الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
قررت الجزائر استدعاء سفيرها في باريس محمد عنتر دواد للتشاور، والرد على التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال لقاء جمعه بأحفاد "الحركى" و"الأقدام السوداء"، بقصر الإليزيه ورغم أن التصريحات المستفزة لم تكن في تصريح رسمي من ماكرون إلا أن هذه التصريحات ستكون لها تداعيات على العلاقات الثنائية بين البلدين مستقبلا.
أكد بيان لرئاسة الجمهورية مساء أمس أن بيانا آخر سيصدر في وقت لاحق (لم يصدر لغاية كتابة هذه الأسطر) سيتم من خلال توضيح دوافع استدعاء السفير والردّ أيضا على ما صدر من الرئيس الفرنسي والمرجح أن يكون عبر رسالة رسمية سيكلف بها السفير الجزائري أو تصريح من رئاسة الجمهورية تستفسر فيه حول خلفيات هذا الخرجة من ساكن الإليزيه، وهي تصريحات لا يمكن تصنيفها إلا في خانة أنها مثيرة ومستفزة وغير مسبوقة في حق الجزائريين وتاريخهم، بالنظر إلى أنها تعرضت لهوية وتاريخ الجزائريين، بعد أن زعم أنه لم تكن هناك "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي، ومحاولته الفصل بين المجتمع والنظام السياسي، وهي التصريحات التي وصفتها أطراف فرنسية بـ"الحملة الانتخابية المسبقة"، التي يسعى فيها ماكرون لمنافسة اليمين المتطرف.
وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حسب ما نقلت جريدة "لوموند" الفرنسية عما أسماه "كراهية فرنسا" في الجزائر، مشيرا إلى أن المشكلة لم تنشأ مع "المجتمع الجزائري في أعماقه ولكن مع النظام السياسي العسكري الذي بني على هذا الريع التذكاري"، مشيرا إلى أنه يملك علاقة جيدة مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلا أنه يرى أنه عالق في نظام قاس للغاية، مردفا بأن النظام الجزائري متعب وأن الحراك أضعفه، وأقدم الرئيس الفرنسي على توظيف عبارات غير مسؤولة، عندما وصف السلطات الجزائرية بـ"النظام السياسي العسكري"، وكذا الإمعان في زرع الفتنة بين مكونات صناع القرار،
وتمادى الرئيس الفرنسي في حديثه، حين راح يطعن في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، متسائلا: "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ … هذا هو السؤال كانت هناك استعمار سابق"، مضيفا بأنه صُدم خلال السنوات الماضية من حجم الصدامات التي تسببت فيها ذكريات حرب الجزائر، والتي بنيت على أساس أنه لا يمكن التوفيق بينها رغم أن العكس هو الصحيح.
ولم يفوت ماكرون الفرصة ليحيي عداءه القديم لتركيا، مقحما إياها في حديثه، حين عبر عن انبهاره بقدرة تركيا على جعل الناس ينسون تمامًا الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها، وتمكنها من جعل فرنسا هي المستعمر الوحيد، وكأن تركيا هي من كتبت تاريخ الجزائر وليس ذاكرة ملايين من الجزائريين اللذين قضوا من ويلاته طيلة 132 سنة من الاستدمار الاستيطاني.
كما هاجم الرئيس الفرنسي التاريخ الرسمي الجزائري الذي، حسب قوله، أعيد كتابته بالكامل والذي لا يقوم على الحقائق بل على خطاب يقوم على كراهية فرنسا، داعيا إلى إنتاج تحريري تبثه فرنسا باللغة العربية والأمازيغية يكون أكثر هجومية … تحمله فرنسا لمواجهة التضليل والدعاية التي ينقلها الأتراك في المنطقة المغاربية.
وفيما يتعلق بمسألة التأشيرات وقرار فرنسا تخفيضها بنسبة 50 بالمائة على الجزائريين، فشدد الرئيس إيمانويل ماكرون، على أن هذا القرار سيستهدف بشكل أساسي من وصفهم بـالمجتمع الحاكم، الذين اعتادوا الحصول على التأشيرات بكل سهولة، مشيرا إلى أن الطلبة ومجتمع الأعمال لن يتأثروا بالقرار، مردفا نسعى لإخبار القادة في الجزائر بأنه إن لم تتعاونوا لإعادة الجزائريين المتواجدين بصفة غير قانونية في فرنسا فلن نجعل حياتكم أسهل.
