الحدث

عندما يتحول الحلم إلى كابوس !

طلبة ضحية عروض وهمية للدراسة في الخارج

أثارت قضية النصب والاحتيال التي راح ضحيتها العشرات من الطلبة مؤخرا، العديد من ردود الفعل من مختلف فئات المجتمع، خاصة بعد ضلوع بعض المؤثرين في العملية من خلال قيامهم بالترويج للعملية بإعلانات على صفحاتهم الخاصة.

انكشفت منذ أيام قليلة خيوط عمليات احتيال راح ضحيتها العديد من الطلبة، ممن وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، بعدما دفعوا مبالغ طائلة لوكالتين، بغية تسهيل كافة الإجراءات لهم للدراسة في جامعات دولتي أوكرانيا وتركيا، غير أن العملية ليست الأولى من نوعها في السنوات الأخيرة، حسب ما كشف عنه بعض الطلبة.

تأمين المستقبل..

تعمل بعض الوكالات والأشخاص على استدراج الراغبين في استكمال مسارهم الدراسي بجامعات خارج أرض الوطن، عارضين عليهم العديد من التسهيلات والخدمات، لوضعهم في أحسن الظروف للشروع في دراستهم، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التنقل نحو المصالح والهيئات المعنية للحصول على الموافقة واستصدار الوثائق اللازمة.

وكشف بعض الطلبة، الذين تحدثت إليهم جريدة الرائد، بأن جهودهم الحثيثة للدراسة في جامعات أوروبية، تأتي في إطار مساعيهم لضمان مستقبل لهم والحصول على شهادات من جامعات تؤمن لهم مناصب عمل فور تخرجهم.

وجدت بعض الوكالات المتخصصة في تسجيل الطلبة في جامعات دول أوكرانيا، روسيا وحتى تركيا ظالتها بالإختباء وراء شعار "تأمين مستقبلهم"، حيث أنها تقدم شهاداتها على أنها الحل الأمثل للطلبة، ما يدفع الكثيرين منهم للتواصل معها ودافع مبالغ مالية كبيرة.

ولم تكتف بعض الوكالات والأشخاص المرتبطين بها بشعار تأمين المستقبل للطلبة، بل يتم تصوير الدراسة في جامعات الدول التي تتعامل معها وكالاتهم، على أنها الأحسن والأفضل عالميا، والولوج لها سيكون أحسن اختيار لهم وأفضل قرار يتخذونه.

ولا تتردد العديد من العائلات في دفع كل ما عندها لتوفير المبالغ التي تطلبها وكالات السفر المتخصصة في نقل الطلبة للدراسة في جامعات خارج أرض الوطن، دون البحث عن حقيقة العروض والأسعار الحقيقية، لأن تأمين مستقبل أبنائها لا يقدر بثمن، وهو الوضع الذي يجعلهم فريسة ولقمة صائغة لبعض محترفي الاحتيال والنصب على الطلبة.

وسائل التواصل الاجتماعي لاستدراج الطلبة..

تستعمل بعض الوكالات المتخصصة في نقل الطلبة الدراسة خارج أرض الوطن العديد من الطرق للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الراغبين في ذلك، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي من فايسبوك، انستاغرام وكذا اليوتيوب أبرزها، لكونها تحوز على اهتمام كبير من قبل الشباب، وهي الفئة التي يتم استهدافها.

يشير محمد الذي سبق له خوض تجربة للدراسة في دولة روسيا في اتصال لجريدة الرائد، بأنه كان يتابع منشورات لإحدى الصفحات، التي تهتم بالجالية الجزاىرية في روسيا، لتقع عيناه على منشور يخص الدراسة ويربط بعدها اتصال بأحد الأشخاص، والذي رفض الافصاح عن اسمه، لكونه من كان يقوم بكافة الإجراءات لتسجيل الطلبة بجامعاتها.

وأضاف، بأن شغفه بالدراسة في روسيا زاد، بعد اطلاعه على المزايا والتسهيلات المقدمة له، مشيرا إلى أن شرع في بعض الإجراءات، ولكنه توقف بعدما اصطدم بحقيقة الأمر، حيث اكتشف بأن المبالغ التي طلبت منه تقدر بثلاثة أضعاف المبلغ الحقيقي المستحق عليه، والتي لم يتمكن من تحصيلها.

وفي المقابل، فإن البعض من الوكالات تعتمد على بعض الشخصيات، التي تمتلك معجبين كثر على صفحاتها الخاصة على مواقع التواصل للترويج لعروضهم، وهي العملية التي لجأت إليها مؤخرا وكالتي فيوتر غايت وفيكليك، حيث أن بعض المؤثرين قاموا ببث إعلانات و فيديوهات للترويج الوكالتين وتقديمهما على أساس الضامنة لمستقبل الطلبة.

