الحدث

الجزائر وتونس نموذج للتلاحم العربي والمغاربي

علاقات اقتصادية وسياسية متجذرة في التاريخ

تعود ذكرى احداث ساقية سيدي يوسف، ويعود معها الحديث عن خصوصية العلاقات الجزائرية التونسية المتجذرة تاريخيا، والتي تعتبر نموذجا مشرفا للتلاحم والتكامل العربي المغاربي، ففي كل مرة يجتمع فيها البلدان يكون التوافق والتنسيق عنوانا للقاء، وتشتد الإرادة الثنائية لتعزيز الروابط الاقتصادية وتمتين العلاقات السياسية والدبلوماسية بما يخدم العاصمتين، والمنطقة العربية والمغاربية على حد سواء.

تكتسي العلاقات الجزائرية التونسية، طابعا خاصا يجعلها متميزة عن باقي الدول المغاربية والعربية، فبالحديث عن العاصمتين، يمكننا القول بأننا مع شعب واحد في بلدين منفصلين، وذلك بالنظر للعلاقات المتجذرة والتي تعود إلى الفترة الاستعمارية أين امتزج الدم الجزائري بالتونسي واكتملت هذه الروابط حتى بعد الاستقلال وعلى مدار السنوات، لتجعل من تونس والجزائر بلدين بقلب واحد وأهداف مشتركة همها الأول والأهم، يبقى تعزيز تعاونهما الثنائي في جميع المجالات والعمل سويا على الحفاظ على الوحدة العربية والتنسيق من أجل حل جل الأزمات التي تشهدها المنطقة.

ومنذ البداية، لم تتوان الجزائر في الوقوف إلى جانب الشقيقة تونس، فتتالت الزيارات الثنائية وتعددت الاتفاقيات الموقعة في جل المجالات، من أجل التأسيس لاقتصاد مشترك مبني على الثقة والتعاون الثنائي يعود بالفائدة على البلدين وعلى المنطقة المغاربية ككل، ولقد كانت زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتونس، أصدق دليل على النية الحسنة لدى الجزائر للوقوف إلى جانب تونس، ودعمها في هذه المرحلة الحساسة من خلال إبرام 27 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات لتكون بمثابة دفعة قوية لمسار التكامل بين البلدين.

ويضع البلدان التعاون الاقتصادي في صلب اهتماماتهما، حيث تخضع العلاقات التجارية بين الجزائر وتونس لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في هذه الأخيرة عام 1981، ومذكرة التفاهم الإضافية لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في الجزائر عام 1991، مع نظام تفضيلي ينص على الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل للمنتجات التي يكون منشؤها أحد البلدين، كما تشير آخر الإحصائيات، إلى أن تونس تعتبر أهم الشركاء الاقتصاديين للجزائر، في العديد من قطاعات التبادل بينهما على غرار الطاقة والاستثمار والاشغال العمومية والموارد المائية وتنمية المناطق الحدودية وغيرها، كما تستفيد تونس طاقويا من إمدادات غازية مع مرور أنبوب الغاز الجزائري - الايطالي العابر للمتوسط "ترانسماد"، بحجم 3.8 مليار متر مكعب من الغاز، إذ تحصل الخزينة التونسية بذلك، عائدا يقدر ب 500 مليون دينار تونسي أي ما يعادل 173.34 مليون دولار.

وإضافة إلى كل ما قيل، يبقى تطابق وجهات النظر والتوافق حول كبريات القضايا الإقليمية والدولية، الميزة الأبرز التي تعكس واقع العلاقات السياسية الجزائرية التونسية، ولعل اختيار الرئيس التونسي، قيس السعيد، للجزائر كأول وجهة له بداية فيفري 2020، وقيامه بأول زيارة عمل له منذ توليه منصبه بدعوة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أبلغ مؤشر على مستوى العلاقات التي تربط البلدين، كما أن تكثيف التعاون الثنائي عندما يتعلق الأمر بدول جارة، يؤكد البعد الأخوي والترابط والتكامل في وجهات النظر، على غرار التعاون من أجل حل الأزمة الليبية والخروج بمقترحات ترضي جميع الأطراف وتجمع الفرقاء.

وبالحديث عن الجزائر وتونس، هناك إجماع على وجود جودة في العلاقات يغلب عليها البعد الأخوي والتضامني بين الشعبين والحكومتين، فالجزائر لم تتوان في الوقوف إلى جانب تونس في جل أزماتها كما دعمتها خلال مسارها الديمقراطي ووقفت إلى جانبها في أصعب الأزمات، من خلال مدّها يد العون للجارة تونس في عز الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها جراء تداعيات انتشار فيروس كورونا، وفتح سوقها للاستثمار أمام المتعاملين التوانسة، في خطوة من شأنها توطيد العلاقات الثنائية، إلى جانب التعاون المشترك المرتبط بشكل خاص بأمن الحدود، والذي يقدم علامات أخرى للعلاقات المتميزة التي تأخذ بعدا استراتيجيا وحيويا.

من نفس القسم الحدث