الحدث

المملكة المخزنية كانت سببا في القضاء على عديد المقاومات الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي

باحث في التاريخ يتحدث عن غدر سلاطين المغرب

يؤكد الباحث في التاريخ الأستاذ جمال يحياوي أن المملكة المخزنية كانت سببا رئيسا في القضاء على عديد المقاومات الشعبية التي انتفضت ضد الاستعمار الفرنسي وعلى رأسها مقاومة الأمير عبد القادر، ويشير إلى أن المراجع التاريخية تؤكد تؤامر السلطان المغربي عبد الرحمن الثالث مع فرنسا قبل غزوها الجزائر وأنه كان على علم بنوايا فرنسا قبل 3 أشهر من ذلك إلا أنه لم يحرك ساكنا ولم يحذر جارته الغربية من مؤامرات فرنسا.

ويتابع الباحث في التاريخ "إن رد فعل سلاطين المغرب على احتلال الجزائر وسقوطها في الخامس من جويلية 1830 وعلى رأسهم السلطان عبد الرحمان الثالث الذي تحالف مع الجيش الفرنسي وأخذ يمده بالدعم اللوجستي والعتاد والعدة ويمنع بالمقابل المدد عن جيش الأمير ويحاصره بل ويحاول قتله لوأد المقاومة الشعبية وخدمة لمصالح فرنسا الاستعمارية، دليل قاطع وبرهان ساطع على تجذر طبع الخيانة والغدر في العائلة العلوية التي توالت على حكم المغرب" .

ويبرز يحياوي الذي حل ضيفا على برنامج "من صفحات تاريخ الجزائر" الذي بث أمس عبر أثير إذاعة الجزائر الدولية، فصول الخيانة المغربية للجزائر انطلاقا من بداية الاحتلال الفرنسي أين ادعى السلطان المغربي جهله بذلك لكن الوثائق المدونة والرسائل المحفوظة في الارشيف المغربي  تثبت عكس ذلك، مؤكدا أن "السلطان عبد الرحمان كان على علم بغزو الجزائر واحتلالها قبل ثلاثة أشهر ونصف من سقوط مدينة الجزائر والدليل رسالة موجودة في الارشيف نشرها أساتذة جزائريون ومغاربة مؤرخة في 26 مارس 1830 ، هذه الرسالة الاستباقية مرسلة من طرف حاكم تيطوان محمد أشعاع إلى السلطان المغربي يعلمه من خلالها بغزو فرنسا للجزائر ..تلك المعلومات التي حصل عليها جاءت عن طريق القنصل الفرنسي في مدينة طنجة" و"رسالة ثانية مؤرخة بتاريخ 13 جويلية 1830 بعث بها حاكم منطقة جبل طارق بعد أسبوع واحد من سقوط مدينة الجزائر ورغم ذلك يضيف الأستاذ يحياوي "لم يحاول السلطان المغربي أن يحذر داي الجزائر".

وشدد الأستاذ يحياوي على أن ممارسات السلطان المغربي بعد احتلال الجزائر وتعاونه مع جيش الاحتلال الفرنسي، بدت جلية من البداية فلم يحدث أن أصدر السلطان المغربي بيانا يستنكر من خلاله الجرائم الشنعاء التي ارتكبها المستدمر الفرنسي ولا حتى بيان تضامن ومؤازرة مع الشعب الجزائري، ومع امتداد المقاومات الشعبية والأمجاد التي حققتها ، خاصة تلك التي قادها الأمير عبد القادر الذي وصلت مقاومته إلى أقصى الحدود الغربية بجوار المغرب بدأت وساوس السلطان المغربي عبد الرحمان وبدأ كغيره ممن سبقوه من سلاطين الدولة العلوية  يتحسس عرشه  ويعلن عداءه للجزائر بالقول والفعل.

واسترسل المتحدث ذاته بالقول إن " الجزائريين المتواجدين على التراب المغربي كلاجئين عانوا الأمريين من قبل السلطان وجيشه الذي حرّض القبائل المغربية ومنعها من تقديم أبسط المساعدات في حين بعث بالغذاء والمتاع للقوات الفرنسية التي حاصرها الأمير عبد القادر وأوشك على القضاء عليها لولا غدر السلطان المغربي".

وأوضح الأستاذ يحياوي كيف تمادى السلطان المغربي وانتهاجه سياسة التضييق على الأمير عبد القادر بل وتوظيف علاقاته من أجل الاستيلاء على الأسلحة  الموجهة للأمير في ضربة قاضية ومحاولة لضرب العصب المحرك (السلاح) لجيش الأمير ، بل وأعلن السلطان عبد الرحمان المواجهة المباشرة من خلال إمضاء اتفاقيات ومعاهدات مع جيش الاحتلال  على غرار "اتفاقية طنجة" في 10 سبتمبر 1844 ثم بعدها مباشرة في 16 مارس 1845 توقيع معاهدة "لالة مغنية" لرسم الحدود وهو اعتراف بدولة الاحتلال على حساب الأمير عبد القادر والجزائر في خطوة غدر جديدة ، وكان قبلها وبالتحديد في أوت سنة 1844   قد اتفق السلطان المغربي مع القوات الفرنسية على أن الأمير عبد القادر خارج على القانون ويجب قتله أو تسليمه لفرنسا أو نفيه من البلاد.

ومع تكرر واستفحال عداء السلطان المغربي للجزائر  يضيف الأستاذ يحياوي لم يجد الأمير عبد القادر من بدّ إلى العودة إلى العمق الديني فبعث برسائل يستفتي من خلالها المجامع العلمية آنذاك على غرار علماء الأزهر  وممّا جاء في نص رسالته  "لما استولى أعداء الله الفرنسيس على الجزائر وانقطعت السبل وقطعت الاسباب ..فإذا بسلطان المغرب فعل بنا الأفعال التي تُقوي حزب الكافر على الإسلام وتُضعفنا وأضر بنا الضرر الكثير ولم يلتفت إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره"  وأجابه فيما بعد مفتي المالكية  الشيخ محمد عليش برسالة قوية جدا مما جاء فيها "يحرم على السلطان المذكور أصلحه الله، جميع الذي ذكرتم حرمة معلومة من الدين في السنة وفي الكتاب "  وجاءته فتوى ثانية من الشيخ التاسولي عالم فاس الشهير تستنكر هي الأخرى أفعال السلطان المغربي وتفتي بحرمتها. ويجمع المؤرخون بأن خيانة وغدر وطعن السلطان عبد الرحمان الثالث المغربي للأمير عبد القادر كانت سبب وضع السلاح وليس قوة المستعمر الفرنسي.

 

من نفس القسم الحدث