الحدث

العيد ربيقة وزير المجاهدين وذوي الحقوق في حوار لجريدة الرائد

تطرق وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة في حوار خص به جريدة "الرائد" إلى التحضيرات الخاصة بالاحتفال بالذكرى الستين لعيد استرجاع السيادة الوطنية، كاشفا عن إطلاق منصة رقمية ببعد دولي، تعكس صورة الجزائر التاريخية والحضارية تزامنا والاحتفال بهذه الذكرى المجيدة، تماشيا مع حرص القيادة العليا للبلاد على إيلاء الأهمية القصوى لهذا الحدث التاريخي الهام، كما عرج الوزير ربيقة على مختلف القضايا التي تهم الذاكرة الوطنية، لافتا إلى أهمية اعتماد مقاربات أكاديمية جديدة لكتابة التاريخ الوطني، من خلال الاعتماد على " بنك معطيات موحد للتاريخ"، بالإضافة إلى قضايا أخرى تتابعونها في هذا الحوار.

  • تستعد الجزائر لإحياء الذكرى الستون لعيد استرجاع السيادة الوطنية، كيف يجري التحضير لهذا الحدث التاريخي العظيم ؟

يحتفل الشعب الجزائري هذه السنة بالذكرى الستين لعيد استرجاع السيادة الوطنية، في عهد الجزائر الجديدة، وفي ظلّ ظروف جيواستراتيجية خاصة يشهدها محيطنا الإقليمي والدولي، وهي مناسبة عظيمة سطّرت لها اللجنة الوطنية لتحضير حفلات إحياء الأيام والأعياد الوطنية، والتي تشارك فيها عديد القطاعات الوزارية والمنظمات والجمعيات الوطنية والتي تعنى بحماية الذاكرة الوطنية، برامج وعمليات خاصّة تتضمّن نشاطات وفعاليات تاريخية وثقافية وعلمية، وبالنظر لأهمية هذه المناسبة التي توليها السلطات العليا للبلاد أهمية خاصة فقد تعزّز عمل اللجنة الوطنية،  بتشكيل لجنة إشراف للتحضير لهذه المناسبة تحت سلطة السيد الوزير الأول، وتتولى أمانتها وزارة المجاهدين وذوي الحقوق؛ هذه اللجنة التي تعمل على ضبط الخطوط العريضة لكل العمليات والفعاليات  الكبرى للذكرى الستين من بينها  الحفل الرسمي الذي سيقام أمسية 04 جويلية 2022، وكذا تنظيم الملتقى الدولي حول أصدقاء الثورة  الجزائرية، عرفاناً من الجزائر بمساهمتهم المادية والمعنوية في كفاحنا التحريري؛ وهو الملتقى الذي نروم من خلاله إبراز البعد الدولي والإنساني لثورتنا المجيدة، وكذا نجاح الآلة الديبلوماسية خلال ثورة التحرير الوطني في حشد التأييد العالمي على المستويين الرسمي والشعبي لقضيتنا الوطنية.

وبودّي في هذه السانحة أن أذكّر بأنّ الاحتفال بهذه المناسبة قد اختير لها شعار "تاريخ مجيد وعهد جديد"، وهو شعار يحمل في مضامينه رمزية تاريخ أمتنا وأبعادها الحضارية ودلالات تشييد صرح الجزائر الجديدة، وتجدر الإشارة إلى أنّه سيتمّ  بعد أيام الإعلان عن الشارة  الرسمية (Logo) الخاصة بهذه الذكر بحضور مختلف وسائل الإعلام.

  • نفهم من كلامكم أن هناك مقاربة جديدة في الاحتفال بالذكرى الـ 60 لاسترجاع السيادة الوطنية؟

أكيد أن هناك تصور جديد لإحياء المناسبات والذكريات الوطنيةوتخليد ذكريات الأحداث والرموز ، وفقرؤية جديدة من حيث الشكل والمضمون، عبر إشراك  الشباب التي ترى مسألة الذاكرة بعيون جديدة ومنهج جديد في كنف الجزائر الجديدة، ومن حقّها أن تجد ذاتها في هذه الاحتفالات المجيدة التي هي ملك مشترك وموروث لجميع بنات وأبناء الشعب الجزائري.