وتعددت قصص النصب والاحتيال، التي راح ضحيتها العديد من الطلبة مؤخرا، والتي كان خلفها أشخاص على اطلاع بكافة الإجراءات اللازمة للتسجيل في جامعات دول أوكرانيا، روسيا وكذا تركيا، وفي المقابل يتم بث فيديوهات لشهادات لطلبة في المطار قبل تنقلهم الدولة التي سيدرسون بها، من أجل اعطاء مصداقية أكبر للوكالات.

ويكفي الولوج لصفحات بعض الوكالات المتخصصة في نقل الطلبة للدراسة في جامعات خارج أرض الوطن للإطلاع على ما تقدمه من تسهيلات تشمل الحصول على تأشيرة الدولة التي سيدرس بها الطالب، بالإضافة إلى توفير مرافقين خلال السفر ووكيل ينتظر الطلبة بالمطار، كما أنها تقوم بدفع الرسوم الجامعية، السكن الجامعي وكذا التسجيل في خدمة الهجرة، فضلا عن الحصول على تصريح الإقامة، كما تتكفل بترجمة الوثائق الإدارية وترافق الطلاب طوال مسارهم الجامعي، وهذا من خلال دفع المبالغ التي تكون في العديد من الأحيان أضعافا مضاعفة عن المبلغ الحقيقي.

الدراسة في الخارج تجارة..

يقدم بعض الأشخاص أنفسهم للطلبة، على أنهم دليلهم وطريقهم الوحيد للتسجيل في الجامعات خارج أرض الوطن، ويقدمون يد العون ظاهريا للطلبة الجدد ولكن باطنيا يقومون بالعديد من الحيل للاستفادة من المساعدة، التي يسميها البعض قيمة أتعابهم.

وتقول إحدى الطالبات، التي وقعت ضحية نصب من قبل أحد الأشخاص في روسيا، بأنها قد تعرفت عليه من خلال موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، لكونه ناشط ويقدم مساعدات وتسهيلات للطلبة الجدد لإتمام كافة الإجراءات اللازمة للتسجيل في الجامعة، غير أنها اكتشفت أياما قليلة بعد وصولها إلى موسكو، بأنها قد وقعت ضحية جشع ذلك الشخص.

وقالت، بأن الإتفاق في البداية، كان يقتضي أن نسافر رفقة شخص أخر لدولة روسيا وندفع المبلغ المستحق علينا لدراسة السنة التحضيرية، ليقوم بعدها ذات الشخص بمساعدتنا للحصول على منح دراسية ونستفيد بعدها على كل حقوقنا، وهذا فور وصولنا لموسكو للدراسة في جامعة الصداقة بين الشعوب، وأكد لنا بأنه يجب على كل واحد منا دفع مبلغ 2200 دولار للفصل الواحد، وهو الأمر الذي استجبنا له، وحصلنا فور وصولنا على السكن المؤقت وقمنا بإجراء التحاليل الطبية واختبارات شفهية، ولكن الأمور بدأت بالتغيير، إذ أنه بات مطلوبا منا البحث عن السكن الحامعي، واخلاء السكن المؤقت، لنصطدم بواقع مر لحالة بعض السكنات، وبعد جهد كبير تحصلنا على سكن لائق وكنا ندفع شهريا 500 دولار للشخص الواحد، ولكن في الواقع وبعد احتكاكنا بالطلبة اكتشفنا الأسعار الحقيقية وأن ذات الشخص يحتال علينا ويأخذ منا مبالغ كبيرة، مستغلا جهلنا بقيمة تحويل العملة والمدينة، وحتى قيمة التأمين الصحي دفعنا مقابله أضعافا مقارنة بالمبلغ الحقيقي، تضيف ذات المتحدثة.

وأشارت ذات الطالبة، بأن ذات الشخص يقوم سنويا بالنصب والاحتيال على العديد من الطلبة، ويعتبرها تجارة يقوم من خلالها بجمع مبالغ طائلة على ظهور الطلبة، ويأخذ عمولات مقابل أي مساعدة وفي بعض الأحيان كان يتلاعب بالطلبة الجدد لجهلهم بالعديد من الأمور بروسيا لأخذ مبالغ منهم دون وجه حق.

كما أشارت، إلى أن ذات الشخص والمطلع بكافة الإجراءات للدراسة في جامعات روسيا، بقي على اتصال بهم طيلة السنة التحضيرية وكان يتعامل معانا بطريقة رائعة ويأتي لزيارتهم ويلح عليهم لطلب المساعدة منه في أي أمر، ولكن المعاملة تتغير مباشرة بعد نهاية صلاحيتنا، وتمكننا من تدير أمورنا وقدرتنا على القيام بكل الإجراءات من تلقاء أنفسنا.

