الحدث

"يمكن للبوليساريو العودة إلى المفاوضات ولكن دون وقف إطلاق النار"

السفير الصحراوي بالجزائر، عبد القادر طالب عمر في حوار لجريدة "الرائد"

قرار القمة الأفريقية الأخير يظهر حنكة وتأثير الدبلوماسية الجزائرية

تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني دليل على اليأس الذي وصل إليه المخزن

 تطرق سفير الجمهورية الصحراوية بالجزائر، عبد القادر طالب عمر في حديث خص به جريدة "الرائد"، إلى تطورات الوضع بخصوص القضية الصحراوية، والتصعيد العسكري الأخير من طرف الجيش الصحراوي في إطار الحرب التي يخوضها ضد الاحتلال المغربي، كما عرج السفير الصحراوي على زيارة المبعوث الأممي لمخيمات اللاجئين الصحراويين، وما تعلق بمواصلة نهب ثروات الصحراويين وقرارات المحكمة الأوربية، وغيرها من القضايا جاءت في هذا الحوار.

 *عرفت القضية الصحراوية في الفترة الأخيرة تطورات عدة، ارتبطت بتواصل الحرب ضد الاحتلال المغربي الذي يرفض الانصياع للقرارات الأممية، كيف هي الأوضاع في الميدان؟

 نحن الآن في مرحلة حرب استنزاف ضد جيش الاحتلال المغربي، وكما هو معلوم فإن الجيش الصحراوي يرابط على طول الحزام الممتد على 2700 كلم، حيث أن غالبية الجيش موجودة في الجدار الدفاعي المغربي في شكل مجموعات متحركة وليست في نقطة ثابتة، هي عبارة عن وحدات صغرى وأخرى كبرى متواجدة هنا وهناك، وهذا ما يمنح للجيش الصحراوي هامشا كبيرا من المناورة، باعتبار أن لديه اهداف ثابتة يركز عليها بقوة، فجنود الاحتلال عند الجدار يستقبلون قذائف تنزل عليهم في أوقات مختلفة وهذا ما يجعلهم يعيشون حالة طوارئ مستمرة وعلى طوال جدار العار.

 كما أن الجيش الصحراوي يكبد قوات الاحتلال خسائر معتبرة، فهناك قتلى في صفوف الجيش الملكي وخسائر كبرى، وفي هذا السياق لوحظ نقل المئات من الجرى إلى المستشفيات العكسرية والتي منعت من المدنيين بسبب الاكتظاظ وارتفاع عدد الجرحى، وهي كلها مؤشرات تدل على تأثيرات الحرب التي يخوضها الجيش الصحراوي ضد الاحتلال الذي يتكتم عما يحدث على الأرض.

وبالمقابل وانتقاما لللخسائر التي لحقت به، يعمل نظام المخزن على قصف المدنيين الصحراويين في الأراضي المحررة، عمليات القصف طالت موريتانيين وحتى جزائريين، إضافة إلى التعتيم الإعلامي حول كل ما يحدث..ولا يجب أن ننسى أنه من الممكن جدا أن تتطور الحرب إلى اختراق الحزام الدفاعي للاحتلال المغربي.

وبالتالي يمكن اعتبار الحرب الصحراوية مزيج بين حرب المواقع الكلاسيكية وحرب العصابات والنتيجة أنها كبدت العدو المغربي خسائر بشرية ومادي معتبرة وهي تعمل على إضعافه وفرض إنهاء احتلاله للأرض الصحراوية، وموازاة مع تواصل الحرب، هناك العمل السياسي والنضال الحقوقي للصحراويين وكذا النشاط القانوني والدبلوماسي الذي لم ينقطع يوما.

 *ما تعليقكم على زيارة المبعوث الأممي الجديد لمخيمات اللاجئين الصحراويين؟

 قدمت جبهة البوليساريو الكثير من الرسائل التي شرحت فيها أسباب عجز منظمة الأمم المتحدة عن تأدية مهمتها وكذا سبب انحراف مسلسل السلام وتمادي المغرب، وللأسف لم تؤخذ هذه الملاحظات بعين الاعتبار إلى غاية انفجار الوضع، فالمشكل لم يكن أبدا في جلسات المفاوضات او المبعوث الشخصي للأمم المتحدة فكلها وسائل، المشكل في اعتقادنا هو في النظام المغربي الذي تمادى في فرض الأمر الواقع وليس لديه نية صادقة وللأسف مرة اخرى لا يمكن لمجلس الأمن أن يرد عليه.