وبالنظر إلى التطور التكنولوجي الحاصل وسطوته في شتى المجالات، وزارة المجاهدين وذوي الحقوق  قد واكبت هذا  التطوّر عبر استغلال وسائل الاتصال الحديثة، وعليه سيتم إطلاق منصة رقمية كواجهة لتاريخ وحضارة الجزائر وإنجازاتها خلال ستين سنة، حيث ستطلق هذه المنصة باللغتين العربية والإنجليزية تحضيراً للعمليات الخاصة بالاحتفال بالذكرى الستين  لعيد استرجاع السيادة الوطنية.

  • إلى أي مدى يمكن لهذه المنصة الرقمية أن تساهم في التعريف بتاريخ الجزائر والرد على الأبواق الناعقة التي تريد أن تطمس مراحل مفصلية منه؟

نعم، ستعرض المنصة الرقمية الخاصة بالذكرى الستين، تاريخ الجزائر منذ آلاف السنين، مرورا بكافة المراحل التي عرفها وصولا إلى استرجاع السيادة الوطنية، بعد كفاح شهد له العدو قبل الصديق ، كما أن هذه المنصة سترصد، كما قلت آنفاً، المعالم الكبرى للانجازات المحققة في على مدى ستين عاما  من عهد الدولة الجزائرية المستقلة في كل المجالات .

كما ستكون هذه المنصة المصممة بمواصفات تقنية عالمية نافذة للتعريف ببعض  الشخصيات  جزائرية الأصل في شتى المجالات، والتي يحاول  أعداء الجزائر  - لصوص التراث والتاريخ- نسبها إلى أقطارهم زوراً وبهتاناً، كما  أنها ستعتبر وسيلة للرّد  بمنهجية  أكاديمية  على الكثير من المغالطات التي يروّج لها أعداء التاريخ، وهو ما سيمكّن الشباب من الإطلاع على تاريخهم المجيد  واستشراف مستقبلهم  الجديد.

من جهة أخرى ستكون هذا المنصة فضاءً للتواصل والنقاش حول مواضيع تاريخية وأيضاً فضاء لتنافس الناشئة في مسابقات تاريخية سيتم إطلاقها خلال هذه المناسبة.

أشير فقط إلى أن هذه المنصة،  يعمل على تصميمها طاقات متميّزة من شباب الجزائر أصحاب مؤسسات ناشئة ، وهم بذلك سيسهمون في الحفاظ على ذاكرتهم بتقنيات حديثة  والاحتفاء على طريقتهم بالذكرى الستين لعيد استرجاع السيادة الوطنية.

  • ماذا عن الأعمال الأخرى التي يتم إنجازها بهذه المناسبة التاريخية؟

طبعاً، ستشهد سنوية الاحتفال بستينية استرجاع السيادة الوطنية، وفق البرامج المقترحة من طرف مختلف القطاعات، والمعتمدة من طرف لجنة الإشراف على التحضير لهذه الذكرى، من بينها نشاطات علمية وأكاديمية تاريخية هامة، وذلك وفق مقاربات أكاديمية جديدة لكتابة التاريخ الوطني، من خلال الاعتماد على "بنك معطيات موحد للتاريخ"، واستغلال في ذلك مخابر البحث المتخصّصة على مستوى المؤسسات الجامعية، فضلاً  عن طبع وإعادة طبع الكتاب التاريخي، حيث سيتم إصدار 150 عنواناً من بينها  كتب مرجعية لتاريخ الجزائر سيتم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، وأخرى بكتابة البرايل موجهة لذوي الهمم من  أصحاب التحديات البصرية.