الدراسة في الجامعة دون بكالوريا...

قد يتوهم قارئ العنوان، أننا أخطأنا في صياغته ولكن ما تداول عن فرص توفرها بعض الوكالات المتخصصة في نقل الطلبة للدراسة في جامعات روسيا، أوكرانيا وتركيا بدون بكالوريا حقيقة يختبأ وراءها ملاكها لسرقة أموال الشباب.

وأشارت فتيحة، بأنها تعرفت في روسيا على البعض ممن جاء للدراسة دون أن يكون حاصلا على شهادة البكالوريا، حيث يتم تسجيلهم في البداية لدراسة العام التحضيري، والذي يكون إجباريا على الطلبة الأجانب لتعلم لغة البلد، وبعد نهاية الموسم يجد الشباب أنفسهم ضائعين وملاك الوكالات غير آبهين بوضعيتهم، لأنهم قد استفادوا ماديا من عملية تحويلهم من الجزائر وقيامهم بكافة الإجراءات اللازمة للولوج إلى الأقسام التحضيرية.

وأضافت بأن البعض من الوكالات تسعى لتزوير كشوف نقاط البكالوريا للبعض من أجل تسجيلهم في أي تخصص، خاصة وأن وثائق الطلبة الأخرين تكون تحت أيديهم وبإمكانهم فعل ما يحلو لهم بها، مشيرة إلى أن البعض من الشباب تعطى لهم ضمانات من قبل ملاك الوكالات لجعلهم يستقرون بذات البلد، شريطة دفع المبالغ المطلوبة.

ويبقى المستفيد الوحيد من هذه العمليات ملاك الوكالات، الذين يستعملون الدراسة والتعليم العالي مطية للحصول على مبالغ طائلة، وفي المقابل يتخبط الشباب في العديد من المشاكل، وفي بعض الأحيان يعودون لبلدهم صفر اليدين.

اتبعوا هذه الإجراءات..

أضحت دولتي روسيا وأوكرانيا الوجهتين المفضلتين للعديد من الطلبة للدراسة في جامعاتها، حسب ما تكشف عنه العديد من التقارير، لأعداد الطلبة المسجلين بجامعات هذه الدول.

يعتبر حلم مواصلة الدراسة خارج أرض الوطن مشروعا، لكن الأمر يستلزم على الطلبة الاطلاع على كافة الشروط اللازمة للدراسة في جامعات الدول التي يرغبون في التسجيل بها والعلم بالقوانين المسيرة لها والمبالغ المترتبة عليهم عن كل إجراء وعملية يقومون بها.

وفي هذا الصدد، دعت إحدى الطالبات ممن تحدثت لجريدة الرائد عن تجربتها في الدراسة خارج أرض الوطن، لعدم التسرع واستشارة العارفين بخبايا الدراسة في الجامعات الأوروبية، مضيفة بأن كل الجامعات تملك مواقع رسمية خاصة بها وبامكان الطلبة الإطلاع على كل التكاليف والرسوم اللازمة، حتى لا يقعوا ضحية نصب واحتيال من قبل من جعل من العملية مهنة لهم، خاصة وأن الجامعات توفر قسما في مواقعها خاصا بالطلبة الأجانب بلغات أخرى كالإنجليزية مثلا.

وأوضحت، بأن التعامل مع الوكالات والأشخاص يجب أن يكون بحذر شديد ولا يجب تصديق كل ما يقال لهم، مشيرة إلى أن الطلبة بإمكانهم الإستعانة بالوكلات ولكن شريطة أن يكون التعامل معهم بالفواتير، التي تثبت حقيقة المبالغ التي تستوجب منهم دفعها، ودفع قيمة أتعاب الأشخاص والوكالات.

وتدفع بعض المستحقات عن السكن شهريا، فيما تطالب بعض الوكالات بدفعه كاملا، بحجة أنه الإجراء السليم، وهو الوضع الذي يستدعي من الطلبة البحث والتقصي جيدا قبل دفع أي مبالغ للوكالات وعدم تركهم يتصرفون كما يشاؤون مستغلين جعل الطلبة بالإجراءات وعدم قيامهم بأبحاث عن الأمر.

وتبقى هذه العينات مجرد فيض من غيض، حسب ما يشير إليه العديد من الطلبة، خاصة وأنا العديد ممن راحوا ضحية جشع ملاك الوكالات، يتخوفون من اي خطوة يقدمون عليها لفضح ألاعيبهم، لكونهم يجهلون البلد الأجنبي، الذي يدرسون به بالمقارنة مع نظرائهم ممن ملاك الوكالات.

من نفس القسم الحدث