الحدث

"أريحية" مالية وملايير تصب في الخزينة العمومية

أسعار النفط في أعلى مستوياتها منذ 3 سنوات

تعرف أسعار النفط انتعاشا ملحوظا حيث وصلت مؤخرا أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، وتعدى مزيج خام برنت، النفط المرجعي للخام الجزائري "صحارى بلند"، الـ78 دولارا للبرميل، بسبب اضطرابات في الإنتاج العالمي دفعت شركات الطاقة إلى سحب كميات كبيرة من الخام من المخزونات، وهو ما يعني أن الخزينة العمومية تكسب حوالي 35 دولارا عن كل برميل نفط، وميزانية تصل إلى 945 مليون دولار في الشهر، وبما أن مستوى الأسعار هذه يعرف استقرارا منذ 3 أشهر تقريبا، فإن التساؤلات تنصب حول وجهة هذه "الميزانية" هل ستذهب لسد العجز المسجل في الموازنة أم سيتم ضخها في صندوق خاص كصندوق ضبط الإيرادات؟

ومنذ شهر جوان تقريبا تكسب الخزينة العمومية ما يزيد عن 35 دولارا إضافيا على الأقل عن كل برميل نفط جراء استقرار أسعار النفط طيلة هذه الفترة في حدود الـ75 إلى 78 دولار للبرميل، وبالنظر للسعر المرجعي المعتمد في قانون المالية التكميلي الذي حدد بـ40 دولارا، ما يمكن أن يدر على الخزينة مداخيل إضافية في النصف الثاني من السنة تقارب 6 مليارات دولار في حال الاستمرار على حالها.

وتتجه أنظار الأسواق الآن إلى اجتماع مجموعة "أوبك " الإثنين القادم، حيث سيناقش المنتجون ما إذا كانوا سيتجاوزون اتفاقهم الحالي، لتعزيز الإنتاج 400 ألف برميل يوميا في نوفمبر وديسمبر هذا العام.

وقالت تقارير إعلامية دولية إن إضافة المزيد من النفط تصور يجري النظر فيه من قبل مجموعة "أوبك"، دون أن يفصحوا عن تفاصيل بشأن الكميات أو التوقيتات، فيما يحوم النفط حاليا قرب أعلى مستوى في ثلاث سنوات ويضغط المستهلكون من أجل مزيد من الإمدادات.

وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، هذا الأسبوع، أن المخزونات تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، وقد تلقت أسعار النفط دعما كبيرا، خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب مخاوف تتعلق بالمعروض العالمي عقب إعصارين في الولايات المتحدة، وتتوقع مجموعة فيتول، أكبر متداول للنفط المستقل في العالم، أن يرتفع الطلب العالمي على النفط الخام بمقدار نصف مليون برميل إضافي يوميا هذا الشتاء، حيث تؤدي أزمة الطاقة التي يقودها الغاز إلى الاندفاع نحو أنواع الوقود الأخرى. وقال الرئيس التنفيذي لشركة فيتول، راسل هاردي، إن النفط يتجه على الأرجح إلى ما فوق 80 دولارا للبرميل، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن ارتفاع أسعار الغاز يعزز الطلب.

وقال إن ذلك قد يجبر منتجي "أوبك " على إضافة المزيد من المعروض للسوق. وتعكس توقعات هاردي الصعودية وجهة نظر مجموعة غولدمان ساكس، التي تتوقع ارتفاع أسعار النفط الخام، خاصة إذا كانت أشهر الشتاء أكثر برودة من المعتاد. وإذا صحت التوقعات، فإن الخزينة العمومية للجزائر ستكسب فارقا بين السعر والسعر المرجعي يساوي قيمة السعر المرجعي المعتمد في قانون الموازنة التكميلي، أي 40 دولارا إضافية.

  • إنشاء صندوق مدخرات مستحيل وهذا هو السعر المطلوب لزيادة الاحتياطيات

ومن شأن هذا الارتفاع اللافت في سعر البرميل، مصدر الدخل الرئيس للبلاد، في ظل غياب حلول جاهزة، أن يجعل حكومة أيمن بن عبد الرحمن في أريحية أكبر، وربما ينتهي الكابوس المالي، لتكون في وضع مالي أحسن من الوضع الذي عايشته حكومة جراد. بالمقابل، تطرح هذه المستجدات تساؤلات عن مصير ملايين الدولارات الزائدة لتسويق النفط مقارنة بالسعر المرجعي للبرميل المعتمد في قانون المالية، بوصول الفارق بينهما إلى أزيد من 35 دولارا، وهل سيتم ضخها في صندوق خاص كصندوق ضبط الإيرادات أم سيتم ضخها في الخزينة أم تستعمل لسد العجز التجاري أو ميزان المدفوعات؟

وفي هذا الصدد، يشير خبراء اقتصاديون إلى وجود غموض بشأن الفائض بين برميل تسويق النفط والسعر المرجعي في قانون المالية، موضحين أنه من المرجح أن يكون مصير هذه الدولارات هو تغطية عجز ميزان المدفوعات الذي يقارب سنويا ما 20 مليار دولار. ويرى الخبراء أنه حتى بوجود فائض بأزيد من 35 دولارا بين السعر المرجعي في قانون المالية وسعر تسويق البرميل حاليا، فإن هذا الأمر لا يمكنه كبح نزيف احتياطيات الصرف، لأنه لا توجد توازنات مالية للبلاد في السنوات الأخيرة، ومعدل تآكل احتياطيات الصرف بالعملة الصعبة منذ 2015 بلغ 25 مليار دولار، وهذا دليل على أن الواردات لم يتم التحكم فيها وكبحها بالشكل الكافي، معتبرين أن الجزائر لا تستطيع حاليا إنشاء صندوق مدخرات كما كان الحال مع صندوق ضبط الإيرادات الذي نفد عن آخره، وهذا بالنظر لحجم العجز سواء على مستوى الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات، معتبرين أن زيادة احتياطيات الصرف تحتاج لبرميل نفط عند 100 دولار، وهو أمر مستبعد في الظروف الحالية.

من نفس القسم الحدث