كما أطلقت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق مسابقة وطنية لإنجاز أعمال سمعية بصرية تاريخية ترتكز على إبراز البعد الإنساني في مواضيعها المرتبطة بفترة المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة التحرير الوطني، وذلك في مختلف الأجناس (الفيلم الوثائقي الطويل والقصير، الفيلم الروائي الطويل والقصير بتقنية التحريك ثنائي وثلاثي الأبعاد موجه للأطفال، السلاسل الوثائقية...)،  وهي المسابقة التي تم فتح جانب منها للشباب والمؤسسات الناشئة لتشجيعها على العمل في المجال السمعي البصري التاريخي، وإبرازها لعدة جوانب من تاريخنا المجيد على غرار الثورة الفكرية والثقافية التي واكبت مسيرة الكفاح المسلّح.

  • حديثكم عن الأعمال السمعية البصرية التاريخية ودورها في تبليغ الرسالة التاريخية، يدفعنا للتساؤل عن مشاريع انجاز أفلام حول رموز تاريخنا المجيد من بينها فيلم الأمير عبد القادر؟

لقد اكتسبت وزارة المجاهدين و ذوي الحقوق بحكم تجاربها السابقة في هذا المجال خبرة كبيرة في الأعمال السينمائية المخلّدة لأحداث ورموز ثورتنا المجيدة،  و في هذا السياق يعمل القطاع على انجاز ثلاثة أفلام تاريخية حول رموز الثورة التحريرية القادة : زيغوت يوسف، سي الحواس و أحمد بوقارة،  حيث تمت الموافقة على سيناريو القائد زيغوت يوسف، وتم الإعلان عن مسابقة وطنية لكتابة سيناريوهات الفيلمين الأخرين، وستواصل الوزارة عملية انجاز أفلام حول رموز المقاومة الشعبية و الحركة الوطنية و ثورة التحرير الوطني في إطار سياسة توثيق مآثرهم وتخليد ذاكرتهم   ونقل بطولاتهم للأجيال الناشئة.

أما بخصوص الأمير عبد القادر الجزائري، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، فرجل اجتمعت في شخصيته كل السجايا الحميدة والقيم السامية، باعتباره شخصية عالمية ببعدها السياسي والعسكري والثقافي والإنساني؛  ومشروع الفيلم المزمع انجازه هو عمل سينمائي ضخم سيروي سيرة ومسيرة الأمير بكل أبعادها ، حيث تم إنشاء مؤسسة خاصة لدى الوزارة الأولى للتكفل بإنجاز هذا العمل ببعد عالمي وبمواصفات تراعى فيها أدبيات وجماليات وكذا تقنيات السينما العالمية.

  • يكثر الحديث مؤخراً حول العلاقات الجزائرية الفرنسية لاسيما في مجال الذاكرة، كيف يمكن تسوية ملف الذاكرة الذي لا يزال عالقا وعائقا في العلاقات الثنائية بين البلدين؟

لا يختلف اثنان في أن للذاكرة الوطنية  مكانتها الحيوية الخاصة، وهو الأمر الذي يؤكّد عليه دوماً رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون على  أنّ الحفاظ  عليها واجب مقدّس باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من السيادة الوطنية وإحدى الأسس التي تُبنى عليها الجزائر الجديدة،  التي حقّقت نجاحا في معالجة ملف استرجاع  رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية ودفنها بأرض الوطن يوم 05 جويلية 2020،  بالإضافة  معالجات الملفات الأخرى كاسترجاع الأرشيف ومفقودي ثورة التحرير الوطني،  وملف التفجيرات والتجارب النووية بالصحراء الجزائرية،  التي تتم وفق الأليات المحدّدة  بمشاركة كل القطاعات والهيئات المعنية ، والتي تعمل بكل رصانة في إطار اللجان المنصبة لهذا الغرض وضمن مسارها السليم.

من جانب آخر، يرتكز العمل على ملفات الذاكرة عبر التوثيق التاريخي والتأسيس القانوني من أجل تقديم ملفات  قوية وذات حجية كبيرة خلال مراحل معالجتها.

وأضيف إلى ذلك، أن وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، وتجسيداً لما جاء به مخطّط عمل الحكومة ، يعمل على تعزيز الدراسات بشأن ملف المهجّرين والمنفيين الجزائريين خلال الفترة (1830-1962)،  من خلال مقاربات علمية أكاديمية تقوم بها اللجان العلمية على مستوى المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954،  وهو نفس العمل بالنسبة للملفات الأخرى المرتبطة بجرائم الاستعمار في الجزائر.