وتعد هذه المرة الثانية التي تقوم فيها الجزائر باستدعاء سفيرها في باريس للتشاور، بعد استدعاء أول في نهاية ماي 2020، رداً على بثّ قنوات فرنسية رسمية وثائقيات تخص الحراك الشعبي في الجزائر، اعتبرتها الجزائر أنها تضمنت تضليلاً ومغالطة كبيرة.
وفي رد على العداء الصريح من الرئيس الفرنسي لتاريخ الأمة الجزائرية شدد المؤرخ والباحث في التاريخ عامر رخيلة، على دعوة ساكن الإليزيه للاطلاع على الأرشيف الفرنسي واكتشاف حجم وعدد الاتفاقيات الثنائية التي تم إبرامها بين "دولة الأمة الجزائرية" وفرنسا، معتبرا بأن تأثير التنافس الانتخابي على ماكرون جعله لا يستقر عند رؤية محددة وثابتة للعلاقات مع الجزائر، وأضاف رخيلة، من خلال منشور له، على صفحته الرسمية بموقع "فايسبوك"، بأن تصريحات ماكرون تلخص رغبته في استقطاب الكتلة الناخبة لليمين واليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية القادمة، عن طريق البوح بأفكار ظل متحفظا على الكشف عنها، على غرار سعيه للتفريق بين الموقف الشعبي والرسمي من فرنسا، مشيرا إلى أن توظيف عبارة ضغينة غير بريء، مشيرا كذلك إلى أن دعوته للجزائريين لإعادة كتابة تاريخ الجزائر لـ"محو التزييف الذي قام به الأتراك" هي دعوة غريبة وفيها تعد على حقائق تاريخية.
وأكد المتحدث بأن الوجود التركي في الجزائر لم يكن كما يصوره ماكرون وقبله المدرسة التاريخية الفرنسية، موضحا لولا الوجود التركي في الجزائر، ما كانت لتكون قوة ضاربة في البحر الأبيض المتوسط وما كانت لتحافظ على مرجعيتها الثقافية، الحضارية والدينية... فإذا كان هناك تزييف فهو وصف الاستيطان الفرنسي بالجزائر بـ "المهمة الحضارية".
في حين هاجم رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خلفية تصريحاته الأخيرة حول الجزائر، واعتبر المسؤول الحزبي في منشور على صفحته الرسمية في موقع "الفايسبوك" أن خطاب ماكرون هو "إعلان حالة حرب على الجزائر دولة وشعبا"، مضيفا "رئيس جاهل بالتاريخ، ومغرور، يهين الرئيس الجزائري ويدخل في مواجهة غير مسبوقة مع كل النظام السياسي، ويتعامل مع الجزائر وكأنها دولة غير ذات سيادة"، وحسب المتحدث فإن مصداقية الحكام الجزائريين أمام المحك، وشرف كل الجزائريين في مهب الريح إن لم يكن موقف في مستوى هذه الإهانة.
أما حركة البناء الوطني فقالت على لسان رئيسها عبد القادر بن قرينة أنها ترفض فضا تامّا المساس بالسيادة الوطنية والتدخل في الشأن الجزائري، مشيرة أن "الجزائريون يدركون جيدا عدوهم من صديقهم"، وأكدت أنها تشجب أي محاولة عدوانية للمساس بمؤسسات دولتنا أو محاولة التفريق بينها فهي وحدة واحدة، ينظم عملها الدستور وقوانين الجمهورية ولا نقبل من أي كان التدخل في عملها أو التمييز بينها.
واستنكر بن قرينة وفي منشور على صفحته بموقع "فايسبوك" ما اسماه بـ"الاستغلال السياسوي" للجالية الجزائرية في الحملات الانتخابية وإهمال حقوقها والاعتداء على قيمها المسجل خلال السنوات الأخيرة، وجدد المسؤول الحزبي ذاته "الوقوف إلى جنب دولتنا ومؤسساتها الرسمية بأي موقف سيادي يمكن أن تتخذه لصد مثل هذه الاعتداءات المتكررة من أناس لم يستطيعوا أن يتخلوا عن نظراتهم الاستعمارية، والتي تجعلهم محل شفقة من صفعة شعبهم لهم في المواعيد المقبلة"، موضحا أن الجزائر كانت تطعم فرنسا وديوننا العالقة وثرواتنا المنهوبة دليل على أن الجزائر كانت أمة قائمة ودولة سيدة حاول الاستعمار طمسها، لكنه لم يستطع ذلك.
وأضاف قائلا: "إدراكنا الجيد أن حكومة ماكرون اليوم منزعجة من فشلها المسجل داخليا وخارجيا وآخره أزمة الغواصات، وتريد أن تصدّر لنا مشاكلها وإخفاق حكومتها التي لم تنجح سوى في صناعة ربما بعض التوترات".