الحدث

فرنسا تتودد للجزائر

بين إساءة ماكرون وتصريحات لودريان

تواترت سلسلة الأحداث التي زادت من الضغط على العلاقات الجزائرية الفرنسية بسبب إساءة الرئيس الفرنسي لذاكرة الشعب الجزائري، بعد شكك في وجود أمة جزائرية" قبل الاحتلال الغاصب لأرض الجزائر عام 1830 من طرف الاستعمار الفرنسي، تصريحات أثارت حفيظة الجزائريين وجعلت السلطات العليا في البلاد ترد بحزم عليها من خلال بيانات الإدانة التي صدرت رافضة لمثل هذه التصريحات المشينة.

وبعد أن تأكد الإليزيه من جدية الموقف الجزائري اتجاه ما يصدر من تصريحات معادية للجزائر دولة وشعبا، حاول الرئيس الفرنسي التراجع عما قاله وفي هذا السياق نقل الإليزيه أن الرئيس ماكرون يأسف للخلافات وسوء الفهم" مع الجزائر ويؤكد أنه "يكن أكبر قدر من الاحترام للأمة الجزائرية وتاريخها".

ومع تمسك الجزائر بموقف صارم اتجاه تصريحات ماكرون، جاءت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي إيف لودريان في مقابلة مع صحيفة "لوموند"، أول أمس، والتي قال فيها، إن بلاده تتطلع إلى إقامة علاقة "ثقة" و"شراكة طموحة" مع الجزائر تتجاوز "جروحا" متعلقة بالذاكرة "قد تعود للظهور أحيانا".

إن التودد الفرنسي لحل الأزمة الدبلوماسية التي تطبق عل العلاقات الثنائية ين البلدين، تأتي في وقت تقدم فيه عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الفاتح من شهر نوفمبر الجاري بمقترح قانون يقضي بتجريم الاستعمار وهي الخطوة التي طالما أرعبت فرنسا ودفعت بمسؤوليها إلى تهدئة الأوضاع لتفادي صدور مثل هذا القانون.

وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد عين الأستاذ عبد المجيد شيخي للاشتغال على ملف الذاكرة موازاة مع تعيين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المؤرخ بنجامين ستورا للعمل على نفس الملف بهدف تقريب وجهات النظر بين البلدين، هذا الأخير قام بإعداد تقرير لقي انتقادات كثيرة من الطرف الجزائري من منطلق أنه أغفل قضية الاعتراف بجريمة الدولة التي ارتكبتها فرنسا طية 132 سنة في الجزائر.

وكانت تصريحات ماكرون قد لقيت استياء كبيرا من الطرف الجزائري الذي أدان بقوة ما قاله الرئيس الفرنسي واعتبر ذلك مساسا غير مقبول بذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد ضحوا بأنفسهم عبر مقاومة شجاعة ضد الاستعمار الفرنسي بين عامي 1830 و1962م.

وأضاف أن جرائم فرنسا الاستعمارية، التي لا تعد ولا تحصى، هي إبادة ضد الشعب الجزائري، وهي غير معترف بها (من قبل فرنسا)، ولا يمكن أن تكون محل مناورات مسيئة.

وأمام هذا المد والجزر، تظل العلاقات الجزائرية الفرنسية مرهونة بملف الذاكرة الذي تبقى الجزائر متمسكة به وتطالب بتسويته وفق ما تنص عليه الأعراف الدولية والقوانين التي تدين كل جرائم الإبادة والحرب، طريق مسدود ومصير مجهول لعلاقات لطالما عرفت توترات كثيرة وحالت دون المضي قدما، في الوقت الذي ترفض فيه فرنسا ولحد الساعة الاعتراف بماضيها الاستعماري وجرائمها المرتكبة ضد الجزائريين خلال فترة الاحتلال.

من نفس القسم الحدث