الوطن
نطالب بإصلاح المنظومة التربوية من طرف مختصين لتحقيق جودة التعليم
يزيد بوعنان المكلف بالإعلام للمجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات في حوار لـ "الرائد"
- بقلم مريم عثماني
- نشر في 25 ماي 2022
توقع يزيد بوعنان المكلف بالإعلام للمجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات، أن تكون السنة الدراسية المقبلة 2022/2023 صعبة على تلاميذ المدارس، بسبب النقص المعرفي والزاد العلمي الذي تحصلوا عليه خلال الموسم الدراسي الحالي، معتبرا أن 35 بالمائة من البرامج التعليمية لم تستكمل، الأمر الذي سيرفع مستوى الرسوب خاصة وسط المقبلين عن الامتحانات الرسمية، دعيا الوصاية اللجوء إلى إستراتيجية شاملة للوصول إلى جودة التعليم والاستنجاد بمختصين لإصلاح المنظومة التربوية، وفي الشأن المطلبي دعا إلى بقانون أساسي منصف وعادل مبني على فلسفة الهرمية والترتيبية ويعالج كافة الاختلالات.
تكاد السنة الدراسية الحالية تنقضي كيف تقيمون هذه السنة وماهي التصورات التي ترسمونها لتجاوز سلبيات هذه السنة واستقبال سنة دراسية جديدة في أحسن الأحوال؟
لقد شهدت هذه السنة مجموعة من المشاكل والهزات ابتداء من المشاكل الناجمة عن جائحة كورونا والذي فرض على المجموعة التربوية اتباع تنظيم تربوي جديد يقوم على التباعد والتفويج والتدريس على فترتين مختلفتين والتقليص من الحجم الساعي لمختلف المواد التعليمية وهذا ما أثر سلبا على التحصيل العلمي والمعرفي للتلاميذ، إضافة إلى الإضرابات التي شهدها القطاع خاصة في مرحلة التعليم الثانوي والمقاطعة الإدارية التي حرمت التلاميذ في هذه المرحلة من الاطلاع على كشوف النقاط ومعرفة علاماتهم ومعدلاتهم بشكل دقيق إلى غاية نهاية السنة الدراسية وفي هذا الشأن فإن الوزارة تتحمل كامل المسؤولية لأنها لم تسعى إلى حل هذه الإشكالات بطرق قانونية ناجعة وسريعة، وكنتيجة لذلك فقد شاهدنا تأخرا كبيرا في تنفيذ المناهج حيث أنه وفي أحسن الأحوال فإن نسبة تنفيذ المنهاج لم تتعد 65بالمائة في أغلب المواد التعليمية، وهذا يؤثر بشكل ملحوظ على المستوى خاصة لأقسام الامتحانات (السنوات النهائية) حيث سينتقلون إلى مستوى أعلى بزاد علمي ومعرفي ناقص ناهيك عن نسبة الرسوب التي سوف ترتفع مما يسبب اكتظاظا كبيرا في مختلف الأفواج السنة المقبلة.
