الحدث

جزائريون "يموتون" كل شتاء بحثا عن الدفء؟!

مأسي اختناقات الغاز تتواصل والأسباب تتعدد

تتسبب الاختناقات بالغاز كل فصل شتاء في إبادة عائلات بأكملها حيث تحول غاز ثاني أكسيد الكربون لأكثر مسببات الوفاة في فصل الشتاء ورغم الحملات التحسيسية التي تطلقها اكثر من جهة لتوعية الجزائريين بأهمية اتباع قواعد الامن والسلامة في استخدامهم لأجهزة التدفئة إلا أن عوامل أخرى باتت تساهم في استمرار تسجيل هذه الحوادث وهو ما يستدعي تنسيق على أعلى مستوى بين اكثر من وزارة وهيئة لوقف القاتل الصامت أو على الأقل التقليل من ضحاياه.

وتتعدد أسباب الاختناقات بالغاز خلال فصل الشتاء ففي وقت تتحدث فيه جمعيات حماية المستهلك عن استمرار تسويق أجهزة غير مطابقة للمعاير يؤكد مهنيون في مجال الترصيص أن الاعتماد على مواد غير مطابقة في توصيلات شبكة الغاز يعتبر سبب رئيسي في حوادث الاختناقات بينما يشير المختصون في الهندسة والبناء أن هناك سكنات شيدت دون منافذ تهوية وهو ما يكون عامل مباشر في مأسي الاختناقات بالغاز.

  • ممثل جميعة المرصصين: مواطنون يجرون توصيلات غاز بمواد منهية الصلاحية

وعن موضوع حوادث الاختناقات بالغاز أكد أمس رئيس "الجمعية الوطنية للمرصصين الجزائريين" عبد الله لقرع في تصريح لـ"الرائد" أن الأخطار الناجمة عن تسرّب الغاز سواء تعلق الامر بأجهزة التدفئة او حتي بأجهزة السخان تتعلق أساسا بغياب الصيانة بالشبكة الداخلية للمنازل مضيفا أن الشبكة الخارجية هي تحت تصرف سونلغاز ويشرف على مراقبتها وصيانتها أعوان ضمن برنامج دوري، واعتبر لقرع أنه في الكثير من الأحيان فأن المواطنون يعتمدون على "حرفيين غير مكونين" لدى توصيلهم شبكات للغاز أو تركيب مدافئ في منازلهم كما يتم الاعتماد على مواد أغلبها غير مطابقة للمقاييس المعمول بها في المجال بسبب لجوء أغلب الحرفيين إلى اقتناء مستلزمات التشحيم والأنابيب من عند محلات الترصيص دون مراعاة تلك المطابقة وهو ما تكون نتيجة توصيلات كارثية وغير مطابقة للمعايير تتسبب بعدها في تسربات للغاز ينتهي بحوادث مميتة، ودعا لقرع في هذا السياق الجزائريين لضرورة الاعتماد على المهنيين المكونين في هذا المجال والحرص على استعمال مواد أولية مطابقة مشيرا أن جل المواطنين يجهلون أن لوسائل وأدوات الترصيص نهاية صلاحية لابد من تحري موعدها قصد استبدالها.

  • حماية المستهلك: الاعتماد على وسائل بدائية في التدفئة خطير وقاتل

من جهتها تطرح جمعيات حماية المستهلك كل سنة مشكل أجهزة التدفئة المغشوشة التي باتت أيضا سببا مباشرا في اختناقات الغاز المسجلة، مؤكدة أن أسباب استمرار تسويق أجهزة مغشوشة، لا تتطابق مع أدنى شروط التصنيع، هو ضعف الرقابة على نشاط مافيا الاستيراد، التي تعمل على إغراق السوق الوطنية بأجهزة مغشوشة ومقلدة، وقال رئيس فدرالية حماية المستهلك زكي حريز في هذا الصدد أن غياب مراكز لمراقبة الجودة على مستوى مديريات التجارة ولامبالاة المواطن يعدان سببين مباشرين لحدوث كوارث بمنازل الجزائريين مبرزا في تصريح لـ"الرائد" أنه من بين أسباب وقوع حوادث الاختناق أيضا عدم استعمال مانع الغاز، وكذا تلحيم أنابيب الغاز بمواد سريعة التلف، في ظل غياب عمال ترصيص مؤهلين واعتماد الكثير من المواطنين على غير المتخصصين، من جانب أخر قال حريز أن استمرار الاعتماد على وسائل بدائية في التدفئة بات يتسبب في كوارث على غرار "الطابونات" مضيفا ان استعمال هذه الأخيرة خطير وقد يكون قاتلا.

  • بوداود: الكثير من مساكن الجزائريين شيدت دون منافذ تهوية أصلا!

لا تتعلق كل حوادث اختناقات الغاز التي باتت تبيد الجزائريون كل موسم برد بالإهمال في تركيب أجهزة التدفئة او الأجهزة المغشوشة أو حتى سوء الصيانة ونقص الوعي ففي كثير من الأحيان يصطدم المواطنون في منازلهم بغياب أصلا منافذ للتهوية حيث بنيت الكثير من مساكن الجزائريين دون مراعاة أدني معايير السلامة والأمن وهو ما يجعل سكان هذه البنايات يركبون أجهزة الغاز دون مراعاة لشروط السلامة وفي هذا الصدد أكد رئيس المجمع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين، عبد الحميد بوداود، أنه بالفعل فان العديد من المساكن تفتقد لأدنى شروط السلامة والامن منها غياب منافذ للتهوية ومداخن لتسرب غاز ثاني أكسيد الكربون للسطح وهو ما يتسبب في حوادث اختناقات غاز بالجملة، وقال بوداود في اتصال هاتفي مع "الرائد" أنه شخصيا وقف على العديد من المشاريع من هذه العينة واستغرب من حيازة هذه الأخيرة على الموافقة بالاستغلال مشيرا انه من المفروض أن تخضع جل المشاريع قبل تسليمها للجنة تشرف على معاينتها ومنحها شهادة المطابقة لمعايير الأمن والسلامة. وحمّل عبد الحميد بودواو القائمين على المشاريع السكنية، سواء العمومية أو الخاصة، جزءا من مسؤولية حوادث الاختناقات بالغاز، التي يتم تسجيلها كل سنة، بسبب عدم احترام أدنى شروط السلامة والأمن، المتعلقة بالتهوية وأماكن وضع أجهزة التدفئة، بالإضافة إلى غياب منافذ النجدة مشيرا ان فوضى السياسية العمرانية بات يدفع ثمنها المواطن.

من نفس القسم الحدث