أما بالنسبة لبعثة المينورسو التي اوكلت لها مهمة تنظيم استفتاء حول تقرير المصير، فقد فهي لا تتكلم اليوم على الاستفتاء وهم يتحدثون عن تقرير المصير فقط، فيما يمارس المحتل كل أساليب الاستعمار والقمع دون أن يعاقب خاصة وأن الفيتو الفرنسي جاهز لحمايته ودعمه..مجلس الأمن لا يزال في نفس الرؤية والأسلوب والمغرب يعي ذلك جيدا، وكما قال المبعوث الأممي السابق كريستوفر روس، "ما دامو لم يغيروا من ممارساتهم فإن الأمور ستبقى كما هي عليه الآن"، بمعنى تكريس استراتيجية الجمود، وبالتالي فحتى لو تغير ألف مبعوث شخصي ستبقى الامور كما هي عليه وكل ما يحدث هو مجرد اهدار للوقت عن طريق إدارة المشكل وليس حل المشكل، خاصة إذا لم تفرض على فرنسا نزع يدها من النزاع.

المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، زار مخيمات اللجئين ولكنه لم يزر الأراضي المحررة ولا المحتلة، لأن المغرب يرفض ذلك ويتخوف من خوج المتظاهرين الصحراويين للتنديد بالاستعمار المغربي للصحراء الغربية.

ومن هنا يجب ان نعي جيدا بأن الحرب لن تتوقف بمجرد تعيين مبعوث أممي والحديث عن المفاوضات، فإذا كان المغرب يريد حلا فليكن ولكن جبهة البوليساريو لن تنخدع مرة اخرى بوهم السلام كما حدث في سنة 1991 عندما تقرر وقف غطلاق النار، حيث تبين أن المغرب يريد السلام فقط دون الحل السياسي وعليه فإن تلك التجربة لن تتكرر، وبالمقابل فإنه يمكن للبوليساريو العودة إلى المفاوضات لكن دون وقف إطلاق النار.

 لجأ نظام المخزن إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني في محاولة لإدخال المنطقة في دوامة، بما يهدد أمنها واستقرارها، كيف ترى جبهة البوليساريو هذه الخطوة الانتحارية التي قامت بها النظام المغربي؟

 إن إقدام المغرب على التطبيع مع الكيان الصهيوني هو دليل على مدى اليأس والتدهور الذي وصل إليه هذا النظام العميل والذي جعله يتجاوز كل الخطوط الحمراء وكذا حقوق الجار، حيث ارتمى المغرب في احضان الكيان الصهيوني مقابل اعتراف لارئيس الامريكي السابق دونالد ترامب بضم الصحراء إلى المغرب، دولة الاحتلال حينها صرخت بالنصر واعتقدت بان الامر قد انتهى وان كل العالم يحذو حذو ترامب الذي لم يكن يمثل إلا نفسه، لكن دول كثيرة عارضت ما حدث على غرار اسبانيا، ألمانيا ونسبيا فرنسا وكذا الاتحاد الاوربي عموما خاصة وأن أوربا تمسكت  بمواقفها على العموم ليجد ترامب نفسه وحيدا ويجد المغرب نفسه قد خسر معنويا وسياسيا بخيار التطبيع، ناهيك عن انتفاضة الجبهة الشعبية داخل المغرب والتي تفككت بعد ان رفضت التبطيع مع الكيان الصهيوني وبالمناسبة نحيي كل احرار المغرب الذين يرفضون الذل والهوان والتطبيع وندعوهم ليتبعوا نفس النهج من أجل ارجاع الحق للصحراويين.

النظام المغربي والكيان الصهيوني هما نظامان حليفان متشابهان ويمارسان نفس السياسات القمعية من استيطان وغيرها من مظاهر الظلم، هي نفس المدرسة التي تضر بالصحراويين والفلسطنيين.

 نجحت الدبلوماسية الجزائرية في تعليق منح الكيان الصهيوني صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، ما تعليقكم؟

 إن قرار تعليق منح الكيان الصهيوني صفة المراقب في الاتحاد الإفريقي، يظهر نضج وحنكة وتأثير الدبلوماسية الجزائرية، فإذا كان الكيان الصهيوني الذي أقام علاقات مع 44 دولة إفريقية قد فشل في ولوج الاتحاد فهذا دليل على ان روح الاتحاد هي روح تحرر وقد تغلبت على عنصرية هذا الكيان، الجزائر وجنوب إفريقيا وعدد من الدول نجحوا في طرد اليهود من الاتحاد وهذا ما سيرفع من معنويات الشعب الفلسطيني خاصة وأن السلطة الفلسطينية قررت إلغاء اتفاقيات مع الكيان الصهيوني.