لقد فتحت الوزارة هذا العام مجموعة من الملفات الشائكة وعلى رأسها ملف القانون الأساسي الخاص بأسلاك التربية، ماهي نظرة نقابتكم لهذا الملف، وماذا تقترحون من أجل إعداد قانون أساسي منصف وعادل يرضي كافة الأسلاك والرتب؟
إن المرسوم التنفيذي 12-240 الذي يحدد القانون الأساسي الخاص بأسلاك التربية الوطنية، ومنذ إصداره في شهر جوان 2012 شهدت الساحة التربوية بشأنه احتجاجات وإضرابات لأنه لم يكن عادلا وفرض وفق نظرة نقابية أحادية قاصرة لم تراع في عملها مع الوزارة آنذاك خصوصيات ومهام ومسؤوليات مختلف الأسلاك، وتم بناؤه على فلسفة غريبة لم نلاحظ مثلها في أي قطاع ولا حتى في أية دولة شقيقة أو صديقة وهذه الفلسفة هي (فلسفة التوازي بين مسارين إداري وبيداغوجي) وهو ما خلق اختلالات وإجحافات كبيرة في حق بعض الأسلاك الإدارية، لا سيما سلك (مديري الثانويات)، فبالرغم من حجم المهام والمسؤوليات المعقدة وساعات العمل الطويلة التي يفرضها المنصب إلا أن المرسوم التنفيذي 12-240 ساوى بين المدير وبين أسلاك ورتب أخرى وذلك لأن مدراء الثانويات وغيرهم من الأسلاك المتضررة الأخرى لم تكن ممثلة في اللجنة المشتركة التي أعدت القانون الخاص سنة 2012، والنقابات الفئوية التي كانت موجودة آنذاك لا تمثلهم إطلاقا فأنتجت قانونا مجحفا غير عادل يرتكز على فلسفة خاطئة وغير قانونية تتناقض مع العديد النصوص والمواد القانونية التي تتضمنها بعض القوانين المرجعية وعلى راسها القانون 08-04 المتضمن القانون التوجيهي للتربية والامرية الرئاسية 06-03 المتضمنة لقانون الوظيفة العمومية، وعليه ومنذ تأسيس نقابتنا سعينا إلى تصحيح هذا الخطأ وقدمنا مقترحاتنا للوزارة من أجل إعداد قانون أساسي خاص منصف يثمن كافة المسارات التكوينية والتعليمية ويثمن أيضا المهام والمسؤوليات والصلاحيات لأن هذه المهام والمسؤوليات يختلف حجمها وتأثيرها وخطورتها من سلك إلى آخر ومن رتبة إلى أخرى، وتعتبر مهام ومسؤوليات مدير الثانويات من أكثر المها تعقيدا وتشابكا، ورافعنا على أن تكون مسارات الترقية متقاطعة ومتعددة وأن تبنى بشكل هرمي وتراتبي وغير متساو ليأخذ كل ذي حق حقه.
وعليه فإن نقابتنا باعتبارها هي الممثل الوحيد لسلك (مديري الثانويات) تطالب بأن تتولى كل نقابة الدفاع عن منتسبيها وأسلاكها، ولا يحق لأي نقابة أن تتحدث عن سلكنا أو تقترح كيف يجب أن يرقى مدير الثانوية، ومادام القانون التوجيهي للتربية ومختلف قوانين الجمهورية الجزائرية تعتبر بأن قطاع التربية قطاع استراتيجي فإن مسؤولي قطاع التربية وكذا نقابات القطاع مطالبة بأن تجعل من موظفي القطاع في أعلى السلم الوظيفي بعيدا عن المقارنات والأنانيات غير المجدية، ونضالها يجب أن ينصب للرفع من المكانة الاجتماعية لجميع موظفي القطاع وذلك بتسخير الإمكانيات المالية اللازمة للرفع من هذه المكانة وليس بالمقارنة والتمسك بفلسفة التوازي والتساوي التي تسببت في الكثير من الاختلالات وفي الكثير من مشاكل التسيير والصراعات غير البريئة.
ومن هذا المنطلق فإن نقابة المجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات تشدد على أن يبنى القانون الأساسي الجديد بناء هرميا تراتبيا وأن يكون مدير الثانوية على رأس هذا الهرم وذلك طبقا للنصوص والقوانين المرجعية المعتمدة والتي تنص صراحة على ذلك، وتماشيا بما هو معمول به في باقي البلدان الصديقة والشقيقة حيث ان كل واحد في سلم المنظومة التربوية يجب أن يأخذ حقه حسب المسؤولية والمهام ومسارات التكوين المختلفة، فالترقية التي نراها صحيحة ومنصفة لكل الأسلاك والرتب هي الترقية وفق مسارات متقاطعة وليس وفق مسارين متوازيين، لأن هذه الأخيرة قد تسببت في إجحافات واختلالات والمنطق يقول أنه يجب ألا نبقي على هذه الاختلالات وألا نبقي على الأسباب التي أدت إليها وألا نعالج الاختلالات باختلالات أخرى تماثلها أو أكثر منها.
