الحدث

"السمنة" تقتل الجزائريين..؟!

في اليوم العلمي لمحاربتها مختصون يدقون ناقوس الخطر

يعاني الجزائريون من ظاهرة الارتفاع المفرط في الوزن، حيث تفاقمت السمنة بين المواطنين بشكل لافت السنوات الأخيرة وتحولت لمرض العصر الذي "يستفز" قائمة واسعة من الأمراض الأخرى وهو ما جعل المختصين يطلقون كل مرة صفارات انذار من أجل تحذير الجزائريين بخطورة ما وصلت اليهم اوزانهم.

وقد احتفلت أمس الجزائر على غرار باقي دول العالم باليوم العالمي لمكافحة السمنة هذا المرض الذي تحول إلى ظاهرة في الجزائر وتعدي مجرد "المظهر الجمالي" وبات يقتل حرفيا بسبب ما تسببه هذه السمنة من أمراض مزمنة خطيرة.

أكثر من نصف الجزائريين يعانون "السمنة"

ويعاني أكثر من نصف الجزائريين من الوزن الزائد أو السمنة المفرطة، حسب ما تشير إليه إحصائية رسمية تفيد بوجود 55.6 بالمئة من البالغين يزيد وزنهم عن الوزن الموصي به من بينهم 48.3 بالمئة من الرجال و63.3 من النساء وهذا ما يعادل 20 ملون جزائري بإضافة شريحة الأطفال التي يعاني خمسها من هذا الداء. وحسب وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد فإن السمنة وزيادة الوزن في الجزائر لدى الفئة العمرية بين 18 و69 سنة تقدّر وفق دراسة استقصائية بـ 55.6 % (3 63 % لدى النساء و48.3 % لدى الرجال)، معتبرا إياها من الأمراض الناتجة عن تغير نمط العيش وعوامل بيئية أخرى.

توعية قليلة وحملات تحسيسية أقل بـ"أم الأمراض"

ورغم خطورة ظاهرة السمنة والأرقام الجد مقلقة التي وصلت إليها السنوات الأخيرة الا أن قطاع الصحة لم يولي أهمية كبيرة للتحسيس بهذه الظاهرة على مدار السنة الأمر الذي تترجمه قلة حملات التوعية في المجتمع والوسط المدرسي وعبر وسائل الإعلام، رغم أن الأكيد أن مجتمعنا يسير قدما نحو دائرة الخطر التي تتخبط فيها العديد من الدول على رأسها الدولة المتقدمة والغنية وهو ما يستدعي تنسيق أكبر بين مختلف الوزرات من أجل وضع استراتيجية محكمة للتوعية بالمرض الظاهرة والتي تعتبر "أم الأمراض" حيث طرح مختصون اكثر من مرة فكرة ادراج التوعية بالسمنة والتحسيس بأهمية الأنماط الغذائية السليمة في المناهج التربوية.

خياطي: هذه الأمراض تسببها السمنة

وقد تفاقمت السمنة بين الجزائريين الفترة الأخيرة بشكل كبير ما يجعلهم عرضة للإصابة بعدة أمراض على غرار أمراض القلب والسكري والسرطان والعجز الكلوي. وحول الأسباب التي أدت إلى تنامي الظاهرة يؤكد البروفيسور خياطي رئيس الهيئة الوطنية للصحة وتطوير البحث أنها تعود إلى العوامل الجينية، وذلك بنسبة تتراوح بين 40 إلى 70%، تضاف إليها العوامل البيئية المتمثلة بالتغذية غير المتوازنة الغنية بالسكريات والدهنيات والتي أصبحت ميزة المجتمعات المعاصرة. وأشار خياطي في تصريح لـ"الرائد" أن ما يخيف حاليا هو أن السمنة في الجزائر باتت أكثر انتشارا منها في أوروبا، وهو ما جعل الجزائر تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية متفوقة في ذلك على أوروبا، مؤكدا أن السمنة باتت مرض العصر كونها تستفز وتتسبب في العديد من الامراض الأخرى وتقلل مناعة الجسم ولها خطورة على وظائف الكبد والكلى وحتى القلب وتظهر اضرار البدانة حسب خياطي في انتشار امراض البول السكري، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الدهون بالدم (الكولسترول)، ونقص في معدل الخصوبة عند النساء، وخشونة المفاصل ولا سيما في الركبتين، وكذا صعوبة التنفس، وصعوبة الحركة والتنقل والذي ينجم عنه الخمول والكسل. هذا إضافة إلى أضرار البدانة النفسية وهو ما يتطلب يضيف خياطي مزيد من تظافر الجهود من اجل العمل على تحسيس الجزائريين بخطورة ما وصلا اليه أوزانهم. واستعجل خياطي تحرك السلطات لإنقاذ الأجيال المقبلة من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والقاتلة، باعتبار أن السمنة تصيب خمس الأطفال في الجزائر، وإنها إلى جانب الوزن الزائد تهدد 30% منهم.