  • ماذا عن الجانب الجزائري فيما يتعلق بالشق الخاص بالذاكرة، بعد التقرير الذي قدمه المؤرخ بنجامين ستورا للرئيس الفرنسي دائما حول ملف الذاكرة؟

نحن في الجزائر نعمل على  تفعيل استراتيجية حماية الذاكرة الوطنية بكل أدواتها المبنية على طرح علمي وأكاديمي، وهذا من باب الوفاء للشهداء والمجاهدين وكل من ضحوا بأعز ما يملكون من أجل هذا الوطن المفدى، وذلك وفق مقاربات جديدة، وعليه لا بد للمؤرخين والطلبة وكذا مخابر البحث العمل بالتنسيق مع المركز الوطني للبحث في الحركة الوطنية توحيد الجهود والمساهمة في كتابة التاريخ الوطني..وأقولها مرة أخرى، إن مضاعفة العمل المرتبط  بالذاكرة الوطنية وصونها والحفاظ عليها هو أحسن رد على كل من يحمل الفكر الاستعماري البائد.

  • تطرقتم إلى تدريس التاريخ كركيزة جوهرية في بناء الأمم وارتقائها، ما هي المقاربة التي تشتغلون عليها في هذا الإطار؟

هناك جهود بالتنسيق مع القطاعات المعنية، التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين والتعليم المهنيين، حيث أننا نتجه نحو نظرة جديدة لتدريس التاريخ الوطني وإعداد جيل متشبع بالقيم الوطنية، وهذا من خلال معالجة المضامين وطرح منهجية جديدة لتدريس التاريخ، هناك لجان متخصصة تعكف على هذا العمل وسيتم ضبط البرنامج في أقرب الآجال، فكل الأعمال موجودة ومركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954،  يقوم بتمحيص المادة التاريخية بكل موضوعية وأمانة علمية.

  •  في الختام، هل يمكن معرفة الجديد الخاص بقانون المجاهد والشهيد؟

لقد أولت الدولة الجزائرية المستقلة اهتماماً خاصاً من أجل ضمان حقوق المجاهدين وذوي حقوق الشهداء، والاستجابة لجميع حاجياتهم باعتبارهم أوسمة شرفٍ تُوشّح صدر الوطن، ضحّوا بالغالي والنفيس من  أجل الحرية واسترجاع السيادة الوطنية،  وهذا أمر مكفول بموجب أسمى قوانين الجمهورية –الدستور-،  الذي نصّ ضمان احترام الدولة لرموز الثورة وأرواح الشهداء وكرامة ذويهم والمجاهدين.

وفي هذا السياق عكفت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق على تعزيز برنامجها الشامل على المدى القريب والمتوسط والبعيد في مجال التكفل الصحي والنفسي والاجتماعي بالمجاهدين وذوي الحقوق، هذا البرنامج الطموح، من شأنه أن يحقق قفزة ونقلة نوعية للقطاع تحقق ما هو مرجو منه للوصول إلى خدمة متميزة للمجاهدات والمجاهدين وذوي الحقوق، لاسيما مع  تقدّمهم في العمر، وتفاقم الأضرار الناجمة عن المشاركة في الثورة التحريرية، وظهور  أخرى مرتبطة بالسن، لاسيما من خلال العلاج بمراكز الراحة للمجاهدين التي نحصي منها 23 مركزاً على المستوى الوطني، وملاحقها العشرة وسيتم استلام 3 مراكز أخرى، إضافة إلى مركز وطني لتجهيز معطوبي وضحايا ثورة التحرير الوطني  وذوي الحقوق، بستة ملحقات وطنيا، وبذلك يتم التكفل بهذه الفئة  بصفة عادية  من هذا الجانب وعلى مستوى هذه  المؤسسات تحت وصاية وزارة المجاهدين وذوي الحقوق.

من نفس القسم الحدث