ومن خلال هذا ندعو الحكومة إلى ضرورة فتح ملف التعويضات والعلاوات والمنح لأنه هو الذي يمكننا من رفع القدرة الشرائية للموظفين وان القانون الأساسي الخاص ونظرا لأنه مرتبط بمجموعة من القوانين لا يمكنه أن يغير في واقع الموظفين والعمال الشيء الكثير، فالقدرة الشرائية التي انهارت بشكل غير مسبوق تحتاج إلى رؤية جديدة مدروس بطريقة علمية دقيقة لبناء سلم أجور يكون مرتبطا بالقدرة الشرائية بحيث يعتمد على آلية متحركة مع ارتفاع الأسعار حتى نحفظ كرامة الموظفين والإطارات في قطاع التربية الذي تضرر منتسبوه بسبب هذا الارتفاع الجنوني.
لقد شهد ملف بيع وتوزيع الكتاب المدرسي السنة الماضية مشاكل كبيرة، ما سبب ذلك وكيف يمكن تجاوز هذه المشاكل الموسم المقبل؟
ملف الكتاب المدرسي هو من بين الملفات التي طرحتها نقابتنا على الوزارة منذ قرابة أكثر من عامين أي بعد حصولنا على الاعتماد مباشرة، وقد قاطعنا خلال السنة الماضية عملية تسيير هذا الملف من بيع وتوزيع لأن الوزارة لم تستجب آنذاك لمطلبنا في هذا الشأن ويتلخص هذا المطلب في كون أن (الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية) -وهو الجهة المسؤولة عن طبع وتوزيع الكتاب- يعتبر مؤسسة اقتصادية ربحية كغيرها من المؤسسات الاقتصادية الأخرى وان (مديري الثانويات) باعتبارهم كموظفين عموميين لا يمكنهم إطلاقا العمل عند هذه الهيئة الاقتصادية الربحية دون مقابل ولذلك طالبنا بإحداث منحة معتبرة للمؤطرين المسؤولين على تسيير ملف الكتاب (المدير، والمقتصد)، لكن الوزارة تماطلت العام الماضي في معالجة هذا المطلب فقاطعنا العملية مما جعل ديوان المطبوعات المدرسية يلجأ إلى المكتبات الخاصة مع تخصيص نسبة من 10 الى 12 بالمائة من قيمة المبيعات كهامش للربح، وهو ما خلق فوضى عارمة حرمت العديد من التلاميذ من الحصول على الكتاب المدرسي، ولذلك فإن الوزارة وعدت بإعداد منشور تخصص من خلاله منحة جزافية لمؤطري عملية تسيير ملف الكتاب المدرسي ونحن في انتظار هذا المنشور ونطالب بان تكون هذه المنحة معتبرة وليست زهيدة حتى نقضي على الفوضى التي شهدتها عملية بيع الكتاب المدرسي العام الماضي.
