الحدث

"الإسلاموفوبيا" والمهاجرون أسهل الطرق للوصول إلى قصر الإليزيه

مترشحون يلعبون على وتر العنصرية لزيادة شعبيتهم قبل الرئاسيات الفرنسية

يبدو أن المشهد السياسي في فرنسا، قد وصل إلى درجة متقدمة من الإفلاس، بعد أن تحول الإسلام والمهاجرون إلى مواضيع دسمة للمتسابقين على كرسي الإليزيه، في مزايدات شعبوية مفضوحة يسعى من خلالها هؤلاء المترشحون، إلى رفع شعبيتهم بتبني خطاب الكراهية والعداء، لتكون الحملة الانتخابية الفرنسية "حملة عنصرية" بأتم ما تحمله العبارة من معنى.

أضحت الخطابات العنصرية والتصريحات المعادية للمسلمين والمهاجرين، أبرز ما يميز الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية المقررة في 10 أفريل الداخل، وكأن المشهد الانتخابي الفرنسي بات يبحث عن المترشح الأكثر عداوة وعنصرية للرفع من رصيده وزيادة حظوظه في الفوز بهذا الاستحقاق، ففي الوقت الذي كان من المفروض أن يركز فيه جل المترشحين للرئاسيات الفرنسية، على الأزمات الداخلية التي تعيشها البلاد والبحث عن حلول للمشاكل التي يتخبط فيها المواطن الفرنسي، جراء الازمات الدولية القائمة، والتي غابت بدورها عن خطابات الحملة، راح المترشحون وبشكل أخص المنتمون منهم إلى التيار اليميني، يتسابقون على اختيار أكثر العبارات إساءة ومعاداة للإسلام، في محاولة بائسة لاستمالة الناخبين وكسب ودهم، خاصة وأن كل المؤشرات واستطلاعات الرأي الأخيرة ترجح تسجيل نسبة عزوف كبيرة في هذا الاستحقاق الرئاسي الفرنسي.

 "حملة عنصرية" ...والمسلمون أوّل الأهداف

 وتترجم مضامين خطابات الحملة الانتخابية الفرنسية، مستوى الإفلاس الذي وصل إليه المترشحون، فقد عمدوا إلى استغلال ورقة "الإسلاموفوبيا" لتغطية خيبتهم والتستر على عقم برامجهم الانتخابية التي لم تعد تقنع المواطن الفرنسي، فمترشحة حزب الجمهوريين اليميني فاليري بيكريس اعلنتها صراحة وبكل وقاحة معركة ضد المسلمين، حين قالت إنها ستكون ضد من وصفتهم بـ"الراغبين في فرض الشريعة فوق قوانين فرنسا"، متعهدة بالتصدي لما أسمته "الإسلاماوية الانعزالية"، في خطاب أعاد إلى الأذهان تصريحات غريمها إيمانويل ماكرون بشأن ماعرف بـ"الانعزالية الإسلامية"، ويعني بها الممارسات الدينية والثقافية لبعض مسلمي فرنسا، والتي يراها ماكرون تهدّد قيم الجمهورية الفرنسية، متناسيا الأزمة التي خلقتها العلمانية الفرنسية في نموذجها اللائكي، الذي فشل فشلا ذريعا في استيعاب كافة شرائح المجتمع الفرنسي على مدار نصف القرن الماضي، كما أن ماكرون أظهر عداء صريحا للمسلمين بعد أن شهدت فترته الرئاسية تنامي العنصرية ضد المسلمين والمهاجرين بشكل ملحوظ، لا سيما بعد إصدار قانون "مكافحة الانفصالية الإسلامية"، الذي يُضيق من حرية المسلمين، وكذلك غلق 3 مساجد خلال أشهر قليلة، وادعاء وزير داخليته جيرالد دارمانان، أن 70 من أصل أكثر من 2500 مسجد في فرنسا "يعد متطرفا"، كما أنه ومع تصاعد النزعة اليمينية المتطرفة في فرنسا خاصة منذ ذبح معلم في 2020 بعد نشره صورا مسيئة للرسول الكريم، أصبحت تصريحات ومواقف ماكرون أقرب لليمن المتطرف، ومعادية للمهاجرين خاصة المسلمين منهم.