ثقافة غذائية ورياضية صحيحة كفيلة بمحاربة "المرض الظاهرة"

من جهتهم يعتبر المختصون في التغذية أن الغذاء هو أهم حلقة في محاربة السمنة حيث أكد المختص في التغذية وصاحب عيادة في العاصمة بشير سايح في تصريح لـ"الرائد" أن الأنماط الغذائية غير السوية والمأكولات السريعة المشبعة بالسعرات الحرارية التي يزداد مستهلكوها مقابل قلة الحركة هي السبب الرئيسي في انتشار السمنة والبدانة بين الجزائريين مضيفا أن البدانة التي يعاني منها الكثيرون ناتجة عادة عن انعدام الوعي الغذائي وزيادة كمية الطعام مع سوء اختيار الأصناف الغذائية الصحية المقرونة بقلة الحركة، فنحن نأكل أكثر مما تحتاج إليه أجسامنا ونتحرك قليلا، وبالتالي نحتجز بالجسم الطاقة الزائدة الناتجة عن الطعام على هيئة شحوم تتراكم بأجزاء متفرقة من الجسم. وأشار سايح أن المجتمع يعاني الى جانب النمط الغذائي غير الصحي، من قلة الحركة حيث أصبح أغلب الجزائريين يعتمدون على السيارات في تنقلاتهم وقضاء أبسط الحاجيات، وعليه طالب ذات المختص بضرورة التنسيق بين مختلف الهيئات الوزارية على غرار الصحة، الرياضة والتربية من أجل ترسيخ ثقافة غذائية ورياضية صحيحة وصحية تعود بالفائدة على الصحة العمومية وتقلل من نفقاتها، ومن الحلول المقترحة من أجل مكافحة آفة البدانة، يوصي سايح عموما بتغيير نمط الحياة، فالتغذية المعتمدة بالأساس على الخضار والحبوب ومنتجات الحيوان قليلة الشحوم او الدهون يمكن أن تسهم في تفادي السمنة او الوزن المفرط من خلال خفض عدد السعرات الحرارية المستهلكة، كما ان زيادة النشاط الجسماني او التمارين الرياضية يمكن ان ترفع من عدد السعرات الحرارية المحروقة، وبالتالي الحفاظ على الوزن المثالي للجسم.

أوحدة: "السمنة" تصيب 4 ملايين جزائري بالسكري

وتعتبر البدانة والغذاء غير الصحي عاملين أساسيين للإصابة بالسكري، وفي هذا الصدد يشير رئيس جمعية مرضى السكري فيصل أوحدة أن أكثر من نصف مرضى السكري كانت إصابتهم بالداء بسبب السمنة مضيفا أن الاستمرار في النمط الغذائي غير الصحي الذي يسبب مزيد من البدانة يعقد وضعية 4 ملايين جزائري مصاب بالسكري، بمعدل 15 إصابة سنويا، ويشير أوحدة أن مشكل السكري يتربص بصغارنا وكبارنا ويهدد صحتهم، مما يستدعي الحرص التام للآباء على صحة أبنائهم ومراقبة نمطهم الغذائي، ملحا على ضرورة محاربة السمنة وتجنب تناول السكريات، مع فهم الأسباب التي توصل إلى هذا الداء، وعلى رأسها مشكل السمنة منبها إلى أن السكري يجر ثلاثة أمراض أخطر منه، فهو سبب في تآكل الشرايين وفقد البصر والإصابة بالقصور الكلوي، لتبقي النساء الأكثر عرضة لهذا الداء في الجزائر بسبب السمنة والاستهلاك المفرط للسكريات وقلة الحركة.

"الفاست فود" و"السكريات" المتهم رقم واحد

من جهته وفي موضوع السمنة قال أمس رئيس فدرالية حماية المستهلكين زكي حريز أن السوك الاستهلاكي للجزائريين يعتبر متسبب رئيسي في ظاهرة السمنة محذرا من تنامي استهلاك الجزائريين خاصة الشباب والأطفال محذرا من الفراط في تناول عد من المنتجات تسبب السمنة في مقدمتها الخبز بما يناهز 70 مليون خبزة يوميا يستهلكها الجزائريون، بالإضافة إلى السكريات، وذكر زبدي بمبادرة بعض المنتجين للعصائر وفي وقت سابق عندما قرروا تقليل نسبة السكر في بعض أنواع العصائر فخسروا أغلب زبائنهم ما جعلهم يرفعون مرة أخرى نسبة السكر مشيرا أن هذا يدل أن الجزائريين وصلوا مرحلة الإدمان للسكر وهو ما يعتبر أمر قاتل.

من نفس القسم الحدث