ملف إصلاح المنظومة التربوية هو من الملفات الشائكة التي ظلت تراوح مكانها، والتي شهدت جدالات بين مختلف الفاعلين، ماهي رؤيتكم لهذا الملف وكيف السبيل لإحداث إصلاح تربوي يغير من واقع القطاع إلى الاحسن؟
إن ملف إصلاح المنظومة التربوية لكي يحقق مبتغاه يجب أن يكون بعيدا عن الصراعات والتجاذبات الإيديولوجية، وإن يشارك فيه كل الفاعلين والمختصين والكفاءات حتى نستطيع تجاوز الرؤية الضيقة التي رافقته سابقا، خاصة وان المنظومة التربوية تعنى بتكوين الإنسان وان الإنسان هو اهم ثروة يجب الاستثمار فيها، كما أن الإصلاح التربوي للمناهج والبرامج يجب أن نتوخى منه جودة التعليم، وجودة التعليم لها معايير محددة يجب توفيرها ومن أهم هذه المعايير: -جودة البرامج والمناهج ومواكبتها للتطورات العلمية والتكنولوجية المتسارعة، -تحديث طرق التقييم والتقويم وجعلها أكثر مرونة وعلمية خاصة في المراحل الأولى للتعليم، -جعل قطاع التربية قطاعا استراتيجيا تعطى له الأولوية في كل شيء، -توفير الإمكانيات المادية والمالية وجعلها رهن الإشارة للمؤسسة التربوية، -الاعتناء بالتكوين أثناء الخدمة وذلك لمواكبة التطورات الحاصلة يوميا، -الاستعانة ببعض الخبرات الأجنبية لا سيما في المجال العلمي وفي مجال تكنولوجيا المعلومات، وغيرها من المعايير الأخرى.
ولإنجاح ملف الإصلاح يجب الاعتماد على الهيئات والمجالس الاستشارية والتي نص عليها القانون 08-04 المتضمن (القانون التوجيهي للتربية) والإسراع في تنصيبها وتشكيلها مثل (المجلس الأعلى للتربية وكذا المرصد الوطني للمناهج والبرامج) لكنها لم ترى النور لحد الساعة، وأن يراعى في تشكيل هذه الهيئات عنصر الكفاءة والقدرة على اتخاد المبادرات والتجربة، وهذه الهيئات الاستشارية بإمكانها تجاوز الرؤية الضيقة التي لازمت ملف الإصلاح في السنوات الماضية.
ونحن على مقربة من موعد الامتحانات الرسمية كيف تتوقعون في نقابتكم وماهي الإجراءات الواجب اتخاذها لإنجاح هذه المواعيد الوطنية المصيرية؟
الامتحانات الرسمية خاصة البكالوريا هي محطة مصيرية في حياة الطالب والولي والمجتمع ككل، ونحن كنقابة مطلبية طالبنا أولا بضرورة تخصيص منحة تعويضية معتبرة لرؤساء المراكز ولجميع المؤطرين ذلك ان رئاسة مركز بكالوريا خاصة هي عملية خطيرة ومعقدة يترتب عنها مسؤوليات وتعبا وارهاقا لا يمكن تصورها تقتضي من رئيس المركز أن يعمل دون انقطاع لمدة لا تقل عن 15 يوما خاصة في فترة الإجراء حيث أن رئيس مركز الإجراء يعمل يوميا من الساعة الرابعة 04صباحا الى الساعة الثامنة 20 ليلا وسط ضغط رهيب ومقابل هذا العمل الجبار يتقاضى تعويضا زهيدا لا يتعدى 5000 دج طوال هذه الفترة، وذلك بالرغم من ان الديوان الوطني للامتحانات المسابقات له مداخيل مالية معتبرة من خلال حقوق التسجيل التي يدفعها المترشحون علاوة على الميزانية التي تخصصها الدولة لهذه المؤسسة، ولذلك فنحن طالبنا ونطالب بتعويضات معتبرة مقابل هذا الجهد على الا تنزل هذه التعويضات عن اجرة نصف شهر من العمل، ووعدت الوزارة بتثمين التعويضات لكن لحد الساعة نحن ننتظر، اما باقي النقاط فاعتقد أن الامتحانات الرسمية سوف تجرى في ظروف عادية ماعدا مشكل تنفيذ المناهج الذي شهد تأخرا ملحوظا هذه السنة وهو ما سوف يؤثر على التحصيل العلمي والمعرفي للتلاميذ وعلى مستواهم عند انتقالهم الى مستويات عليا في المعاهد والجامعات مما قد يسبب ارتفاعا في نسبة الرسوب.