الحدث

إنهاء فوضى سوق المناولة كفيل بدعم الاقتصاد

خبراء يعتبرون ذلك مكملا لمسعى إنشاء مليون مؤسسة مصغرة آفاق 2024

 

رفعت الحكومة، ضمن خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، مسعى إنشاء مليون مؤسسة مصغرة آفاق 2024 لدعم الاقتصاد الوطني، والتحول من الاعتماد على الريع والمؤسسات الكبرى إلى الاعتماد على نسيج مؤسساتي ضخم يمكنه أن "يسند" الاقتصاد ويوفر آلاف مناصب الشغل.

 فيما يعتبر الخبراء هذا المسعى ممكن التحقيق شريطة إنهاء الفوضى التي يعرفها قطاع المناولة في الجزائر، والذي يعتبر الأساس والداعم للمؤسسات الصغيرة، داعين للاقتداء بالتجارب الصينية والهندية في هذا المجال.

ويعتبر قطاع المناولة أهم عنصر في تمكين الصناعة الوطنية من تطوير منتجاتها والرفع من مستوى تنافسيتها في الأسواق المحلية والخارجية، فالمناولة أسلوب اقتصادي رائد في تفعيل علاقات التكامل بين مختلف وحدات القطاع الصناعي الذي لا يزال يعاني من مشاكل كثيرة، أهمهما التركيز على الصناعات الأولية، التخلف التكنولوجي، تدني مستوى الكفاءة والإنتاجية. 

ورغم أهمية هذا القطاع إلا أنه بالجزائر يعاني فوضى حقيقية، فعدد قليل من المؤسسات الاقتصادية من تعمل في قطاع المناولة بالجزائر، في حين تفضل أخرى منح جزء من مخططات إنتاجها لشركات مناولة أجنبية على حساب منتوج مؤسسات وطنية بحجة نقص الاحترافية، ما يحرم الكثير من المؤسسات المتوسطة والصغيرة من النمو والاستفادة من الموارد الوطنية ومن الخبرة أيضا. 

ويرى الخبراء أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يمكنها أن تنشط في مجال المناولة يقدر بـ 1000 مؤسسةّ، سواء مع شركات وطنية أو أجنبية، حيث تتوفر الجزائر على فرص كثيرة غير مستغلة في مجال المناولة، لاسيما في تحويل المعادن وصناعة المطاط والبلاستيك التي تهم حاليا المستثمرين الأجانب. وأمام هذه المعطيات، طالب العديد من المختصين السلطات الوصية، في مقدمتها وزارتا الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بتنظيم سوق المناولة وإخراجه من حالة الركود باستغلال جميع الإمكانيات المتاحة والاستفادة من الخبرة الأجنبية لتطويره.

مسدور: لقطاع المناولة دور استراتيجي في تنمية المؤسسات الصغيرة

وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، إن مسعى الحكومة الوصول إلى ميلون مؤسسة مصغرة في آفاق 2024 هو مسعى يجب تثمينه، معتبرا أن التحول نحو الاعتماد على المؤسسات الصغيرة وحتى المتوسطة في تطوير الاقتصاد بدل الريع البترولي كان مطلب الخبراء منذ سنوات، باعتبار أن نسيج المؤسسات الصغيرة هو نسيج اقتصادي متكامل يمكن أن يساعد على تطوير الاقتصاد. 

وهذه المؤسسات حتى وإن سجلت الخسائر فلن تضر بالاقتصاد الوطني، عكس المؤسسات الكبرى التي باتت خسائرها تشكل عبئا على الخزينة العمومية. وللوصول إلى هذا المسعى، قال مسدور إنه من الضروري تطوير قطاع المناولة بالجزائر، معتبرا أن لهذا الأخير دورا استراتيجيا في تنمية المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي يمكنها العمل في نشاطات الصناعة والصناعة الميكانيكية، الإلكترونية، الصناعة الفلاحية واكتساب الخبرة والكفاءة، وكذا الحصول على التكنولوجيا الحديثة لتطوير وسائل الإنتاج والتسيير الجيد للمؤسسة، مشيرا أن قطاع المناولة يساهم في دعم النسيج المحلي الصناعي وتشجيع المؤسسات على التخصص في مجال التقنيات الحديثة، فضلا عن تشغيل العمالة الوطنية والحد من نسب البطالة، وكذا الحد من نزيف العملات الصعبة التي تستخدم في جلب مواد يمكن إنتاجها محليا وبجودة عالية.

 

خير الدين هامل: نطالب بوضع مشروع قانون جديد للصفقات لتطوير مجال المناولة

من جهته، اعتبر رئيس الفدرالية الوطنية للمقاولين الشباب، هامل خير الدين، أن واقع سوق المناولة بالجزائر يعيش ''الفوضى''، مؤكدا في تصريح لـ"الرائد" أن ثقافة المناولة الصناعية ببلادنا ما تزال محدودة وضعيفة مقارنة بدول المغرب العربي التي حققت نتائج إيجابية في هذه الأخيرة، نظرا لأهمية عامل المناولة في تطوير المؤسسات وزيادة عددها، فضلا عن خفض تكاليف الإنتاج، حيث تتكبد العديد من الشركات في الوقت الراهن خسائر مالية أدت لإفلاسها، جراء تصنيعها لكافة التركيبة الإنتاجية للسلع. 

وأضاف هامل أن الدولة ترصد سنويا ما قيمته 100 مليار سنتيم لتطوير سوق المناولة لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تنشط في مجال الصناعات التحويلية الغذائية وكذا الفلاحية، قصد تمكينها من تقليص 50 في المائة من تكاليف الإنتاج النهائية، داعيا إلى وضع مشروع قانون جديد للصفقات للمساهمة في فتح آفاق واسعة للناشطين في مجال المناولة، من خلال تمكينهم من الاستفادة من مختلف المشاريع المنتظر تجسيدها، مضيفا أنه على الرغم من الآليات التي وضعتها الدولة لتطوير المناولة، منها خلق بورصات المناولة والشراكة وكذا إنشاء المجلس الوطني المكلف بترقية المناولة، فإن شركات المناولة لا تزال في حاجة إلى دعم أكبر من خلال إعداد عقد نموذجي خاص بالمناولة يعنى بتحديد العلاقة بين الآمر بالأعمال والمناول، ومن شأنها أن تبين حقوق وواجبات كل طرف. 

وأكد في السياق ذاته أنه على الشركات الكبرى، باعتبارها آمرة بالأعمال، إعطاء الفرصة لشركات المناولة لإبراز قدراتها، وذلك من خلال عقود شراكة، مشيرا إلى أن الشراكة والمناولة عاملان مهمان لتحسين تنافسية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتدعيم الاندماج الوطني.

من نفس القسم الحدث