 وعلى الرغم من أن مترشحي اليمين المتطرف يختلفون حول عديد الملفات، إلا أن الشيء الوحيد الذي يجمعهم هو اعتمادهم لخطاب معادي للمسلمين والمهاجرين، قائم على التهويل مما زعموا أنه "تهديد يمثله الإسلام على هويتهم العلمانية، واشتدت المنافسة بين زعيمة حزب "التجمع الوطني"،مارين لوبان، وإريك زمور حول من يتبنى أكثر الخطابات تطرفا وعنصرية، فقد هددت لوبان، المسلمات بمنع لبس الحجاب في الأماكن العامة إذا أصبحت رئيسة لفرنسا، كما تعهدت بتمديد قانون حظر لبس الحجاب في المدرسة، معلنة بعبارة صريحة وبكل وقاحة معهودة لديها "ما أريده هو محاربة الإسلاميين. الإسلام عقيدة تدمر حضارتنا، يريدون فرض الشريعة وتمزيق كل ما نحن عليه في الواقع. لا أريد أن أترك هذه الأيديولوجية تنتشر".

ولم يخرج غريمها إريك زمور عن القاعدة، فقد تبنى منذ إعلان ترشحه للرئاسيات الفرنسية، خطابا معاديا للإسلام يترجمه مبادئه وأفكاره التي لطالما انتقد بسببها فقد سبق وان أدين مرتين بالتحريض على الكراهية، وتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد بتوعد المسلمين بتغيير أسمائهم في فرنسا، ومنعهم من تسمية أبنائهم "محمد" كمثال، وتحول بسرعة إلى ظاهرة إعلامية استقطب اهتمام التيارات المتطرفة المعادية للإسلام، كما أنه ألمح في آخر تصريح له إلى عزمه غلق محلات الجزارة الحلال، حين وعد في حال فوزه بانتخابات الرئاسة المقبلة، بدعم الجزّارين الفرنسيين، كما نشر عبر حسابه في "تويتر" صورًا لزيارته سوق منطقة رانجيس قرب العاصمة باريس، رفقة عدد من الجزّارين الفرنسيين. حاملًا دجاجة مذبوحة بالصعق الكهربائي، قائلًا "إنه سيعمل على دعمهم ومشيدًا بعملهم"، في خطوة تذكرنا بتعهد مارين لوبان بمنع الأطعمة الحلال الخاصة بالمسلمين.

 المهاجرون ....طُعم آخر لاصطياد الناخبين

 ويسعى المتسابقون على كرسي الإليزيه إلى رفع رصيدهم من الأصوات، من خلال اللعب على وتر المهاجرين، ومحاولة تصويرهم على أنهم يشكلون خطرا على الدولة الفرنسية، لدرجة جعلت مترشحة حزب الجمهوريين اليميني فاليري بيكريس، تقول بكل وقاحة أنه " إذا كان على فرنسا أن تبني جدرانا من اجل أن تفعل ذلك بعض الدول، فإنها ستفعلها للوقوف في وجه المهاجرين"، كما انها تحرص في كل خطاباتها وتصريحاتها على وصف هؤلاء المهاجرين بـ"الخطر على القيم الجمهورية".

 وسواء خلال عهدته الرئاسية أو الحملة الانتخابية، حرص ماكرون على إعلان العداء ضد المهاجرين، في خطاب رسمي متوقع ينم عن الماضي الاستعماري لفرنسا، فمن غير المعقول أن يفهم موقف باريس المعادي للإسلام اليوم دون فهم هذا الماضي، فيم مزايدة مفضوحة لماكرون لكسب مكان أمام منافسيه من اليمين المتطرف.

 ولم تقتصر الخطابات العنصرية على اليمين المتطرف، فمترشحون آخرون بنوا برامجهم على معاداة المسلمين والمهاجرين على رأسهم أبرز مرشح في تمهيديات الحزب الجمهوري، ميشيل بارنييه، الذي وعد بـ "الإيقاف المؤقت" للهجرة إلى حين "إصلاح جميع الإجراءات" المتعلقة بها، وأضاف أنه سيتفق مع البلدان الأصل للمهاجرين كي "تساهم في السيطرة على تدفّقات الهجرة مقابل حصولها على مساعداتنا التنموية"، كما أكد أن برنامجه الانتخابي هو "الحد من الهجرة والسيطرة عليها" .

من نفس القسم الحدث