 *وماذا عن حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة من طرف نظام المخزن؟

 إن النظام المغربي يحاول فرض قبضته في الأراضي الصحراوية المحتلة وكلما تلقى ضربات من الجيش الصحرايو حاول كما سبق وان قلت الانتقام من الصحراويين المدنيين العزل من خلال المداهمات والاعتداءات ومنع المراقبين والترخيب والتوقيف دون اللجوء إلى محاكمات أو حتى السجون، عملية ترهيب للناس في أشكال عدة مرورا بطردهم من العمل وتفقيرهم ومضايقة النشاطاء الحقوقيين كما حدث مع المناضلتين سلطانة خيا وامينتو حيدر والقائمة لا تزال طويلة.

 *لا تزال اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوربي والمغرب القائمة لاستغلال ثروات الشعب لاصحاروي محل جدلن ما تعليقكم؟

 لقد أصدرت المحكمة الأوربية قرارات تلغي كل الاتفاقيات التي اقيمت بين الاتحاد الأوربي والمغرب حول استغلال الثروات البحرية للصحراء الغربية ورفضت كل الطعون التي قدمتها فرنسا وإسبانيا والتي باتت عبارة عن محاولات بائسة لخدمة النظام المغربي، المحكمة تشترط رضا الشعب الصحراوي وتعترف بجبهة البوليساريو ككمثل عنه في وقت نجد فيه ان 90 بالمائة من إنتاج الصيد البحري المغربي يتأتى من المياه الإقليمية للصحراء الغربية.

وعلى صعيد آخر، فإن جبهة البوليساريو حذرت المفوضية الأوربية من محاولات المغرب لاستغلال المساعدات التي حصلت عليها من طرف هذه المفوضية لتوسيع احتلالها للصحراء الغربية، حيث يدعي المغرب أنه استعملها لتطوير الطاقات المتجددة في الأراضي الصحراوية والتي ينسبها إليه ظلما وعدوانا، وهي مساعدات مقدرة بمليار وستة مئة مليون أورو.

 *كيف كان تأثير النزاع الصحراوي على العلاقات الجزائرية المغربية؟

 المشكل في شمال إفريقيا هو أن النظام المغربي له طابع توسعي ولا يحترم قوانين الاتحاد الاوربي ولا حتى وقوانين منظمة الأمم المتحدة، لقد سعى هذا النظام إلى تغيير الحدود بالعنف واحتل الأراضي الصحراوية بداية بالنصف الشمالي منها ومن ثم كل الأراضي أمام مرأى العالم، فكل الادلة توضح أنه لا يملك اي أساس شرعي او قانوني لفعل الاحتلال الذي قام به للصحراء الغربية.كما سعى نظام المخزن إلى خلق مشكل مع الجزائر من خلال حرب الرمال سنة 1963 ومع مورتانيا كذلك وهذا خدمة للقوى لااستعمارية التي تشجعه في هذه النظرة التوسعية واليوم أكد عمالته وخيانته من خلال التطبيع مع الكيان الصهيوني.

إن هذا السلوك العدواني المغربي جر المنطقة إلى نزاعات وعدم استقرار لان القوى الحرة ترفض هذه الإملاءات والممارسات الاستعمارية، فالاستعمار الذي طرد بالقوة يريد العودة من خلال البوابة المغربية، وكأن الاستعمار الفرنسي لم يسلم بعد بتصفيته بالرغم من الرفض الذي يلقاه على غرار منطقة الساحل التي ترفض تواجد الاستعمار الفرنسي بشكله الجديد، وهذا ما يؤكد مرة أخرى اقتراب نهاية هذه الصيغة الجديدة من الاستعمار، ففرنسا بقيت فقط من خلال عملائها بالمنطقة ولم تتمكن من طي صفحة الاستعمار كما فعلته سابقا دول استعمارية.

وفيما يتلعق بالجزائر، فالعالم كله يعرف موقفها من النزاع الصحراوي، فالجزائر وموريتانيا هما عضوان مراقبان والجزائر متمسكة بالقرارات الاممية وتدعمها، كذلك بالنسبة لقرارات الاتحاد الإفريقي، والذنب الوحيد للجزائر هو أنها تدافع عن الشرعية الأممية وعن شرعية الاتحاد الإفريقي والمغرب هو الوحيد الذي يريد ان يجعل من الجزائر طرفا في النزاع وإلصاق هذه التهمة بالجزائر ومحاولة تحميلها مسؤولية ما يحدث ولكن عبثا يفعل فالعالم كله مطلع على حقيقية ما يحدث على الأرض.

من نفس القسم الحدث