الحدث

سيارة بسعر شقة ... أين الخلل؟!

"الرائد" تفتح "ملف" أزمة سوق السيارات في الجزائر

يتواصل منذ سنوات مسلسل ارتفاع أسعار السيارات في الجزائر لدرجة أن سعر مركبة صينية بمواصفات عادية بات يضاهي سعر شقة في إحدى المدن الكبرى وهو ما يكشف عن خلل غير مفهوم وغياب استراتيجية واضحة بخصوص ملف استيراد وتصنيع السيارات بالإضافة إلى الفوضى ومنطق المضاربة الذي بات يحكم الأسواق وهو ما أفرز أسعار أقل ما يقال عنها أنها خيالية وغير منطقية.

  • هكذا بدأت أزمة أسعار السيارات

وعلى مدار سنوات تحول شراء سيارة لدى الجزائريين لحلم صعب المنال بسبب الأسعار الخيالية سواء تعلق الأمر بمركبات جديدة عندما كانت متوفرة وحتى القديمة التي باتت المنتوج الوحيد المتاح حاليا في ظل أزمة سوق السيارات المتواصلة واستمرار تعطل استيرادها من الخارج، وبالعودة للأسعار فان الازمة بدأت فعليا مع نهاية 2014 عندما قررت الحكومة آنذاك فرض رخص على استيراد السيارات وفق كوطة معينة لا يمكن تجاوزها وهو ما خلق نقص عرض وجعل الأسعار تبدا في الارتفاع غير أن الارتفاع مع بداية الازمة لم يكن بالمستوى الذي وصل إليه السنتين الأخيرتين لما تقرر تجميد هذه الرخص نهائيا ووقف الاستيراد من اجل إعطاء فرصة لبروز الصناعة المحلية التي كانت تعتمد على التركيب ونظام "أسي دي كا"، هذا النظام لم يتمكن من ضمان صناعة حقيقية يمكنها تغطية الطلب المحلي من المركبات وبأسعار في المتناول والعكس هو الذي حدث، حيث شهدنا فضائح تركيب وفضائح أسعار جعلت الصناعة "التركيبية" تنهار وتغلق المصانع أبوابها فاتحة المجال لمزيد من الارتفاع في أسعار السيارات المستعملة، حيث حطمت الأسعار الفترة الأخيرة كل الأرقام القياسية وبات سعر سيارة صينية بمواصفات أقل من العادية يضاهي سعر شقة في العاصمة ومدن كبرى، ومثال على ذلك أسعار سيارة "بيكانتو" والتي كانت لا تتجاوز منذ حوالي ثلاثة سنوات فقط الـ140 مليون سنتيم لتصل أسعارها منذ اشهر لسقف350 مليون سنتيم والغريب أن الامر يتعلق بسيارات مستعملة وليست حتى جديدة.

  • جزائريون يبيعون سياراتهم لاقتناء العقارات وبدء مشاريع تجارية!

وليس من باب المبالغة إن قلنا ان أسعار السيارات في الجزائر باتت تضاهي أسعار الشقق حيث يكفي استطلاع بسيط في إحدى أسواق السيارات المستعملة للتأكد أن حوالي 50 بالمائة ممن يعرضون سياراتهم للبيع هذه الأيام يرغبون في استغلال ثمنها إما لشراء شقة او التوسع في منزل أو حتى اقتناء محل تجاري من أجل ممارسة نشاط يدر عليهم أرباحا، وفي هذا الصدد يقول محمد وهو احد سماسرة سوق السيارات المستعملة أن البيع في هذا السوق متوقف منذ اشهر بسبب معضلة الأسعار مشيرا ان الأزمة لا تتعلق بالأسعار والشراء فقد وأنما حتى بالعرض حيث أشار محدثنا ان العرض الوحيد المتوفر حاليا هو لسيارات إما مهترئة يريد أصحابها التخلص منها بأسعار تفوق قيمتها بحوالي أربعة اضعاف، أو سيارات عادية بأسعار خيالية، أو سيارات تصنف في خانة "الفخمة" تصل أسعارها لحوالي المليار سنتيم وهي قيمة اقتناء شقة في قلب العاصمة، وأضاف ذات المتحدث ان غالبية من يعرضون سياراتهم للبيع حاليا يحاولون استغلال ارتفاع الأسعار من أجل استثمار تلك الأموال سواء في اقتناء عقارات أو شقة لحل أزمة السكن لديهم أو حتى محلات تجارية مضيفا أن سعر السيارة حاليا يمكن ان يوفر "ميزانية" مشروع صغير.

  • هؤلاء الزبائن الوحيدون في السوق حاليا و"الزوالية" يحلمون!

وعن زبائن أسواق السيارات المستعملة في ظل الغلاء والاسعار الخيالية يؤكد سماسرة وعارفون بالأسواق ان معاملات البيع الضئيلة التي لا زالت تسجل تكون عادة مع أشخاص ميسوري الحال يمكنهم تحمل تكاليف الزيادة الرهيبة في الأسعار أو حتى بعض المواطنين الذين كانوا يملكون سيارات مستعملة وقاموا ببيعها ليجدوا انفسهم في ورطة بسبب حاجتهم لامتلاك سيارة وهذه الفئة عادة ما تمثل الزبائن المفضلين في أسواق البيع، من جانب اخر تلقي الأسواق من حين لأخر طلبات من نساء عاملات يضعن "تحويشة" العمر في سيارة لا يهم ان كانت أسعارها تساوي ثلاثة اضعاف قيمتها الحقيقية، وغير هذه الفئات الثلاثة فأن المواطن البسيط في ظل الأسعار الحالية وتدهور القدرة الشرائية بات لا يعرف لأسواق السيارات طريقا في انتظار "حلحلة" الازمة المرتقب خلال هذه السنة، حيث يترقب اغلب الجزائريين صدور دفتر الشروط "الموعود" للاستيراد وهو ما قد يخلق بعض الوفرة في سوق السيارات الجديدة الأمر الذي قد ينعكس على أسواق السيارات المستعملة ويساهم في انخفاض أسعارها لتصبح السيارة "القديمة" حلم ممكن تحقيقه.

من نفس القسم الحدث