية الخلافات التي قد تنشأ بين البلدين بالطرق السلمية بحيث لا تهدد السلم والأمن الدوليين.

كما أن المعاهدة تشمل توطيد العلاقات الثنائية في المجال القنصلي والمبادلات البشرية وتنقل الأشخاص والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع بالمخدرات، كما أنها تؤكد على ضرورة اجتماع رؤساء حكومة البلدين مرة في السنة واجتماع وزراء خارجية البلدين مرة في السنة أيضا، كما أن ما جرى توقيعه بين البلدين يحدد ضرورة تشجيع الاتصالات بين القطاعات المنتجة ومصالح البلدين ومشاريع الاستثمار والمؤسسات المختلطة .

وتضمنت المعاهدة تنفيذ برامج مشتركة للبحث والتطوير وإنتاج أنظمة الأسلحة والمواد والمعدات الدفاعية الموجهة لتغطية احتياجات الطرفين من خلال تبادل المعلومات التقنية والتكنولوجية والصناعية وكذا التعاون في مجالي التربية والتعليم.

يشار إلى أن جمعية البنوك الجزائرية، أعلنت إيقاف التوطين البنكي لاستيراد المنتجات الاسبانية، ووجهت تعليمة البنوك أكدت فيها منع كافة البنوك في البلاد من اجراء أي عملية توطين بنكي لعمليات الاستيراد والتصدير مع إسبانيا، على خلفية موقف حكومة بيدرو سانشيز من قضية الصحراء الغربية، والذي يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية، حسب ما كشفت عنه رئاسة الجمهورية في بيان لها.

كما أشارت بأن موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، ويساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وبالمنطقة قاطبة.

من نفس القسم الحدث