الحدث

أزمة كورونا تضعف مردودية العمال في قطاعي الخدمات والإدارات

أغلبهم باتوا يتحايلون للحصول على عطل مرضية وإجازات استثنائية

 

تسببت أزمة كورونا في تراجع ملحوظ لمردودية العمال، خاصة على مستوى الإدارات العمومية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن والمؤسسات الخدماتية، حيث تحول الوباء إلى هاجس لآلاف الموظفين الذين باتوا يتحايلون من أجل الحصول على عطل مرضية، فيما يقصر عمال آخرين بشكل كبير في أداء مهامهم، وهو ما فسره المختصون في علم الاجتماعي بالاحتراق النفسي الناتج عن ضغط العمل.

 

بسبب الخوف من انتقال فيروس كورونا في الأوساط العمالية والإدارات والمؤسسات، فإن الكثير من العمال باتوا حاليا مهتمين بالتقيد بإجراءات الوقاية والحفاظ على سلامتهم الصحية أكثر من تأدية مهامهم الوظيفية، على غرار العمال في عدد من المؤسسات الخدماتية، في مقدمتها مؤسسة بريد الجزائر وسونلغاز، حيث بات زبائن هاتين المؤسستين يشتكون من الطوابير وطول الانتظار وبطء التكفل بطلباتهم، في وقت انخفض عدد العمال في هذه المؤسسات الخدماتية وأغلب الإدارات العمومية بشكل كبير.

زايدي: عمال يوفرون وسائل الوقاية من الوباء بأنفسهم فكيف نحاسبهم على المردودية

وفي هذا الصدد، أكد رئيس الفدرالية الوطنية لعمال البلديات، زايدي رمتان، في تصريح لـ "الرائد"، أمس، أن انتشار الوباء أثر بشكل كبير على العمل، لأسباب يجب أن يتفهمها المسؤولون، حيث يحتك الموظفون بصفة مباشرة مع المواطن، وهو ما جعل الشك والوسواس يسيطران على البعض منهم، خاصة في ظل نقص وسائل الوقاية في عدد من القطاعات، على غرار قطاع البلديات، حيث كشف زايدي أن العديد من العمال على مستوى العديد من البلديات يوفرون وسائل الوقاية من الوباء بأنفسهم وأموالهم الخاصة، وهو ما يجعل معنوياتهم تتراجع والكل أصبح يخاف على نفسه من الوباء أكثر من خوفه على وظيفته. 

وأشار زايدي في السياق ذاته أن موظفي قطاع البلديات قدموا جملة من المطالب، من بينها تقليص ساعات العمل نظرا للاكتظاظ ومشكل التواصل المباشر مع المواطن، مؤكدا أن هذه المخاوف يجب أن يتفهمها المسؤولون ويسعوا للتجاوب معها بطريقة تضمن سيرورة العمل وتوفير الخدمات المطلوبة للمواطن، وكذا الحرص على ضمان سلامة الموظفين بتوفير الوسائل الوقائية والحرص على التقيد بها. 

وفيما يتعلق بعلاقة العمال فيما بينهم، قال زايدي إن الأزمة الوبائية أثرت على طبيعة العلاقات بين العمال أنفسهم، نتيجة التقيد بالإجراءات الوقائية، موضحا أن التواصل المباشر الذي كان بين الزملاء في الظروف العادية كان له أثر إيجابي يساهم في الدعم المعنوي، لكن تغير الظروف فجأة أثر نفسيا وصحيا على المردود المهني، خاصة في غياب جو العمل المناسب ووضع كل الوسائل الوقائية من كمامات ومعقمات ومقياس للحرارة وغيرها، تحت تصرف العمال، ما جعل العمال يعانون في سبيل توفير هذه الوسائل حماية لأنفسهم من الوباء.

سعدي: نصف عمال الإدارات والمؤسسات الخدماتية يعانون الاحتراق النفسي

من جانبه، أوضح الأستاذ في علم الاجتماع بجامعة الجزائر، الهادي سعدي، أن تراجع مردودية العمال موازاة مع أزمة كورونا وتأثر علاقات العمل بين الزملاء هذه الفترة سببه نفسي ويتعلق بضغط العمل من جهة، وكذا المخاوف والهواجس من الإصابة بالفيروس من جهة أخرى، خاصة بالنسبة للعمال الذين لهم علاقة مباشرة بالمواطن. 

وأشار سعدي أن نصف العمال حاليا يعانون ما يسمى بالاحتراق النفسي، قائلا "إنه لاشك أن جائحة كورونا تركت تداعياتها على العلاقات الاجتماعية بشكل عام، والعلاقات المهنية بشكل خاص، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، فالضغط النفسي الرهيب الذي عاشه العمال، من بينهم موظفو قطاع الصحة في الأشهر الأخيرة، بسبب تزايد الإصابات والوفيات في صفوف زملائهم، انعكس سلبا على العلاقات في ما بينهم في بعض الأحيان، ما أدى لحدوث بعض المناوشات وسوء تفاهم وعصبية زائدة في محيط العمل". 

وأشار سعدي أن أكثر العمال الذين يعانون حاليا هم عمال قطاع الصحة والأسلاك الأمنية وعمال الإدارات العمومية التي تضمن خدمة عمومية للمواطن، وعمال المؤسسات الخدماتية، مؤكدا أن هؤلاء يحتاجون لتكفل نفسي بسبب تأثيرات الجائحة عليهم جسديا، بسبب زيادة ضغط العمل الذي يتطلب قوة بدنيا وحتى نفسيا بسبب الضغوطات النفسية والخوف من الإصابة بالفيروس ونقله لعائلاتهم.

من نفس القسم الحدث